تركيا ترضخ لحلول موسكو و تّجه نحو مصالحة سورية
يبدو أنّ تركيا في طريقها إلى المصالحة مع سورية، أو على الأقلّ، يبدو أنّها تخفّف من تهجّماتها على الدولة السورية، ويعزو بعض المحلّلين ذلك إلى ما دار من مباحثات في سان بطرسبورغ بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان.
الصحافة الغربية تعاملت مع هذا الأمر بأكثر من وجهة نظر. الصحافي البريطاني روبرت فيسك رأى أنّ تصريحات أنقرة على إثر التفجير الإرهابي في غازي عنتاب، كشفت عن قائمة الأعداء الجديدة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إذ لم يعد الأسد مُدرَجاً على القائمة. وأعاد الصحافي البريطانيّ إلى الأذهان في مقالته الأخيرة التي نشرته صحيفة «إندبندنت» البريطانية، أن أردوغان في أعقاب العمل الإرهابي الذي أسفر عن مقتل أكثر من 50 شخصاً من ضيوف حفل زفاف كرديّ في غازي عنتاب، سارع إلى توجيه أصابع الاتهام إلى تنظيم «داعش»، باعتباره المشتبه به الأول في الوقوف وراء الهجوم. لكن الأمر الأكثر إثارة للاهتمام في هذا الأمر، بحسب الصحافي البريطاني، يكمن في عدم وجود اسم الرئيس السوري بشار الأسد على قائمة «الإرهابيين»، رغم محاولات أردوغان الدؤوبة لتصفية خصمه خلال السنوات الماضية. وكتب فيسك في مقاله: لن يثق سوى القليل من الأتراك بوجود أيّ صلة مباشرة للنظام السوري بتفجير حفل الزفاف في غازي عنتاب. لكن يبدو أن السلطان أردوغان بعد رحلته إلى سان بطرسبورغ للقاء القيصر فلاديمير، أدرك أن عليه أن يقلّص عدد أعدائه.
وفي السياق ذاته، لفتت صحيفة «فزغلياد» الروسية إلى تسليم أنقرة للمرّة الأولى منذ عام 2011 بفكرة بقاء بشار الأسد في السلطة، وموافقتها على إجراء مباحثات مع دمشق. وقالت الصحيفة: بعد تعافيها من المحاولة الانقلابية الفاشلة، تنوي السلطات التركية انتهاج سياسة أكثر فاعلية على الاتجاه السوري. وقد صرّح رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم أنّ بلاده تنظر إلى دمشق و«داعش» والكرد بشكل خاص كتهديد لأمنها القومي. لكن الأسد اليوم بالنسبة إليها يبدو «أهون الشرور». ولعل هذا التغيّر مرتبط بعودة الدفء إلى العلاقات الروسية ـ التركية.
«فزغلياد»: أردوغان يخطو الخطوة الأولى نحو المصالحة مع الأسد
لفتت صحيفة «فزغلياد» الروسية إلى تسليم أنقرة للمرّة الأولى منذ عام 2011 بفكرة بقاء بشار الأسد في السلطة، وموافقتها على إجراء مباحثات مع دمشق.
وجاء في المقال الذي نشرته الصحيفة أمس: بعد تعافيها من المحاولة الانقلابية الفاشلة، تنوي السلطات التركية انتهاج سياسة أكثر فاعلية على الاتجاه السوري. وقد صرّح رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم أنّ بلاده تنظر إلى دمشق و«داعش» والكرد بشكل خاص كتهديد لأمنها القومي. لكن الأسد اليوم بالنسبة إليها يبدو «أهون الشرور».
وقد أكد رئيس الوزراء التركي أن لا مكان للرئيس السوري الحالي على المدى الطويل في مستقبل البلد، لكن المباحثات معه ضرورية لأنه يُعدُّ أحد الأشخاص الفاعلين، أعجبنا ذلك أم لم يعجبنا.
ولعل هذا التغيّر مرتبط بعودة الدفء إلى العلاقات الروسية ـ التركية.
والجدير بالذكر أن أنقرة كانت منذ عام 2011 تطالب على الدوام بإقالة رئيس الدولة المجاورة الفورية.
