مختصر مفيد خطة كيري لليمن تعني أن السعودية هُزمت

قام وزير الخارجية الأميركية جون كيري بزيارة مطوّلة إلى جدّة تضمّنت جدول أعمال مكثّفاً، فيه لقاء الملك السعودي ووليّ عهده ووليّ وليّ العهد ووزير الخارجية ووزراء خارجية الدول الخليجية وحكومة منصور هادي، والموضوع واحد وهو الوضع في اليمن. والزيارة تلت قراراً علنياً للبنتاغون بتخفيض واسع لحضور المستشارين الأميركيين المشاركين في حرب اليمن. وبعد طلب سعوديّ بالحماية الأميركية من الهجمات الحدودية التي تستهدف محافظات يمنية حدودية تحتلها السعودية وهي عسير ونجران وجيزان يرافقها قصف صاروخي لعمق سعودي يتسع تدريجياً. ومن تصريحات كيري يبدو واضحاً أنه تقدّم بمشروع لحلّ سياسيّ حصل على الموافقات السعودية والخليجية عليه.

تضمّنت خطة كيري المعلنة اعتبار البدء بحكومة وحدة وطنية شرطاً لأيّ حلّ سياسيّ، والدعوة إلى انسحاب المسلحين من المدن والمؤسسات وتسليم السلاح الثقيل لطرف ثالث. غير أن كيري لم يفصح عند إعلان مبادرته عن تفاصيل وترتيبات عدّة لتنفيذ خطته، وفقاً للمسودّة التي لم يتسنّ التأكد من المصادر الأميركية من صحة ما ورد فيها، وفقاً لما نقلته محطة «BBC» التي قالت إن المسؤولين الأميركيين يعتبرون أن ما قدّمه كيري لنظرائه الخليجيين، مجرّد أفكار للحلّ السياسي. فإن ما طرحه من خطوات واجراءات عملية مقترحة اطّلعت عليها «BBC» يكاد يرقى إلى مستوى خطة سلام أو خارطة طريق للتسوية.

وفقاً لـ«BBC»، أهم تلك الإجراءات استقالة منصور هادي المنتهية ولايته الرئاسية، ونائبه محسن الأحمر، بعد تعيين نائب رئيس جديد متّفق عليه يرجّح أن يكون خالد بحاح مرّة أخرى، ليترأس حكومة الوحدة التي ستشكّل وفقاً للخطة بنسبة الثلث لكلّ من حكومة هادي وحلفائها، والحوثيين وحلفائهم، والمؤتمر الشعبي وحلفائه، ليبدأ بعدها وقف فوريّ للقتال وانسحاب المسلحين الحوثيين وحلفائهم من أنصار الرئيس السابق علي عبد الله صالح من أطراف المدن والقرى الحدودية السعودية. وتضع الحكومة جدولاً زمنياً لسحب كلّ المجموعات المسلّحة من العاصمة صنعاء، وتشكّل لجان أمنية لمعالجة الأوضاع الأمنية في باقي المحافظات، وفي مقدّمها تعز والحديدة.

وفق خطة كيري، تلتزم الحكومة الجديدة العمل على دعم جهود محاربة الإرهاب بكلّ صوَره وأشكاله، وعلى الحكومة الجديدة العمل على تأمين جميع الممرات الدولية والحدود البحرية، بما يعني ضمناً فكّ الحصار السعودي عن اليمن لتُشرِع الحكومة في إعداد قانون وترتيبات للمصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية والبدء في تحديد آلية للاستفتاء على الدستور، وإعداد قانون الانتخابات وفق جدول زمنيّ يتراوح بين ستة أشهر وسنة واحدة فقط.

العودة إلى محاضر مفاوضات الكويت وأسباب فشلها تثبت أنّ خطة كيري تنطلق من تبنّي غالبية النقاط التي عرضها وفد الحوثيين والمؤتمر الشعبي، واعتبرها السعوديون وفريق منصور هادي خطوطاً حمراء غير قابلة للتفاوض، خصوصاً أولوية تشكيل الحكومة كشرط لوقف العمل العسكريّ وتسليم المدن والأسلحة لجيش يمنيّ موحّد تابع للحكومة الموحّدة بعد رحيل منصور هادي، وهذا ما كان ليحظى بقبول سعوديّ لولا الهزيمة السعودية التي تكشفها خطة كيري.

اليمن هو الساحة التي اختارها السعوديون للردع الاستراتيجي وإعادة إنتاج دورهم في المنطقة وهزيمتهم في اليمن، تعني سقوطاً مدوّياً للدور السعودي في كلّ حروب المنطقة، تماماً كحال «إسرائيل» بعد حرب تموز 2006.

ناصر قنديل

ينشر هذا المقال بالتزامن مع الزميلتين «الشروق» التونسية و«الثورة» السورية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى