الجيش السوري يفاجئ بهجوم واسع جنوب حلب… ويستعيد السيطرة بري لتثبيت التوازن منعاً للانهيار… وسلام يلمّح بتعليق الجلسات بغياب «الحر»
كتب المحرّر السياسي
بينما ينشغل الأميركيون بإطفاء النيران بين حليفيهم التركي والكردي، ويسعون لتعويم هدنة قبلها الجانب الكردي وأعلنت أنقرة رفضها مع إضافة انتقاد شديد للتوصيف الأميركي للدور التركي في سورية، وبينما تسعى جبهة النصرة والجماعات المسلحة لنقل المعارك نحو ريف حماة لتخفيف الضغط عن جبهات حلب، التي لم تُسعفها سرعة دي ميستورا بدخول المعونات قبل أن يبدأ الهجوم الأوسع للجيش السوري، كما وصفته المصادر المتابعة لميدان جنوب حلب، حيث نجحت وحدات الجيش السوري ومعها الحلفاء، بالسيطرة على تلة المحروقات الحساسة، وتلة القراصي والقراصي والعمارة والبرندة بريف حلب الجنوبي، وتتقدّم الوحدات في محاور الكليات والراموسة والراشدين والمشرفة، تحت غطاء غارات جوية مكثفة وقصف مدفعي مركز. وتوقعت مصادر متابعة أن يكون هذا الهجوم الواسع هو التتويج لسلسلة الهجمات التكتيكية التي استنزفت الجماعات المسلحة خلال الأسابيع الماضية ومنعتها من تثبيت تموضعها، ليهدف هذا الهجوم وفقاً لما نقلته تنسيقيات الجماعات المسلحة إلى تنظيف جنوب حلب والسيطرة على الراموسة وإعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل الهجوم الذي شنّته جبهة النصرة رداً على سيطرة الجيش وحلفائه على معبر الكاستيلو، ومتحدثة عن إحكام الطوق على المسلحين في مناطق انتشارهم كلّها جنوب حلب، وانقطاع تواصلهم مع الأحياء الشرقية من جهة، وريف حلب الجنوبي باتجاه خلصة وخان طومان فإدلب من جهة مقابلة.
لبنانياً، يبدو التأزّم الحكومي في ذروته مع تداعيات الجلسة الأخيرة للحكومة، وما قالته مصادر قيادية في التيار الوطني الحر عن لا جدوى مواصلة حضور جلسات الحوار وجلسات الحكومة، كاشفة عن قرار بمقاطعة جلسات الحكومة وجلسة الحوار المقبلة، بعد خلوة عقدتها قيادة التيار وتكتل التغيير والإصلاح.
في مواجهة هذا التأزم يقود رئيس مجلس النواب نبيه بري مساعي التهدئة، ساعياً لإنقاذ الحكومة من الانهيار، ليؤكد في كلمته اليوم في ذكرى إخفاء الإمام السيد موسى الصدر على دعوته للحفاظ على ما تبقى من هياكل الدولة ومؤسساتها وأطر التواصل بين اللبنانيين، وفي طليعتها مجلس النواب والحكومة وهيئة الحوار، على قاعدة التمسك بميثاقية الشراكة، التي يتخطى فيها مفهوم النصاب الأرقام، وتقف فيها المسؤولية عند حدود عدم المساس بالمؤسسات وانتظامها.
مصادر حكومية تحدّثت عن مبادرة سيقوم بها رئيس الحكومة تمام سلام بحصيلة التشاور الذي أجراه مع القيادات المعنية، وفي طليعتها رئيس مجلس النواب، تتضمّن تعليق جلسات الحكومة إلى حين عودة وزراء التيار الوطني الحر، كرسالة طمأنة للتيار بالتمسك باعتباره مكوّناً ميثاقياً في تركيبة الحكومة لا يمكن تجاهل وجوده.
التأزّم الحكومي طرح في المقابل إشكالية الميثاقية، كضرورة لخصوصية النظام السياسي اللبناني، المرتكز إلى التكوين الطائفي، مقابل كلّ مسعى لإدخال تعديلات على قانون الانتخاب وآليات العمل الحكومي، والصلاحيات الدستورية للرئاسات، تتيح فتح الأبواب لإصلاح سياسي يقوم أساساً على تسهيل الطريق لاعتماد الديمقراطية البسيطة التي بدونها لا مكان لعمل مؤسسي سلس، وما تفرضه هذه الإشكالية من تعقيدات في طريق السعي لقوانين انتخابية لا تتضمّن ما يمنع وجود أغلبيات سياسية حاكمة، تفترض قبول وجود أقليات سياسية معارضة، طالما يتداخل التكوين السياسي بالتركيبة الطائفية للقوى السياسية الكبرى.
بري يُطلّ اليوم…
يُطلّ رئيس المجلس النيابي نبيه بري اليوم، من مدينة صور في ذكرى تغييب الإمام السيد موسى الصدر ورفيقيه. وستشكل قضية الإمام الصدر العنوان الأبرز في كلمته في ظل المستجدات الأخيرة التي طرأت على هذه القضية، وسيُجري بري بعدها جولة أفق على التطورات على الساحتين المحلية والإقليمية فضلاً عن قراءة مختصرة في الوضع الدولي. وقالت مصادر عين التينة لـ «البناء» أن الرئيس بري «لن يقدم مبادرة جديدة في كلمته اليوم، بل سيجدّد تمسكه بالمبادرة التي طرحها في أول جلسة للحوار الوطني والتي تتألف من 7 نقاط: انتخاب رئيس للجمهورية والتوافق على قانون انتخاب وتفعيل عمل الحكومة وإقرار اللامركزية الإدارية وغيرها. وهناك أمور تحققت كإقرار قانون الجنسية ودعم الجيش وتبقى السلة التي طرحها بري في الجلسات الأخيرة التي تتضمّن انتخاب رئيس وقانون الانتخاب والحكومة. وبالتالي سيؤكد رئيس المجلس على أن طاولة الحوار تشكل فرصة ذهبية للتوافق على حل للازمة لا سيما أن الوقت بدأ يضيق وبالتالي سيدعو بري القوى السياسية أن تكون على قدر المسؤولية، كما ويتطرق بري الى الأزمة الحكومية المستجدّة وسيحذّر جميع القوى من خطورة المسّ باستقرار الحكومة وباستمرار عملها وسيدعو إلى الحفاظ على عملها التي يرى بري أن لا مصلحة لأحد اللعب بمصيرها حتى التيار الوطني الحر لا مصلحة له بتعطيل عملها في ظل غياب رئيس الجمهورية وتعطيل عمل المجلس النيابي، وانسحاب الشلل الى الحكومة يضرب المؤسسة الرئيسية الأخيرة التي تعمل في البلد. وتحدثت المصادر عن اتصالات دائمة ومستمرة بين بري وجميع الأطراف لإعادة تفعيل عمل الحكومة رغم أنها عرجاء، لكن يجب أن تستمر في عملها، واستبعدت المصادر أن يلجأ بري الى التصعيد في وجه أي مكون آخر، لكنها أكدت أنه سيوجه رسائل تحذيرية الى الجميع لخطورة الوضع الذي وصلنا له وعدم ذهاب أي مكون بعيداً في خياراته، لأن البلد لم يعد يحتمل».
.. والتكتل يلوّح بمقاطعة الحوار
ولوّح تكتل التغيير والإصلاح إثر اجتماعه الاسبوعي برئاسة النائب العماد ميشال عون في الرابية، بـ «أننا سنكون أمام خطر فقدان الحوار بقيمته وفائدته وعدم الحاجة له، وعدم لزوم حضور جلساته». وشدد على ضرورة توحيد المفاهيم الميثاقية من اجل الحفاظ على شراكة حقيقية. ولفت الى أن «رئاسة الجمهورية عالقة بين مفهومين متناقضين للميثاقية ويجب احترام قرار المسيحيين في المركز الأول»، مشيراً الى أن «عمل الحكومة والبرلمان واجتماعهما، في ظل غياب فريق اساسي يتطلّب تفسيراً موحداً للميثاقية ولشرعية العمل في حال تغيب المكون الأساسي». وقرّر التكتل الطعن لدى مجلس الشورى بكل المراسيم الصادرة في جلسة الخميس الفائت والتي تحتاج توقيع كل الوزراء.
.. ومقاطعة الحكومة
وأكدت مصادر وزارية في تكتل التغيير والإصلاح لـ «البناء» أن التيار الوطني الحرّ «حسم موقفه بمقاطعة جلسة الحوار في الخامس من أيلول ومقاطعة جلسة مجلس الوزراء في الثامن من أيلول». وأشارت المصادر إلى «أن العماد ميشال عون كلّف المعنيين تحضير الطعن الذي سيقدّم الى مجلس شورى الدولة». ولفتت المصادر إلى «ضغط يمارسه الرئيس فؤاد السنيورة على الرئيس تمام سلام لعقد جلسات واتخاذ قرارات بغيابنا». وأكدت أن التلويح بالشارع لم يطرح أمس و «بكير كتير عليه».
ولفتت المصادر إلى أن «رئيس المجلس النيابي نبيه بري خلال لقائه الوزير الياس بوصعب تمنى عدم مقاطعة التيار الوطني الحر طاولة الحوار وجلسات مجلس الوزراء، لكن في الواقع الأجواء لم تعد تحتمل، وبات الاستهتار بالشراكة يثير استياء أكثرية المسيحيين». وتساءلت «هل يعين قائد للجيش الماروني من دون موافقة الرئيس نبيه بري عليه؟ وهل يعين قائد للجيش من دون موافقة النائب وليد جنبلاط عليه؟»، مشيرة إلى أنه «لم يعد هناك من أبواب مفتوحة للأخذ والرد أقفلها الفريق الآخر بأدائه وتهميشه لنا».
