الإرهاب يطاول الجيش مجدداً: 5 جرحى بعبوة استهدفت دورية في عرسال ومواقف ندّدت ودعت إلى دعم المؤسّسة العسكريّة وتسليحها

أحمد موسى

بعد حملة التوقيفات الواسعة التي طالت قياديّين في صفوف تنظيمي «داعش» و«النصرة»، هزّ انفجار منطقة رأس السرج الواقعة إلى الشرق من بلدة عرسال، حيث تصاعدت سحب الدخان من موقع الانفجار قرب عامود الإرسال في طلعة رأس السرج إلى الجرود الشرقيّة من بلدة عرسال، ليتبيّن أنّ الانفجار ناجم عن عبوة ناسفة شديدة الانفجار، انفجرت لحظة مرور آليّة عسكريّة نوع هامفي، ما أدّى إلى إصابتها وتضرّر أجزاء منها جرّاء ضغط الانفجار، حيث تحطّم زجاجها، ما أدّى إلى إصابة خمسة عسكريّين كانوا على متنها بجروح طفيفة جرّاء تطاير الزجاج المحطّم من الآليّة.

ووفق مصادر لبنانيّة، «فإنّ الآليّة المستهدَفة كانت تعبر الطريق، مختصرةً المسافة بين المواقع العسكريّة المنتشرة، حيث انفجرت العبوة بعد تجاوز الآليّة العسكريّة من موضع العبوة بأمتار قليلة، وأكملت الآليّة طريقها».

وأعلنت قيادة الجيش – مديرية التوجيه، في بيان، أنّ «آليّة عسكرية تابعة للجيش تعرّضت، أثناء انتقالها في محيط بلدة عرسال، لانفجار عبوة ناسفة مزروعة إلى جانب الطريق، ومُعدّة للتفجير عن بعد زنتها حوالى 3 كلغ من المواد المتفجّرة، إضافةً إلى كميّة من القطع المعدنيّة، ما أدّى إلى إصابة خمسة عسكريّين بجروح طفيفة.

واتّخذت وحدات الجيش المنتشرة في المنطقة التدابير الميدانيّة المناسبة، وبوشر التحقيق في الحادث».

وعقب انفجار العبوة، نفّذ الجيش حملة مداهمات أوقف بنتيجتها 50 مشتبهاً بتعاملهم مع إرهابيّين.

وأعلنت قيادة الجيش، في بيان أيضاً، أنّ على أثر الانفجار الذي استهدف آليّة تابعة للجيش منطقة عرسال، نفّذت قوى الجيش عمليّات دهم واسعة في البلدة ومحيطها، أسفرت عن توقيف عدد من المطلوبين والمشتبه بهم والموجودين داخل الأراضي اللبنانية بطريقة غير شرعيّة. وبوشر التحقيق مع الموقوفين بإشراف القضاء المختصّ».

كما قصف الجيش خلال اليومين الماضيين مواقع المسلّحين في جرود عرسال.

وأشار مصدر أمنيّ لبنانيّ لـ«البناء» إلى «أنّ عمليّة الاستهداف تأتي في سياق الحرب المفتوحة بين الجيش اللبناني والجماعات الإرهابيّة المسلّحة، ليس في جرود عرسال وحسب، وإنّما على كامل تراب الوطن»، وأوضح أنّ عمليّة التفجير تمّت عن بُعد ولاسلكيّاً بوساطة جهاز تحكّم، وأنّ سبب عدم نجاح العمليّة هو الضعف في الرّصد والمتابعة لدى الجماعات المسلّحة بعد «العمليّات الاستباقيّة الناجحة للجيش، وقطع أوصالهم، وهزّ البُنية اللوجستيّة الميدانيّة للمسلّحين الإرهابيّين».

وحول الطريق الذي سلكته الآليّة المستهدفة، فإنّ معلومات أشارت إلى أنّ «محلّة رأس السرج هي طريق تمرّ بين البيوت، ونادراً ما يسلكها الجيش، ولا سيّما أنّ لديه خط سير محدّداً يُقيم فيه دوائر تربط مراكزه بعضها ببعض، وأنّ عبور الآليّة العسكريّة المستهدفة لهذه الطريق هو من أجل اختصار المسافة».

وعزا مصدر أمنيّ سبب وضع العبوة في هذا المكان بالتحديد إلى «أنّ المسلحين عمدوا في الفترة الأخيرة إلى وضع العديد من العبوات الناسفة في طرق متعدّدة، لظنّهم أنّ آليات عسكريّة مؤلّلة أو دوريّات راجلة للجيش ستعبرها»، ورأى المصدر «أنّ العبوة تؤشّر إلى عمل عسكريّ كانت المجموعات الإرهابيّة تخطّط له، وأن العبوة كانت لإلهاء الجيش واستغلال الوضع للانقضاض على مواقعه المتقدمة القريبة من موقع الانفجار، بالتزامن مع استهداف وحدات الجيش التي حضرت لنجدة عناصر الآليّة المستهدَفة، إلّا أنّ الانتشار الأمني للجيش، وتموضعه القتالي وتمشيط المنطقة حال دون تحقيق أهداف الإرهابيّين والغرض من خططهم».

واستنكرت بلديّة عرسال، أهاليها ومخاتيرها، في بيان، الاعتداء الذي طال الجيش في بلدتهم، ورأوا أنّه «يستهدف كرامة الوطن بشكلٍ عام وعرسال بشكل خاص، وهو يندرج ضمن الأعمال الفتنويّة التي ترمي إلى زرع بذور الفتنة والشقاق بين أهالي البلدة والجيش من جهة، وبينها وضيوفها من جهةٍ أخرى».

