موسكو تشكك في نيات واشنطن وتدعو المعارضة للتخلي عن فكرة رحيل الأسد
أعلن نائب وزير الخارجية الروسي، غينادي غاتيلوف، أن موسكو تأمل في أن يدعم مجلس الأمن الدولي، هذا الشهر، اتفاقها مع واشنطن حول سورية، من أجل تجنب تفسيرات خاطئة له. معتبراً أن مرحلة نشطة من المشاورات، بهذا الشأن، ستبدأ في مجلس الأمن الدولي الأسبوع المقبل. ومؤكداً، أن بلاده مهتمة بعدم المماطلة في التوصل إلى اتفاق في هذا المجال.
ولفت غاتيلوف، إلى أن جولة جديدة من مفاوضات التسوية السورية قد تبدأ نهاية الشهر الحالي، بدعوة من المبعوث الخاص للامم المتحدة ستيفان دي ميستورا. منوهاً بأن موسكو تأمل بأن تتخلى المعارضة السورية، مع حلول ذلك الموعد، عن مطالبتها برحيل الرئيس السوري بشار الأسد.
من جهة أخرى، قال غاتيلوف، إن روسيا والولايات المتحدة ستقومان في الأيام القريبة المقبلة، بتدشين مركز تنفيذي مشترك في جنيف، من أجل تنسيق الضربات الموجهة للإرهابيين.
وبدوره، كشف المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة، فيتالي تشوركين، أن من الممكن أن يتخذ مجلس الأمن قراراً لصالح الاتفاق الروسي الأميركي حول سورية، في 21 أيلول الحالي.
وفي السياق، قال مندوب روسيا الدائم لدى مقر الأمم المتحدة في جنيف، أليكسي بورودافكين، إن روسيا تأمل بوصول المساعدات إلى الجزء الشرقي لمدينة حلب، في المستقبل القريب.
بورودافكين، أكد عدم وجود عقبات من قبل دمشق، بخصوص إيصال المساعدات الإنسانية إلى حلب. مؤكدا أن العرقلة تتم من قبل المسلحين. وقال: «من أجل ضمان سير القوافل وإيصال المساعدات الإنسانية، يتوجب الحصول على ضمانات من المسلحين، بأنهم لن يطلقوا النار على القوافل، ولن يطلقوا النار على موظفي الأمم المتحدة، الذين سيرافقون هذه القوافل، لكن مثل هذه الضمانات لا توجد لدينا». وتابع: «على العكس من ذلك، يقول المسلحون أنهم سيقومون بإطلاق النار على كل من سيرافق ويوصل هذه القوافل الإنسانية».
كما نوه المندوب الروسي، بأن التحضير والعمل يتم بخصوص نشر مراقبين من الأمم المتحدة، لمراقبة عمل وسير إيصال المساعدات الإنسانية على طول طريق «الكاستيلو» في حلب. مضيفا: «هنالك تفاهم بأن السيطرة وتأمين الطريق الكاستيلو ، يجب أن يتم من قبل الهلال الأحمر وقوات من الجانب الحكومي السوري».
بالتوازي، أعلنت الخارجية الروسية، أن شكوك واشنطن حول استعداد موسكو للالتزام باتفاق الهدنة في سورية، مضرة وغير منطقية.
وقالت المتحدثة باسم الوزارة ماريا زاخاروفا: «الزملاء الأميركيون ينظرون إلى استعداد بلادنا لتنفيذ الاتفاقات، ويرون أن نظام وقف القتال، بحسب ما تنقل وسائل الإعلام، يعتبر اختبارا لسمعة روسيا، إن طرح المسألة بهذا الشكل أمر غريب».
وأعربت زاخاروفا عن قلقها من مثل هذه التصريحات الأميركية، رغم كل الإنجازات التي تم تحقيقها في جنيف. داعية الجانب الأميركي، إلى التعاون بشكل بناء. مؤكدة أن موسكو تتمسك بضرورة تنفيذ الاتفاق بكل تفاصيله، بما في ذلك إنشاء مركز مشترك للتنسيق. وأوضحت بأن بلادها دعت، منذ البداية، ولا تزال تدعو، إلى نشر كل تفاصيل الاتفاقات التي تحققت بين موسكو وواشنطن في جنيف، حول سورية. وذلك، من أجل تجنب أي تفسيرات خاطئة لها، أو تسريبات.
