العدوان الأميركي.. انكشاف المضمَر
نظام مارديني
لا ليس مستغرباً العدوان الأميركي المباشر و«الممنهج والمخطط له»، بحسب وصف المستشارة السياسية والإعلامية في الرئاسة السورية بثينة شعبان، على مواقع الجيش السوري دعماً لـ «داعش»، فهو لطالما قصف مواقع الجيش العراقي والحشد الشعبي لدعم التنظيم الإرهابي، ولكن الجديد في العدوان الأميركي، عدا أنه شكّل الخرق الأكثر دمويةً وخطورة، استخدامه أجهزة تشويش على الرادات السورية قبل العدوان وذلك تمهيداً لهجوم الإرهابيين على جبل ثردة بمحيط مطار دير الزور العسكري، الذي احتلوه لبعض الوقت قبل استعادته من قبل الجيش السوري، إضافة إلى أن الهجوم الأميركي يُراد منه اعادة «داعش» إلى الصدارة في محاولة لتغييب «النصرة» عن الوجهة الإعلامية، خصوصاً أن التنظيم الارهابي الأخير شكل ولا يزال خلافاً بين لافروف وكيري الذي يتهرب من فرز الجماعات الارهابية عما يسمى بـ «المعارضة المعتدلة».
فالعدوان الذي استمر 40 دقيقة، وتم على مرحلتين، أضعف فرضية حدوث «خطأ»، كما بررت واشنطن.. ذلك أن الخطأ غير ممكن عندما تكون كل إحداثيات ومواقع الجيش السوري بحوزة طيران التحالف، منذ سنتين.. فهو كشف عن انقسام وخلاف داخل الإدارة الأميركية في ضوء رفض وزارة الدفاع «البنتاغون» اتفاق الهدنة مع روسيا في سورية. هذا الانقسام هو ما دفع موسكو للتساءل، مَن يحكم أميركا، البيت الابيض أم البنتاغون!؟
صحيح أن هذا العدوان لم يكن الأول الذي ينفذه طيران «التحالف الأميركي» الذي تقوده الولايات المتحدة، إذ كان قد استهدف خلال الأشهر الماضية للعديد من المنشآت والبنى التحتية في سورية، كما ارتكب في تموز الماضي مجزرة دموية في قرية طوخان الكبرى شمال مدينة منبج بريف حلب راح ضحيتها أكثر من 120 شهيداً مدنياً.
في اللحظة ما قبل الأخيرة، اشتغل العقل الإجرامي الأميركي.. فهل كان يريد اقفال الباب أم نصف الباب في وجه موسكو!؟ سؤال يطرحه المراقب، إلا ان الغريب من غارات «التحالف الاميركي» أنها تزامنت مع العدوان الصهيوني في الجنوب القنيطرة على مواقع الجيش السوري دعماً لـ «النصرة»، والعدوان التركي في الشمال الذي اضطر إلى تبديل وجه «داعش» بقناع «الجيش الحر».
الذئاب التي سعت لتكمل مهمتها على أفضل وجه.. سورية محطمة، العراق مستنقع، تزعزعت بعد هذا الانتقال الصاعق من إدارة الخيوط من الخلف الى الخنادق المباشرة.. وفي نهاية المطاف، من أجل «إسرائيل».
كل قنابل العدوان الأميركي لن تكون مجدية على الأرض، رغم أنها قواعد جديدة للعبة الدموية بحق شعبنا وهي رسالة: إما المضي في ثقافة الصحارى أو التفاعل مع لغة القرن الأميركي!
منذ قرنين تماماً، وفي مؤتمر فيينا 1815 قال كلمنت ميترنيخ «لا تسويات مقدّسة، ولكن من قال إن الحروب مقدسة؟».
كتب وليم كريستول «لقد خرج البرابرة من الثلاجة».. القلة سألت، ولكن «مَن صنع هؤلاء البرابرة؟».