وأكّدوا «وقوفهم صفّاً واحداً إلى جانب الجيش لما فيه خير العباد والبلاد».

بدوره، قال النائب ياسين جابر في تصريح: «مرة جديدة تمتدّ يدُ الغدر الإرهابيّة لتطال الجيش اللبناني، ما يؤكّد أنّ الإرهاب التكفيريّ يضع الجيش في دائرة الاستهداف للنيل من دوره الوطنيّ والجهاديّ والدفاعيّ عن الوطن واستقراره وعن الحدود الشرقيّة والشماليّة والجنوبيّة، وهو الجيش الذي وقف سدّاً منيعاً في وجه مخطّطات الجماعات الإرهابيّة التكفيريّة، وأثبت جهوزيّته، وأفشل أطماع وأحلام تلك الجماعات، وتصدّى للعدو «الإسرائيليّ» في العديسة والجبل الرفيع، وهو الذي يبسط اليوم الأمن والاستقرار في كافة أرجاء الوطن».

أضاف: «نحن في الذكرى السنويّة العاشرة لانتصار لبنان على «إسرائيل» وإحباط عدوانها في تموز من العام 2006، نقول إنّ هذا الانتصار ما كان ليتحقّق لولا المعادلة الذهبيّة، الجيش والشعب والمقاومة، ولهم منّا أجمل التحيات والتهاني في هذه المناسبة التي تحوّلت عيداً للّبنانيين، يحتفلون به كل سنة ليؤكّدوا دور الجيش والمقاومة والشعب في التصدّي لأيّ عدوان إسرائيلي».

ودعا جابر «اللبنانيّين إلى الالتفاف حول المؤسّسة العسكريّة ودعمها بكل الوسائل والسُّبُل المعنويّة واللوجستيّة، لأنّها الخيار الوحيد لحماية الوطن والذود والدفاع عن حدوده من الجنوب إلى الشمال، ومن العاصمة إلى الجبل والبقاع، وعن كل التراب اللبناني».

ورأى الوزير السابق فيصل كرامي، أنّ «استهداف الجيش في جرود عرسال من المجموعات الإرهابيّة الرابضة على حدودنا الشرقية، هو تأكيد أنّ الهجمة الإرهابيّة تستهدف كل لبنان، شعباً وجيشاً واستقراراً ومؤسّسات، وأنّ المعركة مفتوحة حتى استئصال هذا الشرّ الذي يهدّد بلدنا بكل الوسائل المتاحة، أبرزها بسالة جيشنا الوطنيّ واحتضان شعبنا الواعي، وأهالي عرسال على وجه الخصوص، لهذا الجيش، في تعبير عن الوطنيّة الجامعة لكل اللبنانيّين رغم اختلافاتهم السياسيّة».

وقال في تصريح: «نواجه إرهاباً جعل المنطقة حولنا حقول دماء ودمار، وواجبنا الوطني تقديم المؤازرة السياسيّة والوطنيّة واللوجستيّة والإعلاميّة لجيشنا الذي يحمي الحدود ويصون الوطن».

وختم: «كلّنا في هذه اللحظات جيش، وكلّنا ضدّ الإرهاب ومموّليه وداعميه، وراعيه الأكبر العدو الإسرائيلي».

وأكّد «المؤتمر الشعبي اللبناني» في البقاع، «الوقوف إلى جانب الجيش في الدفاع عن أمن لبنان ووحدته واستقراره، وتصدّيه للاختراقات المعادية».

وانتقد ما وصفه بـ«إهمال عرسال وما حولها، من حرمان وفقر وجوع، وقد حُرمت من كل موارد رزقها سواء في تسويق إنتاجها من الأحجار أو من الثمار، وأضحى أهلها بلا إنتاج وأمنهم سائباً».

واشار إلى أنّ «أهالي عرسال، ومنذ مدة طويلة، يطالبون بحضور الدولة بكل مؤسّساتها ولا من يسمع أو يستجيب، في حين يهدّد المسلّحون المتطرّفون عرسال يوميّاً ويصادرون أرزاق الناس».

وطالب «المعنيّين بنجدة عرسال التي يعصرها الألم والحرمان وينقصها أبسط الخدمات، وهذه مسؤوليّة الحكومة ونوّاب البقاع والقوى الأمنيّة».

واعتبر الأمين العام للتيار الأسعدي معن الأسعد، في تصريح، «أنّ استهداف الجيش من قِبَل المجموعات الإرهابيّة هو ردّة فعل منها على القرار الوطنيّ الشجاع لقيادة الجيش بعدم السماح لها باستباحة البلدات واحتلالها وأخذ أهلها رهائن، وعدم المساومة عن حق لبنان وأمنه واستقراره»، مشدّداً على «ضرورة رفع الغطاء السياسيّ والقضائيّ والمذهبيّ عن الإرهابيّين»، لافتاً إلى أنّ «الاستهداف الإرهابيّ للجيش هو نتيجة التطوّرات العسكريّة الميدانيّة على الأراضي السوريّة، وخصوصاً بعد نجاح الجيش السوري وحلفائه».

ودعا أهالي بلدة عرسال إلى الاستمرار «في انتفاضتهم ورفضهم لوجود الإرهابيّين على أرضهم، مهما اشتدّت الضغوط أو كثرت الإغراءات أو وسائل الترغيب والترهيب».

وشدّد على ضرورة الالتفاف حول الجيش، الذي هو لكل اللبنانيّين والضامن لأمنهم واستقرارهم، داعياً «القوى السياسيّة السلطويّة إلى دعم الجيش وتسليحه من أيّ مصدر كان، وعدم إدخاله في تجاذباتهم وصراعاتهم ومصالحهم».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى