«فلسطين.. تذكّروا»

نظام مارديني

ليس غريباً على «الميادين» هذه التغطية في الذكرى الثانية للعدوان الصهيوني على قطاع غزة، قامت خلال الأسابيع الماضية بتغطية شاملة للذكرى العاشرة لانتصار المقاومة اللبنانية على العدو وقهره وتذكيره أن في أمتنا قوة فعلت وغيّرت مجرى التاريخ، في تموز من العام 2006.

وجميل أن نستعير عنوان «الميادين»: «فلسطين تذكّروا».. ولكن يبقى السؤال هو: كيف لنا أن ننسى مدينة الله في هذه البقعة من أرض بلاد الشام؟

ثمة دول عربية تطلب حماية «إسرائيل» من المقاومة الفلسطينية، واستطراداً اللبنانية، بعدما أصبح محمود عباس أكثر هلامية، وأكثر هشاشة، وأكثر استسلاماً، فهل سننتظر من عباس أن يعرض على مجلس الأمن الدولي مشروع قرار يدعو إلى تكريس وصاية العدو على الفلسطينيين الذين يرى فيهم بنيامين نتنياهو عالة استراتيجية يقتضي اجتثاثها بالقضم المنهجي للأرض و.. للتاريخ. وذلك رغم قناعة عباس والدول العربية وبخاصة الخليجية بمشروع «الدولتين» ولا فارق هنا بين الدولة والمهزلة.. وهي دولة ستكون من دون أسنان وحتى من دون قدمين!

في ظل الانقسام الفلسطيني الحاصل، كم دولة يريد الفلسطينيون في فلسطين، غير رام الله وغزة؟ في المحصلة: لا دولة ولا… فلسطين! وإذا أصررتم على ذلك، هناك الأردن، وهناك لبنان، وهناك سورية، وهناك العراق.. ويزلي برودن، المعلق الأميركي، بلغت به السخرية بنا حد القول «ليكن الفلسطينيون أول سكان المريخ»!

لا لم تعُد قضيتنا في أروقة نيويورك، وحيث سوق الأمم.. فلسطين. ولم نفاجأ بأننا لا شيء، وبأن قضية العرب وآل سعود هي «إسرائيل».. وثمة شعوب في عالمنا العربي يُراد لها أن تندثر أو تتفكّك، فما المشكلة إذا كان هناك فلسطينيون في مهب العدم؟

الآن حاولوا أن تعقدوا المقارنة بين الخليفة أبي بكر البغدادي والحاخام مئير كاهان.. ثمة محاكاة في المبنى وفي المعنى، وفي الرؤيا بطبيعة الحال. كاهان وصف الفلسطينيين بالجراثيم التي تقتضي إبادتها ولو بالقنبلة النووية كي لا يعودوا إلى الظهور حتى مع العشب. قال أيضاً بتفجير المسجد الأقصى لأنه بمثابة الخنجر في ظهر يهوه.

أليس البغدادي هو الوجه الآخر، بل الصورة طبق الأصل عن الحاخام؟ كل تلك الجثث في غزة، وكل تلك الصرخات، لم تحرك شعرة في لحيته التي أطلّ بها علينا من الموصل.. بل لم يتعلّم من الذين تتلمذ على أيديهم أن هناك بلداً يُدعى فلسطين، وأن هناك فلسطينيين اقتلعوا بالمناجل من هذا البلد.. قيل، لتبرير صمته، إنه يعتقد أن وجود المسجد الأقصى على مقربة من كنيسة القيامة ألغى قدسية المسجد الذي يُفترض أن يهدم، ولا ندري ما إذا كان يفترض أن يُهدم قبل الكنيسة أو في إثرها؟

ونحن غالباً ما نستخدم المسجد الأقصى للتعبئة السياسية والسيكولوجية، كما لو ان اولئك الفتيان الرائعين الذين لا سقف لهم سوى تراب فلسطين، وسوى هواء فلسطين، والذين تتبعثر جثثهم، جثثهم المقدسة أكثر من أي نفيس آخر، ليسوا مَن يعنون الله، وملائكة الله، وأنبياء الله.

يقول صديق فلسطيني «تكاد لا تصادف داعشياً واحداً في الضفة أو في القطاع». لماذا يكون هناك داعشي ما دام الكيان الصهيوني هو الحاضن الإلهي للمحمديين؟

«الميادين» تعيد التذكير بوهج هذه المقاومة، وبوهج هؤلاء المقاومين الذين آمنوا أن لا مكان لثقافة التثاؤب.. دعوا العقول والسواعد والصواريخ تفاوض.. «الميادين» تقول في الذكرى الثانية للعدوان على قطاع غزة: أياكم والقفازات الحريرية!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى