انطلاق فعاليات ملتقى «المقاومة… ثقافة وانتماء» في دورته الثانية في دمشق تحت عنوان «الجولان بوابة فلسطين»
لورا محمود
تعتمد ثقافة المقاومة في تشكلها على العقل قبل اليد، والروح قبل الرصاصة، فاليوم لا يمكن الانتصار على الإرهاب أو الاحتلال إلا بثقافة المقاومة، هذه الثقافة التي حاول الإعلام الغربي وبعض وسائل الإعلام العربية تغييب مفهومها عن مجتمعاتنا العربية عبر استخدام المفاهيم والمصطلحات المذهبية والطائفية.
وانطلاقاً من رؤية وزارة الثقافة ودورها البنّاء في استنهاض ثقافة المقاومة ومدّ الجسور مع المثقفين المقاومين وإعادة إحياء أدب المقاومة، أقامت مديرية ثقافة ريف دمشق، برعاية وزير الإعلام محمد الأحمد فعاليات الدورة الثانية لملتقى «المقاومة ثقافة وانتماء» بعنوان «الجولان بوابة فلسطين» في مكتبة الأسد الوطنية بدمشق.
وتضمّن الافتتاح معرضاً للفنون التشكيلية عكس شعور الفنان إزاء وطنه وتشبثه بأرضه المحتلة، إضافة إلى عرض فيلمين قصيرين حمل الأول عنوان «رسائل» وهو كلمات أعرب فيها أبناء الجولان والقدس المحتلة عن حبهم لسورية وتضامنهم معها ومع قيادتها وجيشها حيث تحدث رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس في القدس المطران عطالله حنا والشيخ سلمان العنتير.
بينما جسّد الفيلم الثاني وعنوانه «العميد» قصة عميد الأسرى الشهيد سمير القنطار والمقاومة في الجولان السوري المحتل.
وأكد معاون وزير الثقافة توفيق الإمام في كلمته أنّ المنتصر هو من يصنع الثقافة التي يريدها، لافتاً إلى أنّ صمود سورية أدى إلى ظهور واقع ملموس وتحقيق نصر كبير لمحور المقاومة.
وأشار الباحث في العلوم السياسية الدكتور صادق النابلسي إلى أنّ المقاومة أخذت منذ بداية الحركة التآمرية على سورية موقع المسؤولية والوفاء، مشيراً إلى أنّ هذه المقاومة لم تخذل سورية التي ساندت لبنان دائماً ولم تنفصل عن خياراتها القومية الاستراتيجية. أكد النابلسي أنّ دمشق بقيت عاصمة المقاومة رغم الحرب الكونية عليها.
وفي الجلسة الثانية للملتقى استعرض الباحث في قضية الصراع العربي الصهيوني الدكتور سمير أبو صالح في محور «الجولان نضالاً في الماضي والحاضر» دور أهالي الجولان المحتل قبل وبعد الاحتلال وتواصلهم مع أهالي فلسطين وحرصهم على التمسُّك بالنهج الوطني ووطنهم سورية.
صعب
وقالت مديرة ثقافة ريف دمشق ليلى صعب، في حديث لـ»البناء»: هذا الملتقى ليس مهرجاناً خطابياً مدته ثلاثة أيام، فهو يحمل الكثير من المحاور ونحن نعمل على خطوط متوازية لها علاقة بإيصال الخطاب الفكري وأيضاً العمل على الأرض فالمرحلة الأولى لعملنا كانت في 40 منطقة من مناطق ريف دمشق بعضها يبعد أمتاراً عن المناطق الساخنة وقد استطعنا أن نقوم بنشاطات ثقافية مختلفة حاولنا من خلالها إعادة تكريس ثقافة المقاومة.
أضافت صعب: إنّ القضايا العادلة مثل قضية المقاومة تحتاج إلى منبر قوي وفكر قوي أيضاً ونحن للأسف تعرضنا لحالة من التراخي والتراجع الفكري وأعتقدنا أنّه من المسلم به وأنّ هذه القضايا هي قضايا موجودة وأصيلة، لكننا اكتشفنا أنه اُشتغل علينا إعلامياً قبل أن يعتدى علينا عسكرياً لذا يجب أن يكون الردّ بأدوات الحرب نفسها التي استخدمت ضدنا، ولا بد أن نرتقي بالعمل الثقافي لكي يليق بما يقوم به ويحققه الجيش السوري والمقاومون على الأرض.
