لماذا أخفقت مساعي روسيا في إقناع المسؤولين الأميركيين بتسوية في سورية؟
حميدي العبدالله
الرهانات التي عقدت على اللقاءات التي عقدها مسؤولون أميركيون وروس على أعلى المستويات على هامش قمة العشرين في الصين، تبدّدت جميعها، وتبيّن أنّ هذه الرهانات كانت أقرب إلى الأماني منها إلى شيء آخر.
لا شك أنّ ثمة أسباباً دفعت الولايات المتحدة إلى التعنّت ورفض الاقتراحات الروسية ومن أبرز هذه الأسباب:
أولاً، الإدارة الحالية لا تريد أن تؤثر سلباً على حملة هيلاري كلينتون، لا سيما أنها تواجه وضعاً حرجاً في مواجهة منافسها الجمهوري دونالد ترامب الذي عكست آخر استطلاعات للرأي تقدّمه على كلينتون. فإذا ما قبلت إدارة أوباما اتفاقاً مع روسيا حول سورية، فإنّ معارضي هذا الاتفاق الذين دأبوا على توجيه الانتقادات لإدارة أوباما على سياستها في سورية، واتهامها بالتخاذل، لا سيما إزاء روسيا، سوف يستغلون هذا الاتفاق ليزيدوا من هجماتهم ضدّ كلينتون، وهذا سيؤثر سلباً على حملتها الانتخابية، ويصبّ في مصلحة المرشح الجمهوري.
ثانياً، حلفاء الولايات المتحدة، وعلى وجه الخصوص المملكة العربية السعودية والكيان الصهيوني، يعارضون بقوة أيّ اتفاق سياسي ينهي الأزمة السورية ويسهّل وقف حرب الاستنزاف الدائرة فيها، وبالتالي سوف يصعّدون حملتهم ضدّ إدارة أوباما، ومن المعروف أنّ الإدارات الأميركية في الأشهر والأسابيع القليلة المتبقية لها تتحوّل، كما يقول الأميركيون إلى «بطة عرجاء»، أي تصبح ضعيفة إلى حدّ يصعب معه مواجهة أيّ ضغوط أو اعتراضات، ويصعب عليها تمرير اتفاقات بمستوى اتفاق روسي – أميركي حول سورية، وخصوصاً في ظلّ اشتداد التنافس والصراع بين روسيا والولايات المتحدة، في أوكرانيا ومناطق أخرى في الأوراسيا.
ثالثاً، الأوضاع الميدانية لا تعمل الآن في مصلحة تعزيز موقف واشنطن في سورية، في ضوء المكاسب التي يحققها الجيش السوري وحلفاؤه على أكثر من جبهة، وفي ضوء تعثر عمليات التحالف الأميركي ضدّ «داعش» في سورية بسبب الصراع بين حليفي الولايات المتحدة الأساسيين، أيّ تركيا وأكراد سورية. وبالتالي فإنّ قبول أيّ اتفاق مع روسيا في ظلّ هذه الأوضاع سينظر إليه كهزيمة إضافية لسياسة الولايات المتحدة في سورية.