وقالت إن هذه الاتفاقات، تتضمن كذلك، التزامات واشنطن. مشيرة إلى أنها لا تريد أن تعتبر أن واشنطن تعترض على نشر تفاصيل اتفاقات جنيف حول سورية، لأنها لا تريد الكشف عن مسؤوليتها وفقا لهذه الاتفاقات.
من جهة أخرى، قالت الدبلوماسية الروسية، إن هناك خلافات بين روسيا والولايات المتحدة بشأن جماعة «أحرار الشام»، وعموما بشأن عملية الفصل بين الإرهابيين والمعارضة في سورية.
في غضون ذلك، أطلقت وزارة الدفاع الروسية بثا مباشرا، من خلال «كاميرات» تلفزيونية وأخرى محمولة جوا، بطائرات من دون طيار، لمراقبة الوضع في حلب، عقب الهدنة التي تم التوصل إليها.
أضاف بيان الوزارة، إن البثّ سيكون عبر «كاميرتين» على الأرض، إحداهما في منطقة الخالدية، والأخرى في منطقة جبل تل الجبقجة. كما سيتم لاحقاً، زيادة عدد قنوات البث المباشر في سورية.
ومن جانبه، أوضح إيغور كوناشينكوف، الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية، أن الجيش يستخدم أحدث منظومات رادار الاستطلاع والمراقبة المحمولة «أيستيونك»، لمراقبة نظام وقف إطلاق النار في سورية.
الناطق الروسي، أكد تنفيذ موسكو التزاماتها حول الهدنة في سورية، وفقا للاتفاق مع واشنطن، منذ بدء سريان مفعول الهدنة. مضيفا: إن واشنطن بدورها، تحاول إخفاء عدم تنفيذ التزاماتها. وقال: إن «روسيا تنفذ التزاماتها حول ضمان نظام وقف القتال في أراضي سورية، من الدقائق الأولى». وأبدى استغرابه لتصريحات مختلف ممثلي وزارتي الخارجية والدفاع الأميركيتين، حول آفاق «تنفيذ روسيا» الاتفاق، الذي تم التوصل إليه حول سورية.
وأشار كوناشينكوف، أمس، إلى أن الجيش السوري، هو وحده، من يلتزم بنظام الهدنة، بعد مرور ثلاثة أيام على بدئها، في الوقت الذي تزيد «المعارضة المعتدلة» التي تقودها الولايات المتحدة، قصفها للأحياء السكنية.
وقال إن واشنطن تنوي من خلال «ستار من التصريحات»، على ما يبدو، إخفاء عدم تنفيذها جزءا من التزاماتها، خصوصا في ما يتعلق بالفصل بين الإرهابيين و»المعارضة المعتدلة». وتابع متسائلا: «هناك سؤال يطرح نفسه: أين تلك «المعارضة المعتدلة» التي تحدث شركاؤنا الأميركيون كثيرا عن استعدادها للالتزام بنظام وقف القتال؟».
في هذا الوقت، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، أنها تسلمت من واشنطن قائمة بالمجموعات المعارضة السورية الموالية لها. واصفة «أن ما جرى تقديمه ليس بالدقيق».
وقال فيكتور بوزنيخير، النائب الأول لرئيس إدارة العمليات في هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية: إن عدم دقة المعطيات عن المعارضة، يصعّب من محاربة الإرهاب.
وذكر بوزنيخير، أن القوات السورية بدأت سحب المعدات العسكرية، بغرض إنشاء منطقة منزوعة السلاح، قائلا: «القوات الحكومية السورية أوقفت إطلاق النار، وبدأت بسحب الدبابات والمدرعات والمدفعية إلى مسافات متفق عليها، تنفيذا لشروط إنشاء منطقة خالية من السلاح. القوات الجوية الفضائية الروسية وسلاح الجو السوري، أوقفا قصفهما لمناطق تمركز المعارضة». وأكد أن الاتفاق الروسي الأميركي ينص على سحب السلاح من قبل القوات السورية والمسحلين بشكل متواز.
وحول انتهاكات نظام وقف إطلاق النار في سورية، أكد بوزنيخير أن عددها ارتفع إلى 45 انتهاكا، خلال الساعة الـ 24 الماضية، قائلا: «يثير القلق الازدياد المستمر لعدد الانتهاكات من قبل تشكيلات المعارضة. في اليوم الأول رصد 23 انتهاكا، وفي اليوم الثاني 37 انتهاكا، وفي الثالث 45 انتهاكا. وترون على الشاشة معطيات الرصد الموضوعية، التي تشير إلى قصف الأحياء السكنية لمدينة حلب، ومواقع القوات الحكومية في اللاذقية، من قبل المعارضة المعتدلة». واعتبر أن ارتفاع عدد حالات القصف، مرتبط بشكل مباشر بأن «الجانب الأميركي لم يقم، حتى الآن، بالفصل بين المعارضة المعتدلة و»جبهة النصرة».
