حقوق الكرد المشروعة والخنجر «الإسرائيلي» في الشمال…!
محمد صادق الحسيني
حذارِ ثم حذارِ ثم حذارِ من قبول الامر الواقع في الحسكة، بعد شعوذة الأميركيين هناك..
فالأمر جدّ خطير ولا يشبه أبداً النزاعات التي تدور في الساحة السورية منذ تفجّرها..
مدّوا بصركم بعيداً نحو ما وراء الأطلسي لتكتشفوا سموم الخناجر والسيوف الصهيونية والأميركية المحفورة عميقاً في خاصرة محور المقاومة..
تمر أحداث الحسكة في الشمال السوري كلمح البصر بالنسبة للمتابعين للحدث السوري المتفجّر، وهي الأخطر في الخطة الأميركية المناوئة لمقاربة الحفاظ على الدولة الوطنية السورية، سواء نجح التفاهم الأميركي الروسي او فشل…
وعليه لا بد من التوقف والتأمّل قليلاً عند ما يجري هناك وما يخطط ضدّ سورية البلد والمجتمع…
إذا كان صحيحاً أنّ الكرد أمة تستحق الاحترام والتقدير والحقوق مثلها مثل سائر امم الشرق كالأمة العربية والأمة الإيرانية والأمة التركية…
لكنه ايضاً لا بد من الملاحظة بان امة الكرد هذه وبسبب تحولات دولية تاريخية باتت أمة موزعة بشكل رئيسي في دول متعددة تعبر كل واحدة منها هذه الدول عن حالة امة مكتملة النصاب تقريباً لا يمكن بسهولة تفكيكها وتركيبها وإعادة صياغتها في المدى المنظور، بناء على تطلعات وطموحات الأمة الكردية. وهذه الدول هي تركيا وايران والعراق وسورية…
وحالتهم مختلفة من دولة لدولة وليست متشابهة على الاطلاق…
فالكرد في تركيا مثلاً يعيشون حالة انسحاق لا تحتمل، وانعدام للحقوق تصل حتى من التسمية بحيث حتى الأمس القريب كانوا يسمون «بالأتراك الجبليين»، ناهيك عن حقوق المواطنة الثقافية والاقتصادية والسياسية وغيرها..
فيما كرد إيران يعتبرون أنفسهم «أساس» الزاوية وحجرها في قوم فارس الذين يشكلون عماد الأمة الإيرانية الى جانب الآذريين والعرب والبلوش وغيرهم من الأقوام والنحل. هذا الى جانب انهم أخذوا من حقوق المواطنة الكثير مما يجعلهم شبه ذائبين في بوتقة متلاحمة ومتراصة مع اكثرية الأقوام الإيرانيين ما يجعلهم آخر مجموعة يمكن أن تفكر بالانفصال، بل انها ترى نفسها مع الفرس الذين ترى فيهم «فرعاً» منهم أساس بناء الدولة الإيرانية المعاصرة او الحديثة…
في العراق، في المقابل وللأسف الشديد فانّ سلوك البريطانيين اولاً والأميركيين في ما بعد والحكومات التي تعاقبت على حكم العراق منذ بداية القرن المنصرم، خلق هذا السلوك منهم حالة اشكالية دائمة أشبه ما تكون بـ «خنجر» في خاصرة الامة العربية في شمال دولة العراق الحديث، وفي ذلك حكاية يطول شرحها، لا مجال للتوسع فيها هنا…
واما في ما يخص المسألة الكردية السورية بشكل خاص، فنقول:
1 ـ إن السكان الكرد في سورية كتلة بشرية غير منسجمة كلها في اطار تجمع اجتماعي سياسي واحد باعتبار أنّ جزءاً منهم تبلور سورياً وجزءاً آخر انخرط في المجتمع السوري مهاجراً ولاجئاً الى سورية من تركيا بشكل رئيسي ، بناء على تطور اجتماعي سياسي طبيعي منبعث من سياقات التحوّلات السورية الوطنية الداخلية المحضة…
2 ـ إنّ الكرد الأسايش في الشمال السوري يقومون بتنفيذ مشروع أميركي مكتمل الأوصاف، يتمثل في السيطرة على الشريط الحدودي الممتد من الحدود العراقية وحتى عفرين.
3 ـ الهدف من وراء ذلك هو ربط الشمال السوري مع المناطق التي يسيطر عليها حزب العمال الكردستاني في جبال قنديل بشمال العراق وذلك لإقامة قاعدة انطلاق للكردستاني لمهاجمة الجيش التركي انطلاقاً من هذا الشريط.
4 ـ يهدف الأميركي من وراء ذلك إلى خلق نقطة توتر جديدة لإطالة أمد الحرب في سورية تذكّروا كلام روبرت مالي قبل أيام، بالمناسبة هو يهودي من أصل مصري. كان والده ذا لون شيوعي في مصر وهاجرت أسرته من مصر بعد أن سجن الأب في عهد عبد الناصر بداية الخمسينيات .
كما انّ الأميركي يرمي الى استثمار هذه الورقة في وجه اردوغان وعلى المدى الطويل لضبط إيقاع حركته باتجاه روسيا وإيران.
يُضاف الى ذلك انّ البنتاغون يخطط لإقامة قاعدة جوية في شرق الحسكة لضمان تغذية النزاع الكردي مع الجيش السوري والجيش التركي في حالة تطبيق إجراءات سورية تركية متفق عليها لضبط الحدود التركية يقوم الأميركي والناتو بإمداد الأكراد جزئياً من داخل الأراضي التركية .
5 ـ لذلك يجب التواصل وبشكل نشط جداً بين إيران وروسيا وكذلك إيران وتركيا لتنسيق سياسة مواجهة هذه المؤامرة الجديدة.
6 ـ تجب الإشارة الى انّ هذه التحركات الاميركية المشبوهة كلّها تتمّ بالتعاون وللأسف الشديد مع الزعيم الكردي الحاكم المنتهية ولايته المحلية في شمال العراق السيد مسعود البرزاني…
7 ـ إنّ الأميركيين ومن خلال عملاء وأذناب محليين لهم في المنطقة المعروفة بغرب آسيا يخططون جدياً لإقامة ما يسمّونه بدويلة الأكراد الكبرى التي يُراد من خلالها تمزيق الدول الآنفة الذكر أعلاه كلّها وتجزئتها حتى لا يبقى منها الا فتات دول صغيرة مقطعة الأوصال متناحرة، تصبح لقمة سائغة لدى الصهاينة «الإسرائيليين».
هذا ما يريده الغرب وتريده أميركا لأهلنا الكرد في المواطنة في كلّ من تركيا وإيران والوطن العربي. ونحن نقول لهم بأنّ خلاصهم يمرّ في طريق وحيد لا ثاني له ألا وهو الخروج من الحضن الأميركي «الإسرائيلي» والنضال الى جانب الأقوام والأمم الشقيقة لهم من أجل الحرية والاستقلال والتقدم بعيداً عن كلّ أشكال التبعية.