كفاكم عويلاً فكلامكم تطبيل!
مصطفى حكمت العراقي
«إنْ لم تستحِ فافعل ما شئت». هي العبارة الأوفر إيجازاً لوصف ما يفعله بعض قادة اتحاد القوى السياسية في العراق والذي يدّعي زوراً بأنه الممثل الشرعي السياسي عن المكوّن «السني» في العراق، وهم يكذبون علناً بالنظر للفرق الشاسع بين ما يؤمن به هؤلاء الساسة وما يؤمن به معظم افراد المكوّن «السني» في البلد. فبعد أن جعل هؤلاء الثلة قواعدهم الشعبية مبعثرة في كلّ مكان بفضل حنكة وحكمة وقيادة قادة الصدفة هؤلاء الذين اوصلوا حواضنهم بأن تلوذ برمال الصحراء وتلتحف السماء نازحين ومشرّدين وقابعين بين مطرقة داعش وإرهابها وبين سندان النزوح العصيب الذي فاق حدود وإمكانيات الحكومة العراقية الهزيلة، فلا مأمن بالبقاء تحت وطأة داعش ولا راحة بالهروب والنزوح.
هؤلاء القادة الذين استجدّت العملية السياسية ومن قام عليها قدومهم واشتراكهم فيها ليكحّلوا نظر الشعب العراقي بصورهم وهم كسارق الدار من أهله فلهم يد متسلّطة في أعلى المناصب الحكومية، وهم مشتركون في إدارة جميع مفاصل الدولة واليد الأخرى تشتغل ليلاً لهدم بناء الدولة والقيام بما يلزم من تحالفات شريرة حتى وإنْ تطلب الأمر الارتماء بحضن الولايات المتحدة التي كانت في بداية الاحتلال بوجهة نظر هؤلاء القادة محتلاً يُحرّم الكلام معه ويجب ان يحارب هو وكلّ من يقف معه. وهو الانعطاف الأكثر استغراباً في مسار العملية السياسية بعد الاحتلال.
هؤلاء القادة الذين جعلوا عتاة قادة الإرهاب يتجولون في مراكز صنع القرار في العراق، وتدخل بذلك ما تشاء من لوازم تتطلبها حربهم الارهابية في العراق. فكانت مصادر الاعمال الإرهابية في البلد تخرج من رحم السلطة في العراق حتى أعلنها جهارة عدد من النواب إضافة لما تمّ كشفه من وثائق تخص نائب الرئيس العراقي السابق طارق الهاشمي الذين يعيش الآن في عاصمة الارهاب العربي الدوحة بعد أن هرب من أحكام الإعدام المتعددة التي صدرت بحقه كعقاب لما قام به هو وزمرته الإرهابية في بغداد وباقي مناطق العراق.
هؤلاء القادة الذين فاحت رائحة فسادهم وأغلقت الأنوف من نجاستها حتى تصارعوا وفضحوا بعضهم الآخر تحت قبة البرلمان العراقي ليكونوا عنواناً للفضائح والفساد وتبادل الاتهامات والتسقيط.
هؤلاء القادة الذين تخابروا مع دول رعت وربت وأدامت الإرهاب وجعلته حليفاً شرعياً لتحقيق مطالبها، وما تسعى إليه من تنفيذ مؤامرات ومشاريع مشبوهة في المنطقة وجعلت جيوش هذه الدول العسكرية والإعلامية والدبلوماسية وسفاراتها مقراً للتخطيط والتنفيذ لما يرومون اليه، كما هو الحال مع تركيا التي أدخلت وحداتها العسكرية إلى الموصل باتفاق وطلب من عائلة النجيفي ووزير الدفاع الممثل الشرعي لهم في الحكومة العراقية.
هؤلاء القادة الذين تحالفوا مع الفصائل الارهابية في سورية على اختلافها وسرقوا المال من خزائن العراق ليدعموا الارهاب في سورية عسكرياً ومالياً وسياسياً وإعلامياً باعتبارهم جزءاً وذيلاً وأداة من أدوات من محور الشر المعادي والساعي لإسقاط الدولة السورية.
هؤلاء القادة فعلوا كل هذا وأكثر من مشاريع خبيثة لا لشيء سوى لأنهم اداة رخيصة بيد واشنطن ومَن معها ومَن يسير في قاربها الممتلئ بدعاة الشر والتدمير في المنطقة.
هؤلاء القادة ختموا أفعالهم مسكاً باجتماع أخير قبل أيام مع السفير الأميركي في العراق ليخرجوا بعد ذلك رافضين مشاركة الحشد الشعبي في عمليات تحرير الموصل المرتقبة، ومطالبين من سيدهم السفير الذي ترأس اللقاء باعتباره وليَّ نعمتهم ومدبر أمورهم ومصدر الأوامر لهم ليناشدوه ممارسة الضغط على رئيس الوزراء العراقي لمنع مشاركة الحشد في هذه العملية تحت الذرائع القديمة المتجددة نفسها عند اقتراب كل عملية تحرير. فمن صلاح الدين وديالى والرمادي وصولاً للفلوجة، كل هذه العمليات رافقتها حملات تشويه وتضليل ورفض لمشاركة الحشد الشعبي وقبول بمشاركة الولايات المتحدة وحلفها المشؤوم الشكلي الراعي للإرهاب وغير المحارب له، كما يدعون فهل من المنطق أن يصبح الأجنبي صديقاً والمحلي عدواً، يا قادة الصدفة، أم أن مشاريعكم تستدعي ذلك؟
هل الحشد الشعبي المحرر معظم المناطق والمحافظ عليها بعد تحريرها قد سبى النساء وسرق الأموال وهدم المناطق، كما فعلها «الثوار» الذين دعمتموهم سابقاً؟؟
هل الحشد الشعبي وقادته قد أعلنوا رسمهم الحدود بالدم بعد المئات من الشهداء الذين سقطوا، كما فعلها حليفكم مسعود البرزاني، ورغم ذلك لم تعلنوا رفضكم مشاركة قواته الكردية في أي عملية ولم تنتقدوا أو تستهجنوا هدم القرى والانتهاكات العديدة التي قاموا بها والتهجير المنظم للعوائل المحيطة بالإقليم الكردي؟؟
هل للحشد قرار او سلاح أو مشاريع خارج اطار الدولة أم أن رئيس الوزراء وقادة جميع الفصائل المنضوية تحت لواء الحشد يكذبون، بالرغم من أنهم اعلنوا واكدوا مرارا وتكرارا بأن الحشد يتحرك بأوامر رئيس الوزراء ويقف بأوامره. وما حصل في صلاح الدين والفلوجة من التزام صارم بأوامر رئيس الوزراء بالرغم من الاعتراض عليها؟؟
هل رد الجميل يكون هكذا لمن قدّم الدماء وبذل الأنفس والأموال وضحّى بكل ما يملك ليحرر الأراضي التي كنتم ولاة عليها وتركتموها وهربتم لتعجّ بكم ملاهي اوروبا وفنادقها أم انكم تمثلون وتقفون في المحور الذي يحاربه الحشد الشعبي، وهذا هو الأرجح؟؟
في المجمل، فإن للحشد قادة وهم من يقرّر متى واين وكيف ستكون مشاركة الحشد في أي معركة مقبلة بالتشاور مع القائد العام ولستم أنتم ولا سيدكم الأميركي من يقرر ذلك، لأن كلامكم يمثل وجهة نظر داعش ويخدم مصالحها سواء علمتم أم لا، وأن الحشد كما كان سيبقى فصيلاً مجاهداً مقاوماً منتصراً أينما حلّ وارتحل، لذلك فقيمة كلامكم أقل من الحبر الذي كتب به.