«المنار»
زحمةُ طائراتٍ دبلوماسيّةٍ في سماءِ المِنطقة، بحثاً عن اختراقاتٍ ممكنة، تُوائمُ تلكَ العسكريّة الناشطة التي تخترقُ تحصيناتِ التكفيرِ في شتّى محاورِ حلب، مُثبتةً معادلةً لا زالت حاكمة: التكفيريّونَ محاصَرون، وفلولُهُم ملاحقة.
بعدَ خطِّ التواصلِ التركي الروسي المفتوحِ رئاسيّاً والمعززِ بالوفودِ الدبلوماسيّةِ والعسكريّةِ والاقتصاديّة، وصلَ وزيرُ الخارجية في الجمهوريةِ الإسلاميّة الإيرانيّة إلى أنقرة، كأوَّلِ زائرٍ بعدَ الانقلابِ الفاشل.. زيارةٌ قلَّبَتها التحليلاتُ، وساعدت في رسمِ نتائجِها التصريحات، وإن كانَ التعاونُ المشتركُ بينَ البلدينِ هوَ العنوان، فإنَّ سورية وحريقَها الملتهِب حتى الحدودِ التركيّة أبرزُ الملفات، ولأنَّ الحريقَ السوريَّ أكبرُ من أن تُطفِئَهُ تصريحاتُ اللقاءات، فإنَّ وِجهةَ الحَراك التركي نحوَ الروسي والإيراني تَشي بأنَّ تطويقَ الحريقِ على الأقل، قد يكون ممكناً.
في لبنانَ المحترق بشتّى أنواعِ الأزمات السياسيّة والاقتصاديّة والبيئيّة، خفّفت من لهيبِهِ رياحُ الجَنوبِ الحاملةُ للّبنانيّينَ مع هذهِ الأيامِ عَقداً من الانتصارِ الإلهي. أيامٌ تعيدُ لبنانَ إلى الزمنِ الجميل، يومَ أفشلَ أهلُهُ مشروعَ الشرقِ الأوسطِ الجديد، بجزيلِ التضحيات وعظيمِ الإنجازات.
«أن بي أن»
يقول المثل التركي القديم، إنّ من يوسّع خطواته لن يصل إلى الباب، وعملاً بهذا المثل، يبدو أنّ القيادة التركيّة بدأت بالعودة إلى سياسة تصفير المشاكل مع جيرانها «القراب» بعد أن خذلها حلفاؤها «البعاد»، ولا سيّما في ضوء الانقلاب الفاشل.
رجب طيب أردوغان الحانق على الأميركيّين والأوروبيّين، لم يجد بُدّاً من طرق أبواب الكرملين والتعاون مع طهران بشكل أكبر حول سورية، بحسب ما أعلنت أنقرة خلال زيارة محمد جواد ظريف اليوم أمس .
قد لا تكون الانعطافة التركية في الشأن السوري سريعة وتحتاج إلى المزيد من الوقت، ولكنّها وُضعت على السكّة. والتركي يعلم جيداً معنى التضحية بلحيته في سبيل إنقاذ رأسه، وربما هذا ما يفسر الزكزكة الأميركيّة الأطلسيّة لموسكو مجدّداً عبر البوابة الأوكرانيّة، فهل سيرتفع منسوب هذه الزكزكة في ظلّ طلب السلطات الروسيّة من تركيا إغلاق حدودها مع سورية لوقف تدفّق المسلّحين؟
في لبنان لا جديد كُتب، لا في السياسة ولا في المواقف، لكن قبل أن يجفّ حبر القرار القضائي الصادر عن قاضي الأمور المستعجلة، والذي يُلزم قناة الجديد بعدم الإساءة والتهجّم على قناة الـ»أن بي أن» وشخص الرئيس برّي وعائلته وحركة أمل، عاودت القناة المذكورة التهجّم والإساءة، ضاربةً بعرض الحائط القرار القضائي الصادر بتاريخ 5/8/2016.
«الجديد»
من حارةٍ في بلدٍ تحوّلت قلوبُ أبنائِه إلى صخر لعلعَ رصاصُ شقيقٍ مُقعدٍ، فأردى شقيقتَه وانتَحر. الجريمةُ في دولةِ الفلَتانِ السياسيِّ والاجتماعيّ أصبحت خبرَنا اليوميّ. مَنِ المسؤول؟ سؤالٌ قد لا نجدُ جواباً له في دولةٍ مفكّكةٍ مِن رأسِ هرَمِها إلى أصغرِ بُناها العائليّة، ومجتمعُنا كدولتِنا استحالَ عُصفوريّةً قد يَستعصي فَهمُها على عُتاةِ المحلّلينَ النفسيّين. كلَّ صبيحةٍ تَسقطُ ضحية، العدّادُ يُسجّل، الأمنُ يحقّق، تُغلقُ القضيةُ على جريمةٍ بلا عِقاب. وإذا قال القضاءُ كلمتَه، فيكونُ الحكمُ نزهةً في سِجن يخرجُ بعدَها الجاني «ويا دار ما دخَلِك شر». ومِن الذين قَتلوا نَفْساً بغيرِ ذنب إلى الذين قاتلوا وكانوا قادةً ووَقوداً لحروبِ المحاورِ في طرابلس، ففي حارة البرانية طُوِيتِ الصفحةُ الأخيرةُ بإطلاقِ سراح زياد علوكي، آخرِ الذين قادوا وشاركوا في أحداثِ جبل محسن وبابِ التبانة. لكنَّ البابَ بقيَ مُوارِباً للأخذِ بالثأر، إذ توعّد علوكي بمحاسبةِ كلِّ مَن تاجرَ بهم وكلِّ مَن تآمرَ عليهم، وكذلك فعلَ قائدُ محورِ ستاركو سعد المصري، الذي وجّه رسالةً إلى الجبلِ قائلاً: «إنْ عدتُم عدُنا». جَمرٌ تحت الرمادِ في طرابلس، وصراعٌ وشيكٌ في طرابلس الغرب بينَ حرَسِ المُنشآتِ النِّفطيّةِ والجيشِ الموالي لحكومةِ شرقيِّ البلادِ قربَ الزّويتينة أحدِ أهمِّ ثلاثةِ موانئِ نِفطٍ في شرقيِّ البلاد، ما دفعَ ستَ حكوماتٍ غربيةٍ هي: فرنسا، وألمانيا، وإسبانيا، وأميركا، وإيطاليا وبريطانيا، إلى إصدارِ بيانِ قلَق والدعوةِ إلى تجنّبِ أيِّ عملٍ هجوميٍّ قد يُخرّبُ البُنيةَ التحتيّةَ في ليبيا، وهو قلقٌ أقبحُ وأوقحُ مِن ذنبٍ ارتكبتْه الدولُ نفسُها بتدميرِ ليبيا وتَفتيتِها على مرأى ومَسمَعِ عربٍ مزّقَهم غربٌ قبائلَ تتناحرُ وطوائفَ تتقاتل، وإذا ما دَبّتِ الحَمِيَّةُ في نفوسِهم فيقتلُ بعضُهم بعضاً. ومِن القتلِ إلى الغزل، فبعدَ اللقاءِ الروسيِّ التّركي، خَطَفَ ظريف رجلَه إلى أنقرة وصافحَ الشقيقُ الشيعيُّ شقيقَه السُّنيّ على وعدِ التعاونِ في الشأنِ السوريّ، ذَهبت تركيا إلى روسيا وجاءت إيرانُ إلى تُركيا والبابُ العالي بدأَ ينفتحُ على الحلول.
«او تي في»
لا يزال لبنان ومحيطه ينتظران نتائج لقاء بوتين أردوغان، لأنّ البعض عندنا لا يزال يربط مصير بلاده بما بعد ما بعد حلب، غير أنّ لقاء سانت بترسبورغ يبدو متريّث النتائج. حتى الآن لا شيء غير لقاءات روسيّة إيرانيّة تركيّة للتشاور، في ظل ما يشبه الهدنة على الأرض، وبالتالي لا مؤشّر إلى تطورات خارجية حاسمة على هذا الصعيد.
عربياً، وبعد تأجيل الخطوة مرّتين، قرّرت القاهرة إيفاد وزير خارجيّتها إلى بيروت في موعد محدّد ومعروف منذ شهرين، ليكون عندنا في 17 الجاري. فكرة المصريّين كانت عقد طاولة الحوار بكامل أعضائها، وبرعايتهم. خطوة طموحة جداً، لكنها غير مطروحة فعلاً. يبقى لأحفاد عبد الناصر شرف المحاولة من دون كثير أمل أو رهان. لكن في هذا الوقت، تستكمل السفيرة الأميركيّة الجديدة جولتها على القيادات وفي جعبتها تأكيد وسؤال التأكيد هو أنّها شخصياً، كما إدارتها، منفتحان على الجميع في بيروت، أمّا السؤال الذي تطرحه على مضيفيها، فهو: كيف يمكن أن نساعدكم؟ الجواب البارز الذي سمعته السفيرة أكثر من مرة، وفاجأها أكثر من مرة: ساعدونا لتقنعوا البعض عندنا، بأنّهم قادرون على اتخاذ قراراتهم من دون إيحاءات الخارج. فإذا تمكّنتم من إقناع هؤلاء بأنّ العاصمة الكبرى، واشنطن، تسلّم بسيادة وطنهم، علّهم عندها يقتنعون بأنّ الأمر نفسه يصح على العواصم الصغرى.
في الانتظار، تبدو سيادتنا منقوصة حتى بين مطمر برج حمود ومشاع لاسا … بارقة واحدة خرقت اليوم أمس هذا المشهد. إنّها التقاء حلول الروح القدس مع استحقاق النذور المقدسة … مع قرع الأجراس فرحاً… الأب نعمة الله الهاشم رئيساً عاماً للرهبانيّة اللبنانيّة المارونيّة … مبروك مستحَقّة بالكامل.
«ال بي سي»
هل هي مصادفة أنّ يحل اليوم الدولي للشباب الذي يصادف اليوم أمس ، فيما جيل الشباب اللبناني يفتّش عن آمال بعيدة وأحلام ضائعة. سقف الطموحات.. اطمئنان وفرصة عمل، وأحياناً ينخفض السقف إلى تأمين الحاجيّات البديهيّة من ماء وكهرباء وعدم تلوّث والحدّ من ازدحام السير، ولكن حتى هذه البديهيّات غير متوافرة، فلا المياه نظيفة، هذا إذا توافرت، ولا الكهرباء مؤمّنة إلّا في ما ندر، والتلوّث يمتدّ ساحلاً ووسطاً وجبلاً، وما يزيد من حدّته الخطّة الملغّمة للنفايات التي تسبّب أكثر من ريبة، وهذا ما أظهرته جلسة مجلس الوزراء أمس أمس الأول ، التي استهلكت محرقة بيروت نصف وقتها من دون التوصّل إلى أيّ نتيجة. وما تبقّى من شهر آب ستتوزّع النشاطات فيه، جلسة أسبوعيّة لمجلس الوزراء إلى حين حلول شهر أيلول الذي ستعاوَد فيه طبخة البحص الحواريّة وجلسة البحص الرئاسية، خصوصاً أنّ مرحلة تقطيع الوقت الضائع باتت العلامة الفارقة الوحيدة.
«ام تي في»
لبنان بلغ مرحلة متقدّمة من مراحل تعطّل المرافق الدستوريّة، فبعد سنتين ونيّف من دون رئيس، قطعت نظريّة قابليّة إدارة الشأن الوطني بلا رأس للدولة، وإذا كان الأمن ممسوكاً بقدرة قادر، فإنّ الوضع الاقتصادي يترنّح فوق الهاوية، والربيع المطلبيّ الساخن عادةً باتَ وراء الباب. بطريقة أوضح، ما نشهده من جمود في الحركة السياسيّة الرسميّة لا علاقة له باقتراب عيد انتقال السيدة العذراء، القصة أعمق وأخطر، والمؤسف أنّ الفراغ تعبئّه الصفقات والنفايات والجريمة.
هذه القراءة المتشائمة تستمدّ صدقيّتها من إجماع القوى السياسيّة على عقم الحوار الوطني، أي عدم قدرته على إنتاج المبادرات.
في السياق، يرصد مراقبو حركة الخارج المهتمّ بالوضع اللبناني جملة مؤشّرات، لعل أهمّها زيارة وزير الخارجية المصريّة بيروت الثلاثاء، في سعيٍ مدعوم أوروبيّاً لتحريك الجمود الرئاسي، تتزامن الزيارة مع نشاطٍ تقاربيّ ملحوظ تركيّ إيرانيّ روسيّ، خطوطه العريضة تأكيد الدور المحوري لموكسو، عدم إسقاط الاسد، وعدم قيام دولة كرديّة ومحاربة «داعش».