فتوش: مداولات المجلس سرية وعلى الأقلية الانضمام إلى رأي الأكثرية
وجّه النائب نقولا فتوش دراسة إلى رئيس مجلس الوزراء تمام سلام تضمّنت ما أسماه «مخالفات دستورية من بعض الوزراء برسم رئيس الحكومة الوطني الصادق المحترم».
وجاء في الرسالة: «لما كانت قد كثرت المخالفات الدستورية والقانونية من قبل بعض الوزراء، جئنا نذكرهم بالتقيّد بالمبادئ الدستورية والنصوص الدستورية والقانونية لوضع حدّ لمخالفاتهم الجسيمة».
وفي الشق المتعلق بمناقشات مجلس الوزراء، أوضح فتوش «أنّ مناقشات ومداولات مجلس الوزراء سرية ولا يجوز نشرها أو الإعلان عنها هو من البديهيات في النظام الديمقراطي البرلماني والعرف الدستوري».
وبالفعل، إنّ قاعدة السرية مطبقة في مختلف بلدان العالم بصورة دقيقة وضيقة. حتى أنه يعتبر فعل أحد الوزراء الذي يدوّن ما يحصل في جلسة مجلس الوزراء بأنه «عمل غير لائق»، كما أنّ إفشاء ما يحصل في جلسة مجلس الوزراء من قبل وزير ما يوصف بأنه عمل غير لائق أيضاً. إنّ «اجتماعات مجلس الوزراء والمذكرات التي تحصل في داخله تتسم إذن بطابع السرية المطلقة».
ولفت فتوش إلى أنه «في مجلس الوزراء لا توجد معارضة، وعلى الأقلية أن تنضمّ لرأي الأكثرية»، مشيراً إلى «أنّ المناقشات التي تحصل في جلسة مجلس الوزراء والتي تنتهي لاتخاذ القرار الملائم بعد إجراء التصويت. ففي هذه الحال يتوجب على الأقلية أن تنضمّ إلى رأي الأكثرية إذ إنه لا توجد «معارضة» في وسط الحكومة. ولا يستعيد «المخالفون» من الوزراء حرية تصرفاتهم إلا عند استقالتهم من الحكومة».
أضاف: «يذهب بعض الوزراء الذين تحركهم مصالح شخصية وفئوية إلى انتقاد القرارات القانونية المتخذة من زملاء لهم، وهذا أمر مخالف للمادة 66 من الدستور الذي يمنع عليهم التعرّض لقرارات زملائهم. وقد حسم مجلس شورى الدولة هذا الأمر في قراره رقم 21 تاريخ 18/10/1995 – كمال عرب/ وزارة الصحة منشور في مجلة القضاء الإداري 1997 – الجزء الأول ص 27-28:
وبما أنه وبالإضافة إلى ما ذكر أنّ المستدعي بعد أن ربط النزاع تبلغ من الوزير المختص، وزير الصحة العامة، بتاريخ 21/10/1974 كتاباً موقعاً منه يتضمّن الاستجابة لبعض المطالب الأساسية الواردة في مذكرة «ربط النزاع وعدم الاستجابة إلى مطالب أخرى»، غير أنّ رئيس مصلحة «الصرفيات رفض الانصياع لما وافق عليه الوزير المختص». وبما أنّ قرار وزير الصحة العامة المشار إليه هو قرار صريح ونافذ إذ «إنّ القرار الإداري مبدئياً لا يخضع لأية صيغة معينة ويمكن أن يكون شفهياً». وبما أنّ الدولة تدلي من جملة ما تدلي به بأنّ وزارة المالية قد رفضت كلّ «مطالب المستدعي بالرغم من موافقة وزير الصحة العامة» لأنه يجب «اعتبار كلّ مطالب المستدعي معروضة على بساط البحث»، إذ إنّ في حقل «الوظيفة العامة لا يتمتع أي وزير بمفرده بجميع الصلاحيات» التي تؤهله «لأن يبتّ بالموضوع، خاصة في القضايا المالية إذ يجب أن يشاركه في اتخاذ القرار وزير المالية».