وكان بوصعب قد أطلع بري على موقف التيار الوطني، خصوصاً بعد الازمة التي مرت بها الحكومة ومقاطعته لجلسة مجلس الوزراء الأخيرة. وأكد «جدية التعاطي مع هذا الملف وجدية القرارات التي يمكن أن تتخذ في حال لم يحل هذا الموضوع».
ونقل بوصعب عن بري قوله في ما يتعلق بملف رئاسة الجمهورية «أن التفاهم يفترض أن يشمل سلة، البعض لم يعجبهم كلمة سلة، ولكن موضوع الرئاسة يجد الحلّ عندما يحصل تفاهم مع الأفرقاء الآخرين على قانون للانتخابات وأن الأيام أصبحت معدودة أمام هذا التفاهم الذي يمكن أن يحصل، واذا كانت النيات حسنة فإن في جلسة الحوار في 5 أيلول إن شاء لله يحصل خرق في هذا الاتجاه».
درباس: الحل بعودة الوزراء المقاطعين
واستغرب وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس في حديث لـ «البناء» قرار تكتل التغيير والإصلاح الطعن بقرارات مجلس الوزراء، متسائلاً: هل مررت الحكومة بنداً من دون موافقة التيار؟، مضيفاً: «مجلس الوزراء لم يُجرِ أي تعيين كما لم يمدّد لأي من القادة الأمنيين بل وزير الدفاع هو الذي مدد بقرار منه بحسب صلاحياته ووفقاً للقوانين والدستور». ورأى درباس أن «الحل هو عودة وزراء التكتل الى مجلس الوزراء ونناقش كل شيء وكل بند على حدة وليطرحوا خلال جلسة مجلس الوزراء على رئيس الحكومة إدراج إبطال قرار الوزير مقبل على جدول أعمال الجلسة لمناقشته»، وأضاف: من حقهم الطعن بقرارات وزير الدفاع، لكن ما جدوى الطعن بقرارات مجلس الوزراء؟ وفي أي قرارات سيطعنون؟ هل لأنهم غابوا عن جلسة مجلس الوزراء؟ هل يوجد في الدستور هذا النوع من الطعن؟ وأوضح درباس أن مجلس الوزراء لم يتخذ أي قرارات تناقض الميثاقية التي يتحدثون عنها، وهل حضور خمسة وزراء موارنة جلسات مجلس الوزراء وتغيُّب وزير واحد هو ضرب للميثاقية؟ في المقابل غاب الوزيران اللواء أشرف ريفي ونهاد المشنوق اللذان يمثلان تيار المستقبل والسنة عن الجلسة نفسها فهل ثارت ثائرة السنة بشأن الميثاقية؟
وفي حال استمرار التكتل بمقاطعة جلسات الحكومة قال درباس: «حينها لن يدعو سلام الى جلسات، لاننا لسنا مستعدين للاستغناء عن وزراء التكتل، فهم مكوّن أساسي في الحكومة. وفي حال عقدت الجلسة لن تتخذ قرارات مهمة خارج إطار تسيير شؤون المواطنين الروتينية اليومية حتى عودة الوزراء المقاطعين».
اجتماع للجنة المال بشأن النفايات
على صعيد أزمة النفايات التي تواجه الحكومة مجدداً لا سيما في برج حمود والمتن وكسروان، تنصبّ الانظار الى اجتماع لجنة المال والموازنة اليوم الذي ستحضره اتحادات البلديات في المناطق المعنية، حيث يرجّح أن يخرج بتصور للحل ينهي الكارثة البيئية قبل تفاقمها. وانتقد رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل في مؤتمر صحافي، «مَن يستهدف حزب الكتائب في ملف النفايات»، مؤكداً «أن لا عودة عن موقفنا». وأكد «أن ما يحصل هو عملية ابتزاز من أجل أن يخضع حزب الكتائب»، وقال: «اليوم نعترض على تنفيذ الخطة، لأننا مقتنعون أنها سيئة، وندعو الأحزاب الى الوقوف معنا للوصول الى بديل».
وعشية اجتماع لجنة المال، زار رئيسها النائب ابراهيم كنعان الصيفي والتقى الجميل وجرى بحث في الحلول التي يمكن أن يتمّ اعتمادها في أقرب وقت ويمكن أن تشكل حلاً صحياً ونهائياً لمشكلة النفايات. وأكد كنعان إثر الاجتماع «أن أحداً لا يريد ان تكون النفايات في الشارع او يقبل بوجود مكب على ساحل المتن، لكننا نريد حلولاً. وقد بحثنا اكثر من فكرة في اجتماع لجنة المال الموازنة امس، وفي اجتماعنا اليوم وعملنا على بلورة بعضها».