خطيئة البرزاني.. وأخطاء الـ «ب ي د»!

نظام مارديني

مثَّل العدوان على سورية فرصة لتظهير وتعزيز رهانات رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني الكبيرة للقبض على ورقة أكراد سورية، إلا أن جميع محاولاته باءت بالفشل، بسبب رفض حزب «الاتحاد الديمقراطي» برئاسة صالح مسلم، الارتهان لسياسات البرزاني وعلاقته المتشعبة مع الاستخبارات التركية، وهو الذي يعيش اهتزاز موقعه داخل الإقليم.

من الواضح أن الأميركيين الذين انشأوا «كردستان العراقية» كخطوة نحو «كردستان الكبرى»، رعوا مسعود البرزاني كحالة استخبارية لا كحالة سياسية.. ولكن الأسئلة التي تُطرَح هنا، ما الذي أراده البرزاني من الهجوم على حزب الاتحاد الديمقراطي الـ «ب ي د» خلال مقابلته مع صحيفة «لوموند» الفرنسية؟ وهل أراد من هذا الهجوم «بيع» موقف لحليفه أردوغان؟ وهل يؤكد هذا الهجوم مباركة حكومة الإقليم، لتوجيه ضربات تركية لحزب الاتحاد الديمقراطي بالمستقبل القريب في الحسكة؟ ولماذا الحشود التركية التي قيل إنها على حدود رأس العين؟

لقد أدّت السياسات العدوانية التركية، من خلال فتح بواباتها أمام جحافل الإرهابيين، إلى إضعاف الدولة السورية، ووفّرت فرصة سانحة استغلتها الاستخبارات الأميركية والبريطانية لدفع بعض كرد سورية إلى الركض وراء حلم الفيدرالية، وهو الحلم الأشبه بالـ «نقش على ماء»، على حد تعبير جورج طرابيشي. الأمر الذي انعكس على هذا البعض وبالاً، خصوصاً بعد الغزو التركي للاراضي السورية وتخلي أميركا عنهم.

تدرك أنقرة حقيقة أنها عندما تضعف دولة مركزية متنوّعة الطوائف والاثنيات، فإنها بالتالي ستؤدي الى خلق كيانات عنصرية متعددة. هذه «الفوضى الخلاقة» دفعت حزب الاتحاد الديمقراطي، لتنظيم بعض كرد سورية لحماية مناطق تواجدهم من التنظيمات الإرهابية، إلا ان طموحات هذا الحزب في تأسيس كانتون «روج آفا» اصطدم، إضافة إلى رفض الدولة السورية له، كما ورفض مكونات محافظة الحسكة لهذا التوجه، ولم ينفع تمثيل بعض الاسماء العربية او السريانية في التغطية على التوجه العنصري للمهيمنين على هذا الكانتون، خصوصاً أن البيان التأسيسي للنظام الديموقراطي الاتحادي في «روج آفا» كرّس الهويات العرقيةً والمذهبية للمكوّنات وكأنهم «شعوب ومجتمعات».. وسرعان ما كشف سلوك حزب الاتحاد الديمقراطي السلبي والعنصري مع المواطنين في كل من القامشلي والحسكة، وهو ما دفع حتى بوزير خارجية حزب العمال الكردستاني، رضا ألتون، إلى انتقاده واعتباره تسمية «روج آفا» عنصرية بامتياز جريدة السفير – 2016-07-26 .

إن هذا البعض من كرد سورية التائه «الاتحاد الديمقراطي»، وقع في خطيئته الكبرى خلال اصطدامه مع القوى الأمنية السورية في مدينة الحسكة، بعدما أوحى لهم الأميركيون أنها فرصة سانحة لهم لوضع يدهم على محافظة الحسكة وهو ما لم ولن يحصل، رغم أن معركته واحدة مع الدولة السورية ضد القوى التكفيرية، وها هو بسبب سلوكه تجاه مواطني محافظة الحسكة يفتح الباب واسعاً أمام غريمه الحزب الديمقراطي الكردستاني برئاسة البرزاني ليكون بديلاً له في وجدان «كرد سورية»..

لطالما كان «أكرادنا» ضحايا أحزاب السراب.. وأن مواقفهم الغرائزية، والثأرية، حيال سورية، تحوّلت مهزلة.. خلاصهم ليس في ان يكونوا الدولة المقبرة، بل خلاصهم في الدولة السورية الكبرى.

يقول لنا «كردي» دمشقي عتيق «إن ثمة قوى دولية، وحليفة لـ «إسرائيل»، تخطط لإزالة سورية، من خلال فيدراليات تشعل حرب المئة عام بين السوريين».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى