مَنْ سيحكم العاصمة الليبيّة طرابلس؟
شهدت طرابلس مؤخّراً تطوّرات تُنبئ بتجدّد الصراع على النفوذ والسلطة في العاصمة الليبيّة، تجلّى ذلك في سيطرة مسلّحين يتبعون لكتيبة «ثوار طرابلس» على مقرّ جهاز المخابرات العامّة.
وجرت عمليّة السيطرة على مقرّ المخابرات الليبيّة عقب اشتباكات تواصلت عدة ساعات، أول أمس، مع حرس المقرّ في منطقة الفرناج الواقعة جنوب شرقي طرابلس.
وأفادت وسائل إعلام ليبيّة بأنّ الاشتباكات بين الجانبين أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى، واحتجاز عدد من الضباط والحراس، لافتةً إلى أنّ معظم أفراد الجهاز ينتمون إلى مدينة مصراتة، وأنّ مصطفى نوح رئيس الجهاز يرتبط بعلاقات وثيقة مع الجماعة الإسلاميّة المقاتلة التي يحظى عدد من قادتها بنفوذ كبير في طرابلس.
وتواردت أنباء عن تلقّي قوات التدخّل التابعة للجهاز، والمنتشرة في مدن مجاورة، أوامر للتوجّه إلى طرابلس لاستعادة مبنى المخابرات العامة، مشيرةً في الوقت نفسه إلى أنّ جهود وساطة تُبذل بين الجانبين لتجنيب العاصمة جولة قتال جديدة، وإلى وجود تحرّكات عسكرية في مناطق عدّة.
يُذكر أنّ كتيبة ثوار طرابلس التي يقودها النقيب هيثم التاجوري، تُعدّ في الوقت الراهن من أقوى التشكيلات في العاصمة، ويتمركز مسلحّوها في عدّة معسكرات بمناطق الفرناج وعين زارة وبئر الأسطى ميلاد وقاعدة معيتيقة الجويّة، وهي تدين بالولاء رسميّاً لحكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج، وقد تمكّنت في الأيام الماضية من فرض سيطرتها على عدّة مرافق حكوميّة في العاصمة، من بينها مقرّي وزارتيّ الصحة والاتصالات بمركز المدينة.
ويُعدّ هيثم التاجوري، وهو ضابط شرطة، شخصيّة جدلية وقد بدّل ولاءه أكثر من مرة، وظهر في واقعة شهيرة ربيع عام 2014 حين ألقى القبض على رئيس المؤتمر الوطني العام نوري أبو سهمين، وظهر في شريط مصوّر أثناء التحقيق معه في ما قيل إنّها قضيّة أخلاقيّة.
ووقف التاجوري مع الإسلاميّين في حصار واقتحام عدّة وزارات عام 2013، أثناء رئاسة علي زيدان للحكومة، كما وقف ومسلّحوه مع قوات فجر ليبيا أثناء سيطرتها على طرابلس في آب عام 2014.
وظهرت هذه الشخصية في الفترة الأخيرة في أدوار متنوّعة، من بينها، مناصر لعودة النظام الملكي إلى ليبيا، ومعادٍ للإخوان المسلمين وللجماعة الإسلاميّة المقاتلة، وخصم للتشكيلات العسكريّة التابعة لمدينة مصراتة، ومؤيّد لحكومة الوفاق الوطني.
وظهرت في أعقاب هذه التطوّرات ملصقات في شوارع طرابلس معادية للإخوان المسلمين ولمُفتي الديار الليبية الصادق الغرياني، ما يُشير إلى احتمال نشوب صراع مسلّح بين الفرقاء على النفوذ والسّلطة في عاصمة تعجّ بالمليشيّات والتشكيلات المسلّحة المتنافسة، ويعاني سكّانها من ظروف معيشيّة وأمنيّة متردّية.