«الحكمة» يستعدّ للقفزة الأخيرة نحو الهاوية اعتكاف وتهرّب ودعاوى وديون

إبراهيم وزنه

منذ ترجّل الراحل أنطوان الشويري عن صهوة القيادة لنادي الحكمة، ذلك النادي الذي حفر اسمه بماء الذهب في ميادين وبطولات لعبة كرة السلة، وهو الذي انطلق أصلاً في العام 1943 من خلال لعبة كرة القدم، والحكمة يواجه الأزمات المتلاحقة وإن مرّت عليه سنوات من الاستقرار والتألّق بفعل اندفاعة أبنائه جورج شهوان وطلال المقدسي ، أو رغبة المقتدرين لدعم قطّاع الشباب والرياضة الراحل هنري شلهوب . وما زاد الطين «الأخضر» بلّة في السنوات الأخيرة، أنّ الحسابات الحكماوية باتت تخضع للمعادلات السياسيّة، فصراع التيّار والقوات لطالما تُرجم انقسامات واستقالات، وعلى الرغم من توافق الحزبين المسيحيّين الأكبر على عدد من القضايا الهامّة، إلّا أنّ الحكمة بقي خارج الحسابات، ربما لاعتقادهم بأنّه شبيه بالدجاجة التي تبيض ذهباً! الحكمة في خطر، لا بل مهدّد بالزوال عن خارطة المنافسات على جميع الجبهات الرياضيّة، وتحديداً في لعبتي كرة القدم وكرة السلّة. تلك القناعة تسرّبت إلى نفوس أهل الحكمة من صغيرهم حتى كبيرهم، ويزداد المشهد إيلاماً في نفوس الغيارى الصادقين في محبّتهم وولائهم عندما يرون بأنّ الدعاوى المقدَّمة من قِبل اللاعبين تتزايد يومياً ضدّ النادي بشخصه المعنوي، وفي آخر الإحصاءات وصل عددها إلى ثمانية، ومن الدعاوى تطلّ أثقال الديون التي بلغت لغاية اليوم مليون وأربعمئة ألف دولار، ناهيكم عن الاعتكافات الحاصلة من قِبل عشرات المنضوين في الجمعيّة العموميّة وبينهم أعضاء إداريّون سمير نجم . ومؤخّراً، ترك الثنائي نديم حكيم وجوزيف عبد المسيح الساحة «الخضراء» غير آسفين على أيامٍ أمضوها على رأس الهرم الإداري والقيادي للنادي العريق، وعلى مسافة أيام معدودة من انطلاق الموسم الكروي، حيث سيشارك الحكمة في منافسات بطولة الدرجة الثانية، تبدو الصور قاتمة تماماً، فمن يريد أن يستعدّ لا يستغني عن غالبيّة لاعبيه وجهازه الفنّي! حضر مدرّب الطوارئ ابن النادي سهاد زهران إلى الملعب، فلم يجد سوى طلاب مدرسة الحكمة وبعض اللاعبين، ما يدلّ صراحة على أنّ الحكمة ذاهب بملء إرادة أبنائه إلى مصاف الدرجة الثالثة. ويقول حكماوي غيور وصادق في مشاعره: «إذا كان الوضع في كرة القدم سيّئاً إلى هذا الحدّ، فكيف سيكون مع كرة السلّة، ومصاريف موسم اللعبة الشعبيّة تساوي خمس ما تتطلّبه المشاركة المشرّفة لفريق كرة السلّة في البطولات الرسمية؟ … الحكمة رايح عالهاوية».

يتألّم أحد الحكماويين وهو يراقب الرئيس الحالي مارون غالب وأمين سرّه ميشال خوري يوقعّان يوميّاً الاستغناءات عن اللاعبين. يتساءل آخر إلى أين سيكون مصير النادي؟ فيثرثر أحد العارفين بالخبايا: «لقد طمع غالب وخوري بالمنصب بعدما وصف لهم «الدجّالون» بأنّ الأمور على خير ما يرام، والمال متوفّر من عدّة جهات داعمة، وعند الامتحان … هرب الشجعان، تاركين نادياً غارقاً في بحر الديون والدعاوى والاتهامات».

خطوة جريئة وصرخة غير مسموعة

بالأمس تداعى عدد من أعضاء الجمعيّة العموميّة لنادي الحكمة، اجتمعوا مطوّلاً في في منزل الزميل إيلي نصار، وكان بينهم عدد من قدامى الحكمة الذين سبق وشغلوا مناصب إداريّة في النادي، تباحث الحاضرون في موضوع الديون المتراكمة والوعود التي أُطلقت قبل الانتخابات الأخيرة، والمساعدة والرعاية التي قدّمها الرئيس الفخري للنادي لمن وصلوا إلى سدّة المسؤولية عبر إطلاق الوعود التي تبيّن أنّها كاذبة باعتراف أعضاء اللجنة الحاليّة أنفسهم عبر الإعلام. وقرّر المجتمعون تحميل اللجنة الإداريّة الحالية المسؤوليّة الكاملة عمّا وصل إليه النادي، وتشكيل لجنة تضمّ خمسة أعضاء لزيارة مطران بيروت للموارنة ومعرفة حقيقة ما تريده المرجعيّة الروحيّة للنادي، وما إذا كانت في صدد استعادة النادي ليصبح نادياً مدرسيّاً، وتأليف لجنة ثانية لمراقبة تفاصيل ما يجري في النادي وجمع الأدلّة والشكاوى والاتصال باللاعبين لمعرفة قيمة الديون الفعليّة قبل اللجوء إلى التصعيد الإعلامي، ومن ثمّ اللجوء إلى القضاء، وهو أمر وارد في أي لحظة لطلب تعيين الحارس القضائي بسبب كثرة الشكاوى المرفوعة ضدّ النادي ومطالبة اللاعبين بمستحقّاتهم وعجز اللجنة الإدارية عن تسديدها أو حتى جدولتها، فيما يمعن الرئيس والأعضاء المعنيّين بالتهرّب وعدم الإجابة على اتصالات المراجعين، إضافة إلى تفريغ فريق كرة القدم من لاعبيه، وهو ما يؤكّد العجز عن إدارة نادٍ بمستوى الحكمة وتاريخه، ويستوجب التحرّك السريع!

خلاصة الجوجلة

حيال ما تقدّم، بدأ يتسرّب إلى الوسط الحكماوي بأنّ إدارة المدرسة ستقوم باستدارة كاملة في تعاطيها مع الملف الرياضي، فالنادي المحترف لم يعد قادراً على ضبط مساراته وخياراته الماديّة وحتى السياسيّة. وهي المدرسة ، التي عانت كثيراً في السابق لجهة «لفلفة» الأمور وطيّ صفحات الخلافات الدائرة والمستعرة من جيل إلى جيل، وخلف هذه الغاية ستستفيد المدرسة والمطرانية أولاً من استعادة الأرض التي سبق وقدّمتها للنادي لإقامة منشأة رياضيّة في عين سعادة منذ ربع قرن تقريباً، فقيمتها حينذاك كانت لا تتجاوز المليون دولار، أمّا اليوم فقد لامست الخمسين مليون دولار. هذه حكاية الحكمة، وكان يا ما كان.. كان في فريق اسمه الحكمة من زمان.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى