الموصل..
نظام مارديني
يطرح التأخّر في تحرير مدينة الموصل الكثير من علامات الاستفهام، رغم أن داعش ينسحب وينكسر في مدينة تلو الأخرى من مناطق سيطرته، إذ جاء تحرير مدينة الفلوجة واستعادتها ليشكلا ضربة قاسمة لهذا التنظيم الإرهابي في العراق غير ان الاسئلة التي طرحها المراقبون هي عما إذا كان تحرير الموصل سيكون متزامناً مع استعادة مدينة الرقة من قبل الجيشين، العراقي والسوري؟ أم أن استعادة المدينتين ستبقى معلقة حتى الانتخابات الأميركية كي يستفيد منها الحزب الديمقراطي ومرشحته هيلاري كلينتون وعلى حساب مرشح الحزب الجمهوري الصاخب دونالد ترامب، رغم نفي سفير الولايات المتّحدة لدى العراق، ستيوارت جونز، وجود أي صلة بين تحرير الموصل وانتخابات الرئاسة الأميركية؟
ويتوقع أن تكون الموصل في الوقت القريب، مسرحاً للصراعات وتصفية الحسابات بين القوى العراقية بفعل الضغط الأميركي الذي يعمل بقوة لفرض شروطه قبل القضاء على داعش، وهو إقامة 3 أقاليم تخضع لحكم فيدرالي ولذلك يُنظر إلى معركة الموصل باعتبارها معركة بسط النفوذ بين الجهات والقوى المشاركة فيها، خصوصاً أن الكرد ينظرون إلى هذه المعركة والمشاركة فيها لأهميتها في رسم خارطة النفوذ داخل العراق في مرحلة ما بعد داعش! ولكن ماذا سينفع إذا زال تنظيم العصر الحجري، وبقيت أنظمة التقسيم الفيدرالي.. لا حرية، ولا عدالة، ولا ديموقراطية، ولا مساواة، ولا حداثة بل البقاء في ذلك المستنقع العرقي، والطائفي، والسياسي!
الأميركيون الذين يبحثون عن كائنات حية في المريخ، لكي يستعبدوها.. هل يظنّ العراقيون، أنهم ينظرون اليهم، أكثر من كونهم منفّذين لمشاريعهم، وسواء أكانت أقدامهم مرصّعة بالذهب الأسود أم كانت مرصعة بالأسطورة السومرية!
لاحظوا كيف يتحدث الاميركيون عن «داعش». لطالما قالوا لا نية لديهم لاجتثاثه وإنما لتكريس الخطوط الحمر.. ولا بأس من أن يُستخدم لاغراض تكتيكية أو استراتيجية، ولكن ضمن هذه الخطوط لأن الإيقاع الهيستيري لهذا النوع من الايديولوجيات لا يقف عند حدود. بدقة متناهية يتم التنسيق بين الاستخبارات الأميركية والتركية و«الموساد» مع هذا التنظيم الإرهابي.
الارض في سورية، كما في العراق وصولاً الى لبنان، تستخدم لإعادة تركيب الهلال الخصيب… فيدراليات تتقاتل.. الآن يطرحون الفيدرالية كوسيلة دستورية للتجزئة، وإن كان الكلام عن إعادة النظر في الخرائط لا يزال على حاله.. ولكن لغوياً، أيهما الأكثر وقعاً: دبلوماسية العصر الحجري أم.. دبلوماسية العصر الطائفي؟
غالباً ما نستحضر سلفادور دالي في مثل هذه الأوقات عودوا الى لوحته حول تسييل الزمن.. عندنا يسيل الزمن غباراً ودماء.. وبكاء على الأطلال!