متى يتحوّل الاتفاق الروسي ـ الأميركي إلى أمر واقع؟
حميدي العبدالله
منذ فترة طويلة، وتحديداً منذ حزيران عام 2012 كانت بورصة التوقعات بشأن اتفاق أميركي روسي حول سورية تتأرجح صعوداً ونزولاً. لحظات يقفز الحديث عن اتفاق إلى واجهة الأحداث، ولحظات يحلّ محله التشاؤم وتظلّ المواقف على تباعدها.
لم يكن الحال على هذا النحو فقط عندما اندلعت الأزمة الأوكرانية وأدّت إلى توتر العلاقات بين موسكو وواشنطن ووصولها إلى حدّ تبادل فرض العقوبات، بل كانت حتى في السنوات التي سبقت هذه الأزمة وتدهور العلاقات الأميركية الروسية. وفي ظلّ هذا الواقع بات مشروعاً وعملياً جداً طرح السؤال عن متى يمكن أن يتحوّل الحديث عن قرب التوصل إلى اتفاق، أو التوصل إلى اتفاقات جزئية سرعان ما يتمّ التراجع عنها، إلى اتفاق شامل ونهائي ويساعد على وضع حدّ للأزمة القائمة في سورية؟
هناك حالتان فقط يمكن معهما أن ينجز الأميركيون والروس، اتفاقاً شاملاً ونهائياً حول الأزمة القائمة الآن في سورية، الحالة الأولى أن ينتصر طرف من الأطراف السورية المنخرطة في الصراع ويفرض أمراً واقعاً لا تستطيع لا واشنطن ولا موسكو تجاهله، أي أن ينجح الجيش السوري بدعم من حلفائه بتطهير المناطق الأساسية التي يسيطر عليها المسلحون الآن، سواء تحقق ذلك بعد عام أو أكثر، أو استطاع المسلحون ومن يدعمهم السيطرة على المناطق الخاضعة لسيطرة الدولة في وقت قريب أو بعد عدة أعوام.
الحالة الثانية، أن يتمّ التوصل إلى صفقة شاملة بين روسيا والولايات المتحدة تنهي الخلاف بين الدولتين حول كلّ القضايا والملفات التي تشكل الآن ملفات الخلاف بين روسيا والولايات المتحدة، أيّ اتفاق ينهي الخلاف حول الدرع الصاروخي، ودور روسيا في النظام الدولي. ومكانتها المميّزة في منطقة الأوراسيا، ولا سيما في المناطق التي شكلت تاريخياً مجال النفوذ الحيوي لروسيا القيصرية والسوفياتية، إضافةً إلى الأزمة الأوكرانية وقضايا أخرى أقلّ تعقيداً.
من الواضح أنّ كلتا الحالتين لم تنضج ظروفهما الآن، ولهذا السبب فإنّ الاتفاق الشامل والناجز بين روسيا والولايات المتحدة حول سورية لن يحدث في وقت قريب، وجلّ ما هو متوقع على هذا الصعيد، استمرار الحوار، واحتمال التوصل إلى اتفاقات جزئية سرعان ما ستنقض وتنهار تحت تأثير التفسيرات المتبادلة والمتعارضة، مثل «جنيف 1» واتفاق وقف العمليات العدائية في نهاية شباط الماضي.