الجزيرة السورية.. والموّال الجارح!
نظام مارديني
أي جزيرة، وروح الجزيرة السورية، حين تتحوّل شظايا عرقية وطائفية وعشائرية ومناطقية؟ واستطراداً أين هي الدولة، وأين هو النظام، وأين هي الجغرافيا، وأين هو التاريخ في سورية؟
الجزيرة السورية أمّنا التي تمشي على ضفاف القمح، وعلى ضفاف الغسق، وعلى ضفاف الآذان وأجراس الكنائس.. بل وعلى ضفاف أبي الذي كان صوته العتيق أكثر شجناً من صوت الدهر.
الآن، ضجيج داخل هذه الجزيرة ومحافظة الحسكة.. كيف يمكن إبعاد فكرة الفيدرالية الكردية بدون إراقة دماء؟
يُراد أن توضع خارطة سورية على الطاولة.. وإلى حد بعيد استعادت خارطة الجنرال غورو ودوله الأربع، وكأن المشكلة كانت في الدولة الخامسة.. أي «كردستان سورية» التي قال عنها زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان أن لا وجود لها على أرض الواقع.. يعتبر المراقبون أن قيام «كردستان السورية» بعد «كردستان العراقية» لا بد أن يجعل لعبة الدومينو تتواصل.. وإذا تواصلت لعبة الدومينو فستكون «كردستان التركية» التي تضمّ ما بين 15 و20 مليون نسمة، ما يعني في النهاية تقسيم تركيا.. أنقرة على الأقل لن تستطيع بعد ذلك التحكم الجيوبوليتيكي بالمياه.. ولطالما حذّر البعض أردوغان من «رقصة الدراويش حول الحطام».
العشائر العربية في الحسكة في حالة هلع من تفكّك خارطة المحافظة، وهي لذلك تحرّكت وفي الأمر رسالة لمن يفهم.. هذا لن يمنع الـ « PYD» من الاستمرار في الطرح العبثي أياه. إسقاط الفيدرالية على سورية بالبراشوت الأميركي. مسؤول دولي كبير جداً يحذّر «إذا لم يتوقف الصراع الآن في الجزيرة فهي ستجركم جميعاً إلى جهنم».
الأميركيون الذين أذهلتهم السياسات الكردية الراقصة، أو المتراقصة، يدركون جيداً خلفيات «الصحوة الفيدرالية» التي هي من ابتكارهم.. وكان المُلا مصطفى البرزاني قال مرة من منفاه في موسكو «الأكراد مثل الجبال، إن كانوا غير ذلك تذروهم الرياح».. الآن أي رياح تلعب، أو تلاعب، أكراد سورية؟
من عقود والأكراد خاسرون في لعبة الأمم. لا شيء تغيّر. فهم لا يدرون أين هي الخطوط الحمر وأين ستمضي لعبة المصالح الدولية والإقليمية بهم في المستقبل..
الجزيرة السورية.. هذه أرض تستقبلك باللهفة وتودعك باللهفة، وقيل إن ثمة في السماء مَن يستورد منها الماء والبنفسج.. فهي أرض من الهلال السوري الخصيب.. وسورية هي زينة الدنيا.. وإن شئتم زينة الآخرة.
وراء الضوء خوف من أن ينصح حوار «حميميم» بالانتظار، ليس فقط لأن اللعبة أكبر من حزب الاتحاد الديمقراطي بكثير، بل لأن الأميركيين الذين دفعوا «الأسايش» لنقض هدنة موسكو، فلأنهم يريدون أن يتجه الهلال السوري الخصيب إلى انفجار في «الخرائط».
الخوف من استمرار بعض السوريين في الجزيرة، أو في محافظة الحسكة، فيتم استخدامه كأحصنة بلهاء في خدمة المشاريع الأميركية.
الموّال الجزراوي جارح، جارح، حتى لتخاله بكاء القمر!