العرب والانتخابات الأميركية
حميدي العبدالله
في مشهد غير مسبوق يصطفّ جميع العرب، على شتى مشاربهم، حكاماً ومواطنين، شباباً وشيوخاً، نساءً ورجالاً، ضدّ المرشح الجمهوري دونالد ترامب.
جرت العادة في مواكبة الانتخابات الرئاسية الأميركية، أن نشهد غياب الاهتمام بنتائج هذه الانتخابات من قبل المسؤولين العرب، سواء كانوا حلفاء للولايات المتحدة أو خصوماً لها، لقناعتهم بأنّ من يأتي إلى البيت الأبيض، ديمقراطياً أو جمهورياً، لن يحدث أيّ تغيير في سياسة الولايات المتحدة التقليدية إزاء القضايا العربية، سواء كانت قضايا ذات بعد وطني قومي، مثل القضية الفلسطينية، أو قضايا تتعلق بالصراعات العربية – العربية المستمرة منذ أن ولدت الكيانات العربية بموجب اتفاقات سايكس ـ بيكو.
الشباب العربي لم يكن معنياً في غالبيته بنتائج الانتخابات الأميركية، وهو نادراً ما يهتم بالتطورات ذات الطابع السياسي.
لكن الأمور تختلف تماماً هذه المرة، فالشباب العربي يجد نفسه مشدوداً بقوة إلى الانتخابات الرئاسية الأميركية، ومعنياً بها بدرجة أحياناً تحاكي قطاعات واسعة من الشعب الأميركي بهذه النتائج. سبب اهتمام الشباب العربي بهذه الانتخابات وجود المرشح الجمهوري وطروحاته غير التقليدية، ولا سيما عزمه المصرّح عنه أثناء حملته الانتخابية بترحيل الكثير من الناس الذين يعيشون الآن في الولايات المتحدة ولم يحصلوا على الجنسية الأميركية، وعزمه على تقييد دخول أجانب إلى بلاده، بمعزل عن جنسياتهم، سواء كانوا عرباً أو مسلمين أو أفارقة أو لاتينيين، في ضوء تصريحاته التي تؤكد أنه إذا وصل إلى البيت الأبيض فإنه سيقيم جداراً للحؤول دون تدفق المزيد من المهاجرين إلى الولايات المتحدة.
لا شك أنّ الكثير من الشباب العربي، ولا سيما المتعلم والطموح، يرى في الولايات المتحدة، بمعزل عن عزمه السفر إليها أم لا، أنموذجاً ملهماً، وبلداً يمكن أن يشكل مدرسة يتمّ فيها كسب الكثير من الخبرات، إضافةً إلى فرص العمل التي تنعدم في بلاده.
هذا الواقع يدفع هؤلاء الشباب إلى الاعتقاد بأنّ مواقف ترامب، واحتمال وصوله إلى البيت الأبيض يشكل عقبة كأداء في وجه طموحاتهم، ولهذا يجادلون ويجاهرون بالوقوف ضدّ ترامب أولاً، ويبدون هذا الاهتمام الكبير بالانتخابات الأميركية ثانياً.