خلط أوراق سياسي عسكري متسارع حتى غزة… وكيري وبوغدانوف في جدة الجيش السوري يُمسك بجنوب حلب… وتجاذب أميركي تركي حول الأكراد
كتب المحرّر السياسي
خلال أربع وعشرين ساعة مضت بدت المنطقة على مرجل تغلي بالمتغيّرات المتسارعة، من تصعيد عسكري ونقلات محمومة مفاجئة أحياناً، من الشمال إلى الجنوب، كما هو حال التقدّم الذي حققته الوحدات الكردية في الحسكة بدعم أميركي، مثله التقدّم الذي حققته القوات السعودية في فتح طريق مدينة تعز، بينما في المقابل دخول تركي مباشر وعلني لمواجهة التوسّع الكردي شمال سورية، بقصف على منبج، وتصعيد يمني يترجم تفويض المسيرة المليونية في صنعاء بقصف وتوغل داخل الأراضي السعودية. كلّ ذلك يبقى دون سقف المفاجأة التي سجلها التجاذب الكلامي العلني الإيراني الروسي حول استخدام الطائرات الروسية لمطار همذان الإيراني، والذي انتهى بتجميد هذا الاستخدام وفقاً للإعلان الروسي، بما يبدو أبعد من نتائج السجال، بعد التحفظات الأميركية على ما وصفته باستغلال روسيا لعنوان الحرب على الإرهاب لإنشاء قواعد نفوذ عسكري تخلّ بالتوازن في غرب آسيا ووسطها، مقابل اتهامات روسية لواشنطن بالوقوف وراء إطاحة التفاهم على وقف النار في الحسكة بتشجيع الميليشيات الكردية على التصعيد. ويكتمل مشهد خلط الأوراق بالتصعيد العسكري «الإسرائيلي» في غزة، حيث جيش بيت العنكبوت جيش الاحتلال «الإسرائيلي» يذهب إلى تسخين عسكري يتخطى الردّ الموضعي أو التعامل مع مواقع المقاومة على الجدار الحدودي لقطاع غزة كما هي الحال عادة.
هذا الإيقاع المتسارع وما يحمله من مفاجآت، يؤشر إلى تفاوض ساخن ترتسم معه حدود الأدوار، وتبدو السعودية الجهة الأولى التي يجب أن تقتنع بحجمها الجديد وحدود القوة التي تملكها، وهذا ما يعنيه وجود المبعوث الروسي للشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف للبحث في الشأنين اليمني والسوري، ولقائه الفرقاء المعنيين بالملفين من حلفاء الرياض الذي توّجه بلقاء وزير الخارجية السعودي، بالتزامن مع وصول وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى جدة، وقد سبقه قرار تخفيض عدد المستشارين العسكريين الأميركيين لدى السعودية المشاركين في حرب اليمن، وتصريح للبنتاغون يقول إنّ دعم واشنطن للرياض لا يجوز أن يعني عدم التساؤل عن معنى وجدوى استمرار الحرب في اليمن.
الميدان الحاسم يبقى حلب وما يجري على ساحتها، فهناك وفقاً لإجماع الأطراف والخبراء ترتسم خريطة الشرق الأوسط الجديد، وهناك سجَّل الجيش السوري والمقاومة، إنجازاً هاماً تجسّد بتثبيت السيطرة على الكلية الفنية الجوية والتلال المحيطة والتقدّم نحو كلية المدفعية، والتحكّم بمعبر الراموسة كلياً، مع تحصين وتعزيز معبر الكاستيلو وتعبيده وتوسيعه بما يجعله قابلاً لاستعماله كطريق كامل الشروط والأهلية لتنقل باصات المسافرين وشاحنات المحروقات والمؤن، والآليات العسكرية.
التسارع الذي يشهده شمال سورية، والذي صار عنوانه منذ أمس، تدخل واشنطن وأنقرة، في مواجهة بعضهما البعض، في منبج، حيث تحظى الميليشيات الكردية بغطاء أميركي وتتعرّض للقصف التركي، يخلط أوراق التحالفات، ويقرّر مصير الاستعمال الأميركي للحضور الكردي وحدوده، كما يقرّر ميدان حلب مصير جبهة النصرة وحدود قدرتها، وبالتالي الفرز اللازم لتبلور مشهد تفاوضي سوري يجعل عقد جولة جديدة من جنيف ممكنة بعد تبلور هذين المشهدين وتداعياتهما.