«وبما أنّ المادة 64 من الدستور قبل تعديلها بالقانون الدستوري الصادر في 21/9/1990 والتي كانت سائدة عند صدور القرار المطعون فيه تنص على أنه «يتولى الوزراء إدارة مصالح الدولة ويناط بهم تطبيق الأنظمة والقوانين كل بما يتعلق بالأمور العائدة إلى إدارته وبما خص به»، وتجدر الإشارة إلى أنّ نص هذه المادة ورد حرفياً في المادة 66 فقرتها الثانية من الدستور المعدلة بالقانون الدستوري الصادر في 21 أيلول 1990.
«وبما أنه وفق أحكام المادة 64 من الدستور قبل تعديلها بالقانون «الدستوري عام 1990 ووفق أيضاً المادة 66 فقرتها الثانية من الدستور «المعدلة عام 1990 أنّ وزير الصحة العامة وهو مسؤول في المراجعة الحاضرة عن تطبيق القوانين والأنظمة في وزارته»، وله أن يتخذ من أجل «ذلك جميع التدابير اللازمة لحسن سير العمل في إدارته وله سلطة التقرير مبدئياً في هذا الصدد.
«وبما أنّ موافقة وزير الصحة العامة على طلب المستدعي وفاقاً للأصول «والقوانين المرعية الإجراء ولقرار مجلس شورى الدولة رقم 23/71 لم ترد على سبيل التقييد بأي مانع أو دفاع مسقط»، وإنما جاءت اعترافاً «بالحقّ المعطى له بموجب قرار قضائي مبرم صادر عن أعلى سلطة» قضائية.
وبما أنه لا يوجد أي نص في الدستور أو في القوانين والأنظمة المالية والإدارية يجعل من وزير المال قيماً ومراقباً على أعمال سائر زملائه الوزراء، ذلك أنّ المادة 64 القديمة من الدستور أو المادة 66 فقرتها الثانية من الدستور المعدل عام 1990 جعلت من كلّ وزير، القيم على شؤون وزارته، أسوة بسائر الدساتير المعمول بها في الأنظمة البرلمانية في جميع بلدان العالم، المرجع الأول والأعلى في إدارته ولا يشترك معه «لممارسة صلاحياته ولجعل قراراته قانونية وأصولية ونافذة وزير المال».
وبما أنّ ما تدلي الدولة به إذن هو قول مردود، إذ إنّ إعطاء مثل هذه «الصلاحية لوزارة المال، وزيراً أو مصلحة الصرفيات»، يجعل منها «تشرف تسلسلياً على جميع وزارات الدولة وعلى القرارات التي يتخذها في كلّ وزارة الوزير المختص إذ يصبح بإمكان وزارة المال أن تعدل أو أن تلغي جميع القرارات التي يتخذها الوزير القيم على شؤون وزارته»، بحجة «تفسير القانون خلافاً لرأي هذا الوزير والدوائر المختصة في وزارته الأمر الذي يتنافى والمبادئ العامة الدستورية والقانونية.
– «قرار مجلس القضايا رقم 22 تاريخ 16/12/1991 القاضي منيف عويدات / الدولة – وزارة المالية.
– «قرار رقم 282 تاريخ 22/2/1995 محمد نبيه الحلبي / الدولة – وزارة المالية.
«وبما أنه يقتضي والحال هذه تنفيذاً للقرار المبرم رقم 23/71 الصادر «عن مجلس شورى الدولة ـ مجلس القضايا»ـ ولقرار وزير الصحة الذي «اعترف صراحة ببعض المطالب».
وتابع: «عندما سئل الجنرال ديغول ما هو الدستور؟ أجاب إنه المؤسسات. فعلى الذين يتغنون بسيادة الدولة ودولة القانون أن يلتزموا الدستور أولاً حتى نصدقهم في أقوالهم وتصرفاتهم، وإلا نكون أمام وزراء تقتضي إقالتهم حرصاً على المواطن والوطن».
وختم «هذه الدراسة برسم رئيس الحكومة».