طهران لصيغة أمنيّة تضمّها مع موسكو وأنقرة وبغداد ودمشق لمواجهة الإرهاب نصرالله يرسم من منبر نصر تموز ملامح نصر حلب ونهاية الإمبراطوريات
كتب المحرّر السياسي
بعد أيام من اللقاءات الروسية التركية واللقاء الذي شهدته أنقرة مع وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف، يستقر الخطاب التركي على معادلة، تطوير العلاقات الاقتصادية مع تركيا وروسيا، كجائزة تحصل عليها أنقرة من موسكو وطهران في لحظة تأزم واختناق يعيش الاقتصاد التركي تحت وطأتهما، مقابل تموضع جديد يناسب ما تتوقعه موسكو وطهران منها، ولا تفصحان عنه لعدم إحراجها، ومنحها ما ترغب من مرونة التوقيت والخطاب لتفعل ما يجب فعله، وتنجز ما يجب إنجازه، وليس في موسكو ولا في طهران مَن يريد وضع تركيا أمام إحراجات تضرب الفرصة التي يتيحها قيام تركيا، بقيادة الضفة المقابلة سياسياً نحو الحرب على الإرهاب، وحلّ في سورية يقوم على الاحتكام لصناديق الانتخاب.
مفردات المرحلة موجزة وغامضة، محورها التمسك بوحدة سورية وما تعنيه من منع قيام كيان كردي، وسعي لإنهاء دويلة داعش وإمارة النصرة، وإعادة إمساك الدولة السورية بكامل الجغرافيا السورية، وترك تشكيل المؤسسات السورية وخصوصاً الرئاسة للسوريين عبر صناديق الاقتراع.
تركيا التي يعرف الروس والإيرانيون أنها رهانهم، كما كانت رهان خصومهم، فما منحته للحرب لم يكن بمستطاع سواها منحه، وما تقدر على منحه لخيار الخروج منها، لا يستطيع أحد أن يزايد عليها به، لمكانها وحجم ما قدّمت، ومحورية مكانتها وصفتها المزدوجة في جوار سورية وفي تقديم الملاذ وقيادة العمل العسكري للجماعات المسلحة، ولا أحد يستطيع مجاراتها في مكانتها كعضو فاعل في الأطلسي الذي لم يقدّم لها شيئاً، وكمرجعية إسلامية شكلت عنوان التحشيد المذهبي للحرب على سورية.
من زيارة الرئيس التركي رجب أردوغان إلى موسكو إلى زيارة وزير خارجية إيران إلى أنقرة، تتبلور تفاصيل مقترح إيراني ينطلق من موافقة تركية على التعاون مع المؤسسات السورية،
وفصل الأمر عن السياسة، لتطرح طهران صيغة تعاون أمني خماسي يبدأ من اجتماع كبار المسؤولين الأمنيين في روسيا وإيران وتركيا وسورية والعراق، لتنسيق العمل المشترك والحرب على التنظيمات الإرهابية، وهو ما توقعت مصادر على صلة بما تشهده أنقرة من تحوّلات أن يبصر النور نهاية هذا الشهر.
بالتزامن مع نهاية مشروع العثمانية الجديدة، وفي الذكرى العاشرة للانتصار في حرب تموز، ومن منبر نصر تموز، يُطلّ الأمين العام لحزب الله قائد المقاومة السيد حسن نصرالله ليلاقي إشارات نصر حلب، الذي سقطت معه الإمبراطورية العثمانية، ويربط بين الحربين، معانيهما، وموقع المقاومة فيهما مجدِّداً وعوده بأن البوصلة لن تحيد، فوجهتها كانت وستبقى فلسطين وحروب المقاومة كلها مكرّسة لها ومؤمنة بأنها تعبّد الطريق إليها، مهما اختلفت العناوين والتسميات والساحات والجبهات، وأن المقاومة ستكون دائماً حيث يجب أن تكون، وأن وعد المقاومة بالنصر دائماً هو وعد بالنصر مجدداً.
نصر الله يرسم المشهد الاستراتيجي سياسياً وعسكرياً
يرسم الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في إطلالته عصر اليوم في الذكرى العاشرة لانتصار تموز 2006 المشهد الاستراتيجي سياسياً وعسكرياً خلال عشر سنوات. وعلمت «البناء» أن السيد نصر الله سيتحدث بشكل أساسي في النقطة الأولى في خطابه عن ذكرى عدوان تموز والعبر من الحرب بعد عشر سنوات، وموقف اللبنانيين منها، تحليل الوضع داخل كيان العدو، فضلاً عن قدرات المقاومة وإمكاناتها في الوقت الحاضر للدفاع عن لبنان. ويتناول السيد نصر الله في النقطة الثانية الملف السوري والحرب مع التكفيريين على ضوء التطورات الأخيرة في حلب. وسيتطرق إلى عدد من الملفات الإقليمية الراهنة ذات الصلة. وسيتحدث السيد نصر الله في النقطة الثالثة عن الملف الرئاسي وسيأتي على الحوار وقانون الانتخاب من زاوية تحليل الوضع اللبناني.
علامات استفهام حول مصير الأمن في طرابلس
برز أمس خروج قائد محور حارة البرانية سابقاً زياد علوكي من سجن رومية بعد انقضاء محكوميته إثر الأحداث الأمنية التي شهدتها مدينة طرابلس، ومع بدء تطبيق الخطة الأمنية في عاصمة الشمال. وتزامن ذلك مع أجواء من «الاحتفالات» عمت منطقتي البرانية وسوق القمح رغم تحذير الجيش لأنصاره. وقد أطلق سراح كلاً من فادي الخطيب وعمران العلي الموقوفين في احداث طرابلس، وهما من جبل محسن. ويأتي خروج علوكي بعد قضائه ثلاث سنوات في السجن بعد خروج اثنين من قادة المحاور هما سعد المصري وحسام الصباغ، والثلاثة يَملكون تأثيراً على الشارع الطرابلسي، وخصوصاً باب التبانة.
توقف المراقبون لـ «البناء» عند إطلاق سراح علوكي بعد انتهاء تنفيذه للحكم الصادر بحقه. ولفت المراقبون إلى «أنه كان منطقياً ومشروعاً إطلاق سراحه بعد ان نفذ حكمه، لكن الاستقبال الشعبي له في طرابلس، والتغطية الإعلامية للاستقبال، تفسر كأنها رد على الحكم وتأييد ما قام به علوكي من أفعال وإخلال بالأمن الوطني ومن أجلها، كان حكمه وهذا يرسم بحد ذاته علامة استفهام كبرى عن الدور الذي يُعدّه الطرف الذي نظم الاستقبال، وعلامة استفهام أخرى حول مصير الأمن في المدينة.
وأشارت مصادر مطلعة لـ «البناء» إلى «أن الاهتمام بإطلاق سراح علوكي يأتي بالتزامن مع محاولات تحريك المخيمات الفلسطينية لا سيما مخيم عين الحلوة»، قائلة: صحيح أن الفلسطينيين حتى الآن يعملون جاهدين لتحييد أنفسهم عن الصراعات الداخلية في لبنان، لكن لا أحد يعلم المتغيرات الإقليمية إلى أين ستأخذ المخيمات». ولفتت المصادر إلى الأحداث المتسارعة في سورية، مشيرة إلى أنه لا يمكن الفصل بين الاحتفال بعلوكي الذي كان من أبرز صانعي البيئة المضطربة في طرابلس خدمة للإرهابيين في سورية، والاحتفالات وتوزيع الحلوى من قبل الشيخ سالم الرافعي وأنصاره عندما ادعى المسلحون الإرهابيون أنه تمّ فك الحصار عن حلب».
تعاطي الإعلام يطرح علامات استفهام
وأكدت مصادر طرابلسية إسلامية لـ «البناء» أن الاستقبال الذي حظي به علوكي أمر طبيعي، لكن المشكلة تكمن في تعاطي الإعلام مع هذه الظواهر ومسارعة وسائله إلى تغطية طويلة لموكبه من بيروت إلى طرابلس واهتمام بالغ بخروجه، وكأنه من القادة العظماء، وهذا أمر مستهجن، يطرح علامات استفهام ويذكرنا بالتغطية الإعلامية التي كان يحظى بها الشيخ أحمد الأسير من قبل وسائل إعلام معروفة». ولفتت إلى أن خروج علوكي وقبله المصري والصباغ لن يغير في واقع طرابلس الراهن. فالجيش والقوى الأمنية يُمسكان زمام الأمور، والوضع الأمني أكثر من مستتب»، وليس هناك من قرار سياسي محلي او إقليمي بتفجير الوضع».
شكري في بيروت الثلاثاء
سياسياً، يزور وزير الخارجية المصري سامح شكري بيروت الثلاثاء المقبل، في زيارة تأتي في توقيت مهم للغاية إقليمياً ولبنانياً، كما قال السفير المصري في لبنان محمد بدر الدين زايد، الذي بحث في ترتيباتها مع وزير الخارجية جبران باسيل، ولفت إلى أن مصر حريصة على تقديم كل الدعم الممكن للبنان في المرحلة الراهنة. ونحن جميعاً ندرك التحديات التي تمر بها المنطقة ودقة الموقف الإقليمي. من هنا، جاء الحرص المصري على التفاعل المصري – اللبناني الآن. إن الزيارة ستؤكد على معانٍ عدة وعلى توجّهات محددة أهمها طبعاً ضرورة إنهاء الفراغ الرئاسي وتأكيد العلاقات الخاصة التي تربط مصر بكل مكوّنات لبنان، واشار إلى ان «الزيارة ستحمل أفكاراً جديدة في ما يتعلق بكيفية التفاعل مع الشأن اللبناني، وستكون بداية أو تحريكاً للموقف، تهدف لتحضير الأجواء لانتخاب رئيس. فهذا التطور ضروري للبنان الذي يحتاج اليوم إلى رئيس أكثر من أي مرحلة سابقة، والمشهد الإقليمي أثبت أنه لا يمكن الانتظار أكثر من هذا الوقت، وبالتالي نحن سنبدأ هذه العملية ونأمل في أن تسفر عن النتيجة المطلوبة».