لبنان المستسلم للانتظار بلا روزنامة، يلعب المياومة وتثق قياداته بأنّ ما يبدو مستحيلاً قبل حين، يصير ممكن التسويق بداعي الضرورة عندما يحين، وهذا ما كان عليه الحال مع التمديد الأول للمجلس النيابي، بالنظر لاستحالة تمديد ثانٍ، وعندما حان هانت الأمور وتسهّلت ومُرِّرت بسلاسة، ووفقاً لمصادر متابعة فإنّ أحداً لم يكن قادراً على الحديث قبل سنة مع التمديد الثاني لقائد الجيش العماد جان قهوجي عن فرضية تمديد ثالث، لكننا الآن نقف أمامه ولا نجد مشكلة ولا بديلاً. وهذا قد يختصر المشهد اللبناني في أيار المقبل مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية ورفض إجرائها، وفقاً لقانون الستين من قبل شرائح أساسية، ليصير الحديث عن التمديد الثالث للمجلس النيابي ممكناً، بدواعٍ تقنية ترتبط بتوقع نضج ظروف انتخاب رئيس الجمهورية الجديد، ومنحه فرصة الشراكة في وضع قانون الانتخاب الجديد، أو توقع مواصلة الجمود في الملف الرئاسي والتمديد للمجلس النيابي بداعي منحه فرصة إقرار قانون جديد للانتخابات.
جلسة حكومية على وقع الخلافات
في ظل انسداد أفق الحلول على صعيد أزمة رئاسة الجمهورية وقانون الانتخاب وتعثر المبادرات، وآخرها مبادرة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي لم يتلقفها تيار المستقبل بإيجابية. وعلى وقع الخلافات السياسية حول ملفي التعيينات الأمنية والنفايات يعقد مجلس الوزراء جلسة عادية الخميس المقبل على جدول أعمالها 127 بنداً، من بينها تعيين رئيس الجامعة اللبنانية من ضمن الأسماء الخمسة التي سيطرحها وزير التربية الياس بو صعب على المجلس من بين الذين فازوا في الانتخابات الجامعية، ومشروع مرسوم لتمديد تعيين الدكتور معين حمزة أميناً عاماً للمجلس الوطني للبحوث العلمية. وعلى جدول الأعمال أيضاً قضايا تتصل بمشاريع لوزارة الأشغال العامة والنقل وأخرى قضائية وإدارية ومالية تُعنى بنقل اعتمادات الى العديد من الوزارات وهبات مختلفة.
التمديد لقهوجي خيار وحيد
وقالت مصادر وزارية لـ «البناء» إن «جلسة الخميس عادية وستناقش جدول الأعمال المطروح وملف التعيينات في مجلس الجامعة اللبنانية ووزارة الشؤون الاجتماعية ومحافظ جبل لبنان»، ولفتت الى أن «لا تقدم في ملف الموازنة ولا في موضوع إقرارالموازنة العامة ولن تطرح الملفات السياسية الساخنة في هذه الجلسة»، مشددة على أن التمديد لقائد الجيش الحالي العماد جان قهوجي بات أمراً ملحاً وخياراً وحيداً في حال تعذّر التعيين متوقعة تكرار سيناريو التمديد للواء خير في أمانة المجلس الأعلى للدفاع في قيادة الجيش». وأكدت أن «مجلس الوزراء سينعقد ولن يتوقف رغم الخلافات السياسية التي يعاني منها، ورغم تهديد بعض الوزراء بمقاطعة الجلسات».
