عودة سريعة للجان المشتركة الأميركية الروسية في جنيف لتعويم التفاهم العونيون يستعدّون لجولات التصعيد… ولا آفاق لتسويات تنعش الحكومة

كتب المحرر السياسي

بدا الأميركيون في حال مَن ذهب لتعريض التفاهم مع روسيا للخطر، من دون أن يملك بدائل، فلم يكــد الجيش السوري يعلن وقف العمل بأحكام الهدنة، حتى أعلن وزير الخارجية الأميركي جون كيري أنّ اللجان الروسية الأميركية عادت للاجتماع في جنيف للبحث في سبل تعويم الهدنة والتعاون الذي نص عليه التفاهم بين موسكو وواشنطن، بينما كان الوضع الميداني في كلّ الجبهات قد صار مفتوحاً على الاحتمالات كلهــا، وفي قلبها شكل الردّ الموجع الذي يخشاه الأميركيون على الغارة التي استهدفت الجيش السوري في دير الزور، فيما اعتبر رداً على رسم سورية لخطوط حمراء بالصواريخ التي أطلقها الجيش السوري على الطائرات «الإسرائيلية»، ويخشى الأميركيون بعد فشلهم في تحويل دخول المعونات إلى شرق حلب إلى أيدي المسلحين وفي ظلّ الوضع الصعب للجماعات المسلحــة في مناطق مختلفة، أن يكون الردّ بخطــوات ميدانية تغيّر الوضع الجغرافي العسكــري فــي شرق حلب أو جنوبها أو في جــوار دمشق أو في جبهة القنيطرة.

الاجتماع المرتقب بين وزيري الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف اليوم في نيويورك ربما يكون، وفقاً لمصادر إعلامية روسية، الفرصة الأخيرة لتعويم التفاهم وأحكامه، قبل الدخول في جولة حرب قاسيــة، تستدعي بعد وقوعها جولة تفاوض تُدخل تعديلات تتناسب مع المتغيّرات التي تنتج ميدانياً، والتعويم وفقاً للمصادر بعد أسبوع هدنــة التزمت بها سورية وروسيا وخرقها الأميركيون والجماعات المسلحة، يعنــي ربط ثلاثيــة العــودة للهدنة، ودخول المساعــدات بالبدء بتطبيق الشق الخاص بالتعاون في الحرب على الإرهاب، الذي يقوم على تنسيق الغارات الجوية بين موسكو وواشنطن بعدما أضافت غارة دير الزور الحاجة لضمّ دمشق إلى التنسيق.

اليوم الفاصل في مصير الهدنة، يمرّ عادياً في لبنان، مع استعدادات أعلن التيار الوطني الحر أنه ماضٍ بها نحو موعدي الثامن والعشرين من أيلول والثالث عشر من تشرين الأول، لنزول متدرّج إلى الشارع يربط به تظهيــر القوة ودعوة خصومه للعودة إلى تفاهمات تتناســب مع الإقرار بحجمــه ومكانته التمثيلية كشرط لعودته إلى الحكومة والحوار، وصولاً إلى بحث بمنطق الشراكة للاستحقاق الرئاسي يراه عبر وصول زعيمه العماد ميشال عون إلى قصر بعبدا، بينما بدت المساعي والاتصالات الهادفة لإنعاش الحكومة من الشلل، هي الأخرى في حال الشلل.

سلام من نيويورك: لا للتوطين

كرر رئيس مجلس الوزراء تمام سلام من نيويورك رفض لبنان المطلق للاندماج ومنح الجنسية أو أي شكل من أشكال التوطين الدائم للنازحين السوريين، مشدداً على أهمية أن تعلن الأمم المتحدة خطة مفصلة وواضحة لعودة السوريين إلى بلدهم كإجراء لمحاربة إرهاب الأجانب، بما يفتح الآفاق أمام خطوات ملموسة تتخذ فور أن تسمح الظروف بذلك».

