اشتعال جبهات شرق حلب… ومصر تعرض «انفتاحها على كلّ أطراف الأزمة» الحريري ليس جاهزاً للبحث الرئاسي… وبري لم يتحدث عن «انسحاب»
كتب المحرر السياسي
شهدت جلسة مجلس الأمن الدولي التي عرض خلالها المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا عزمه الدعوة لجولة جديدة لمحادثات جنيف، سخونة عالية بين وزيري الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف، تضمّنت الاتهامات المتبادلة حول المسؤولية عن إفشال تطبيق بنود التفاهم الذي وقعاه قبل أسبوع في جنيف. وفيما ألقى كيري باللوم على تحليق الطيران السوري كسبب للاستفزاز يترتب عليه دمج المعارضين بجبهة النصرة، سخر لافروف من التفسيرات الأميركية للفشل في فصل المعارضة عن النصرة والتلكّؤ في تنفيذ الالتزامات المنصوص عليها في التفاهم. وبينما أكد كيري على تعليمات صارمة من الرئيس باراك أوباما لمواصلة التحضيرات اللازمة للبدء بالتعاون مع سلاح الجو الروسي فور تثبيت وقف النار ودخول المساعدات، طالب لافروف بتحقيق مهني في احتراق قافلة المعونات التي بادرت واشنطن إلى اتهام موسكو بالوقوف وراءها، التي كشفت ليلاً عن رصدها في توقيت مرور القوافل وتعرّضها للاحتراق لطائرة أميركية بدون طيار، من الطراز الذي يستعمله الجيش الأميركي لقصف القوافل التي يقول إنها عائدة لتنظيم القاعدة في أفغانستان، وهي من طراز بريداتور، بينما كان اللافت حضور الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لجلسة مجلس الأمن وإلقاؤه كلمة غمز فيها من الدور التركي كداعم للإرهاب دون تسميته، عارضاً ما لدى مصر من قدرة ورغبة على المساهمة في ترتيبات وقف النار وإيصال المساعدات وصولاً للمحادثات السياسية، استناداً لرصيد علاقاتها مع جميع أطراف الأزمة والحرب، مؤكداً العلاقة الجيدة بالحكومة السورية، معيداً للواجهة مؤتمر القاهرة للمعارضة كبديل ضمني عن مؤتمر الرياض، تحت شعار تمثيل جميع أطراف المعارضة.
في هذه الأثناء، كانت المؤشرات على تصعيد ميداني تتزايد، مع نشر معلومات عن استعدادات لجبهة النصرة لهجمات نوعية، بينما كانت وزارة الدفاع الروسية تعلن ضمّ المزيد من مدمّراتها إلى وحداتها العاملة في البحر المتوسط لإسناد مهامها الحربية في سورية، وكان الجيش السوري وحلفاؤه يبدأون حملة عسكرية نوعية في خطوط التماس المقابلة لأحياء حلب الشرقية، قالت مصادر عسكرية متابعة، إنها عمليات استطلاع بالنار وتدمير للمنشآت التي أقامتها الجماعات المسلحة مستغلة وقف النار والهدنة، ولكن في الحرب الميدان هو الذي يقرّر الخطوات التالية ففي بعض المواقع تبدو الجبهات خالية وليس من الطبيعي أن لا تتخذ القيادة الميدانية قراراً بالتقدّم إذا وجدت معطيات ميدانية مناسبة.
لبنانياً، لا توقعات لمتغيّرات سياسية قريبة، مع كشف مصادر في تيار المستقبل انشغال الرئيس سعد الحريري بالوضع الداخلي لتياره، ما اضطره لتأجيل مؤتمر التيار الذي كان مقرراً في منتصف الشهر المقبل، وانصرافه عن الشأن الرئاسي، بينما أوضحت مصادر نيابية لـ «البناء» أنّ الكلام المنسوب لرئيس مجلس النواب نبيه بري عن انسحاب من جلسة مجلس النواب، إذا قام الرئيس الحريري بالتصويت للعماد ميشال عون لانتخابه رئيساً للجمهورية ليس صحيحاً على الإطلاق.
ردّ المستقبل لم يصل بعد
يبدو أن لبنان سائر نحو التهلكة، الفراغ الرئاسي مستمرّ الى أجل غير مسمّى، حكومة المصلحة الوطنية على حافة الهاوية، والمجلس النيابي شبه مشلول ينتظر بدء العقد العادي ليعود نبض العمل الى قاعته ولو لجلسة واحدة.
أكدت مصادر مطلعة لـ «البناء» أن الحوار الثنائي بين حزب الله وتيار المستقبل ناقش مجمل القضايا العالقة من بينها رئاسة الجمهورية. ولفتت المصادر إلى «أن حزب الله والتيار الوطني الحر لم يتبلّغا بشكل رسمي موافقة واضحة من تيار المستقبل على ترشيح رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية». وأشارت المصادر الى ان حزب الله أبلغ مقرّبين من تيار المستقبل أنه سيكون إيجابياً في ملف رئاسة الحكومة اذا انتخب العماد عون رئيساً، لكن رد تيار المستقبل لم يتبلغه حزب الله حتى الساعة، علماً ان الرئيس سعد الحريري هو من أراد ان يطمئن الى موقف الحزب، وبعث برسالة له يسأل فيها عن امكانية ان يقبل حزب الله بعودته الى الحكومة مقابل وصول عون الى الرئاسة.
وإذا لفتت المصادر الى «أن بيان كتلة المستقبل اول امس قال إننا لا نزال متمسكين بترشيح سليمان فرنجية وتكتمت المصادر «عما أدلى به وزير الداخلية نهاد المشنوق ومدير مكتب الرئيس الحريري نادر الحريري في الشأن الرئاسي».
وأكدت مصادر التيار الوطني الحر لـ «البناء» «أن الأمور لا تزال تراوح مكانها، فالرئيس سعد الحريري لا يزال عالقاً بين تياره المتصدع ومزايدة الرئيس فؤاد السنيورة عليه في الشارع والقرار السعودي الرافض لانتخاب العماد عون». ولفتت المصادر الى أن «أمل الحريري الوحيد لتصحيح وضعه هو بالدخول في هذه التسوية وحسم الموقف داخل كتلته». ورأت المصادر ان «تاريخ 28 ايلول لن يحمل أي جديد الا اذا حصلت معجزة، فلا مؤشرات توحي اننا ذاهبون الى انهاء الفراغ الرئاسي في جلسة 28 ايلول، وهذا يعني اننا ذاهبون لتنفيذ خطواتنا التصعيدية التي وضعناها».
بري: لم أتحدّث عن انسحاب
يبذل رئيس مجلس النواب نبيه بري جهوداً لإعادة النبض للمؤسسات الدستورية منتصف تشرين الاول، وأشار بحسب ما نقل عنه زواره لـ «البناء» «انه سيدعو الى جلسة نيابية عامة تخلو من بنود تتطلب الميثاقية بعد أول ثلاثاء من 15 تشرين الأول ولن يفرض على أحد الحضور وليحضر مَن يحضر، فهناك تغطية مالية للرواتب واستحقاقات داهمة بـ7 مليارات في بداية العام تنتظر إقرارها، وهذا يحتاج الى جلسة عامة». وأكد بري «أن الرئيس الذي سيصل الى قصر بعبدا يجب أن تعبد له الطريق بالتفاهمات»، مشيراً إلى «أن ما ورد في «السفير» ليس كله دقيقاً، فهو لم يتحدّث مطلقاً عن الانسحاب من الجلسة اذا وافق على الحريري على انتخاب العماد ميشال عون».
الرئاسة ليست في متناول اليد
وأكد رئيس الحكومة تمام سلام أن هناك جهوداً كبيرة تصبّ في ملف الرئاسة، لكن لا شيء جديداً أو ملموساً يؤشر بان الموضوع أصبح بمتناول اليد. وأشار سلام وفي دردشة مع الصحافيين من مقر الأمم المتحدة في نيويورك الى ان «مؤتمر الدعم من اجل لبنان الذي وعد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بعقده في باريس لم يُحدّد موعده بعد، ولكنه تحدّث عن إمكان عقده قبل نهاية السنة».
وكان سلام التقى كلاً من وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ورئيس وزراء استراليا مالكولم تورنبول، بحضور وزير الخارجية جبران باسيل وسفير لبنان في الأمم المتحدة نواف سلام.
روجرز التقى قهوجي
وفي إطار الدعم العسكري الأميركي للجيش اللبناني، وصل الى بيروت قائد العمليات الخاصة في القيادة الوسطى الأميركية اللواء دارسي روجرز في زيارة تستمر حتى بعد غد الجمعة، لمعاينة الشراكة بين القوات الاميركية والجيش اللبناني، والاجتماع مع قادة عسكريين لبنانيين، وتسليط الضوء على العلاقة المهنية المستمرة بين القوات الأميركية والجيش اللبناني، وفي شكل خاص التعاون على صعيد التدريب بين البلدين. وبحث دارسي مع قائد الجيش العماد جان قهوجي بحضور السفيرة الأميركية إليزابيت ريتشارد علاقات التعاون بين جيشي البلدين، خصوصاً في مجالات تدريب الوحدات الخاصة وتجهيزها، وتأمين احتياجاتها في إطار برنامج المساعدات الأميركية المقرّرة للجيش اللبناني.
