سورية: هل السيناريو الأسوأ ما زال قائماً
حميدي العبدالله
في كلّ مرة تتراجع فيها احتمالات التسوية، ويتوقف العمل بالتهدئات التي يتمّ التوصل إليها، يكثر الحديث عن تصعيد كبير سوف تشهده الأوضاع الميدانية يحيل حياة السوريين إلى أصعب مما هي عليه الآن، وما كانت عليه حالهم طيلة سنوات الحرب الماضية.
لكن هل فعلاً السيناريو الأسوأ هذا ما زال قائماً وموجوداً ويمكن أن يكتوي بناره السوريون؟
الإجابة الواقعية على هذا السؤال بعيداً عن الأماني والرغبات، وبعيداً عن المغالاة، تشير إلى أنّ السيناريو الأسوأ لم يعد قائماً وليس موجوداً، وقد يعتقد البعض أنّ السيناريو الأسوأ قد يحدث في حال حدوث حرب عالمية نتيجة لتصادم حلفاء سورية الدوليين والإقليميين، روسيا وإيران وحزب الله ، مع أعدائها وعلى رأسهم الولايات المتحدة وحلفائها، وهذه الحرب، نظراً لما يمتلكه الطرفان سيكون دمارها أكبر وأفظع مما حدث في سورية حتى الآن، ولكن احتمالات هذا السيناريو هي أقرب إلى الصفر، بل أنّ القوى الفاعلة في كلا الطرفين، روسيا والولايات المتحدة، ليس من مصلحتهما الانزلاق أو السماح بانزلاق الأحداث نحو هذا السيناريو، وبسبب ذلك، ربما يمكن الاستنتاج، أنّ السيناريو الأسوأ لم يعد موجوداً.
ما عدا هذا السيناريو فإنّ ما هو متوقع أن تشهد الجبهات ومحاور القتال التي تقلّصت كثيراً وتراجعت مساحاتها بعد تحرير أرياف دمشق وأرياف حمص، وريف حلب من الوجود العسكري، الأكثر خطورة للجماعات المسلحة والذي كان يهدّد بحدوث سيناريو سيّئ للغاية في حال انهيار التهدئات والعودة إلى المواجهة المفتوحة، يمكن أن تصعّد المواجهة، ولكنها لا تمثل سيناريو أسوأ مما واجهه السوريون في السابق.
بديهي القول إنّ رقعة انتشار الجبهات الملتهبة التي ستتركز في محافظة إدلب، ومحافظتي الرقة ودير الزور، ستكون النتائج المترتبة عليها قليلة الوطأة في المدن الكبرى ذات الكثافة السكانية في حلب وأرياف دمشق، وحمص.
في ضوء ما تقدّم فإنّ السيناريوات الأسوأ لأيّ عودة للتصعيد العسكري أصبحت من الماضي، فضلاً عن أنّ المشاركة الروسية في مكافحة الإرهاب، تجعل أفق أيّ مواجهة متجدّدة، العودة إلى التهدئة والبحث عن حلول سياسية، وهو ما لا تستطيع واشنطن تجاهله، لا سيما في ضوء التطورات الميدانية التي تعمل عادة في ظلّ المواجهة المفتوحة بعد تدخل روسيا لمصلحة الجيش السوري وحلفائه.