وقد لفت الخبراء إلى تغيّر الموقف في تموز الماضي، عندما أغلقت السلطات التركية معبر باب الهوى الحدودي، الذي كان يتدفق عبره سيل اللاجئين من سورية. وكان يعبره في الاتجاه المعاكس إلى سورية المسلحون من مختلف التنظيمات، العاملة ضدّ الأسد، والتي كانت سابقاً تساندهم أنقرة.
والآن يسلّم يلدريم بإمكان بقاء الأسد في السلطة في «المرحلة الانتقالية». وهنا تجب الإشارة إلى أن التغيّرات، التي حصلت في الموقف الرسمي التركي، سبقتها حيثيات داخلية وخارجية، تبلورت في ما بينها بحيث أصبحت تشكل عاملاً دفع قيادة أردوغان إلى إجراء تصحيح في الموقف التركي تجاه الحدث السوري.
فأنقرة تبذل نشاطاً مكثفاً كي تخرج من حالة العزلة الشديدة، التي باتت تحاصرها بعدما تفتّقت عبقرية أردوغان عن توتير علاقات تركيا مع الغالبية الغالبة من جاراتها، التي انضمت إليها الولايات المتحدة الأميركية مؤخراً، بعد رفضها تسليم الداعية فتح الله غولن.
وهناك سبب آخر لعب دوره في تغيير الموقف التركي، وهو أن بشار الأسد أصبح فجأة عدوّ أعداء تركيا، خصوصاً بعد الاشتباكات العنيفة التي نشبت في مدينة الحسكة السورية بين الجيش السوري و«وحدات حماية الشعب الكردية» حيث قامت القوات الجوية السورية بقصف المواقع الكردية للمرة الأولى، ما أدّى إلى سقوط عدد كبير من الضحايا الأكراد.
وبالنظر إلى وجود خبراء عسكريين أميركيين في معسكرات الأكراد الموالين لهم، حاول يلدريم إغاظة الإدارة الأميركية عبر إعلانه عن التأييد المباشر لضربات الجيش السوري ضدّ مواقع «الوحدات» في الحسكة، حيث قال: إن هذا يشهد على أن الحكومة السورية تفهّمت المخاطر على وحدة البلاد.
أما تركيا نفسها، فتنظر دائماً بقلق شديد إلى أيّ كيانات كردية من الممكن أن تظهر على أراضي الدول المجاورة لحدودها، وتحديداً على الأرض السورية، بقدر ما يحمل ذلك من مخاطر شديدة على وحدة أراضي الدولة التركية ذاتها.
من جانبها، تعمل روسيا على المصالحة وتوطيد العلاقة بين القيادة السورية والأكراد. وعلى رغم أنّ الآمال آخذة بالاضمحلال بسبب الاشتباكات العنيفة بين الطرفين، فإن هذه الوقائع على الأرض وغيرها تفرض نفسها لتفتح باب المصالحة بين أنقرة ودمشق.
«إندبندنت»: السلطان يمدّ يد الصداقة مجدّداً للأسد
ذكر الصحافي البريطاني روبرت فيسك أنّ تصريحات أنقرة على إثر التفجير الإرهابي في غازي عنتاب، كشفت عن قائمة الأعداء الجديدة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إذ لم يعد الأسد مُدرَجاً على القائمة.
وأعاد الصحافي البريطانيّ إلى الأذهان في مقاله الأخير الذي نشرته صحيفة «إندبندنت» البريطانية، أن أردوغان في أعقاب العمل الإرهابي الذي أسفر عن مقتل أكثر من 50 شخصاً من ضيوف حفل زفاف كرديّ في غازي عنتاب، سارع إلى توجيه أصابع الاتهام إلى تنظيم «داعش»، باعتباره المشتبه به الأول في الوقوف وراء الهجوم.
وفي تصريحات رسمية لاحقة، كشف محمد شيمشك نائب رئيس الوزراء التركي، عن قائمة أوسع لأعداء تركيا. ووصف المسؤول مذبحة غازي عنتاب بأنها همجية، وهاجم تنظيمات إرهابية تستهدف تركيا، ومنها «حزب العمال الكردستاني»، و«داعش»، وأتباع الداعية المعارض فتح الله غولن.