وشدد سلام الذي ترأس وفد لبنان في افتتاح مؤتمر الامم المتحدة للاجئين والنازحين في مقر الجمعية، على «وقف العنف في سورية وايجاد حل سياسي يسمح بعودة آمنة وكريمة للنازحين الى بلدهم».

«التيار»: الكرة في ملعب الحريري

على صعيد الأزمة الداخلية، لن يحدد تكتل التغيير والإصلاح موقفه النهائي خلال اجتماعه الأسبوعي اليوم في الرابية، بانتظار جلسة انتخاب الرئيس في 28 الحالي، كما أكدت مصادر نيابية في التيار الوطني الحر لـ «البناء»، التي أشارت إلى أن «الأمور مرهونة بما سيقرره رئيس تيار المستقبل سعد الحريري بعد عودته الى لبنان، فالكرة باتت في ملعبه، بعد أن بعث التيار للحريري رسائل عدة، مفادها أننا نريد موقفاً حاسماً ونهائياً وواضحاً بما يخص التسوية الرئاسية ولم نعد نستطيع انتظار الأخذ والرد والمماطلة والتمييع والتسويف. فليعد الحريري الى لبنانيته ويأخذ زمام المبادرة ويختار ويحدد أجوبته على تساؤلاتنا قبل أن يداهمنا الوقت ويأتي موعد 28».

وتساءلت المصادر: هل كلام السنيورة عن رفض المستقبل انتخاب عون هو محاولة من بعض «الصقور الزرق» قطع الطريق على ثنائية عون – الحريري أم توزيع للأدوار داخل «التيار»؟ ورفضت المصادر تحميل مسؤولية تعطيل التسوية وعرقلة انتخاب الرئيس القوي لأي من الأطراف قبل محطة 28، إذ من يتخلف عن انتخاب عون حينها سيتحمل المسؤولية. وتحدثت المصادر عن بعض المؤشرات الايجابية التي تصب في اتجاه انتخاب الجنرال، «فجلسة 28 ستشكل فرصة لاختبار احترام الاطراف للميثاقية». في المقابل تؤكد المصادر أن «التيار الوطني الحر لا زال متمسكاً باتفاق الطائف على الرغم من عدم تطبيقه حتى الآن لا سيما إقرار قانون انتخاب جديد عادل».

28 أيلول إشارة الانطلاق…

وحذرت المصادر من أن عدم انتخاب عون في جلسة 28 الحالي سيكون إشارة انطلاق للتحرك الشعبي سيتخلله موقف حاسم ومفصلي وتصعيدي وصريح للعماد عون، وتساءلت: مَن يمنع عودة الحريري الى لبنان وزيارته عون والحوار معه بكل صراحة وعمق ومسؤولية وطنية؟ ولمَ هذا الموقف السلبي من الجنرال الذي إذا ما استمر سيجرنا الى موقف مماثل من الحريري وتياره، مضيفة: نحن مستعدون للنزول اليوم الى المجلس في حال تم التوافق على عون، ولم تؤكد المصادر ولم تنف حصول اللقاء بين الحريري وباسيل في باريس».

وعلى صعيد مشاركة التيار في الحوار الوطني، ترى المصادر نفسها أن لا مانع لدينا من العودة الى الحوار لكن ليس قبل أن يقدم الطرف الآخر ما يطمئن التيار وجمهوره وليس قبل 28 الحالي، وعلى صعيد الحكومة لفتت الى أن «الاتصالات تراوح مكانها بانتظار عودة الرئيس سلام من نيويورك».

عون: المشكلة ليست مع بري

ونقلت المصادر عن عون قوله لـ «البناء» إنه ينتظر حتى 28 الحالي وبعده ستكون مرحلة جديدة، معولاً على الشعب اللبناني الذي لن يقبل بضرب الميثاقية، وشدّد على أن المشكلة ليست مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري كما يُشاع، مذكراً بمحطة 2006 عندما ضرب السنيورة مبدأ الميثاقية باستمرار عمل حكومته آنذاك من دون الوزراء الشيعة ونزول قوى 8 آذار والعونيين الى الشارع، ولفت عون الى ضرورة أن تقف كل الاطراف مع التيار والمسيحيين لاستعادة حقوقهم والحفاظ على الميثاقية والشراكة، مبدياً استعداده للقاء الحريري في اي وقت.

«المستقبل»: متمسكون بفرنجية

يختلف الأمر على الضفة المستقبلية، فتؤكد مصادر نيابية في التيار الأزرق لـ «البناء» أن «اجتماع تكتل المستقبل اليوم سيكون فرصة لتوضيح كل المعلومات والإشاعات التي ساقها البعض»، وتجزم بأن «موقف الكتلة لم يتغير حتى الآن ومتمسكة بترشيح رئيس المرده الوزير سليمان فرنجية ما ينسف كل تسريبات الأيام الماضية. فالحريري قدم مبادرته وعلى الآخرين تقديم خطوات غير العنوان العريض المتمثل بانتخاب عون أو لا أحد». ونفت المصادر «وجود انقسام داخل المستقبل أو توزيع أدوار، رغم وجود وجهات نظر متعددة داخل الكتلة، لكن عندما يستقر الرأي على موقف، فالجميع يلتزمون بموقف الحريري».

..ومنفتح على خيارات بديلة

وتوضح المصادر أن «تبني المستقبل ترشيح فرنجية لا يعني إقفال الأبواب على أي طروحات أخرى نراها مناسبة من ضمنها العماد عون. ونحن تواصلنا مع التيار الحر من هذا المنطلق، كما لم نستبعد خيارات بديلة من بينها الرئيس الوسطي الذي يحتاج توافق الجميع بمن فيهم فرنجية وعون». وإذ تنفي المصادر لقاء الحريري – باسيل في باريس، حذرت من أن إصرار التيار على لغة التهديد والوعيد في الشارع يعني إدخال لبنان بمرحلة شبيهة بالثمانينيات أي احتكار عون لرئاسة الجمهورية الذي نعترف له بحيثيته الشعبية على الساحة المسيحية، لكنه ليس الأوحد وحتى حزب القوات الذي يؤيده للرئاسة لا يوافقه الرأي في الملفات الأخرى.

الحريري دفع أثمان مواقفه

وتذكر المصادر بحوار عون – الحريري الذي كاد يتبنى عون للرئاسة، لكنه لم يثبت حتى الآن بأنه على مسافة واحدة من الجمع، وتوضح أن «السعودية لا تملي على الحريري ولا على المستقبل ولا يهمها اسم الرئيس بقدر توافق اللبنانيين عليه، لكنها أكدت أن الحريري يتشاور مع المملكة بملف الرئاسة وغيره، لكن القرار بيده وهو الذي دفع ثمن بعض مواقفه في بيئته وقاعدته الشعبية من بينها ترشيح فرنجية».

وتجزم المصادر بأن جلسة انتخاب الرئيس المقبلة ستكون كسابقاتها في ظل تمسك الطرفين بمواقفهما إلا إذا حصل مستجد فرض على الجميع الانتخاب. وهذا مستبعد في ظل الظروف القائمة.

المشنوق في عين التينة

على صعيد آخر، وعشية جلسة الحوار الثنائي بين «تيار المستقبل» و«حزب الله» في عين التينة في جولتها الـ33 اليوم، زار وزير الداخلية نهاد المشنوق الرئيس بري في عين التينة وعرض معه الأوضاع العامة.

وسيبحث المتحاورون جدول الأعمال العادي المتضمن أزمة رئاسة الجمهورية وتخفيف الاحتقان المذهبي. وأكدت مصادر المستقبل لـ «البناء» استمرار الحوار الثنائي الذي رأت فيه مصلحة للبلد رغم كل الظروف وحتى لو لم يؤد الى نتائج فعلية، لكن لا يجوز قطع حبل الحوار والتواصل بين أكبر مكونين على الساحتين السنية والشيعية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى