العزل السياسي يشعل جلسة برلمانية تونسية
انطلقت جلسات مناقشة القانون الانتخابي الجديد في المجلس التأسيسي التونسي البرلمان ، محفوفة بخلافات حادة حول مادة العزل السياسي التي تسعى بعض الأطراف الراديكالية لفرضها، استعداداً للموعد الانتخابي المقبل، الذي يرجح أن يشهد مفاجأة عودة «الفلول» إلى صدارة الحكم، بعد فشل حكومة الترويكا، وتواضع أداء حزب حركة النهضة وانحصاره في مشروع أيديولوجي إخواني، يعتقد معظم التونسيين أنه سيزيد من عزلة تونس في محيطها العربي والإقليمي والدولي.
ويرى المراقبون أن فقدان حزبي المؤتمر من أجل الجمهورية والتكتل الديمقراطي للعمل والحريات المتحالفين سابقاً مع النهضة للدعم الشعبي، يضاعف خشيتهما من خسارة دورهما المباشر في السلطة، الأمر الذي يفسّر اندفاعهما لإقرار قانون العزل، بهدف استبعاد منافسين جديين، في حين تعمل حركة النهضة بأكثر عقلانية، إذ تطمح إلى التفاوض سرّاً مع أنصار النظام السابق، ولا ترى مانعاً من التعايش معهم في إطار حكم توافقي تفرزه الانتخابات.
المؤتمر يتشدد
في السياق، يرى الأمين العام لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية عماد الدايمي، أن إعادة التجمعيين من قيادات الحزب الحاكم قبل 14 كانون الثاني 2011 إلى تصدّر المشهد، عملية تقف وراءها بالأساس جهات قضائية وإعلامية و«لوبيات» متنفّذة، وفق تعبيره. مرجحاً أن تكون العملية عملية مقصودة، بهدف ضرب مكاسب الثورة، والعودة بتونس إلى الوراء ورسكلة لوبيات المصلحة التي تضرّرت من الثورة، على حد تعبيره. وأعلن الدايمي عن إطلاق حملة وطنية لجمع توقيعات على عريضة لمساندة إدراج فصل العزل السياسي في مشروع القانون الانتخابي. وقال إن هذه العريضة تأتي في إطار مساندة الفصل 15 من القانون الانتخابي لمنع التجمعيين من رموز النظام السابق الذي أسسوا للاستبداد وللمنظمة التي نهبت البلاد، من الترشح للانتخابات، على حد تعبيره. واعتبر الدايمي أن منع التجمعيين من خوض الانتخابات المقبلة مسألة مصيرية، حفاظاً على الديمقراطية في البلاد، بحسب قوله، نافياً أن يكون ذلك في إطار التشفي أو الانتقام منهم، مشدداً على الطابع السلمي والحضاري لتحركهم.
وأطلقت حركة وفاء المنشقة عن حزب المؤتمر، حملة للتوقيع على الفصل الذي يمنع من سمتهم «فلول الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي» من الترشح للانتخابات المقبلة، داعية إلى «إضافة أو تعديل المسار الانتخابي لمنع العملاء من الترشح للانتخابات البرلمانية والرئاسية» على حد ما جاء في بيانها.
ويأتي موقف حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، وحركة وفاء، ليتفق مع حزب التيار الديمقراطي برئاسة محمد عبو، ومع حزب التكتل الديمقراطي للعمل والحريات، الذي يترأسه رئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر، في الدعوة إلى تطبيق العزل السياسي ضد قيادات الحزب الحاكم سابقاً، ومن تولوا مناصب حكومية خلال فترة حكم بن علي، وأعلن التحالف الديمقراطي أنه سيصوّت لفائدة قانون العزل، وقال رئيسه محمد الحامدي إن القرار اتخذ على إثر عملية تصويت جرت بين قيادات الحزب، أكدت أن الغالبية تقف إلى جانب دعم مشروع العزل.
في المقابل، قال رئيس حركة نداء تونس الباجي قايد السبسي، إن «الانتخابات ستكون في الميزان إذا ما تم تمرير قرار العزل في قانون الانتخابات»، وأضاف أن الانتخابات تتطلب مناخاً ملائماً، يتوافر فيه الأمن، وهو غير متوافر، نظراً للتهديدات الإرهابية، ولارتفاع معدل الجريمة، كما أن الانتخابات تتطلب أن يتم تسجيل كل الناخبين في القوائم، ومن دون استثناء، محذراً من مخاطر الإقصاء والتهميش.