السعودي… ينتحر في اليمن!؟
هشام الهبيشان
تزامناً مع نعي «ولد الشيخ» لمؤتمر الكويت، عاد الحديث الإعلامي لقوى العدوان عن سيطرتها على مواقع عدّة في محيط العاصمة صنعاء ومحافظتي تعز ومأرب، وتزامناً مع كلّ هذا وذاك، يراقب العالم ككلّ مسار الحرب الشعواء السعودية – الأميركية بغطاء «ناتو العرب» على اليمن، خصوصاً بعد الذي جرى على الحدود اليمنية – السعودية، من تمدّد للجيش اليمني والمقاومة الشعبية داخل مناطق عدة في الجانب السعودي، وتحديداً ببعض مناطق جيزان ونجران جنوب السعودية، وما صاحب كلّ ذلك من استهدافات لمجموعة مقارّ أمنية وعسكرية وسياسية لقوى العدوان ولأنصار هادي.
هذه التطورات بمجموعها، تؤكد أنّ مسار هذه الحرب العدوانية، خصوصاً ومع حديث قوى العدوان عن استعدادات تجريها وتنفذها لإعلان ساعة الصفر لانطلاق معركة صنعاء، ألتي ستبدأ بغزو مأرب شمال شرق اليمن، هذه المعارك بمجموعها تعتبر في توقيتها ونتائجها المستقبلية عنواناً لمرحلة جديدة، قد تسقط قوى العدوان بمسار دموي ربما يمتدّ لسنوات عدّة.
أليوم، من الواضح أنّ تداعيات فشل مؤتمر الكويت، ستكون لها تأثيرات سلبية جداً على قوى العدوان، فهذه القوى ما زالت مصرّة على الغرق بشكل أعمق في المستنقع اليمني، والنظام السعودي تحديدا،ً المنغمس اليوم في مجموعة أزمات إفتعلها في الإقليم، بدءاً من الحرب على الدولة السورية، وليس نهاية بالحرب العدوانية على اليمن. السعوديون بدورهم يعلمون حقيقة هزيمتهم في ميادين عدّة في الآونة الأخيرة، لكن هم في الوقت نفسه، لا يريدون أن يتلقوا هزيمة جديدة، وقد تكرّرت هزائمهم أخيراً في ميادين عدّة ليس أولها ولا آخرها الميدان السوري.
من كلّ هذا، نستنتج أنّ السعوديين ومعهم قوى العدوان، سيستمرون في معركتهم العدوانية على مأرب وتعز وعلى كلّ المدن الشمالية والوسطى اليمنية، مرتكزين على الدعم الأميركي اللامحدود لهم بهذه الحرب العدوانية التدميرية على اليمن، فالأميركيين، كما السعوديين، يعلمون جيداً حجم خسائر النظام السعودي على مختلف جبهات الصراع التي يشترك فيها السعوديون في المنطقة. والسعوديون بدورهم، يعلمون جيداً معنى أن يفتحوا جبهة جديدة وصراعاً جديداً على حدودهم الجنوبية والجنوبية الغربية. ويعلمون ما مدى الخطورة المستقبلية وحجم التداعيات المستقبلية التي ستفرزها هذه الحرب على اليمن، وبالأحرى، هم يعلمون حجم الإفرازات المباشرة للإنغماس السعودي في هذه المعركة على الداخل السعودي شرقاً وجنوباً، ومع كلّ هذا وذاك، قرّر السعوديون أن يخوضوا هذه المغامرة والمقامرة الجديدة، علّهم يستطيعون أنّ يحققوا إنتصاراً، حتى وإنْ كان إعلامياً، لعلّه يعطيهم جرعة أمل بعد سلسلة الهزائم المدوّية التي تلقوها في أكثر من ساحة صراع إقليمي.
أليوم، لا يمكن، بأي حال من الأحوال، إنكار حقيقة أنّ تصعيد قوى العدوان في حربها على اليمن، ستكون له، بشكل عام، تداعيات خطيرة على مستقبل إستقرار المنطقة الهشّ والمضطرب بشكل عام، ويأتي، كلّ ذلك التصعيد، في الوقت الذي تزداد فيه المطالبات الإقليمية والدولية بوضع حلول عاجلة، وإيجاد مسار تسويات للأزمة اليمنية ومعظم ملفات الإقليم العالقة.
ختاماً، من الواضح أنّ قوى العدوان تحاول من خلال تصعيد مسار حربها على اليمن، أن تحقق تغييراً كاملاً ومطلقاً في شروط التفاوض المقبلة بين جميع قوى الإقليم، من خلال السعي إلى السيطرة وإحتلال المزيد من المدن والمحافظات اليمنية. والواضح أنّ المرحلة المقبلة ستحمل بين طياتها الكثير من التكهّنات والتساؤلات، بل وإحتمال المفاجآت الكبرى، حول طبيعة ومسار عدوان السعودية على اليمن، فالمعركة لها أبعاد عدة مستقبلية ومرحلية، ولا يمكن لأحد أن يتنبّأ مرحلياً بنتائجها المستقبلية، فمسار ونتائج المعركة يخضعان لتطورات الميدان المتوقعة مستقبلاً، وإحتمالات تطوّر هذا الصراع في اليمن إلى حرب إقليمية كبرى
كاتب وناشط سياسي- الأردن
hesham.habeshan yahooo.com