ووصف فيسك هذه القائمة بأنها غريبة، مشيراً إلى أن أنقرة أدرجت «حزب العمال الكردستاني» على القائمة نفسها إلى جانب «داعش»، في ردّ فعلها على مذبحة جديدة تستهدف الأكراد. وذكر أن الحكومة التركية تعتبر وحدات «حماية الشعب الكردي» التي تحارب في شمال سورية جزءاً من تنظيم «بي كا كا الإرهابي». وهي الوحدات نفسها التي كانت تتلقّى المساعدات من سلاح الجوّ الأميركي في حربها ضدّ تنظيم «داعش».
لكن الأمر الأكثر إثارة للاهتمام في هذا الأمر، بحسب الصحافي البريطاني، يكمن في عدم وجود اسم الرئيس السوري بشار الأسد على تلك القائمة، على رغم محاولات أردوغان الدؤوبة لتصفية خصمه خلال السنوات الماضية.
وكتب فيسك في مقاله: لن يثق سوى القليل من الأتراك بوجود أيّ صلة مباشرة للنظام السوري بتفجير حفل الزفاف في غازي عنتاب. لكن يبدو أن السلطان أردوغان بعد رحلته إلى سان بطرسبورغ للقاء القيصر فلاديمير، أدرك أن عليه أن يقلّص عدد أعدائه.
وتابع فيسك أن قادة «المعارضة السورية» المقيمين في تركيا يشعرون بقلق شديد من تقارير عن مفاوضات سرّية تجري بين دمشق وأنقرة عبر وسطاء يثق بهم كلا الطرفين. وذكر في هذا الخصوص تصريحاً صدر عن رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم قبل وقوع محاولة الانقلاب، حول أن تطبيع العلاقات مع سورية أمر لا مفرّ منه.
واستطرد أنّ حبّ أردوغان الجديد للأمّ روسيا، يأتي مقابل ثمن معيّن. وأعرب عن قناعته بأن بوتين بحث مع أردوغان خلال لقائهما في بطرسبورغ علاقاته مع بشار الأسد ودور تركيا في «محاولات سحق الحكومة السورية» التي تدعمها موسكو بقوّاتها المسلّحة.
وتساءل: هل من الممكن أن يكون السلطان يفكّر في استعادة صداقته القديمة مع أسد دمشق؟ كونوا واثقين، إنه يفكّر في ذلك فعلاً.
وأضاف فيسك في مقاله: مهما كان أولئك الذين يريد أردوغان أن يتّهمهم بالوقوف وراء تفجير غازي عنتاب، عليه أن يدرك أن هذه المذابح المتكرّرة بشكل دوري، جاءت كنتيجة مباشرة ناجمة عن قراره الشخصي الخاص بالانجرار في الحرب السورية. لقد لعب لعبة المغازلة مع «داعش» وسمح لأتباعه بعبور الحدود التركية للانضمام إلى التنظيم، ثمّ سمح لحيتان الأعمال في تركيا بشراء النفط الذي يصدّره داعش ، ثمّ استأنف حربه مع الأكراد. وبعد نجاته بأعجوبة من انقلاب خطّط له جيشه بالتآمر مع حليفه السابق غولن الذي تحوّل إلى عدوه الرئيس، يحكم أردوغان اليوم تركيا التي أصبحت تبدو أكثر تشابهاً مع باكستان بحيث تتحوّل يوماً بعد يوم إلى مصدّر رئيس للجهاديين إلى أفغانستان.
وتابع الصحافيّ المخضرم أنه مثل سورية التي لن تكون أبداً مثلما كانت قبل الحرب، فلن تعود تركيا إلى حالتها السابقة حتى بعد انتهاء الصراع. وأضاف: سيكون من المثير أن نرى من سيشغل منصب رئيس تركيا عندما يأتي هذا اليوم.
«إيزفستيا»: تركيا لن تقبل في الاتحاد الأوروبي خلال العقود المقبلة
تطرّقت صحيفة «إيزفستيا» الروسية إلى محاولات تركيا الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، مشيرة إلى أنها لن تُقبل في الاتحاد حتى ولو نفذت أنقرة الشروط المطلوبة كافة.
وجاء في التقرير: صرّح مصدر في أوساط السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي لـ«إيزفستيا» بأن تركيا لن تقبل في الاتحاد الأوروبي في العقود العشرة المقبلة حتى وإن نفّذت الشروط المطلوبة كافة. لأن رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر وبعض الدول الأعضاء يعارضون انضمامها إلى الاتحاد. من جانبه، قال ممثل روسيا الدائم لدى الاتحاد الأوروبي فلاديمير تشيجوف، إن الاتحاد لم يصهر الدول التي انضمت إليه في إطار موجات التوسع الماضية.
وقد أعلن يونكر بصريح العبارة، أنه خلال فترة رئاسته المفوضية لن يتم قبول أيّ دولة جديدة في الاتحاد، إلى نهاية 2019. ويلاحظ تشيجوف من جانبه أن عنصر التعب من التوسّع بادية للعيان، حيث لم تنصهر فيه الدول حديثة العضوية إلى الآن. أما ما يتعلق بتركيا أو أوكرانيا، فإن انضمامهما إلى الاتحاد حالياً سيكون عبئاً ثقيلاً عليه. وإذا ما تحدثنا عن بلدان صغيرة سُجلت كمرشحة للانضمام إلى الاتحاد فإن تأثيرها ليس كبيراً. ومع هذا فلا أعتقد بإمكان توسيع الاتحاد خلال السنوات المقبلة.
وحسبما أعلنه ممثل تركيا لدى الاتحاد الأوروبي سليم ينيل، فإن بلاده كانت تأمل بالانضمام إلى الاتحاد عام 2023، حيث ستحتفل تركيا بذكرى تأسيسها المئوية عام 2023. لذلك، فإن انضمامها إلى الاتحاد في هذه السنة سيكون تتويجاً لهذه الذكرى.
وقد اعترف بأن الظروف الحالية غير ملائمة لانضمام تركيا إلى الاتحاد، لكنها قد تتغير هذه الظروف بسرعة.
من جانبه، أعلن مستشار النمسا كريستيان كيرن عن نيّة بلاده مناقشة مسألة انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي بصورة مفصّلة ومعمّقة خلال قمته، التي ستعقد في 16 أيلول المقبل. وبحسب معلوماته، لن تصبح تركيا مرشحة للانضمام إلى الاتحاد الآن أو خلال العقود المقبلة. وأن المفاوضات الجارية في هذه المرحلة ليست سوى وهم دبلوماسيّ.
أما سفير تركيا لدى الاتحاد الروسي أوميت يارديم، فيشير إلى أن الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي بحدّ ذاته ليس غاية لبلاده. وأضاف أن تركيا ليست مستعدة من أجل ذلك للتفريط بعلاقاتها مع البلدان الأخرى، وسوف تستمر في تطوير علاقاتها مع موسكو، بغضّ النظر عن موقف هذه الجهة أو تلك.
من جانبه، أكد عضو لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الروسي الدوما آلِكسندر بابكوف أن روسيا لم تجعل العلاقة مع الاتحاد الأوروبي متعارضة مع التعاون معها. لذلك، من وجهة نظري هذه العملية تهمّنا ولكنها ليست بديلة بعضها عن بعض. وإن المفاوضات بين أنقرة وبروكسل ستكون لها نهاية منطقية. ولكن موسكو في هذه الحال هي متابع من الخارج. لأننا يمكن أن نتحدث فقط عن التعاون الثنائي بيننا وكيفية تأثير العلاقة مع الاتحاد الأوروبي فيها.
«كومرسانت»: انتحاريّ يريق الدماء في حفل زفاف
تطرّقت صحيفة «كومرسانت» الروسية إلى العملية الإرهابية التي نفّذها انتحاريّ في حفل زفاف في تركيا، مشيرة إلى أن الخبراء يؤكّدون أنها ردّ على تزايد دور أنقرة في مكافحة «داعش» في سورية والعراق.
وجاء في المقال: نُفّذت في تركيا عملية إرهابية في حفل زفاف كردي في مدينة غازي عنتاب، هي الأكبر خلال هذه السنة. وقد أسفرت عن مقتل أكثر من 50 شخصاً بينهم نساء وأطفال وإصابة الكثيرين. وفي حين أن أياً من التنظيمات الإرهابية مسؤوليته عن العملية، فإن الرئيس التركي أردوغان أعلن عن احتمال أن يكون «داعش» المسؤول عنها. وقد أكد الخبراء الذين استطلَعَت آراءهم «كومرسانت» أن العملية ترتبط ليس بالأوضاع الداخلية في تركيا فحسب، لا بل بتزايد دور تركيا في مكافحة «داعش» في سورية والعراق.
هذا، وتبعد مدينة غازي عنتاب، التي نفّذت فيها العملية الإرهابية 40 كيلومتراً إلى الشمال عن الحدود السورية، والضحايا الذين قتلوا وجرحوا بنتيجتها كافة هم ضيوف مراسم صبغ أيادي العروس والفتيات غير المتزوجّات بالحنّة قبل حفل الزواج. ويقول شاهد عيان إن الانفجار وقع قبيل نهاية هذه المراسم، حيث تناثرت قطع أجسام الضحايا ودماءهم في المكان، كما أصيب العريس وعروسه بجروح. وقالت العروس بيسنا أكدوغان لمراسلي وكالة «أناضول»: لقد أغرقوا حفل زفافنا بالدماء.
وقد عثر خبراء النيابة العامة الذين بدأوا التحقيق في الحادث على بقايا الحزام الناسف الذي استخدمه المراهق الانتحاري، عمره 12 إلى 14 سنة حسبما أعلنه الرئيس التركي أردوغان لقناة «إن تي في» التلفزيونية التركية.
وعلى رغم عدم إعلان أيّ جهة مسؤوليتها عن الحادث، فإن أردوغان قال: يمكن لبلدنا وأمتنا أن يقولا شيئاً واحداً فقط للذين يهاجموننا: لن تصلوا إلى مبتغاكم. مشيراً إلى الإرهابيين، الذين يهدفون إلى زرع الفتنة بين مختلف الطوائف والقوميات في تركيا مثل العرب والأكراد والتركمان. وأضاف أن لا فرق بين «داعش» و«حزب العمال الكردستاني»، وأنصار فتح الله غولن، الذي تتهمه تركيا في التخطيط للمحاولة الانقلابية الفاشلة في 16 تموز الماضي.
وكانت لزعماء العالم ردود فعل سريعة على هذه العملية الإرهابية عبر برقيات التعزية التي بعثوا بها إلى أردوغان. فقد كتب الرئيس الروسي بوتين في برقية التعزية التي أرسلها: ترتعش الأبدان لوحشية ووقاحة العمل المجرم الذي استهدف حفل الزفاف في غازي عنتاب. لقد ترسخت لدينا القناعة مرّة أخرى أنّ الإرهاب لا يؤمن بأعراف المجتمع المتحضّر، وبأبسط القيم الأخلاقية. وقال الرئيس بوتين في البرقية إن هذا العمل الإرهابي، يؤكد من جديد ضرورة حشد جهود المجتمع الدولي بأسره في الحرب على الإرهاب. وأعرب بوتين عن استعداد روسيا لتعزيز سائر أشكال التعاون مع الشركاء الأتراك في مكافحة هذا الشر. كما استنكر الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بشدّة هذا العمل الجبان. ووعدت قيادة الاتحاد الأوروبي باستمرار التعاون مع السلطات التركية في مكافحة الإرهاب. أما بابا الفاتيكان، فدعا إلى الصلاة من أجل ضحايا هذه العملية. ويعدُّ الإسلامويون تركيا جزءاً من الائتلاف الغربي، الموجود في حالة حرب مع «داعش».
وفي هذا الصدد يقول الخبير الروسي فيكتور نادين رايفسكي: لقد نفّذ «داعش» عدّة عمليات إرهابية في تركيا، وكل شيء يسير على غرار ما يجري في أوروبا. فالعملية الإرهابية الأخيرة تقع ضمن إطار العمليات التي يقوم بها «داعش» وأنصاره، الذين لا يربطهم بالإسلام أي شيء سوى الشعارات. إن هذا العمل تعبير عن الوحشية. وأضاف أن تركيا منذ السنة الماضية تحارب «داعش» بنشاط، لذلك يردّ عليها الإرهابيون بالتفجيرات، على رغم أنّ المسلّحين كانوا يتلقّون العلاج في مستشفياتها.
