انتهاء زمن الردع «الإسرائيلي» وبدء زمن الردع المقاوم على أرض فلسطين و«إسرائيل» دخلت مرحلة آلام التقلّص كباقي الأمبراطوريات السابقة

حسن حردان

احتفالات في قطاع غزة بالنصر الثمين الذي حققته المقاومة على الجيش «الإسرائيلي»، يقابلها تفجّر الخلافات داخل حكومة العدو، وتزايد المؤشرات على تراجع شعبية رئيسها بنيامين نتنياهو، وسط إقرار غالبية «الاسرائيليين» بان «إسرائيل» لم تنتصر في الحرب، في حين أقرّ المحللون الصهاينة بتصدّع الفقاعة الأمنية «الإسرائيلية» التي بُنيت بعد توقف الانتفاضة الفلسطينية الثانية، وانتهاء زمن الردع «الإسرائيلي» وأنّ «إسرائيل» أصبحت قوة مرتدعة تواجه آلام التقلّص كباقي الأمبراطوريات السابقة.

هذه خلاصة المشهد الذي ساد بالأمس على ضفتي قطاع عزة من ناحية، وكيان العدو من ناحية ثانية.

ومن يدقق في تفاصيل المشهد «الإسرائيلي» يلحظ الأمور التالية:

الأمر الأول: إن «الإسرائيليين» مقبلون في الأيام القادمة على مواجهة أزمة اقتصادية ـ اجتماعية ناجمة عن تكلفة الحرب والخسائر الباهظة التي مُنيت بها «إسرائيل» بفعل نجاح المقاومة في شلّ الاقتصاد الاسرائيلي وتعطيل السياحة طوال ايام الحرب التي دامت 51 يوماً، حيث يتوقع أن تكون هناك انعكاسات سلبية على الوضع الاجتماعي وتبدّد الآمال التي عقدت سابقاً على إحداث تحسينات في الأوضاع الاجتماعية.

الأمر الثاني: إنّ «إسرائيل» ستواجه حالة من الشلل السياسي على خلفية احتدام الخلافات والصراعات داخل الحكومة «الإسرائيلية» وهذا يعني أن مرحلة الاستقرار السياسي التي سادت في السنوات الأخيرة بعد وصول نتنياهو إلى السلطة قد انتهت، وهذا لم يكن ليحصل لولا الهزيمة «الإسرائيلية» الجديدة أمام المقاومة في غزة.

الأمر الثالث: إن «إسرائيل» لم تعد قادرة على ردع المقاومة، وإن محاولاتها المتتالية لاستعادة قوتها الردعية والتحكم بقواعد الصراع في مواجهة المقاومة في غزة ولبنان قد أخفقت، وتأكد أنها دخلت فعلياً، منذ هزيمتها عام 2000 و2006 في لبنان، ومن ثم عام 2008ـ2009 في غزة مروراً بعام 2012 وصولا إلى عام 2014 في غزة أيضاً، مرحلة عدم القدرة على تحقيق النصر في الميدان، وبالتالي التقلّص بعد أن انتهى زمن توسعها منذ بدء انكفائها تباعاً عن الأراضي اللبنانية التي احتلتها في اجتياح لبنان عام 1982.

الأمر الرابع: دخول «إسرائيل» ما سمّي إسرائيلياً مرحلة عدم الوضوح الخطير، في ظل مرحلة جديدة بدأت فيها المقاومة في غزة عقب اتفاق وقف النار العودة إلى تجديد عملية حفر الأنفاق وإنتاج الصواريخ، وتطويرها الأمر الذي يضع «إسرائيل» أمام السؤال الصعب: ماذا ستفعل هل تفضل الحفاظ على الهدوء وضبط النفس؟ أم تلجأ إلى استئناف العدوان وبالتالي عودة تساقط الصورايخ العمق الصهيوني ومستوطناته في جنوب فلسطين المحتلة وما يعنيه ذلك من عودة حرب الاستنزاف التي أجبرتها على الرضوخ لمطالب المقاومة بفك الحصار؟.