وقالت مصادر عسكرية لـ «البناء» إن «الزيارة تأتي في إطار مساعدة قيادة الجيش ودعم الجيش ضد الإرهاب وللوقوف عند كيفية استعمال المساعدات العسكرية الأميركية للجيش، خاصة أنه لا يتلقى المساعدات إلا من الولايات المتحدة، والتي كانت الدفعة الأخيرة منها مدافع وذخيرة ووعوداً بتقديم طائرات استطلاع من دون طيار وطائرات هيلكوبتر».
ولفت إلى أن «أميركا حريصة على العلاقة بين قيادة الجيش اللبناني والقيادة الأميركية، لا سيما أن زيارات الضباط اللبنانيين الى واشنطن لم تنقطع، كما أن الجيش اللبناني يشارك في كل المناورات الأميركية في الشرق الأوسط وأثبت كفاءته وخبرته واستعداده في مجال مكافحة الإرهاب».
وشددت المصادر على أن «لا بديل عن التمديد لقائد الجيش الحالي جان قهوجي، لكن وعلى الرغم من دعم أميركا التمديد له إلا أن لا علاقة للزيارة بملف التمديد له»، وأكدت «أن الجيش مستعدّ ويحوز على ثقة الدول بمن فيها أميركا لمواجهة الإرهاب من خلال خطط عدة تمكّنه من صدّ أي محاولات تقدّم للإرهابيين عبر الحدود».
النقل البري إلى الشارع…
وكانت تقدّمت الملفات الحياتية والمعيشية إلى الواجهة في الوقت السياسي الضائع، وشهد يوم أمس اعتصامات نفذها السائقون العموميون مطالبين بإلغاء تلزيم المعاينة الميكانيكية ورفض رفع الرسوم وضرورة إقرار خطة لتنظيم النقل. وأكد المتحدثون باسم اتحادات النقل البري الاتجاه الى مزيد من التصعيد أمام مراكز المعاينة الميكانيكية على أن تحدّد الخطوات اللاحقة الإثنين المقبل، مؤكدين أنهم في صدد التحضير لإضراب شامل وعام.
طليس: صفقات خلف رفع زيادة الرسوم
وقال رئيس اتحاد النقل البري بسام طليس لـ «البناء» إنه «لم يتم تحديد مكان الإضراب الشامل وتوقيته وشكله، لكن دعونا الى تجمّعات واعتصامات أمام مراكز المعاينة الميكانيكية ومصالح تسجيل السيارات في جميع المناطق على أن نبحث في اجتماع اتحادات النقل البري الاثنين تحديد الخطوات المقبلة». وأشار طليس إلى أن لا تجاوب مع مطالبنا حتى الآن، وهناك تجاهل فاضح من قبل المسؤولين، متحدّثاً عن وجود صفقات خلف زيادة الضرائب ورفع الرسوم على الميكانيك من 3300 ل.ل. إلى 33 دولاراً للسيارات ومن 59000 ل.ل. الى 87 دولاراً للشاحنات»، رافضاً الحديث عن الجهة التي تقف خلف هذه الصفقات.
ولفت الى أننا حتى الآن تمكّنا من خلال تحركاتنا من تجميد تنفيذ الصفقة بقرار صادر عن مجلس شورى الدولة بتجميدها، لكن سنعمل على إلغائها بالكامل ومستمرّون بالتحرك، وموقف جميع النقابات موحّد في جميع الأراضي اللبنانية، موضحاً أننا لم ندعُ الى اعتصامات في مدينة صيدا التي سيشملها اعتصام الاربعاء أمام مركز تسجيل السيارات».
القسيس: ندافع عن كل الشعب
أما نقيب أصحاب الشاحنات في لبنان شفيق القسيس، فقال لـ «البناء» إن اجتماع اتحادات نقابات سائقي السيارات والشاحنات والصهاريج الإثنين المقبل، سيبحث اتخاذ قرار بالإضراب والاعتصام أمام مراكز تسجيل السيارات والمعاينة الميكانيكية بكل فروعها إذا لم تتجاوب الحكومة مع مطالبنا». ودعا كل المواطنين إلى المشاركة في الاعتصامات والإضرابات.
وأشار القسيس إلى أننا «لم نتلقَ أي اتصال من المسؤولين لا من رئاسة الحكومة ولا من وزارة الداخلية سوى اتصال من أحد الضباط، موفداً من مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء إبراهيم بصبوص أبلغته خلاله مطالبنا التي تتعلّق بوجود ثغرات في تطبيق قانون السير للشاحنات والمعاينة الميكانيكية ورفضنا دفع رسوم وضرائب جديدة على دفاتر القيادة وفرض تغيير لوحات السيارات».
وأوضح أن «التلزيم أُعطي لإحدى الشركات لمدة عشر سنوات على أن تعود للدولة، لكن ما حصل هو تجديد التلزيم 5 سنوات. والآن تمّ التلزيم لشركة جديدة رفعت الرسوم على تسجيل السيارات والمعاينة الميكانيكية ودفاتر القيادة وفرضت تغيير لوحات السيارات».