وختمت صعب: طالما هناك احتلال فالمقاومة أمر طبيعي وشرعي والحقيقة الغائبة عن البعض أنّ القوانين والاتفاقيات الدولية التي وضعتها الدول العظمى تشرع المقاومة المسلحة، لكنّ هذه الدول تناقض نفسها فهي تتغنى بذلك عندما يكون الاعتداء على أراضيها، لكنها تدين المقاومة عندما تصبح ضدّ مصالحها ولا يُسمح لنا كشعوب بأن نثور على الظلم والاحتلال، بل يُعتبر ذلك إرهاباً لذلك من الضروري أن تكون هناك فعاليات تعيد إحياء الفكر المقاوم الذي سيكون الطريق لتحرير الجولان وصولاً إلى فلسطين.
شرقي
وأكد رئيس جمعية الصداقة الفلسطينية ـ الإيرانية عبد الكريم شرقي، بدوره، أنّ ما يجري اليوم من تحركات دولية وما يقوم به الكيان الصهيوني من محاولات استفزاز في المنطقة، سواء في سورية أو لبنان أو فلسطين، هو محاولة لإبرام اتفاقية ما قبل إنجاز انتصار المقاومة وسورية لأنها تدرك أنّ خروج سورية ومحور المقاومة منتصرين يعني قرب نهاية «إسرائيل» لذلك تحاول أن يكون ملف الصراع مع «إسرائيل» أحد ملفات التسوية في المنطقة مع الملف السوري واليمني والعراقي وهذا ماتخطط له «إسرائيل».
أضاف: نحن نؤمن بأنّ محور المقاومة لو أراد أن يقبل بوجود الكيان الصهيوني والتسوية لما كانت هذه الحرب كلها على مدار هذه السنوات لذلك هذا المحور سينتصر وسيكون أقوى والكيان الصهيوني إلى زوال.
مرشد
وشدّد مدير المراكز الثقافية إياد مرشد في حديث لـ «البناء» على أنّ سورية لم تكن يوماً إلا بلداً مقاوماً، بحكم موقعها الاستراتيجي ودور شعبها الهام في المجال التنويري والحضاري فهو شعب يحمل راية المقاومة مقاوم للتكفير والجهل ومقاوم للأعداء، على كثرتهم، فالشعب السوري ثقافته ثقافة مقاومة منذ القدم ولا شك أننا نمر بظروف استثنائية بحكم الهجمة الأميركية ـ «الإسرائيلية» على وطننا لذلك لا بدّ من تفعيل روح المقاومة وهي موجودة لدى شعبنا لكنّ العمل الثقافي يسلط الضوء على هذا الفعل المقاوم الموجود في أرواحنا وشخصيتنا السورية.
ميداني
أما الدكتورة أيسر ميداني فقد اعتبرت أنّ المشروع الذي أُعدّ للمنطقة انهزم عند صمود الشعب السوري وهم اليوم يستخدمون آخر أوراقهم كي يستطيعوا، قدر الإمكان، إنجاح مشروعهم بضرب سورية التي سيكون انتصارها بمثابة رفع للمعنويات لكلّ شعوب المنطقة التي كانت محبطة منذ عام 1967 والتى استعادت كرامتها بعد تحرير الجنوب اللبناني عام 2000 ثم انتصار المقاومة في تموز 2006 الذي اعتُبر بمثابة نقلة في الفكر العربي المقاوم وكان أيضاً بمثابة الهزيمة الكبرى لـ»إسرائيل».
وأضافت ميداني إنّ الربيع العربي هو في الحقيقة مشروع تخريبي كبير وأعتقد أنّ نصر داريا شكل الإحباط الأكبر لأميركا و»إسرائيل» لذلك كان التدخل الأميركي في دير الزور الذي قالوا عنه اعتداء حدث بالخطأ محاولين أن يستهزئوا بعقولنا وهو في الحقيقة خوف من اتساع رقعة المناطق التي أصبحت تحت سيطرة الجيش السوري وحلفاءه. لذلك نُحيي اليوم ملتقى «المقاومة ثقافة وانتماء» لنقول أننا بفضل الجيش السوري والمقاومة اللبنانية وأيضاً تضحيات الحزب السوري القومي الاجتماعي وتضحيات وصمود شعبنا استطعنا أن نكشف المؤامرة ونخيف العدو الذي استخدم كلّ أدواته لإسقاط الدولة السورية.
وحضر الافتتاح السفير الكوبي بدمشق وعدد من الفعاليات الرسمية والشعبية وتركز محاور الملتقى في اليومين القادمين على المحورين الإعلامي والسينمائي والفني.