الواضح أنّ إسرائيل في ظل هذه المعادلة الردعية الجديدة التي فرضتها المقاومة عليه باتت لا تستطيع العودة للمواجهة أقله في المدى المنظور وهو ما يوفر للمقاومة الظروف الملائمة لتطوير قدراتها الصاروخية الردعية على نحو يجعلها في أي مواجهة في المستقبل أكثر قدرة على إيلام العدو وتكبيده خسائر أكبر بكثير مما تكبدّه في كلّ حروبه السابقة.

الأمر الخامس: انطلاقاً مما تقدم بدأ التفكير «إسرائيلياً» في البحث عن سبل الخروج من هذه الأزمة التي باتت ترزح تحت وطأتها على كل الصعد السياسية والاقتصادية وفي علاقاتها الدولية، وتوجيه التهم القضائية لها بارتكاب جرائم حرب في غزة، ويبدو أن حديث نتنياهو عن الأفق السياسي الجديد يندرج في هذا السياق باعتباره السبيل لإعادة تلميع صورته الدولية وتجنّب استمرار الصراعات مع الإدارة الأميركية، لكن في حال تبيّن حسب صحيفة «هآرتس» أن كلام نتنياهو مجرّد «شعارات عبثية، لشرعنة بقائه غير المفيد في مقعد رئاسة الحكومة، فإنه من المتوقع أن يتحطم، فاليمين الذي خاب أمله لن يدعمه مرة أخرى، وسلطته وصلت إلى نهايتها بدون أن يحقق شيئا».

«معاريف»: استطلاع: «61 في المئة من الإسرائيليين يعتقدون أن إسرائيل لم تنتصر في الحرب»

رأت أغلبية بين المستوطنين الصهاينة أن «إسرائيل» لم تنتصر في حربها العدوانية على قطاع غزة، واعتبروا أن وقف إطلاق النار لفترة غير محدودة هو خطأ، ورغم ذلك فإن كتلة أحزاب اليمين ازدادت قوة بينما تراجعت قوة أحزاب الوسط يسار الصهيوني كما تراجعت شعبية رئيس الحكومة «الإسرائيلية» بنيامين نتنياهو.

وأظهر استطلاع للرأي أجري بين المستوطنين في كيان العدو، ونشرته صحيفة معاريف أمس الجمعة، «أن 61 في المئة يعتقدون أنّ إسرائيل لم تنتصر في الحرب»، أي أنها لم تحقق هدفها بإعادة الهدوء لفترة طويلة.

وقال 58 في المئة إن وقف إطلاق النار من دون تحديد فترة زمنية كان خطأ أضاع إنجازات الجيش الإسرائيلي في الحرب، واعتبروا أنه كان ينبغي الاستمرار في ضرب حماس من أجل تجريدها من قدراتها العسكرية».

وفي ما يتعلق بشعبية القادة «الإسرائيليين» الثلاثة الذين قادوا العدوان على غزة، فإن نتنياهو كان الأقل شعبية. وقيّم 72 في المئة أداء رئيس أركان الجيش الإسرائيلي بيني غانتس، بأنه ما بين جيد وجيد جداً، بينما قال 53 في المئة إن أداء وزير الأمن موشيه يعلون، ما بين جيد وجيد جدا، لكن 49 في المئة اعتبروا أن أداء نتنياهو ما بين جيد وجيد جدا. وقال 20 في المئة إن أداء نتنياهو كان سيئاً للغاية».

واستشرف الاستطلاع شكل تصويت «الاسرائيليين» في حال جرت الانتخابات العامة للكنيست اليوم، فتبيّن أن قوة كتلة أحزاب اليمين قد تعاظمت.

ويمثل حزبا الليكود و»إسرائيل بيتنا» في الكنيست حاليا 31 نائبا، لكن في حال إجراء انتخابات مبكرة الآن فإن حزب الليكود، برئاسة نتنياهو، سيحصل على 32 مقعدا و»إسرائيل بيتنا»، برئاسة أفيغدور ليبرمان، على 17 مقعدا.

كذلك دلّ الاستطلاع على زيادة قوة حزب «البيت اليهودي» اليميني المتطرف وحصوله على 18 مقعدا، بينما هو ممثل في دورة الكنيست الحالية بـ12 نائبا.

وبحسب الاستطلاع، فإن الموازين لدى الأحزاب الحريدية ستنقلب، وسترتفع قوة كتلة «يهدوت هتوراة» من 7 إلى 10 مقاعد في الكنيست، وستنخفض قوة حزب شاس من 11 إلى 7 مقاعد. وثمة شك في إمكانية حصول «يهدوت هتوراة» على 10 مقاعد كونها كتلة تمثل شريحة معينة من الحريديم وكانت دائماً ممثلة ضمن حدود 6 7 مقاعد.

أما في ما يتعلق بأحزاب الوسط يسار الصهيوني، فإنّ الاستطلاع يتوقع تراجع حزب العمل من 15 إلى 12 مقعدا، وانهيار حزب «يوجد مستقبل»، برئاسة يائير لبيد، من 19 إلى 9 مقاعد، وعدم تمكن حزب «الحركة» برئاسة تسيبي ليفني من عبور نسبة الحسم، بينما يبقى حزب ميرتس ممثلا ب6 مقاعد. كذلك سيختفي حزب كديما عن الحلبة السياسية.

وفي ما يتعلق بالأحزاب العربية، فإن الأمر البارز في هذا الاستطلاع هو تزايد قوة التجمع من 3 إلى 5 مقاعد، والجبهة تحافظ على قوتها الممثلة بـ4 مقاعد، لكن الاستطلاع يتوقع عدم عبور القائمة العربية الموحدة لنسبة الحسم الجديدة وهي 3.25 .

«هآرتس»: «حرب غزة تسبّبت بتصدّع الفقاعة الأمنية الإسرائيلية»

نجح رئيس حكومة «الإسرائيلية» بنيامين نتنياهو، منذ إعادة انتخابه لرئاسة الحكومة، في العام 2009، في الحفاظ على فقاعة أمنية حول المستوطنين «الإسرائيليين»، واعتبر أنه «قوي ضد حماس والعرب عموما».

وأشار المحلل العسكري في صحيفة هآرتس عاموس هارئيل، أمس الجمعة، إلى أن «غياب حل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وضائقة قطاع غزة التي تصاعدت بعد تشديد الحصار المصري، وتهديد الصواريخ الذي غطى كلّ مساحة إسرائيل، والهزة الهائلة التي أحدثها الربيع العربي، الذي حطم استقرار الدول المحيطة بإسرائيل، وزاد تأثير مجموعات الجهاد المتطرفة كل هذا بالكاد اخترق الفقاعة».

وأضاف المحلل «أنّ الجيش ومعه أجهزة الاستخبارات في إسرائيل شكل في غالب الأحيان عازلاً فعّالاً بين الإسرائيليين والعاصفة الهائجة في المنطقة».

وشدّد هارئيل على أنّ «هذا العالم القديم تصدّع من الأساس في صيف العام 2014، بدءاً من خطف وقتل المستوطنين الثلاثة في الضفة الغربية، حيث بفضل جهود كبيرة للسلطة الفلسطينية فقط منعت اندلاع انتفاضة ثالثة. وبعد ذلك جرت حرب الصواريخ والأنفاق». وأضاف: «جرى خلال هذا الصيف إطلاق صواريخ ووقعت عمليات عنيفة في جميع حدود إسرائيل، باستثناء الحدود مع الأردن. وحتى عندما تم الإعلان عن وقف إطلاق النار في غزة، استولت جماعات مسلحة متطرفة على معبر القنيطرة السوري».

وتابع هارئيل أن «الحرب أدت إلى تصدع فقاعة الأمن الشخصي التي بُنيت هنا بعد أفول الانتفاضة الثانية. وبعد فترة قصيرة سيكتشف الإسرائيليون ثقل العبء الاقتصادي لتكلفة الحرب مع حماس». مشيرا إلى أن «الآمال التي سادت في إسرائيل لتغيير سلّم الأولويات الاجتماعي، الذي كانت في مقدمة النقاش السياسي في السنوات الثلاث الأخيرة، قد تبدد».

ووصف هارئيل نتائج الحرب على غزة بأنها «جاءت متعادلة»، رغم علمه بأن التعادل في هذه الحالة يعني انتصار المقاومة. ولفت إلى أن «الخطط الحربية الأصلية التي وضعها الجيش الإسرائيلي للحرب على غزة لم تنفذ أبدا». وكتب في هذا السياق أنه «دائما يوجد فرق بين طريقة استعداد الجيش للحرب وبين ما يحدث فعلا، لكن هنا كان الفرق عميقا بشكل خاص. وفي غزة، تم تغيير الخطط العسكرية في اللحظة الأخيرة. وبعد أن صادقت القيادة على ضرب الأنفاق تم تحويل غاية تكتيكية إلى غاية إستراتيجية. وتم تطوير العقيدة القتالية ضد الأنفاق، والعثور عليها وتدميرها، خلال تنفيذها».

«يديعوت أحرونوت»: مخاوف إسرائيلية مما يجري في الجانب السوري من الحدود

أبرزت الصحف «الإسرائيلية» الصادرة صباح أمس، الجمعة، المخاوف «الإسرائيلية» مما يجري في الجانب السوري من الحدود.

ونشرت صحيفة يديعوت أحرونوت صوراً لمسلحين في جبهة النصرة بالقرب من الحدود مع الجولان المحتل. وكتبت «أن المخاوف الإسرائيلية مما يجري خلف الحدود مع سورية بدأت تتحول إلى مخاوف ملموسة، عندما نشرت صور لمسلحين يحملون أعلاما سوداء، علم جبهة النصرة في القنيطرة».

وفي ذات السياق أشارت الصحيفة إلى «اختطاف 43 عنصرا من عناصر قوات الأمم المتحدة أوندوف من قبل جبهة النصرة». كما أشارت إلى ما نشر على شبكات التواصل الاجتماعي من قبل تنظيم «الدولة الإسلامية» داعش «بإعدام نحو 250 جندياً سورياً في الرقة بعد عرض صورهم وهم عراة إلاّ من ثيابهم الداخلية».

وأشارت الصحيفة إلى أن «دويّ الانفجارات يسمع بشكل متواصل في المستوطنات التي أقيمت في مركز الجولان المحتل ». ولفتت بشكل خاص إلى «مستوطنة ألوني هبشان حيث أصيب ضابط إسرائيلي من المستوطنة، يوم الأربعاء، ووصفت إصابته بالخطيرة».

وتابعت «إن المستوطنة المذكورة لا تبعد أكثر من 10 دقائق عن القنيطرة». وكتبت في هذا السياق أن «القنيطرة تشكل تهديدا بتحولها إلى رمز قتالي على شاكلة بنت جبيل والشجاعية».

من جهتها أبرزت صحيفة «هآرتس» في صفحتها الرئيسية أن «الأسد يحارب لاستعادة السيطرة على الجولان»، وأشارت إلى أن «الجيش السوري بدأ حملة واسعة لاستعادة السيطرة على المنطقة». كما أشارت إلى أن «الأمم المتحدة أعلنت يوم أول من أمس عن اختطاف 43 من عناصرها، في حين لا يزال 81 آخرون محتجزين».

وأشارت الصحيفة إلى أن «الجيش الإسرائيلي كان قد أطلق صواريخ تموز باتجاه مواقع للجيش السوري يشتبه أنه تم إطلاق النار منها يوم قبل أمس الأول ».

وفي سياق ذي صلة، أشارت الصحيفة إلى «المخاوف البريطانية من حقيقة سفر مئات البريطانيين المسلمين للقتال في سورية والعراق، إلى جانب الآلاف من الأوروبيين والأميركيين والأستراليين، الذين يكتسبون الخبرة القتالية والأيديولوجية المتطرفة».

ولفتت الصحيفة إلى أن «52 بريطانيا كانوا قد قتلوا في العام 2005 في عملية نفذها 4 شبان عادوا من معسكرات التدريب في باكستان. وتشير التقديرات الاستخبارية البريطانية إلى أن نحو 250 جهاديا عادوا إلى بريطانيا من سورية، وأنهم يشكلون شبكة إرهابية ناشطة في لندن».

وعلى صلة، كتب تسفي برئيل في صحيفة هآرتس مشيرا إلى أن «الدولة الإسلامية هي الخطر الحقيقي، وليس حركة حماس». كما كتب «أن الحرب على قطاع غزة، رغم الضجة التي أحدثتها طوال 50 يوماً، تعتبر هامشية مقارنة بالمخاوف العميقة من توسع الدولة الإسلامية، والخطر الذي تواجهه سورية والعراق والأردن».

وفي حين أشار إلى «المصلحة المشتركة لمصر والسعودية وإيران في مواجهة الدولة الإسلامية»، كتب «أنّ إسرائيل غير معفية من قيود الدائرة العربية». وبحسبه فإنّ «استمرار التنسيق مع مصر، ومع السعودية بشكل غير مباشر، سوف يلزم إسرائيل بالتماشي مع المواقف المصرية باعتبار أنها لا تتناقض مع الحدّ الأدنى الإسرائيلي».

وأضاف «أنّ ذلك هو الثمن الذي ستضطر إسرائيل إلى دفعه لغزة من أجل الحفاظ على علاقاتها الجيدة مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ولكي تستمر في اعتبار نفسها شريكة هادئة في العمليات الواسعة التي تخطط لها القيادة العربية في الشرق الأوسط».

«يديعوت أحرونوت»: «إسرائيل لم تحقق شيئا من الحرب»

ردا على قول أحد المستشارين المقربين من رئيس الحكومة «الإسرائيلية» بنيامين نتنياهو، بأن «هذه حرب صغيرة»، كتب شمعون شيفر في صحيفة يديعوت أحرونوت، «إن لا أحد يتوقع استعادة صور رابين وديان ونركيس يتجهون إلى ساحة البراق حائط المبكى في نهاية حرب 1967 باعتبار أنه في الحروب الصغيرة لا يوجد صورة انتصار، وبالتالي فكل واحد يختار الصورة التي تناسبه»، أما الكاتب فيختار صورة مأساوية تتمثل في «إطلاق النار على «نيريم» والتي أسقطت ضابط الأمن ونائبه قتيلين قبل وقف إطلاق النار بقليل في حينه لم تتحدث التقارير «الإسرائيلية» عن مقتل ضابط ونائبه .

وبحسب الكاتب فإن «نتنياهو من جهته يسعى للدفع بصورته مع شريكيه وزير الأمن موشيه يعلون، ورئيس أركان الجيش بني غانتس»، والذين وصفهم بأنهم «ثلاثة لم يحققوا شيئا».

وأضاف أنه «في حال جرى تشكيل لجنة تحقيق مستقلة لفحص إدارة الحرب في قطاع غزة، فإنه يجب على أعضاء اللجنة أن يفحصوا أولا كيف حدث وأن عرف نتنياهو ويعلون وغانتس أن حركة حماس تخطط لجر إسرائيل إلى حرب في تموز يوليو ، وقدروا أن الحركة ستكرر ما حصل في «عمود السحاب» وأخطأوا بشكل فادح، وأنه لهذا السبب لم تنجح آلاف الغارات الجوية على أهداف في قطاع غزة في إسقاط سلطة حماس».

كما قال: «إن نتنياهو ويعالون وغانتس يكثرون من الحديث عن الضربة التي تلقتها حماس، ولكن في النهاية فإنه يوجد لدى حماس أكثر من 6 آلاف صاروخ، وأجهزة لإطلاق الصواريخ وقذائف الهاون، وذراع عسكري بكامل قياداته، وعدد غير معروف من الأنفاق الهجومية».

وأردف شيفر «إنه بالنسبة لنتنياهو فإن الصورة مختلفة، فهو يدعي أن حركة حماس لم تحقق شيئا، وأن كل مطالبها التي عرضتها في القاهرة رفضت من قبل الوفد الإسرائيلي». وأضاف: «أنه إذا كان الأمر كذلك، فإن السؤال الكبير هو «على ماذا حصلت إسرائيل؟، والجواب هو عشرات القتلى ومئات الجرحى وأضرار بمليارات الشواقل، وهروب جماعي من مستوطنات غلاف غزة، وأضرار لصورة إسرائيل».

وبحسب الكاتب فإن «سبب عدم حصول إسرائيل على أي شيء هو أنها لم تطلب شيئا، حيث لم تطلب نزع أسلحة قطاع غزة، ولا إزالة الأنفاق الهجومة، وإنما الهدوء، في حين أن المجتمع الدولي يتجند الآن لإعادة إعمار قطاع غزة». وهنا تساءل: «من سيدفع مقابل الأضرار التي وقعت لإسرائيل؟ والجواب هو الإسرائيليون من خلال رفع الضرائب وتقليصات في وزارتي الصحة والمعارف».

وأوضح الكاتب «إن نتنياهو، ولكي يعزز الشعور باليأس، فطن بالأفق السياسي في الأيام الأخيرة من الحرب، كأنما هناك أمل بأن يتولى أبو مازن القيادة في قطاع غزة بدلاً من خالد مشعل. ولكن مثلما يحصل دوما، فهو اضطر للقبول بريفلين رئيسا خلافا لرغبته، واضطر لقبول عميدة بنك إسرائيل خلافا لرغبته، ويبدو أنه سيضطر لإجراء مفاوضات بشأن تسويات مع خالد مشعل سواء رغب بذلك أم لم يرغب».

وفي هذا السياق قال: «إن نتنياهو سيحاول مرة ثانية بذل كل الجهود للتهرّب من الحاجة إلى مواجهة المعادلة التي سيضعها أمامه المجتمع الدولي، بشأن الانسحاب إلى حدود الرابع من حزيران 1967، مقابل اعتراف الدول العربية بإسرائيل».

وأنهي مقالته بالقول: «إنّ الجزء الأسوأ من قصة النهاية لنتنياهو هو أننا دخلنا إلى حالة من عدم الوضوح الخطير، فإذا كانت الاستخبارات العسكرية ستعرض على نتنياهو ويعالون بعد أسبوعين معلومات تشير إلى أن حركة حماس جدّدت عملية حفر الأنفاق وإنتاج الصواريخ، فهل ستقرّ إسرائيل بأنها تفضل الحفاظ على الهدوء وضبط النفس؟»

«هآرتس»: «الردع يعمل بشكل مقلوب والإمبراطورية الإسرائيلية أنهت توسعها وبدأت تتقلص»

اعتبر الكاتب الإسرائيلي أمير أورن، في صحيفة «هآرتس»، أمس الجمعة، «أن عملية الردّ تعمل بالمقلوب، حيث أنّ إسرائيل ارتدعت عن احتلال قطاع غزة، وأنّ الحرب الأخيرة هي دليل خامس على ارتداع إسرائيل، التي وصفها الكاتب بأنها إمبراطورية أنهت توسعها، وتواجه الآن آلام التقلص، كباقي الإمبراطوريات السابقة التي لم تكن حذرة من التوسّع الزائد».

بدأ الكاتب مقالته بالحديث عما أسماه «جهود نتنياهو لتبرير إخفاقاته في الحرب العدوانية على قطاع غزة»، ساخراً من تصريح لنتنياهو وصفه بأنه يقلد نفسه وساماً على تسليح الجيش بآلاف صواريخ الاعتراض لمنظومة «القبة الحديدية».

وأشار في سياق مقالته إلى أنّ نتنياهو، الذي كان قبل شهرين فقط يتحدث عن فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، بموجب النظرية القديمة فرق تسد، «اضطر للترحيب بـ»كتائب دايتون» التابعة لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس»، والتي يصفها الكاتب بأنها «كتيبة أميركية بشكل مماثل للجنرال غلوب باشا في الأردن في سنوات الخمسينيات، ما يعني إعادة إحياء فكرة الممرّ الآمن والربط بين جزئي فلسطين بضغط عالمي بما يسمح بإقامة دولة فلسطينية».

وبحسب الكاتب فإنّ «نتنياهو غير مبادر، ومنذ أن انتخب للمرة الأولى لرئاسة الحكومة استمرّ في عملية أوسلو، مع تغييرات طفيفة، أسوة بسابقيّه اسحاق شامير واسحاق رابين وشمعون بيرس. وعندما انتخب للمرة الثانية واصل الطريق من النقطة التي وصل إليها إيهود باراك وأرئيل شارون وإيهود أولمرت».