أما الخبير التركي في جامعة الاقتصاد والتكنولوجيا في أنقرة طغرل إسماعيل، فيقول إن «داعش» يعدُّ غازي عنتاب معقله، حيث وقعت عملية إرهابية عام 2012 أودت بحياة 10 أشخاص. ولكنه لم يعلن عن مسؤوليته عن العملية. وإن «داعش» يشكّل خطراً على تركيا، حيث يتعاطف نحو ثمانية في المئة من سكانها معه، وكذلك على روسيا. لذلك يجب على البلدين تنسيق العمل في محاربته، لأن الإرهابيين سيعودون إلى أوطانهم بعد طردهم من سورية. وقد ارتكب الجانبان سابقاً خطاً حين لم يأخذا بالاعتبار مناطق النفوذ، ما تسبب بنزاع بينهما. ولكن حالياً بين موسكو وأنقرة يقام تعاون في سورية، حيث تكثف تركيا من نشاطها آخذة بالاعتبار مصالح روسيا.
«تلغراف»: الأطفال عنصر هام في إرهاب تنظيم «داعش»
كتبت راشيل بريسون الباحثة في مركز الأديان والجغرافيا السياسية التابع لمؤسسة «فيث «Faith برئاسة توني بلير، أن للأطفال أهمية كبيرة في فنّ الحرب لا لأنهم ذخيرة غير محدودة في الصراع، بل لأن جماعات مثل تنظيم «داعش»، تستخدمهم لتأمين وتدريب جيل المستقبل من المقاتلين والأتباع.
وأحدث مثال على استخدامهم لتنفيذ هجمات حادثة منذ يومين التي وقعت في بلدة غازي عنتاب التركية عندما انفجر حزام ناسف يرتديه طفل عمره بين 12 و14 سنة في حفل زفاف، ما أودى بحياة 52 شخصاً وعشرات المصابين. ورغم أن التنظيم لم يعلن مسؤوليته عن الهجوم، فإن استخدام الأطفال يتماشي مع أساليب الجماعة، على حدّ قول الباحثة.
وتقول بريسون إن التنظيم يجند الأطفال في سنّ مبكرة باستمالتهم إلى ممارساته العنيفة وتعريضهم لأيديولوجية سامة، وفي الأماكن التي يسيطرون عليها يُلحق الأطفال بالمدارس ومعسكرات التدريب ويتم تلقينهم كيفية فنون الحرب والقتل والهجوم. وتضيف أن استخدام الأطفال لا يقتصر على تنظيم «داعش»، فـ«جماعة أبو سياف الإسلامية» في الفيليبين تستخدم أيضاً أطفالاً مسلحين في حراسة السجناء، كما أن حركة «طالبان» أدرجت عشرات الأطفال في صفوفها منذ منتصف عام 2015 وتقوم بتدريبهم ونشرهم لتنفيذ مهام عسكرية. ولعل الأكثر إثارة للصدمة، ما ورد مؤخراً في تقرير للأمم المتحدة أن هناك طفلاً واحداً من بين نحو خمسة «انتحاريين» تستخدمهم جماعة «بوكو حرام» في نيجيريا، ما يدلّ على أن الأطفال هم عالمياً ضحية لآثار الفكر المتطرّف سواء من خلال التعرض والتلقين المباشر أو غير المباشر.
وفي حالة تنظيم «داعش» ـ كما تقول الباحثة ـ يُستخدم الأطفال من أجل قيمة نفسية لإثارة الخوف بأن الجماعة دولة فاعلة بشكل كامل، كما أن الأطفال يجذبون اهتمام وسائل الإعلام، ما يوفر لهذه الجماعات منبراً إضافياً لتبادل أيديولوجيتهم. وأشارت بريسون إلى أن الأطفال يجبرون أيضاً على الانضمام إلى هذه الجماعات ضدّ إرادتهم، كما أورد تقرير حديث لـ«يونيسف» بأن تنظيم «داعش» قام بخطف آلاف الأطفال. وختمت بأن الجماعات كتنظيم «داعش» تدمّر الماضي والحاضر والمستقبل لدى جيل الشباب عندما تسلبهم طفولتهم وتدفعهم بقوة إلى عالم من الرعب، على حدّ قولها.