إلى ذلك، أكد رئيس مركز التنسيق الروسي في حميميم، فلاديمير سافتشينكو، في مؤتمر صحافي، أن الجيش السوري بدأ بالانسحاب من طريق «الكاستيلو»، تمهيداً لإدخال المساعدات إلى أحياء حلب. فيما نقل عن مصدر عسكري رصد حشود للجماعات المسلحة بمحيط «الكاستيلو».
هذا ونقلت وسائل إعلام عن مصادر سورية رفيعة، قولها، إنّ الجانبين الروسي والسوري وضعا آليات لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات. نافياً تصريحات المبعوث الخاص للأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا، حول عدم تقديم الحكومة السورية التسهيلات لإدخال المساعدات. مؤكداً أن الاتفاق نص على صلاحية الحكومة السورية بمراقبة عملية إدخال المساعدات، ولا علاقة لمجلس الأمن. كما نفت المصادر أن تكون دمشق تلقّت من المبعوث الدولي أي شيء حول آليات هذه العملية.
وكان دي ميستورا شرح، في وقت سابق، أمس، أن القافلة لا يمكنها ان تنطلق طالما لم يتم التحقق من سلامة طريق «الكاستيلو»، التي تقود إلى شرق حلب. وأن الأمم المتحدة تنتظر تأمين هذه الطريق بموجب الاتفاق الاميركي- الروسي.
أضاف دي ميستورا: إنه «ما إن يتم تأمين طريق الكاستيلو، ستقوم الأمم المتحدة بإبلاغ الحكومة السورية بتفاصيل المساعدات التي تنقلها الشاحنات، والتي ستكون «مختومة». وقال، إن المساعدات المرسلة الى حلب تحظى «بوضع خاص»، وبذلك لن يكون للسلطات السورية الحق في التحقق من محتوى الشاحنات، على أن تبلًغ الامم المتحدة دمشق مجدداً بكميات المساعدات التي تم تسليمها، بعد توزيع المساعدات.
وفي وقت سابق، أعلن منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، يان إيغلاند، أن حوالى عشرين شاحنة تنقل مساعدات إنسانية من الامم المتحدة إلى شرق حلب، عبرت الحدود التركية وتنتظر في «منطقة عازلة» تقع بين تركيا وسورية، للدخول إلى المدينة. معرباً عن أمله في أن تُوزع المساعدات اليوم الجمعة في الأحياء الخاضعة لسيطرة المعارضة، في شرق حلب، حيث يعيش قرابة 250 ألف شخص.
إيغلاند قال: إن النبأ المفرح فعلا، يكمن في تأكيد موظفي الأمم المتحدة، العاملين في سورية، أن وقف القتال يعمل فعلا ولم تقع خلال 24 ساعة أي عمليات قتل للمدنيين. وبعد فرض وقف إطلاق النار، توقفت الهجمات على المدارس والمستشفيات.
أضاف: إن الخبر السيء، هو أن الأمم المتحدة والشركاء لا يمكنهم استخدام هذه «الفرصة السانحة» لإيصال المساعدات الإنسانية لمن يحتاجها. مشيرا إلى أن شاحنات الامم المتحدة، المحملة بالمساعدات الإنسانية، تقف منذ يومين عند الحدود مع سورية. وهي مستعدة للتوجه نحو المدن السورية المختلفة، فور استلام موافقة سلطات دمشق. ولكن لم تصدر هذه الموافقة حتى الآن.
من جانبه، أعلن دي ميستورا، أن موافقة دمشق كان يجب أن تصدر يوم 6 أيلول، لكن حتى الآن، لم تصل هذه الورقة. وقال: «هل أصبنا بخيبة أمل؟ طبعا خابت آمالنا. واليوم، خلال جلسة مجموعة العمل الهادفة الخاصة بالشؤون الإنسانية في سورية، أعربت روسيا عن خيبة أملها أيضا، من عدم تحرك الوضع في مسألة رسائل السماح. يجب علينا أن نتحرك بسرعة أكبر في موضوع منح صفة خاصة لطريق الكاستيلو».