وأضاف: «إنّ الإمبراطورية الإسرائيلية أنهت توسّعها، وهي الآن تواجه آلام التقلص، كباقي الإمبراطوريات السابقة التي لم تكن حذرة من التوسّع الزائد. وإن الحرب الأخيرة على قطاع غزة كانت الإثبات الخامس خلال عشر سنوات على الارتداع الإسرائيلي عن احتلال مناطق فلسطينية مأهولة كذلك في لبنان في العام 2006 ، مضيفاً: «إنّ نتنياهو، تبنى بشكل رسمي ما كان يدأب على التحريض ضده، ومفاده أن إسرائيل ليست على استعداد لتحمّل مسؤولية 2 مليون فلسطيني في قطاع غزة، ما يعني أنه يدعم الانفصال عن قطاع غزة، وأنّ عملية الردّ تعمل بطريقة مقلوبة».

ويقول الكاتب إنّ «قطاع غزة نفسه هو قذيفة هاون واحدة مضغوطة تهدد بإطلاق ذاتها والانفجار في وسط جيرانها، ولا يوجد أي قوة عسكرية قادرة على تفكيك هذه القنبلة»، مشيرا إلى أن «عملية الرصاص المصبوب دفعت حماس باتجاه حفر الأنفاق، وأن الحروب اللاحقة ستدفع العقول العملانية في حركة حماس إلى الحصول على صواريخ برـ بحر تطلق في المرة القادمة باتجاه حقول الغاز في البحر». وكتب في هذا السياق أن «العمليات الانتحارية التي نفذتها حماس عام 1996 ساعدت نتنياهو في التغلب على بيريز في الانتخابات. أما في الانتخابات القادمة فيكفي إطلاق صاروخين وثلاث قذائف هاون لكي يستفيد خصوم نتنياهو».

وفي حديثه عن وزير الأمن موشي يعالون، كتب «إن الأخير أظهر ولاءً لنتنياهو وصل إلى حد السجود له». وأشار إلى أن «كبار الضباط في الجيش يبدأون العمل في السياسة في مكانة متقدمة جدا وباستدعاء مباشر، وأنهم يظلون أسرى ماضيهم، ويعلون مثل رابين».

«هآرتس»: «الأفق السياسي لنتنياهو كمخرج»

بعد أن عرض رئيس الشاباك السابق، يوفال ديسكين، فكرة العودة إلى مبادرة السلام العربية، فإن الفكرة لا تزال تتكرّر، وذلك انطلاقاً مما تحدث عنه رئيس الحكومة «الإسرائيلية»، بنيامين نتنياهو، عن «أفق سياسي جديد».

وتناولت هيئة تحرير صحيفة هآرتس مسألة الأفق السياسي، أمس الجمعة، مشيرة إلى أن «المبادرة قد تساهم في إخراج إسرائيل من الأزمة في علاقاتها الدولية ومن التباطؤ الاقتصادي، وتجنب نتنياهو صراعات دبلوماسية وقضائية بتهمة ارتكاب جرائم حرب».

ولفتت إلى أن «نتنياهو وقع في ضائقة سياسية في نهاية الحرب مع قطاع غزة». وبحسب استطلاع «هآرتس»، الذي أجري مؤخرا، فإنه «لا يزال يتمتع بدعم شعبي واسع، ولا يرى الناخبون مرشحاً جديراً باستبداله. ولكنه في رفضه النصائح المتهوّرة لأفيغدور ليبرمان ونفتالي بينيت باحتلال قطاع غزة فقد قاعدته في اليمين».

وقالت: «إنّ عزلة نتنياهو السياسية تجلّت في ارتداعه عن وضع اتفاق وقف إطلاق النار أمام المجلس الوزاري المصغر للمصادقة عليه، خشية أن يهزم في التصويت».

