مخاوف فلسطينية من «الدواعش»

حسين حمّود

في وقت تتواصل فيه التطمينات بشأن الوضع الأمني في المخيمات الفلسطينية، توالى نعي القتلى الفلسطينيين في سورية والعراق جرّاء قتالهم إلى جانب التنظيمات الإرهابية ولا سيما تنظيم «داعش». وآخر القتلى وليس أخيراً، الفلسطيني أحمد باسم الجنداوي الملقب بـ «أبو عكرمة المقدسي» من مخيم عين الحلوة. وهو كان يقاتل في منطقة القيارة في العراق. وقد وزّع بيان نعيه من قبل تنظيم «داعش».

ولا تقتصر المشاركة في أحداث سورة والعراق على فلسطينيي مخيم عين الحلوة، بل تشمل أيضاً القاطنين في مخيم المية ومية ومخيمات بيروت وضاحيتها الجنوبية، وذكرت مصادر فلسطينية في هذا المجال، أن أكثر من 180 فلسطينياً من مخيمات جنوب لبنان وبيروت التحقوا بالتنظيمات الإرهابية وانتقلوا إلى جبهات القتال.

وقد أثارت هذه الظاهرة، بالرغم من أنها ليست جديدة، مخاوف جدية مما يجري في المخيمات، خصوصاً أنها برزت إعلامياً وسط مواقف لقيادات لبنانية وفلسطينية، تؤكد أن الوضع الأمني في المخيمات، وتحديداً في عين الحلوة، مستقر وتحت السيطرة، وأن اللجنة الأمنية الفلسطينية تقوم بتسليم المطلوبين إلى الأجهزة الأمنية اللبنانية فالقضاء. لكن ما يثير الاستغراب في هذا السياق، لدى مصادر فلسطينية، هو التحاق المقاتلين الفلسطينيين، وهم من صغار السن بين 17 و20 سنة بجبهات القتال مباشرةً فور خروجهم من المخيمات ووصولهم إلى أمكنة التوتر خارج لبنان، لتستنتج المصادر من ذلك، أنهم على درجة عالية من التدريب حتى يزجّ بهم في جبهات تشهد «حروباً دولية».

فهل يتم تدريب هؤلاء في المخيمات؟ وهل يتم إخراجهم منها وتهريبهم إلى خارج لبنان بواسطة أشخاص ذوي نفوذ وقدرات أمنية عالية لتنفيذ تلك المهمة؟ وإذا كان التدريب على القتال يجري داخل المخيمات، وهي ضئيلة المساحة، فهذا يعني تقصيراً أمنياً خطيراً في مراقبة الأوضاع في المخيمات وما يجري فيها، تقول المصادر.

وتضيف القول: «إذا تجاوزنا هذا الأمر، فإن ما يثير الخوف أيضاً هو نفسه ما تخشاه الدول التي انطلق منها مقاتلون ليشاركوا في القتال مع التنظيمات الإرهابية خارج دولهم، وهو عودتهم إلى بلادهم بعد انتهاء المعارك إما بانتصار هؤلاء أو بهزيمتهم، حاملين معهم الأفكار «الجهادية» المتطرّفة ومواصلة حروبهم الإرهابية في دولهم وبين مواطنيهم. وهذا ما سيكون عليه حال الفلسطينيين واللبنانيين أيضاً، الذين يقاتلون في سورية والعراق فسيعودون عاجلاً أم آجلاً إلى لبنان مصحوبين بحلاوة الانتصار وعنفوانه أو مرارة الهزيمة وخيبتها، وبالتالي سيبحثون عن أماكن ووسائل في لبنان لتنفيس أي من الاحتقانين المتراكمين في نفوسهم وعددهم بالمئات».

لكن المصادر تسارع إلى التوضيح أن هذا الكلام لا يستهدف الفلسطينيين أو التحريض عليهم، إذ إن هذا الكلام ينطبق أيضاً على اللبنانيين الملتحقين بالتنظيمات الإرهابية، لذلك تؤكد المصادر أن المطلوب تكثيف المراقبة داخل المخيمات والمناطق اللبنانية لكشف مراكز التدريب، في حال وجودها، فضلاً عن منع تواصل المشتبه في انتمائهم إلى تنظيمات إرهابية مع قيادات هذه التنظيمات في الخارج علماً أن الأجهزة الأمنية اللبنانية قامت بأكثر من عملية استباقية كاشفةً عن خلايا نائمة أو مستيقظة واعتقلت أعضاءها قبل قيامهم بعمليات تفجير في الداخل، وعلى الجانب الفلسطيني أيضاً أن يفعل ما يراه مناسباً للحفاظ على أمن المخيمات الآن وفي المستقبل.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى