بعد مجلس الأمن… الشعب السوري ينتفض ضدّ الثورة التكفيرية
د. نسيب حطيط
بدأت الانتفاضة الشعبية السورية المضادة للثورة التكفيرية، خصوصاً من المسلحين الأجانب من داعش والنصرة وأخواتهما، لتتكامل مع الانقلاب الدولي ضد الوحش التكفيري عبر قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2170 وبناء تحالف دولي ضد داعش والنصرة والقاعدة، حيث التحق الآخرون من داعمين ومؤيدين للتكفيرية الثورية أو المحايدين بالمواجهة التي يخوضها الجيش السوري والدفاع الوطني وحلفاؤهم في محور المقاومة لمقاومة الإرهاب المدعوم أميركياً والممول عربياً والمستغيث بالعدو الصهيوني من معابر الجولان السوري المحتل.
بدأت عشيرة الشعيطات السنية والتي بايعت داعش سابقاً وانتفضت عليها لاحقاً لتجاوزاتها وقتل من أبنائها أكثر من 700 قتيل وفقد حوالى الألفين وهجر أهلها وحوصرت، وبدأت الانتفاضة في نواحي حلب وإدلب، والسويداء تنتفض فيذبح التكفيريون مشايخها الدروز… والمسيحيون بدأوا بحمل السلاح لحماية أنفسهم والدولة التي تحميهم، فداعش لا يحترم الدولة ولا القبائل ولا المقدسات، المهجرون واللاجئون بدأوا بالعودة بعدما حولتهم الثورة إلى متسولين وحولت بناتهم إلى سلعة بشرية للخليجيين بعناوين إنسانية، معلنين استعدادهم لحمل السلاح ضد المسلحين الأجانب والتعاون مع الجيش السوري لأنهم خدعوا بالثورة المفترضة، فلا حرية رأي ولا ديمقراطية ولا محاربة فساد وبدأوا بمراجعة حساباتهم بين ما تقدمه الدولة السورية وبين ما يقدمه الثوار التكفيريون فيقول السوريون في نقاشاتهم:
الدولة السورية أعطتنا الصحة والتعليم مجاناً ودعمت المحروقات والخبز والمواد الأساسية، وفرت الأمن من الحدود إلى الحدود ووضعتنا خلال الأربعين عاماً الماضية في صف الدول المتقدمة، فلا دين على سورية وهي بمثابة قوة إقليمية عظمى لا يمكن تجاوزها وتقدمنا في الاقتصاد والزراعة. نحن الدولة الوحيدة التي لا تشتري القمح أو تستجديه بل تملك مخزوناً احتياطياً من حقولنا يكفي لأكثر من سنتين.
كنا نشكو من القمع لحرية الرأي ونطالب بمكافحة الفساد والرشوة والشفافية والنزاهة وضد الحزب الحاكم، وقد بدأ النظام يلبي المطالب ويعدل الدستور ويلغي بعض المواد الدستورية ويتجه نحو الديمقراطية والإصلاح، لكن المؤامرة لم تهدف إلى الإصلاح بل لإسقاط سورية المقاومة لفتح الطريق أمام الشرق الأوسط الجديد المفتت والمجزأ.
لم تقطع الدولة حتى الآن الكهرباء عن أي منطقة وما زالت تدعم الخبز وتؤمن المياه والرواتب والامتحانات بقدر ما تستطيع، بينما الثورة التكفيرية تدمر وتخرب المؤسسات التي تؤمن الخدمات للمواطنين وتسرق النفط!
ماذا أعطتنا الثورة… يقول السوريون ويضربون كفاً بكف بالتلازم بين الآه والآخ والحسرة…
كان البعث حزباً حاكماً فأصبح عندنا أحزاب فرعونية حاكمة، تكفر من يعاديها تذبح، تقتل، تسبي تعمم جهاد النكاح وتفرض الخوات والضرائب، وأصبح الأمير المجهول أو العميل أو الجاهل ممثلاً لمشيئة الله سبحانه على الأرض لا يرد حكمه.
كنا نشكو من القمع وعدم حرية الرأي… لكن شتان ما بين الدولة وعصابات التكفير… فرمانات الأمير لا ترد… يتدخل باللباس وعدم التدخين والأزياء وأساليب العيش ومصادرة النساء والأملاك. لا يسمح بالاعتراض والنقاش، فإذا كان النظام يسجن فإن العصابات تذبح ولا تسجن، تصلب وتجلد وتقطع الأيدي وتدفن المخالفين أحياء.
النظام ساوى بين المواطنين وأفسح المجال للمرأة بالوظائف والتعليم، لكن الثورة التكفيرية منعت خروج النساء فلا وظيفة ولا دور غير جهاد النكاح، كلها ملك يمين الأمير التكفيري!
لم تعد اللغة العربية تتسع لأسماء الجماعات والألوية والجهات الثورية وتحول كل مجرم أو سارق أو فار من الخدمة العسكرية، أميراً وحاكماً ولو على زقاق صغير.
الشعب السوري ينتفض ضد مغتصبيه من الثوار المشبوهين وتجار الثورة الذين كانوا نماذج في الفساد والتجارة والعمالة… ويتساءل الشعب السوري: أين الائتلاف الوطني والمجلس الوطني والمجالس العسكرية؟ أين غليون والجربا وإدريس ورياض الأسعد…؟ الرجاء ممن يعرف عنهم شيئاً الاتصال بمؤسسات جمع النفايات السياسية من عملاء وتجار بشر…
أيها الإخوة السوريون استيقظوا وأنقذوا ما تبقى من سورية… لقد جربتم كذب ونفاق الثوار فماذا جنيتم؟ وجربتم المحاكم التكفيرية وعدالة الأتراك وديمقراطية الخليج وصداقة الأميركيين فماذا كسبتم…؟
أنتم قلب العروبة النابض… أبناء الشرف والكرامة وصيانة العرض… هل تقبلون باتهام نسائكم بالرذيلة؟… هل تبيعون كرامتكم بالتسول على أبواب أردوغان أو موائد مشايخ الخليج؟… حقولكم تطعمكم وأكثر وبيوتكم مواطن عزتكم وها هم المنشقون عن الجيش يعودون نادمين… واللاجئون يعودون بعدما ذاقوا المرارة والإذلال… انتفضوا وعودوا إلى دولتكم وجيشكم حتى لا توضعوا على لائحة الداعمين لداعش والنصرة…