بري: لالتزام الدستور ووقف الدلع السياسي وتعطيل المؤسسات… والنسبية هي الدواء لدائنا الوطني
أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري «أنّ العبور إلى الدولة يستدعي وقف الدلع السياسي واعتقاد كلّ طرف منّا من دون استثناء أنه يملك القرار الوطني أو الفيتو على القرار الوطني».
كلام بري جاء في كلمة ألقاها خلال مهرجان حاشد نظمته حركة أمل بمناسبة الذكرى السنوية الثامنة والثلاثين لتغييب الإمام السيد موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين في ساحة القَسَم في مدينة صور.
تقدّم الحضور ممثل رئيس الحكومة وزير الدفاع سمير مقبل، ممثل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله النائب محمد رعد، رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الوزير السابق علي قانصو وعضو المجلس الأعلى في الحزب النائب أسعد حردان، الوزير الياس بو صعب ممثلاً العماد ميشال عون مع وفد من قيادة التيار الوطني الحرّ، النائب جمال الجراح ممثلاً الرئيس سعد الحريري، الوزير أكرم شهيّب ممثلاً النائب وليد جنبلاط، الوزير عبد المطلب حناوي ممثلاً الرئيس ميشال سليمان، الوزير ريمون عريجي ممثلاً النائب سليمان فرنجية، ممثلون عن الرؤساء الروحيين، نجل الإمام الصدر السيد صدر الدين الصدر والعائلة، السيدة رباب الصدر شرف الدين، عائلة الصحافي عباس بدر الدين، حشد من الوزراء والنواب الحاليين والسابقين، سفراء سورية والعراق وفلسطين والقائم بأعمال السفارة الإيرانية، الأمين العام للإتحاد البرلماني العربي فايز الشوابكة، ممثل قائد الجيش اللواء محسن فنيش، المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، ممثل المدير العام لقوى الأمن الداخلي العميد أسعد الطفيلي، ممثلة قائد قوات «يونيفيل» كونبليا فرنك، وقيادات أمنية وعسكرية وقضائية، وممثلو الأحزاب والقوى والفصائل اللبنانية والفلسطينية، وفاعليات ثقافية ونقابية واغترابية وعدد كبير من رؤساء المجالس البلدية والاختيارية.
الدولة ستبقى مهتزة من دون رئيس
وقال بري: «إننا منذ اليوم الأول للأزمة الراهنة إلى اليوم أكدنا انحيازنا إلى إنجاز الاستحقاق الرئاسي وقلنا إنّ ذلك سيبقى يحتلّ الأولوية لنا لأنّ الثقة بالدولة ستبقى مهتزة من دون رئيس، ولكن هذا لا يعني أننا يجب أن نجرّد الوطن من الإدارة والتشريع والقضاء والأمن، كما أننا أكدنا أنّ ضرورة صياغة قانون جديد للانتخابات أمر يتصل بلبنان غداً، إذ لا يجوز أن نستمرّ في شدّ لبنان إلى الخلف وإخضاعه لقوانين أكل الدهر عليها وشرب ونستمرّ بوضع العربة أمام حصان التقدّم إلى الأمام».
ورأى «أنّ النسبية هي الدواء لدائنا الوطني، هي الحاملة هي الحافلة، هي القاطرة التي تنقلنا إلى المواطنية بدلاً من التقوقع والانغلاق»، لافتاً إلى «أنّ إنجاز الاستحقاق الرئاسي يحصل في حال التوافق على ما بعد الرئاسة إذ أنّ الرئاسة وحدها لا تكفي اللبنانيين شرّ الخلاف والاختلاف».
أضاف: «إنّ المواقف والتساؤلات عن جدوى طرح مواضيع قبل انتخاب رئيس الجمهورية، طرح مواضيع ليس البت بها، وتأييد تعطيل المجلس وتعطيل الحكومة وجعلها أقلّ من مستوى حالة تصريف الأعمال إذا لم ننتخب رئيساً للجمهورية أدّى عملياً إلى تعطيل البلد وتعليقه على حبل الانتظار».
وذكّر بري بخريطة الطريق التي طرحها في مهرجان الوفاء للإمام الصدر في 31 آب 2015، ومفادها أنّ «قادة لبنان يجتمعون على أمور أولها انتخاب رئيس للجمهورية، ثم المجلس النيابي فالحكومة فقانون الانتخاب ثم اللامركزية الإدارية، والجنسية ودعم الجيش والقوى الأمنية». وقال: «مع الأيام سارت الأمور بثلاثة بنود على الأقلّ: موضوع الجيش، موضوع الجنسية وصدر قانونها، موضوع اللامركزية الإدارية عقدت أمس جلسة للجان، وأصبحت في اللجان المشتركة، وبقي موضوع الاتفاق على الحكومة وقانون الانتخاب».
ولفت إلى أنّ هذه الخريطة «شكلت أساس الدعوة إلى طاولة الحوار الوطني والتي أرى لتسهيل تحقيقها لأهدافها إنجاز جملة تفاهمات».
الطائف والحوار والأمن
وتابع: «إننا بذلك نحاول أن نحقق بعض ما ورد في اتفاق الطائف الذي ندعو إليه نصاً وروحاً لترسيخه كعقد بين اللبنانيين، وإنني أحذر من التمادي في لعبة حرق الوقت وبناء الأوهام، ومن التمادي في المراهنة على الخارج لحلّ القضايا الوطنية، ولو أني لا زلت أرى أنّ بناء الثقة في العلاقات السعودية ـ الإيرانية يقدّم إسهاماً ضرورياً في إنتاج سلام لبنان وسائر الأقطار العربية المضطربة أو الملتهبة وفي إعادة الاعتبار إلى القضية الفلسطينية باعتبارها قضية العرب والمسلمين والمسيحيين سواء».
وأكد تمسُّكه «بالحوار الثنائي والوطني لأنّ كليهما أدّيا إلى إغلاق أبواب الفتنة والتوترات السياسية والطائفية والمذهبية، وعدا ذلك فإننا سنصل إلى حدّ إعلان فشل الدولة والإفلاس السياسي والمالي».
وفي المجال الأمني، نوّه بري بـ«المؤسسات الدفاعية والأمنية»، مشيراً إلى تحمُّلها «عبئاً إضافياً ينتج عن الثغرات المتزايدة التي نحدثها في المواقف السياسية». وقال: «القاعدة العامة في أيّ بلد من بلدان العالم أنّ الأمن يتأتى من السياسة. الحمدلله عندنا في لبنان كلّ شيء بالمقلوب، عندنا أمن ولكن ما عندنا سياسة».
وجدّد المطالبة «بالاستثمار على الجيش، وافتتاح اكتتاب وطني في المصرف المركزي لصالح الجيش ودعوة لبنان المقيم والمغترب والمصارف إلى التبرّع لتسليح الجيش وزيادة عديده، إذ لا يمكننا الاستمرار بالتسوّل واستجداء الدعم للجيش والقوى الأمنية على قارعة العالم وإخضاعه وعقيدته القتالية لأيّ شروط».
التهديدات «الإسرائيلية» وملف النفط
وتطرق الرئيس بري إلى التهديدات «الإسرائيلية»، وإلى محاولة «إسرائيل» سرقة مواردنا البحرية «وهو الأمر الذي يخدمه التأخير الحكومي في تلزيم استخراج النفط والغاز والثروة البحرية الكامنة التي من شأنها إنقاذ لبنان اقتصادياً». وسأل: «ألا ننتبه أنه آن الأوان كي نمدّ أيدينا إلى هذا الضريح في بحرنا كي نستخرج هذا الكنز الكبير».
أضاف: «إننا نريد التقدّم إلى الأمام في الملف النفطي والخروج من ضغوط الخطوط والخيوط على تلزيمات التنقيب عن النفط والغاز في البحر والبر بعد إقرار اقتراح القانون لجهة البرّ».
وتابع: «إننا نتابع عروض القوة الإسرائيلية بعنوان: المناورات على حدودنا ومحاولة شقّ الطرقات وكذلك الانتهاكات لسيادتنا الوطنية براً وبحراً وجواً. كما أننا نتابع التصريحات والتلميحات والتهديدات المبطنة للبنان ونقول للإسرائيليين ولسلطان قرارهم السياسي والعسكري. ليست عملية مبالغات إنما عملية استذكار من التاريخ: لا تجرّبوا لبنان. لقد فعلتم ذلك في السابق مرات ومرات منذ 1978 حتى 2006 وخرجتم أذلاء من رمال لبنان المتحركة، الأرض التي تستهلك محتليها، وأقول للإسرائيليين على كلّ مستوياتهم، بعكس مضمون بياناتكم التي ألقيت على لبنان صيف عام 1982 وخلال مراحل حرب تموز 2006. يومها ألقوا منشورات يقولون لنا فيها كيف السير إلى بيروت وكأننا لا نعرف الطريق إلى بيروت ورسموا لنا خرائط كيف نترك الجنوب، أنّ عليكم أن تقفوا وتفكروا.
لقد أثبتنا نحن كما الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وانتفاضة الضفة بالسكاكين عجز قوتكم وأفشلنا أهدافكم في كسر مقاومتنا وإحباط أماني الشعب الفلسطيني، وقد أُصبتم في صميم خياراتكم الاستراتيجية، أو أُصبتم في أرواحكم كما وصف الأمين العام لحزب الله سماحة الأخ السيد حسن نصرالله، ولن تعوّض ذلك صفقات الأسلحة».
متمسكون بالمعادلة الماسية
وأكد «تمسكنا بالمعادلة الماسية الجيش والشعب والمقاومة وإذ نؤكد أننا لسنا شركاء في المقاومة فحسب بل إننا نحن أساس المقاومة ونحن السباقون إليها».
وأضاف: «نقول لمن يطالب بجمع السلاح قبل ذلك، هرطقة نضع السيف في موضع الندى ليس في مصلحة لبنان لا الدفاعية ولا الاقتصادية ولا النفطية ولا أيّ شيء أن تتخلى عن سلاحنا أمام عدو يتربّص بك كلّ يوم ويجرّب بك اختراعاته. وقد سبق على كلّ حال وأجمعنا على هذا الأمر في حوار العام 2006 في المجلس النيابي وبعد ذلك عند فخامة رئيس الجمهورية في بعبدا أنّ سلاح المقاومة خاضع للاستراتيجية الدفاعية».
سورية وقضية فلسطين
وبالنسبة إلى سورية، أكد بري «أن لا حلّ إلا سياسياً لهذه المؤامرة الرعناء الإجرامية ضدّ وحدة سورية واستعادة استقرارها وبالتالي عودة أهاليها إلى ربوعها. وإنّ أحداً في الدنيا لا يبدي سروره ويزغرد لما هو حاصل في سورية سوى إسرائيل».
وقال: «إنّ سورية وهي في ذروة الحريق والحرق تثبت لمن أساء تقدير قوتها وموقعها وملعبها أن لا حرب ضدّ الأعداء من دون سورية ولا سلام بين العرب من دونها على الإطلاق وهو أمر مستحيل. أما آن الأوان لمراجعة الحسابات»؟
وتوجه بري إلى الإمام الصدر قائلاً: «سيبقى دائماً القول إنّ حرية لبنان وتحريره من تهديدات العدوان الإسرائيلي والإرهاب ستبقى كلها منقوصة في غيابك القسري، وستبقى الأولوية لتحريرك من جهل وسجاني النظام العربي ومخلفات نظام القذافي لتستعيد فلسطين ولبنان شرف الانتماء إلى أهدافك في تحرير الأرض والإنسان في فلسطين ولبنان».
لم نتبلغ من أيّ جهة أنّ حياة الإمام ورفيقيه قد انتهت
وفي ما يتعلق بقضية تغييب الإمام ورفيقيه، أكد بري أنهم «تعرّضوا لأغرب وأبشع عملية اختطاف وإخفاء قسري وحجز حرية عرفها التاريخ، على يد طاغية ليبيا معمر القذافي وأعوانه، مشدّداً على «أنّ هذه القضية هي قضية وطنية وعربية وإسلامية وعالمية بل هي قضية العصر».
وإذ أكد أنه «لم يثبت لدينا ولا لدى أيّ جهة، لا في ليبيا بعد الثورة ولا في لبنان، لا رسمياً ولا بشكل غير رسمي، لا علناً ولا سراً، أنّ حياة أحد الأحبة الثلاثة قد انتهت»، أكد بري «أنّ كلّ ما أُشيع حول هذه القضية لا يمتّ إلى الحقيقة بصلة».
وشدّد على «أنّ لجنة المتابعة الرسمية للقضية تواظب على العمل بكلّ حرص وجلد وهي تحوز على كامل ثقتنا بقواعد عملها المنهجية والمنطقية»، كاشفاً أنه «ورغم صعوبة الأوضاع في ليبيا، فإنّ وفداً من اللجنة زار العاصمة الليبية طرابلس أواخر شباط الماضي، وقد تخلل تلك الزيارة التي حصلت تطبيقاً لمذكرة التفاهم بين الجانبين، إطلاع مقرّر اللجنة على التحقيقات وحضوره لبعضها، وتمّ تزويد الجانب الليبي بما يحتاجه من مستندات ومعلومات، وفي المقابل تسلّم الجانب اللبناني جزءاً هاماً مما طلبه من نظيره الليبي».
أما بالنسبة إلى موضوع هنيبعل القذافي، فأكد الرئيس بري «أنّ الموضوع محض قضائي وعدلي»، لافتاً إلى أنه «وبعد أيام على توقيفه وبناء لطلب رسمي من وكلاء عائلة الإمام، استمع المحقق العدلي إليه بصفة شاهد، فباح بمعلومات وكتم أخرى، ما أدّى إلى توقيفه». وأوضح أنّ القذافي «مطلوب في بلاده أصلاً».
وقال: «أردّد ما قلته في العام الماضي في النبطية: لا تجرّبوني بقضية الإمام لا قبل المهرجان ولا بعد المهرجان فموقفنا هو هو، موقفنا واحد هو موقف هذه الحشود الهادرة».
ودعا «الحكومة اللبنانية، رئيساً ووزراء إلى إيلاء هذه القضية الاهتمام اللازم والأولوية المطلقة وتقديم الدعم المناسب للجنة المتابعة الرسمية. وطلب من الأجهزة الأمنية اللبنانية «مع الشكر لبعض الأجهزة، خصوصاً الأمن العام، مضاعفة جهودها واستثمار علاقاتها مع الأجهزة العربية والأجنبية المماثلة لتبادل للمعلومات بشأن القضية».
وجدّد تأكيد حركة أمل أنّ قضية الإمام ورفيقيه هي «أولى أولياتنا لا يتقدّم عليها شيء لأنها قضية حرية وعدالة وسلام وإسلام».