صفقة سلاح أميركية لـ «المملكة» هل تؤدّي المطلوب؟
روزانا رمَّال
توقفت المباحثات اليمنية اليمنية في الكويت في وقت كان من المفترض أن يُكشف عن المزيد من التقارب بين المتحاورين الذين يمثلون طرفي النزاع على الأرض بعد سلسلة من الجلسات التي أرخت أجواء من التقارب في بعض المحطات وبدا فيها اول الغيث اعتراف الوفد اليمني الموالي للسعودية بأنّ الحوار مع «أنصار الله» الحوثيين هو قدر لا مفرّ منه على خلاف ما كان قد تقرّر في الحرب على التنظيم الذي شكل الهجوم عليه في تلك اللحظة ازمة جديدة تضاف الى ازمات المنطقة، خصوصاً تلك المتعلقة بالمحور الإيراني فيها في وقت كانت إيران تحتفل بتوقيعها على الاتفاق التاريخي مع الغرب وإغلاق المسار العسكري الذي بحثت فيه غرف ديبلوماسية في عواصم أوروبية من أجل اخضاع إيران وإجبارها والتذرّع بدعم حاجة «إسرائيل» إلى عملية كهذه لتقويض التقدم الإيراني، فكان لتل أبيب اكثر من محاولة ضغط على الإدارة الأميركية دون جدوى لتبقى رغبة أحادية الجانب لم تتجرأ على ان تصبح واقعاً في الأجندة الأميركية التي توجهت نحو المزيد من التهدئة تجاه إيران وصولاً نحو التفاهم.
يلفت اندلاع الحرب السعودية على اليمن عشية توقيع الاتفاق ويلفت معه إقدام الولايات المتحدة على انتهاج ازدواجية مطلقة في تعاطيها مع ملفات الشرق الاوسط في تجربة لم تكن الاولى من نوعها، فواشنطن التي اتجهت نحو التحاور مع إيران مع الدول الخمس الكبرى اتجهت بالتوقيت نفسه لدعم حرب سعودية على اليمن من غير المعروف اذا كانت مخرجاً «أميركياً» للتغطية على الاتفاق مع طهران ام انه «طلب سعودي» للهدف عينه لابتكار باب اوسع من التهديد فبدت واشنطن غير مستعدة لتقديم اي انتصار كامل يجعل من إيران نقطة تظافر القوة والقدرات لمحور بأكمله يبدأ من روسيا حتى سورية فلبنان.
كانت فاتحة عهد سلمان كملك جديد يأتي بخطة وتصوّر لإنهاء ميراث شقيقه الراحل، الدخول فوراً في حرب اليمن موكلاً نجله الشاب محمد الطامح لتزعم المنطقة بقوة العسكر، ترى في الحرب رسالة سعودية مدعومة من حلفاء واشنطن في المنطقة تقول للبيت الأبيض تمهّلوا في تنازلاتكم فلا زلنا أقوياء.
تسيطر واشنطن بشكل كلي على مجريات الحرب اليمنية وهي التي فتحت من خلالها نافذة التحدي لروسيا من جديد، فقرار تعويم روسيا وحلفائها في تلك اللحظة او عشية توقيع الاتفاق النووي الإيراني، وهو الحدث الأضخم عملياً، ليس وارداً على الإطلاق. وهذه السياسة تؤكد خلفية المسار السياسي في المؤسسة الأميركية الحاكمة المتمثلة بعدم السماح لتقديم «انتصار كامل»، ليبقى السؤال اليوم هل هذا لا يزال ممكناً؟ ومتى تتوقف الحرب السعودية على اليمن بقرار أميركي ولماذا استعرت نيرانها مجدداً اذا كانت قد أفردت مساحة لافتة من الإيجابية بنشاط المبعوث الدولي اسماعيل ولد الشيخ في الكويت؟
زخم جديد ضخّ في الحرب اليمنية كشف عن المزيد من التصعيد في حق المدنيين هناك، لكنه لم يكن وحده، فمن الجهة المقابلة استعرت الحرب في حلب بين الجيش السوري وحلفائه والتنظيمات الإرهابية حتى بلغت أوجها ليلفت معها اسقاط طائرة من الجهة المقابلة بسلاح تشير المعلومات انه أميركي من مخازن سعودية في ادلب.
تحدثت واشنطن مجدداً منذ ايام عن رغبتها بصفقة بيع اسلحة للمملكة العربية السعودية، فقالت وزارة الدفاع الأميركية إن وزارة الخارجية وافقت على بيع عتاد عسكري بقيمة 1.15 مليار دولار للسعودية، يشمل أكثر من 130 دبابة أبرامز و20 مدرّعة ما يشير الى الاستعمال «البري» اللافت في تفاصيل الصفقة الخارجية من ضمن التعاقد مع شركة «general dynamics» بشكل رئيسي انها تشمل 133 دبابة أبرامز من طرازM1A1-A2»، سيتم تعديلها وفقاً لاحتياجات السعودية، إضافة إلى 20 دبابة أخرى ستحل محل دبابات «معطوبة» لدى السعودية، وهنا المقصود بطبيعة الحال اعترافاً بخسائر الرياض في اليمن من جهة وإرسال ما يفيد عن استعداد أميركي لإعادة تزخيم المعركة فقد وصفت وكالة التعاون ــــ الأمني الدفاعي الأميركية التي تشرف على مبيعات الأسلحة للخارج، الصفقة انها مساهمة في تعزيز الأمن القومي للولايات المتحدة من خلال «تحسين أمن شريك إقليمي».
أسهبت واشنطن في إبراز هواجس الرياض من توقيع الاتفاق الأميركي مع طهران وتعزيز حضوره وكان لأوباما في ما قاله لمجلة «اتلانتيك» في «عقيدة اوباما» ما يكفي بهذا الاطار حتى بات العدوان على اليمن مباحاً لجهة تفسير منطق عدم السماح لإيران بالهيمنة على الخليج أصبح السؤال عن تجاهل الولايات المتحدة لمصالح السعودية سؤالاً يومياً ليتبيّن انها لم تكن مستعدة لتقديم تنازل كامل لإيران وأنها أدارت دفة حرب اليمن بشكلها المباشر وأعادت التصعيد الى حلب واليمن مجدداً.
خيارات تصعيد مفترض أن لا تقودها ولاية اوباما التي تحط رحالها، لكنها تؤشر بتزامنها الى ظرفية تصعيد يتراءى بعده حل أوضح، واذا كانت هيلاري كلينتون هي امتداد لولاية الحزب الديمقراطي فإنّ هذا يعني إمكانية إطالة عمر الحرب بالنسبة لكلينتون التي تعد السعوديين بدعم غير مسبوق، لكن المفارقة انّ حلفاء واشنطن غير قادرين على تطويل عمر الأزمات بانعكاس التقدم الروسي بالمنطقة والجيش السوري على ارض سورية والحوثيين على الحدود السعودية اليمنية، مهما قدمت الإدارة الأميركية الجديدة من وعود وعهود او صفقات.