وأضافت الصحيفة: «إنّ نتنياهو يتحدث الآن عن أفق سياسي جديد، وإمكانيات جديدة، على خلفية التغييرات في الشرق الأوسط. وإنه في حال تبيّن أن هذه شعارات عبثية، لشرعنة بقائه غير المفيد في مقعد رئاسة الحكومة، فإنه من المتوقع أن يتحطم، فاليمين الذي خاب أمله لن يدعمه مرة أخرى، وسلطته وصلت نهايتها بدون أن يحقق شيئا».

وتابعت: أنه «إذا أراد نتنياهو أن يحسّن فعلا من وضع الدولة، التي وقعت في أزمة في علاقاتها الدولية وتواجه تباطؤاً اقتصادياً في أعقاب الحرب، عليه أن يضع مضامين في تعهّداته، وأن يسعى إلى السلام مع الفلسطينيين».

وأوضحت: «إنّ المعادلة معروفة: تبني مبادرة السلام العربية كأساس لمفاوضات جوهرية مع القيادة الفلسطينية بقيادة محمود عباس، وبدعم «المحور المعتدل: مصر والأردن والسعودية»، رغم أنّ ثمن الدخول في المفاوضات معروف، وهو إطلاق سراح الأسرى الذين تعهّد لعباس بإطلاق سراحهم، وتجميد البناء الاستيطاني، والتجنّد لإعادة إعمار قطاع غزة».

وقالت الصحيفة: «إنّ نتنياهو لا يزال يخشى اتخاذ قرارات في قضايا مختلف عليها والتي تهدّد قاعدته السياسية. والآن وبعد الحرب فقد حان الوقت لتنفيذ تعهّداته للجمهور وتحقيق السلام، حتى لو اضطر إلى استبدال شركاء في الائتلاف الحكومي ومواجهة عناصر في داخل حزبه».

وحسب هآرتس: «إذا تجرّأ نتنياهو على ذلك، فإنه سيجد الجمهور الإسرائيلي والمجتمع الدولي داعمين له، ولكنه إذا تخندق في مخاوفه، وبدلاً من الدفع بعملية سياسية فإنه سينهي ولايته في صراعات دبلوماسية وقضائية بادّعاء ارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة».

الحرب بالأرقام: مقتل 72 «إسرائيلياً» بينهم 65 ضابطاً وجندياً

توفي أمس، الجمعة، الجندي «الإسرائيلي» نتنئيل مامان، متأثراً بجروح أصيب بها يوم الجمعة الماضي جراء انفجار صاروخ غراد أطلق من قطاع غزة على منطقة مدينة أسدود. ومامان هو جندي نظامي في الجيش «الإسرائيلي» وشارك في الحرب العدوانية على غزة وأصيب بجروح حرجة عندما كان في إجازة.

وبعد أن تمّ التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار، يوم الثلاثاء الماضي، أظهرت المعطيات المتعلقة بالجانب «الإسرائيلي»، أنه قُتل خلال عدوان «الجرف الصامد» «الإسرائيلي» على قطاع غزة 72 «إسرائيليا»، بينهم 65 ضابطا وجندياً و7 مستوطنين.

وأطلقت فصائل المقاومة في قطاع غزة 4532 صاروخاً على كيان العدو، وسقطت غالبية الصواريخ وقذائف الهاون في المجلس الإقليمي «أشكول» وبلغ عددها 1300 صاروخ وقذيفة هاون. وتشير المعطيات إلى أنّ 134 صاروخ أطلق باتجاه مدينة تل أبيب ومنطقة وسط الكيان الصهيوني. كذلك أطلق 15 صاروخاً باتجاه منطقة القدس و10 صواريخ باتجاه منطقة حيفا.

وأطلق باتجاه كلّ واحدة من المدن المحتلة في جنوب فلسطين، بئر السبع وأسدود وعسقلان، أكثر من 300 صاروخ.

وجنّد الجيش «الإسرائيلي» خلال الحرب 82201 جندي من قوات الاحتياط.

وأطلقت قوات جيش الاحتلال نحو 50 ألف قذيفة مدفعية وقذيفة دبابة، فيما اعترضت «القبة الحديدية 733 صاروخا، وشنّ الطيران الحربي 4868 غارة جوية على مواقع في جميع أنحاء القطاع..

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى