حزب الله وإبراء الذمة مع العماد عون…
روزانا رمَّال
تتوجّه الخيارات نحو المزيد من الضيق والتعقيد بما يتعلق بالاستحقاقات العالقة بعد وضوح أوفى لأسباب تعقيدها وخلفياتها بين إقليمية ومحلية أسماء ورموزاً وحيثيات. الكلّ وصل الى طريق مسدود لجهة القدرة على فرض حلّ لبناني صرف قادر على حسم الملفات وصولاً للاقتناع باستحالة تمريرها من دون تحوّل أخير ونهائي يأخذ لبنان الى ضفة الحلّ المرتبط بالمنطقة.
حزب الله الذي بات اليوم اسماً أكبر من لبنان وحيثية اقليمية بات صانعاً للحدث في الخارج، وقادراً بطريقة حتمية على حسم أمره وخياراته داخلياً من دون حرج الانتظار، فهو مثلاً «متفاخر» بجهوزيته منذ عام 2006 للكشف عن مرشحه الأبرز لرئاسة الجمهورية وهو العماد ميشال عون. وهو جاهز ايضاً للانفتاح على الحلول المتكاملة كسلة تريح البلاد نهائياً بدلاً من إطالة عمر أزماتها. وفي هذا الإطار أيضاً بات حزب الله أكثر انفتاحاً على تسمية الرئيس سعد الحريري للحكومة مقابل العماد ميشال عون رئيساً.
يرفع الحزب مسألة التمسك بدعم عون الى أعلى مستوياته ما يرفع معها تعريضه لانتقادات ومشاكل أكبر مما كان متوقعاً وربما داخل حلفه، فتيار المردة على سبيل المثال الذي يجد في هذا الدعم بعض الإجحاف لا يجد في عدم تبنّي طرحه من قبل الحزب موقفاً منطقياً، فيما تتحدّث مصادر مقربة من المردة لـ «البناء» عن علاقة باردة بين تيار المردة وحزب الله سجلت علامات فارقة في بعض المناسبات التي غاب عنها الحزب طارحة أسئلة عديدة لدى المردة مسجلة أيضاً بروداً وصل حدّ «القطيعة» بين المردة والتيار الوطني الحر. ويتابع المصدر: «هذا مع الإشارة الى الحرص على عدم خروج هذه التشنّجات الى العلن، ومع الحرص الكامل أيضاً على التمسّك بالمبادئ الوطنية والمواقف الإقليمية، حيث يتخندق الطرفان».
يعتب أنصار المردة من فكرة عدم قبول طرح المرشح سليمان فرنجية كخيار ثانٍ، اذا ما فشلت حظوظ العماد ميشال عون، ويعتبر انّ هذا غير عادل بحق عائلة تاريخية لبنانية عريقة خرج منها رئيس أسبق للجمهورية، ولحزب الله مسؤولية ان يتحمّل هذا الأمر الذي يبدو انّ تيار المردة التزم الصمت حياله او ربما فقد الأمل. ففي كلّ مرة يزداد إصرار امين عام حزب الله على تكريس مرشح أوحد وهو العماد عون.
الأنظار تتوجه نحو التيار الوطني الحر وبالتحديد العماد ميشال عون الذي بات بإمكانه ان يرى المشهد عن قرب أكثر من أيّ وقت مضى، والذي بات قادراً على قراءة مساعي حزب الله بعين أخرى. فالحزب لم يوفر جهداً من أجل إنجاح إيصال عون للرئاسة ويكفي معيار علاقته بفرنجية وتقدّمه نحو الحريري مثالاً.
في خطاب الانتصار بمناسبة الذكرى العاشرة لحرب تموز ذكّر السيد نصرالله النائب فرنجية، فيما كان يشبه الرسالة له بأنّ موقف الحزب منه لم يتغيّر، وأنه معروف التوجه منذ ما قبل انتخاب الرئيس ميشال سليمان قائلاً عن الفريق الآخر «جاؤوا وقالوا نقبل بترشيح الوزير سليمان فرنجية حليفنا وصديقنا وتكلمنا في حقه الكثير، وأيضاً في حرب تموز موقفه كان واضحاً، ولكن نحن قلنا إنّ لدينا التزاماً والتزامنا قديم ومتجدّد…»
طرح السيد نصرالله الفرصة وقال إنّ هذه متاحة اليوم «نحن قلنا وسنقول بأننا منفتحون وإيجابيون في ما يتعلق برئاسة الحكومة المقبلة بعد انتخاب الرئيس، اكتفي بهذا القدر… يوجد باب لنأتي ونبادر، مَن ننتظر، ماذا ننتظر؟». هذا الباب الذي فتحه السيد نصرالله أدخل من خلاله الحريري من الباب العريض ضمن دائرة مرشحي حزب الله أيضاً، او ربما المقبولين من قبله لترؤس الحكومة، رغم حساسية الموقف الذي وضع جمهوره فيه، وهي ليست المرة الأولى التي يطلب من هذا الجمهور تفهّم موقف قيادته. ففي لحظة تشكيل حكومة ضمّت فيها أسماء مستفزة لهم مثل الوزير اشرف ريفي وصقور من المستقبل مثل الوزير نهاد المشنوق كان على حزب الله تقبّل اعتراض جمهوره وامتصاص ايّ تداعيات لقراراته بشراكة كهذه.
ليس سهلاً بعد الدم المدفوع في سورية نتيجة سياسات ومحاور خاض فيها الحريري ما هو مطلوب منه ومن فريقه، أن ينفتح الحزب عليه او على مَن يرتضيه لكن.. هذا كله حصل من أجل تمرير وصول عون للرئاسة.
قد يقترب اليوم الذي يرى فيه عون أنّ حزب الله قد أبرى ذمته تجاه الوفاء لاسمه رئيساً.. وانه وصل إلى طريق مسدود أمام رغبات دول إقليمية كالسعودية التي ترفض تلقف المبادرة ولا توحي بدعمها للحريري حتى اللحظة… ويرى فيه أنه قبل برود العلاقة مع بعض حلفائه لأجله، وهو اليوم الذي يتأكد فيه خصوم عون انّ طموحه للرئاسة ليس طموح «المستميت» ويستذكرون فيه مجدّداً قبوله ترشيح سليمان للجمهورية بدلاً من الفراغ، وحينها لن يعود لوم حزب الله مطروحاً عند التيار الوطني الحر ولا غيره فهل يتلقف الحليف والبعيد موقف حزب الله ومساعيه الحثيثة لحلّ الملف الرئاسي ومعه الملفات العالقة ويتلقفون معه التعطيل السعودي الملحوظ الذي طغى بآخر أشكاله على كلّ حساب بتعطيل إيصال الحريري للحكومة؟
هذا لا يعني بالضرورة بعدما صار ترشيح فرنجية بمثابة تحدّ داخلي مسيحي للتيار، بفعل التبنّي الحريري، أن يكون خيار عون التخلي لفرنجية، بل ربما إنضاج مشروع مشترك مع حزب الله وفرنجية ينسحب له المرشحان عون وفرنجية يقول البعض لم لا يكون صهر الأول وصديق الثاني العميد شامل روكز مثلاً؟