الراعي: لن نترك أرضنا لـ«داعش» و«القاعدة» والمنظمات الإرهابية

دعا البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي السياسيّين إلى الكفّ عن تجويع اللبنانيّين وتهجيرهم وإذلالهم، مؤكّداً أنّه «لا يحقّ للّذين يتعاطون الشأن السياسي أن يعطّلوا مؤسّسات الدولة وانتخاب رئيس، والعمل في كلّ المؤسسات العامة» وأكّد «أنّنا لن نترك أرضنا لتصبح أرض «داعش» والقاعدة والمنظمات الإرهابيّة».

شارك الراعي في النشاط الثاني لرابطة قنّوبين للرسالة والتراث، وألقى كلمة في المناسبة، قال فيها: «رسالتنا في لبنان هي العيش المشترك، وهذه حضارتنا اللبنانيّة وثقافتنا التي نريد الحفاظ عليها، وعندما يدخل اللبناني أو أيّ كان بيت مسلم أو بيت مسيحي، يجد الضيافة، يجد الحب، يجد الإخلاص، وهذا ما نحرص على أن يبقى، وهذا هو التواصل الذي علينا أن نحافظ عليه في لبنان».

أضاف: «وهنا أقول للسياسيين في لبنان، الذين يتعاطون الشأن السياسي: كلّنا يعرف أنّ العمل السياسي هو فنّ شريف لخدمة الخير العام الذي منه خير كل إنسان، والخير العام يعني حاجات الأفراد والجماعات، كل أنواع الحاجات، ليعيشوا بكرامة ويحقّقوا ذواتهم، كفّوا عن تجويع اللبنانيّين وتهجيرهم وإذلالهم».

وختم: «نحن اليوم في القرن الحادي والعشرين نجد عائلات لبنانيّة محرومة الخبز، مع كل محافظتها على كرامتها، لم تزل تطرق الباب وتطلب حسَنة، فهذا عارٌ في هذا الجيل، لذلك لا يحقّ للّذين يتعاطون الشأن السياسي أن يعطّلوا مؤسّسات الدولة ويعطّلوا انتخاب رئيس، ويعطّلوا العمل في كل مؤسّساتنا العامّة».

ثمّ زار الراعي مطرانيّة بعلبك للروم الكاثوليك، يرافقه راعي أبرشيّة بعلبك ودير الأحمر المارونيّة المطران حنا رحمة والمطران سمير مظلوم، والأب بول كيروز.

وكان في استقباله أمام كنيسة القديستين بربارة وتقلا النائب إميل رحمة، راعي أبرشيّة بعلبك للروم الملكيين الكاثوليك، المطران الياس رحّال، وعدد من الكهنة، رئيس «مؤسّسة النورج» فؤاد أبي ناضر، رئيس اتحاد بلديات شرقيّ زحلة وبلدية دير الغزال رفيق الدبس، رؤساء بلديّات: رأس بعلبك دريد رحال، القاع بشير مطر، قوسايا خليل سمعان كعدي، رعيت كرم عبدو، عين كفر زبد بسام سركيس، تربل فادي خوري، وعنجر فاردكيس كوشيان.

وبارك الرّاعي الكنيسة، وجالَ في أقسام مطرانيّة بعلبك، مستمعاً إلى شروح المطران رحّال عن تاريخها.

وفي مستهلّ اللقاء، الذي نظّمته مؤسسة «النورج» للتداول مع بلديّات وفاعليّات المنطقة حول أوضاع القرى المسيحيّة في المنطقة، ومتابعة المبادرات المنوي تنفيذها لتعزيز صمود الأهالي، تحدّث المطران رحّال فقال: «هذه الزيارة الثانية التي باركَنا بها سيّدنا البطريرك، الأولى كانت عقب تفجيرات القاع حيث أعطانا القوة والعزم لنبقى ثابتين في أرضنا، أرض الشهداء والقداسة، فنحن باقون للتعايش مع جميع أهل المنطقة ومنفتحون على الجميع، ويدنا ممدودة وقلوبنا مفتوحة، وسنبقى اليد باليد والقلب بالقلب للمحافظة على العيش الواحد المشترك. لم ترهبْنا أحداث القاع، ونحن ثابتون مع أهلنا وفي أرضنا. بالأمس، زرنا المنطقة الجرديّة في رأس بعلبك والفاكهة وعايدنا الجيش في عيده، الصامد في كل الظروف وحامي منطقتنا، وقلتُ للعسكريّين بعدما شاهدنا وعورة الأرض، اسمحوا لي بتقبيل الغبار على أحذيتكم. فالجيش، كما شهداء القاع، يحمون الوطن، ونحن معتادون على الشهادة ولا نخاف، والشهيدة الأولى في تاريخ المسيحيّة هي من بعلبك القديسة إيدوينا التي استشهدت عام 113، وهذا وعدنا لك يا سيدنا بألّا نتراجع عن تقديم حياتنا دفاعاً عن أرضنا إذا استدعى الأمر».

بدوره، قال أبو ناضر: «مؤسّسة «النورج» التي أترأّسها أخذت على عاتقها الاهتمام بالمناطق الحدوديّة، خصوصاً بعد أحداث القاع، فهي سياج الوطن وقد دافعت عن كل لبنان. وانطلاقاً من هنا، يأتي تحرّكنا مع مجموعات مساهمة لنحقّق الحلم بصيانة أمن كل قرية، وقد جمعنا رؤساء بلديّات البقاع الشمالي، رأس بعلبك، القاع، جديدة الفاكهة وغيرها، لنشعر جميعاً بأنّنا متضامنون مع بعضنا بعضاً. لقد طالبنا رؤساء البلديّات بتقديم مذكّرات بمتطلّباتهم على كل الصُّعُد الخدماتيّة والإنمائيّة، وجمعت كل المذكّرات، وأقدّمها إلى غبطته للاطّلاع على حاجات المنطقة».

وألقى الراعي كلمة، اعتبر فيها أنّ «هذه الزيارة تكملة لزيارتنا للتعزية في القاع، نظراً لما سمعناه من شعبنا من خوفه من المستقبل وحاجته إلى الطمأنينة ووجود الجيش الذي يحمي الجبهة. جئنا اليوم، وتنادينا لنقول لأبناء المنطقة مسيحيّين ومسلمين، جميعنا متضامنون للمحافظة على وطننا، والأمن والعيش معاً بكرامة».

وتابع: «هذه المنطقة هي سياج الوطن، فنحن نجدّد تعازينا لأهالي الضحايا والجرحى الذين افتدوا لبنان كلّه. لقد كان الإرهاب يريدها الباب لإدخال الرّعب والإرهاب، فنحن ننحني أمام الشهداء، وهذا يقتضي منّا كلّنا أن نتعاون لنكون سدّاً منيعاً لقطع يدِ الإرهاب ومواجهة كل المحاولات التي تريد إدخال الإرهاب إلى لبنان».

وأردف: «لبنان هو البلد الوحيد في هذا الشرق الأوسط الذي ما زال صامداً بأعجوبة وإرادة أهله، الذين يريدون الحفاظ على وجودهم رغم كل شيء. وجميعنا كلبنانيّين، وخصوصاً كمسيحيّين وعمرنا 2000 سنة على هذه الأرض، حُرصاء على استمراريّة بقائنا وثباتنا. وهنا، نتحدّث عن بقاء المسيحيّ المنفتح على كل الناس والديانات».

وقال: «ما يجعل لبنان دولة مميّزة في هذا المشرق، هو الثقافة التي نتحلّى بها، ونحن ضنينون بأن تستمر هذه الثقافة التي بناها المسيحيّون والمسلمون معاً في سورية والعراق وفلسطين والأردن والمشرق، فلا نستطيع أن نتركها لتصبح أرض «داعش» والقاعدة والمنظمات الإرهابيّة، ولا أرض المرتزقة التي تأتينا من كل أنحاء العالم».

أضاف: «هذه أبعاد زيارتنا ولقائنا اليوم مع رؤساء بلديّات المنطقة وفاعليّاتها، إضافة إلى كيفيّة التضامن مع الأجهزة الأمنيّة والقوى العسكريّة كافّة».

وكان الراعي زار دار مطرانيّة دير الأحمر المارونية، والتقى المطران حنّا رحمة وكهنة الأبرشيّة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى