تقرير
تطرّقت صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» الروسية إلى التحضيرات الجارية في روسيا والصين للمناورات العسكرية المشتركة، التي ستُجرى في بحر الصين الجنوبي قرب المناطق المتنازع عليها.
وجاء في المقال الذي نشرته الصحيفة أمس: تُكمل روسيا والصين الاستعدادات لإطلاق المناورات الحربية البحرية المشتركة «التعاون البحري 2016»، التي ستُجرى في بحر الصين الجنوبي خلال الفترة من 11 إلى 19 أيلول الجاري.
ورغم أنّ هذه المناورات المشتركة تنظَّم للمرّة الخامسة، فإنها الأولى في بحر الصين الجنوبي، الذي يعدُّ منطقة نزاعات مختلفة بين الصين وفييتنام وبروناي وماليزيا والفيليبين. ومنذ صيف السنة الحالية، بدأت المدمّرات التابعة للقوات البحرية الأميركية بدوريات منتظمة في المنطقة، رغم دعوات بكين إلى وقف هذه الاستفزازات.
والمناورات الروسية ـ الصينية المشتركة كانت موضع نقاش وراء الكواليس في قمة مجموعة العشرين التي عُقدت في الصين. فقد أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن المناورات البحرية 2016، لا تمسّ مصالح أيّ جهة، وهدفها أمن روسيا والصين. وعلى هذه الخلفية أعلن المكتب الإعلامي لأسطول المحيط الهادئ الروسي عن إبحار مجموعة من السفن الحربية الروسية في الوقت الحاضر، والتي تضمّ سفينتَي «الأميرال تريبوتس» و«الأميرال فينوغرادوف» المضادتين للغوّاصات، وكذلك سفينة الإنزال الكبيرة «بيريسفيت»، وسفينة القطر «ألاتاو» والناقلة «بيتشينغا» باتجاه بحر الصين الجنوبي، إلى القاعدة البحرية الصينية «تشان جيانغ»، حيث ستُجرى المناورات. ويؤكد المكتب الإعلامي في بيانه أن هدف المناورات تعزيز التعاون العملي بين أساطيل البلدين في مواجهة التهديدات المختلفة في البحر.
أما قائد الأسطول الحربي الأميركي في المحيط الهادئ الأميرال سكوت سويفت، فقد اتهم الصين وروسيا بـ«السعي إلى تصعيد الوضع المتأزم في بحر الصين الجنوبي». ولكن، يجب أن نحدّد مَن هو المسبّب الفعلي لتفاقم الوضع في هذه المنطقة؟ فالبنتاغون لا يخفي أن السفن الأميركية تقوم بدوريات منتظمة ودائمة في المنطقة. وقد نشرت المجلة الأسبوعية الأميركية «نيفي تايم» معلومات تفيد بأنّ المدمّرات الأميركية «Stethem» و«Spruance» و«Momsen» ترابط قرب جزر «سبارتلي وهوانيان» في بحر الصين الجنوبي. وتنقل المجلة تصريح المتحدّث بِاسم الأسطول الأميركي كلينت ريمسدين الذي وصف نشاط هذه المدمّرات بأنه حضور منتظم في المنطقة. وبحسب قول المتحدّث، توجد للولايات المتحدة في المنطقة سبع سفن في المنطقة من ضمنها حاملة الطائرات «رونالد ريغان» وطرّادان وأربع مدمّرات، وكذلك الغواصة النووية «ميسيسيبي» المزوّدة بصواريخ مجنحة.
من جانبه، أعلن المتحدّث بِاسم وزارة الدفاع الصينية يانغ يوجين، أن لا أحد يمكنه إخافة القوات المسلحة الصينية. وبحسب قوله، إذا أرادت السفن الأجنبية إثارة مشكلات من لا شيء، فإن بكين تملك بطبيعة الحال الإمكانيات اللازمة للتعامل معها.
أما ممثّل المكتب الإعلامي لأسطول المحيط الهادئ الروسي، فيشير إلى أن هدف هذه المناورات يعكس المشكلات الحقيقية، التي يمكن أن تظهر بسبب الجزر المتنازع عليها، والتي تسيطر عليها الصين حالياً، حيث ستُختَتم المناورات بعملية إنزال بحري وجوي على جزيرة استولى عليها العدو.
هذا، ولم تعلن موسكو ما إذا كانت تدعم بكين في النزاع حول هذه الجزر. ولكن قرار محكمة التحكيم الدولية في لاهاي حكم في 12 تموز الماضي بأنّ الصين لا تملك حقاً تاريخياً في هذه الجزر، حيث بعد صدور هذا القرار بدأت السفن الحربية الأميركية تظهر في هذه المنطقة. ولكن بعد مضيّ بضعة أيام أعلن الزعيم الصيني شي جين بينغ خلال لقائه رئيس مجلس أوروبا دونالد توسك ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، أنّ هذه الجزر جزء لا يتجزّأ من الصين، لذلك سوف تدافع الصين عن سيادتها وأمنها ومصالحها بالسبل كافة.
ومن الواضح أن هدف مناورات 2016، إعادة توازن القوى الذي اختلّ بسبب التعاون الأميركي ـ الياباني، بحسب الخبير العسكري الصيني سون تشين بينغ، الذي قال: لقد سبق أن أجرت الصين وروسيا مناورات بحرية مشتركة في البحر الأصفر وبحر اليابان وبحر الصين الشرقي والبحر الأبيض المتوسط. وبحسب رأيه، يسمح بحر الصين الجنوبي بالقيام بمناورات واسعة الإمكانيات والنطاق. وأشار إلى أنّ موسكو تسعى للوقوف إلى جانب بكين مقابل الحصول على دعم اقتصادي وسياسي وجيوسياسي من جانب الصين في ظل العقوبات الغربية.
ويتفق مع هذا الرأي العضو المراسل لأكاديمية العلوم العسكرية العقيد إدوارد روديوكوف، حيث يقول إن روسيا تنطلق ليس فقط من أسباب جيوسياسية، بل أيضاً عسكرية لمواجهة الهيمنة الأميركية بصورة مشتركة وإمكانية استخدام البنية العسكرية للصين لمرابطة الأسطول الروسي في المنطقة.