تقاسيم انتصار غزة في أفق الحجاز!
محمد صادق الحسيني
وجاء نصر تموز الفلسطيني شديد الوضوح فاضحاً لنتن ياهو وزبانيته من عساكر حاملة الطائرات الأميركية على اليابسة الفلسطينية!.
وهكذا سجل رجال الله الفلسطينيين هذه المرة الانتصار المؤسس للزحف إلى القدس وتفكيك معسكر «سفينة جو بايدن» «الإسرائيلية»!.
تماماً كما حصل في تموز الـ2006 اللبناني حيث أدت تداعيات هزيمتهم لضعضعة بيت «الأعراب» من الصهاينة، انكسر العسكر الصهيوني على أعتاب المقاومين من جديد مما اضطر «عرب» الأميركيين أن يدفعوا الثمن مرتين!.
مرة عندما دفعوا ثمن العدوان على غزة دون سدى ظناً منهم أنهم سيهزمون محور المقاومة من طهران مروراً بدمشق وصولاً إلى الضاحية الأبية بالإضافة إلى غزة البتة!.
ومرة عندما قرروا «الإقلاع» عن هدف «إسقاط النظام» في دمشق كما أعلن سعود الفيصل آخر صقور حكومة «القبيلة المنقرضة» كما يسميهم الكاتب الصحافي محمد حسنين هيكل، في الاجتماع الوزاري الخماسي العربي في جدة مؤخراً!.
ولذلك تراهم استعجلوا أمير عبد اللهيان مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والأفريقية سائلين إياه الطريق الأقل كلفة للحصول على كوريدور آمن إلى عاصمة الأمويين سابقاً ومعراج الإيرانيين إلى السماء اليوم!.
وكما قالت العرب يوماً كانت «النصيحة بجمل» فقد صارت نصيحة أمير الكويت بمليارات الدولارات اليوم!.
لأنه حاول ما استطاع أن يقنعهم بأن الطريق إلى دمشق مفتوح عبر البوابة الإيرانية بـ «جمل» ولما لم يسمعوا ذهب إلى طهران يومها طالباً العون ممن سماه «مرشد المنطقة» سبيلاً للخلاص مختصراً الزمن يومها!.
ومع ذلك ما زالت الحرب سجال وكر وفر حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً!.
فمن كان ينتظر توافقاً أميركياً – إيرانياً على حساب قضية العرب والمسلمين الأولى فلينظر إلى معارك المصير على امتداد الوطن العربي الإسلامي الكبير.
ومن كان ينتظر توافقاً إيرانياً – سعودياً على حساب أرادات القوى الحليفة أو المؤتلفة تحت لواء جبهة المقاومة والممانعة فلينظر إلى أقصى القوم في اليمن السعيد!.
لم يعد سراً يتم تداوله في الأروقة خبر ومخطط تقسيم العراق واستنفار المالكي الذي ظن البعض أنهم أحرجوه فأخرجوه ، فإذا بهم به يلتحقون بحثاً عن عربة ولو متواضعة في قطار العراق الموحد!.
وبينما ليبيا تغرق وتحترق أمام أعين العرب بأموال بترو دولار وبنادق للإيجار وبيادق مما وراء البحار.
فإن لبنان يوضع من جديد على حد سيف الغزو الداعشي لولا رجال الله في الميدان السوري أولاً وعلى الحدود اللبنانية السورية ثانياً.
ولا تزال سورية تقاوم الإرهاب بثبات على مدى أكثر من ثلاث سنوات بكل أشكاله فيما «العالم المتمدن» لا يزال يتسلى برمي نفاياته البشرية على أرض التين والزيتون كما يرمي نفاياته النووية على سواحلنا مراوغاً حرباً على صنيعته داعش في العراق وبعض سورية.
كل الإشارات والعلامات والخطوط والنقاط تفيد بأن زمن الصفقات والتسويات ليس فقط لم يأت بعد، بل أننا في أوج خوض معارك التحدي بين معسكري المقاومة أو الاستسلام.
دققوا جيداً من الآن فصاعداً في قسمات وجه الشاب اليمني الثلاثيني السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي!.
تابعوا تحرك رجاله من «أنصار الله» وكيف أنهم سيغيرون الكثير من ملامح وجه الجزيرة العربية وليس اليمن فحسب!.
ثم اخطفوا اللواحظ بين الحين والآخر للجولان المحتل ليتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود في معادلة الردع الصاروخي الاستراتيجية المرتقبة هناك.
ولا تنسوا قبل كل ذلك كله وبعده جنوب الجنوب من جبل عاملة الذي بات يشكل العمق الاستراتيجي الحقيقي لكل ما يجري في فلسطين من مواجهات تمهد للمنازلة الكبرى التي يمكن أن تندلع بين الحين والآخر.
ليست طهران وحدها التي كسرت عنفوان الطاغية الأميركي الذي حاول التسلل من بوابة النووي للوصول إلى حظائر أو مخازن الدرع الصاروخية الإيرانية.
غزة هاشم وعلى رغم صغر جغرافيتها وتواضع إمكانياتها هي الأخرى استطاعت أن تمرغ أنف تل أبيب في التراب وتضطره لسحب جنوده الغزاة من ساحات القتال خلال ساعتين وهروب شراذم مستوطنيه مما بات يعرف بغلاف غزة.
هي كر وفر هكذا كانت الحرب دوماً لكن المنتصر دوماً هو من يثبت على الأرض وفي الميدان ومن يطلق الطلقة الأخيرة وجعبته مليئة بالذخائر.
بقي لدينا نحو شهرين فقط وتعلن نتائج الحرب الأميركية الداخلية بين اليمين الجمهوري الغبي و«اليسار» الديمقراطي الأغبى.
إنها الانتخابات الأميركية النصفية لأعضاء الكونغرس حيث ستحط رحال داعش والنصرة في صالونات التسويات الأميركية الداخلية.
صحيح أنه قرار دولي تحت الفصل السابع «لمحاربة» إرهاب داعش، ذلك الذي صدر من مجلس الأمن الدولي قبل أيام.
لكنه في الواقع قرار أميركي «إسرائيلي» للدفاع عن مصالح الشركات الصهيونية «الإسرائيلية» والأميركية المتواجدة بكثافة في أربيل وعموم كردستان العراق.
حتى لندن التي كانت يوماً عاصمة الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس بدأت تشعر بالخطر من إرهاب «حية» داعش الرقطاء!.
ومع ذلك تظل المكابرة لدى هذا العالم الغربي الغبي هي التي تتحكم في كثير من تصرفاته إلى أن يأتي اليوم الذي سيدفع فيه ثمناً باهظاً يفوق تصوره.
البعض من ظرفاء المحللين السياسيين يقولون باب النكتة والشفقة على هذا الغرب المتغابي: ماذا تنتظر لندن وباريس ونيويورك وواشنطن حتى تقر وتذعن بأنها خسرت الرهان على تركيع جبهة المقاومة!؟
هل تنتظر لندن مثلاً أن يعلن حزب الله «حملة تطوع جديدة للدفاع عن أمن المملكة المتحدة أمام خطر داعش» كما استشعر ديفيد كاميرون!؟
يعني لازم تصل الأمور إلى هذا الحد حتى تعترف عواصم الغرب وتقر وتذعن بأنها كانت أسوأ إدارة لأزمات العالم عرفها التاريخ.
بين مكابرة الغرب وعدم قبوله بالخسارة في الرهان على من يعض إصبعه أولاً في المعركة المفتوحة في ساحات الفتن المتنقلة على أيدي دوائر التوحش العالمية ، وبين إصراره على دعم وإسناد العدو الصهيوني المغامر بوجود كيانه من عدمه يبقى السؤال:
هل يسحب الغرب قريباً مشروعه الاستعماري من فلسطين فيقرر فك معسكره الذي اسمه «إسرائيل»؟
أم إن ساعة المنازلة الكبرى بيننا وبينه اقتربت من لحظات معركة تحرير إصبع الجليل على يد رجال الله؟
إنها لحظات افتراق الوهم والحقيقة لدى غرب ظل يكذب ويخادع ويخاتل ويراوغ لما يزيد على القرن من الزمان بأنه وحده من يملك العلوم والعقول ومن عداه من البشر خارج صناعة التاريخ!.
انظروا إلى غزة هاشم واليمن السعيد وشام الياسمين ولبنان رجال الله وسورية التين والزيتون وحتى العراق الجريح لكنه المصمم على لملمة بلاد الرافدين!.
قطعاً ليس الغرب الغبي هذا هو من يكتب «نهاية التاريخ» بل نحن أبناء هذه الأرض الأصليين وهو الطارئ الذي حان وقت رحيله.
إنها لحظة التحول الكبرى التي ترسمها سواعد سلاطين الزمن الجديد في البر كما في البحر كما في الجو!.
بعدنا طيبين قولوا الله…