أيوب الأوفر حظاً
وفي ملف رئاسة الجامعة، أشارت المصادر إلى أن «وزير التربية سيطرح خمسة أسماء، لهذا المنصب والمجلس سيختار أحدهم». وعلمت «البناء» أن المرشحين لهذا المنصب هم عميد كلية العلوم في الجامعة اللبنانية الدكتور حسن زين الدين، وهو مدعوم من حركة أمل والعميد محمد الصميلي والعميدة رجاء مكي محسوبة على 14 آذار والعميدة وفاء بري والعميد فؤاد أيوب، وهو أيضاً مدعوم من أمل وتيريز الهاشم العميدة الحالية لكلية التربية، كما علمت «البناء» أن «فؤاد أيوب هو الأوفر حظاً في حال حصل تعيين في مجلس الوزراء، أما إذا تعذر التعيين، فهناك خياران إما التمديد للرئيس الحالي عدنان السيد حسين، وإما تكليف أكبر العمداء سناً أي زين الدين»، ورجّحت مصادر في الجامعة لـ «البناء» أن ينسحب التمديد للقادة الأمنيين على الجامعة وبالتالي تنحصر الخيارات بين التمديد للسيد حسين أو تكليف زين الدين».
المال والموازنة أرجأت جلستها
أما على صعيد ملف النفايات، أرجأت لجنة المال والموازنة جلستها التي كانت مقررة اليوم الى الأربعاء المقبل، لمتابعة أزمة النفايات خصوصاً لناحية التلزيمات مع وزارة المالية، وزارة الداخلية والبلديات، وزارة البيئة ومجلس الإنماء والإعمار.
حكيم لـ «البناء»: المشكلة طمر النفايات بلا فرز
وتساءل وزير الاقتصاد المستقيل آلان حكيم عن سبب إرجاء الجلسة، وما إذا كان ذلك لمصلحة 350 ألف مواطن في برج حمود، لافتاً إلى أن «المشكلة الأكبر أن رئيس هذه اللجنة هو نائب عن المنطقة». وأضاف حكيم لـ «البناء»: «كوزراء كتائب وافقنا على خطة النفايات التي أقرت في 9 أيلول 2015 التي اعتمدت على اللامركزية وإنشاء لجنة فنية وإشراك البلديات في الحل وإنشاء مطمرين في سرار – عكار ومطمر في السلسلة الشرقية ولم تبصر الخطة النور، نتيجة السجالات والتجاذبات. وبالتالي استبدل موقع المطمرين في مناطق نائية وصحراوية بمطمرين آخرين في الكوستبرافا وبرج حمود. وتفاجأنا اليوم أن هناك مطمرين في برج حمود وليس واحداً وهما برج حمود والثاني الجديدة». وأشار الى أنه عندما أقرت الخطة تحت ضغط الشارع وانتشار النفايات في الشوارع اعترضنا على الخطة من دون تعطيلها واعترض التيار الوطني الحر حينها وبعد رؤيتنا، لكيفية التطبيق انسحبنا من الجلسة واعترض الوزير جبران باسيل عليها حينها، لكنه فضل التحفظ الى أن قدمنا استقالتنا بسبب عدم التطبيق الصحيح للخطة». وأوضح حكيم أن «المشكلة الأساسية في الخطة هي طمر النفايات من دون فرز»، متسائلاً: هل يفرز 93 في المئة من النفايات فعلاً؟ وهل يستوعب معمل العمروسية فرز كل النفايات؟ وهل هناك مشروع لتوسيعه وتوسيع معمل الكرنتينا للفرز؟ وإذا كان معمل الكورال للمعالجة يفرز يومياً 30 طناً، فماذا يفعلون بـ 300 الف طن يومياً؟، ولفت إلى أن «مناقصات برج حمود والكوستبرافا لبناء سد للبحر والخلية التي تستوعب المعالجة درست وتمت الموافقة عليها في مجلس الوزراء بـ 82 مليون دولار، لكن تبين لاحقاً أنها نقصت 12 مليون دولار، فأين ذهب هذا المبلغ؟ وطالب حكيم لجنة المال والموازنة بتشديد الرقابة، منتقداً إدارة مناقصات النفايات وغياب أجهزة الرقابة».
بقرادونيان: برج حمود ليس «قميص عثمان»
وأكد رئيس حزب «الطاشناق» النائب هاغوب بقرادونيان الى أن «مطمر برج حمود ليس قميص عثمان، نحن موجودون ونحمل مسؤوليتنا، ونحن حريصون على اهلنا أكثر ممن هم لا يقطنون المنطقة». واعتبر أن «العمل الهادئ البعيد عن الصراخ والضجيج يوصلنا الى نتيجة أكثر»، مشيراً الى أن «السنة الماضية جراء تراكم النفايات كان هناك إصرار من الجميع بما في ذلك حزب «الكتائب» على أن الدولة يجب أن تفرض هيبتها».
وسجل أمس، انتشار قوات مكافحة الشغب أمام السراي الحكومي، بعد محاولات فاشلة من معتصمي الحركة العلمانية المدنية، بالتعاون مع حراك المتعاقدين الثانويين، التقدّم من الشريط الشائك. وتمّ قطع السير باتجاه رياض الصلح ولاحقاً عمد عدد من المعتصمين برمي زجاجات المياه باتجاه القوى الأمنية.
برّي: وحدة اللبنانيين سلاحهم الأمضى
وفي ما تتواصل انتهاكات العدو «الإسرائيلي» على لبنان والتوتر على الحدود مع فلسطين المحتلة تزامناً مع احتفال الجنوبيين ولبنان بالذكرى العاشرة لانتصار تموز، أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري أن «سلام لبنان هو أفضل وجوه الحرب ضد «إسرائيل» وأن وحدة اللبنانيين هي سلاحهم الأمضى بمواجهة العدوانية الإسرائيلية». وشدّد في بيان بذكرى اختطاف وتغييب الإمام موسى الصدر ورفيقيه على «استكمال تحرير الاراضي اللبنانية في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا من دنس الاحتلال «الإسرائيلي» وإزالة آثار العدوانية «الإسرائيلية» وتحرير التراب اللبناني من مخلفات الاحتلال من الألغام والقنابل العنقودية وتحرير ثروة لبنان الطبيعية في البحر وترسيم الحدود المائية، ومن اجل بناء استقرار لبنان وازدهار الانسان واطلاق ادواره العربية والعالمية كمركز لحوار الحضارات والاديان».
نجل توفيق طه سلّم نفسه
أمنياً، يتوالى مسلسل تسليم المطلوبين في مخيم عين الحلوة أنفسهم الى مخابرات الجيش، فقد انضمّ أمس الفلسطيني عبدالله توفيق طه، نجل قائد كتائب عبد الله عزام توفيق طه الى عشرات المطلوبين الذين سلّموا انفسهم مؤخراً. وعلمت «البناء» من مصادر داخل المخيم أن «نجلي توفيق طه اختارا تسليم نفسيهما من دون التنسيق مع والدهما، بعد أن تلقيا تطمينات من الأجهزة الأمنية اللبنانية وهما مطلوبان بناءً على تقارير استخبارية»، مؤكدة أن طه لا يزال داخل المخيم ومتوارياً عن الأنظار، موضحة أن «من بين الذين سلموا أنفسهم أشخاص ينتمون الى تنظيمات إرهابية كجند الشام والشباب المسلم وجماعة احمد الأسير».
المقدح لـ «البناء»: لائحة تسليم جديدة…
وقال قائد القوة الأمنية المشتركة في لبنان اللواء منير المقدح لـ «البناء» إن «تسليم هؤلاء الأشخاص أنفسهم للدولة اللبنانية جاء نتيجة الجهود المستمرة والتواصل الدائم بين الأمن الفلسطيني في المخيم والأجهزة الأمنية اللبنانية ونتيجة عمل الأمن داخل المخيم. وهذه الخطوة تساعد في تهدئة الوضع في المخيم والجوار».
وشدّد المقدح على أن مشروع تسوية ملفات المطلوبين مستمر وهناك لائحة جديدة تتضمن الكثير من الأسماء سيتم تسليمهم الى الأجهزة الأمنية في الأيام المقبلة، لافتاً الى أن ذلك سيريح أهل المخيم والمطلوبين وأهاليهم والمناطق المحيطة ويخفف المشاكل ويمنع أن يتحوّل المخيم الى مأوى أو ملجأً لأي فار أو مطلوب للعدالة أو لأي إرهابي». ونفى المقدح أي وجود لتنظيم «داعش» في المخيم، لافتاً الى إعلان الفلسطيني هلال هلال حل التنظيم في المخيم، وطمأن المقدح الى الوضع الأمني في عين الحلوة، واصفاً أياه بالممتاز. وشدّد على أن «الوضع التنظيمي والعسكري والأمني للأمن الوطني الفلسطيني جيد والأجهزة داخل المخيم على تنسيق دائم، رغم بعض التباينات مع اللجنة الأمنية العليا في طريقة ضبط المخيم».