عون يتطلّع إلى 13 تشرين: علامة فارقة لإنقاذ لبنان
هتاف دهام
لا يعاني لبنان من خلط في التوقعات، إنما يترنّح بين أجواء من التفاؤل والتشاؤم لجهة المبادرات الرئاسية والمفاوضات الجارية على أكثر من صعيد.
حسم تيار المستقبل أنّ جلسة 28 أيلول ستكون على غرار الجلسات الـ 44 لعدم اكتمال النصاب. لن يعود الرئيس سعد الحريري إلى بيروت قبل الأربعاء المقبل بغضّ النظر عن همس المقرّبين منه أنّ الأمور تتجه لتبنّي خيار انتخاب رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون.
ينطلق تشاؤم الرئيس فؤاد السنيورة من الحسابات الإقليمية أن لا حلّ قبل انقشاع الرؤية في المنطقة، ومن العلاقة التصادمية السعودية الإيرانية وعدم رغبة المملكة بانتخاب الجنرال رئيساً.
يقرأ الرئيس نبيه بري التطورات بواقعية. رفضه انتخاب العماد ليس مبدئياً. موقفه مرتبط بلحظة التوافق معه حول الملفات كافة في مرحلة ما بعد الرئاسة، من تشكيل الحكومة وتوزيع الحقائب السيادية وصولاً إلى سياسات الرئيس تجاه القضايا المختلفة.
يتعاطى حزب الله بكثير من الحذر مع الوعود التي يسرّبها حزب المستقبل وفي الوقت نفسه، أعلن على لسان مسؤوليه أن تبني الحزب للجنرال نهائي وليس ظرفياً. فمن أراد، كما قال نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، «أن ينتخب رئيساً للجمهورية، ليس له إلا تجاه واحد يوصل إلى رئيس تكتل التغيير والإصلاح ولن تتمكن تطورات المنطقة سواء أكانت سلبية أم إيجابية أن تغيّر هذا المسار في لبنان، سوى أنه يمكن لكلّ هؤلاء أن يعطّلوا، وأن يستمرّ الشغور الرئاسي، وهذا ما عملت عليه السعودية في كلّ المرحلة السابقة، لكن لا يمكنهم الإنجاز كما يريدون ويطمعون».
في الرابية، يعيش العماد عون هدأة نفس ويقيناً أنّ من يخوض معركة الميثاق هو المنتصر. الميثاق هو العهد. لبنان مرتكز هذا العهد. لا يمكن الخروج عن الميثاق من دون أن ندكّ جدار الشراكة الوطنية. ينظر إلى 13 تشرين الأول المقبل كبارقة وعلامة فارقة لإنقاذ لبنان من براثن التسلط والعدائية بين مكوناته واندثار الشراكة. وينظر إلى 28 الحالي كفرصة متاحة لاختصار المخاض لإرساء حكم الأقوياء.
بالنسبة إلى التيار الوطني الحر، لن تكون المعركة خاسرة مهما كانت الظروف. تجاوزت أدبياته الأسماء والتعيينات وما شابه إلى ما هو أهمّ، إلى الشراكة الوطنية. ما يفرّقها عن سواها أنها معركة ميثاقية بامتياز بمفهوم الشراكة. ليست معركة سلطوية إنما معركة حقوق. ليست معركة مكتسبات وامتيازات إنما معركة دور. إذا انتخب «العماد» رئيساً من ضمن ما يُسمّى انتصار الميثاقية على ما عداها من اعتبارات، انتصار للبنان بحدّ ذاته.
تنطلق معايير قوة موقف الرابية من أربعة عناصر. الأول هو عنصر التصميم ويشكل رسوخ الموقف. لا عودة بعد اليوم إلى التجارب الماضية التي أهملت الشراكة الوطنية. مع العلم أنّ حزب الله أكد أنّ الاستمرار في اضطهاد التيار الوطني الحر قد تحوّل إلى اضطهاد للمسيحيين ككلّ في لبنان، ونحن جميعاً ندرك أنّ الاضطهاد والحرمان يؤدّيان إلى هزّ مقوّمات الدولة والاستقرار. وإذا كان البعض في التيار العوني أشار إلى حقوق المكوّن المسيحي، فكان يحرص على قَرْن ذلك بالقول إنّ ضرب أيّ مكوّن هو ضرب للشراكة.
وتتحدّث أوساط البرتقاليين عن عنصرين إضافيين لا يمكن إغفال أهميتهما بالنسبة للاستحقاق الرئاسي. هما يحفزان نوعاً من أنواع التفاؤل بأنّ السير في المسار الصحيح يرسخ حكم الأقوياء المنبثق عن وثيقة الوفاق الوطني.
العنصر الأول: التقاء الأضداد حزب الله والقوات اللبنانية على انتخاب العماد عون رئيساً، وإنْ كانت نظرتهما إلى المصلحة الوطنية بالعناوين الكبيرة والتفاصيل الصغيرة قد لا تكون متطابقة. التقاء الأضداد بحدّ ذاته مهمّ في التفاؤل الذي يعيشه العونيون. وهو تفاؤل واقعي وحذر.
العنصر الثاني يستند إلى قول المكونات السياسية المناوئة تقليدياً لسياسة الجنرال بضرورة تفاهم المسيحيين. هذا التفاهم تكرّس باتفاق الأكثرية الساحقة من المسيحيين، أو بما بات يُعرَف بإعلان النيات بين الرابية ومعراب. فضلاً عن الموقف الثابت لحزب الطاشناق من دعم وصول رئيس تكتل التغيير والإصلاح إلى قصر بعبدا.
أما العنصر الرابع المستجدّ بالنسبة إلى «الوطني الحر»، فإنّ تيار المستقبل الذي يعيش نوعاً من الإرباك لا يزال على الأقلّ بالنسبة للرئيس الحريري وحلقته الضيّقة، متفاعلاً مع انتخاب عون رئيساً للجمهورية، بما يصل منه إلى الرابية من إشارات. يضع البرتقاليون العنصر الرابع في خانة عناصر أملهم أن يكون في «الأزرق» آخر المطاف نوع من انتفاضة ذاتية على واقع الحال وتبنّي خيار حكم الأقوياء وحسم خياره في هذا الاتجاه.
بانتظار ما سيصدر اليوم عن تكتل التغيير والإصلاح ، فإنّ بيان اجتماعه الثلاثاء الماضي، كان دالاً جداً لجهة أنّ رسم تحرّكه البياني تصاعدي تعبوي. ليس رسماً تخديرياً، تخاذلياً، تسووياً.
يقول العونيون: لسنا تيار انتظارات. نحن تيار تصميم، تفاؤل وأمل. لا عودة إلى الوراء بموضوع الشراكة الوطنية. وإذا كانت الإشارات سلبية في 28 أيلول فسنزخم تحركنا المزخم أصلاً والمتجه إلى 13 تشرين.