سلام: لبنان ليس بلد لجوء دائم والنزوح السوري موقت
وجّه رئيس الحكومة تمام سلام نداءً إلى كلّ أصدقاء لبنان ومحبّيه من أجل مساعدة اللبنانيين على انتخاب رئيس للجمهورية، وشدّد على الطابع الموقت للوجود السوري في لبنان، معلناً أنّ بلدنا ليس بلد لجوء دائم».
وقال سلام في كلمة له أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أمس: يعيش بلدي لبنان أزمة سياسية حادّة، عنوانها الأبرز، هو عجز مجلسنا النيابي منذ أكثر من سنتين ونصف السنة، عن انتخاب رئيس للجمهورية. وقد أدّت هذه الأزمة إلى شلل شبه كامل للسلطة التشريعية، وتباطؤ عمل السلطة التنفيذية، فضلاً عن انعكاسها السلبي على الوضع الاقتصادي.
إنّ جميع الدول الشقيقة والصديقة، وكلّ المطلعين على الشأن اللبناني، يعرفون خصوصية الواقع السياسي في بلادنا، ومدى تأثره بالعوامل الخارجية، وفي مقدّمها التجاذب الإقليمي الحادّ، الذي تحوّل صراعاً مفتوحاً على مساحة المنطقة.
ولذا، فإنّ الواقعية تفرض علينا الاعتراف بأنّ حلّ مشكلة الشغور الرئاسي في لبنان ليس في أيدي اللبنانيين وحدهم».
وأضاف: إنني أوجه نداءً إلى كلّ أصدقاء لبنان ومحبّيه، وإلى كلّ الحريصين على عدم ظهور بؤرة توتر جديدة في الشرق الأوسط، من أجل مساعدة اللبنانيين على انتخاب رئيس للجمهورية، لإعادة التوازن إلى مؤسساتنا الدستورية، وحماية نموذج العيش المشترك اللبناني، الذي هو أبرز ما تبقى من تجارب التعددية في الشرق».
واشار إلى أنّ الحرب السورية المؤلمة أنتجت أزمة نزوح حمّلت لبنان أعباء تفوق قدراته»، وقال: نحن بلد يستضيف، على امتداد مساحته الصغيرة، أعداداً من النازحين السوريين توازي ثلث عدد سكانه. نقوم بواجبنا الإنساني تجاههم بإمكانات محدودة، ترفدها مساعدات دولية غير كافية. إننا نشعر بخيبة أمل إزاء مستوى الإستجابة الدولية لاحتياجاتنا كبلد مضيف، التي لا تتناسب مع الوعود التي أطلقت، والنيّات الحسنة التي جرى التعبير عنها في أكثر المناسبات.
إنّ لبنان، الذي توقف عن استقبال نازحين جدد، يطالب الأمم المتحدة بأن تضع تصوّراً كاملاً لإعادة كريمة وآمنة للنازحين السوريين الموجودين على أرضه، إلى مناطق إقامة داخل سورية، وأن تتولى العمل مع الأطراف المعنيين على تحويلها الى خطة قابلة للتنفيذ في أسرع الآجال. وفي انتظار بلورة هذه الخطة، نشدّد مرة أخرى على الطابع الموقت للوجود السوري في لبنان، ونعلن أنّ بلدنا ليس بلد لجوء دائم».
وأكد أنّ لبنان ما زال يعاني من مخاطر الإرهاب، ويخوض معه مواجهات مفتوحة، دفع ثمنها غاليا من أرواح أبنائه العسكريين والمدنيين، معلناً التزامنا مكافحة هذه الآفة بمختلف وجوهها ومظاهرها»، ومشدّداً على أهمية التعاون الاقليمي والدولي في التصدي لها.
واعتبر أنّ «مواجهة الإرهاب مسار طويل، يتطلب جهوداً كبيرة متعددة المستويات» ورأى أنّ «المدخل إلى ضرب هذه الظاهرة، يكمن في السعي لمعالجة جذورها، وإزالة المناخات التي تساهم في تأجيجها، عبر رفع الحرمان والظلم اللذين يشكلان بيئة حاضنة للتطرف، وتلبية المطالب المحقة للشعوب في الحرية والكرامة والمساواة، ورفض كلّ أشكال العنف والإقصاء».
وأكد التزام لبنان قرار مجلس الأمن الرقم 1701 بكافة مندرجاته، مطالباً «المجتمع الدولي بإلزام إسرائيل وقف خرقها للسيادة اللبنانية، والتعاون الكامل مع قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام «يونيفيل»، لترسيم ما تبقى من الخط الأزرق والإنسحاب من منطقة شمال الغجر ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا». كما شدّد على أن «لبنان يتمسك بحقه الكامل في مياهه وثروته الطبيعية من نفط وغاز في منطقته الاقتصادية الخالصة».
وكان سلام اجتمع في نيويورك مع رئيس المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابع للأمم المتحدة فيليبو غراندي، في مبنى الأمم المتحدة بنيويورك، في حضور وزير الخارجية جبران باسيل وسفير لبنان لدى الأمم المتحدة نوّاف سلام.
كما التقى نائب رئيس مجلس وزراء ماليزيا أحمد زاهدي بحضور الوزير باسيل والسفير سلام.
نشاط باسيل
من جهته، شارك باسيل في مقرّ الأمم المتحدة، في الإجتماع السنوي لوزراء الخارجية العرب برئاسة تونس، والذي دعت اليه جامعة الدول العربية. وتطرّق باسيل في الكلمة التي ألقاها خلاله إلى مواضيع فلسطين، والإرهاب والنزوح السوري والوضع في سورية ولبنان. واستهلّها بتهنئة الأمين العام الجديد للجامعة أحمد أبو الغيط على تولّيه منصبه. وقال: «إنّه من الجيد أن نستفيد من وجودنا في المنظمة الأممية لنحاول إعطاء الدفع لمنظمتنا».
وفي الشأن الفلسطيني رأى باسيل أنّه «إذا لم يكن هناك حلّ لحقوق القضية الفلسطينية، فلا قيام للجامعة العربية». وقال: «إذا ما استطعنا فرض حلّ الدولتين، فما معنى هذا على خسارة الأقصى وكلفته على الإسلام والعرب، وإذا قبلنا اليوم بالدولة اليهودية، فهذا معناه قبولنا بالكيانات المذهبية المتصارعة إلى الأبد، وفي هذا الأمر نهاية ليس للجامعة فقط بل لكلّ دولة وكيان من دولنا».
وعن موضوع الإرهاب، قال باسيل إنه «تخطّى كلّ حدود وأصبح اسمه يرتبط بنا ولو عن غير حقّ فماذا نفعل؟ هل جيوشنا العربية تقاتل أم تتكل على روسيا وأميركا وإيران والتحالف الدولي؟ هل نقوم بالملاحقات القانونية والجنائية، هل نقوم نحن بالمعركة الفكرية والدينية والإعلامية؟ علينا أن نتصدّى لأكبر عملية تسميم فكري تجتاح العقول الإسلاموفوبيا وردّ فعل الغرب . إنّ هذه المراوغة والتقاعس يؤدّيان الى أكبر عملية نزوح يتعرّض لها شعبنا العربي».
و أكّد «أنّنا نشهد قمماً وأوراقاً حول حركات النزوح في العالم تدعو الى الإندماج». وتساءل: هل نحن نريد فعلاً تشجيع هجرة مواطنينا وخسارتنا لهم وللتنوّع في المنطقة؟ أين هو موقفنا العربي؟ لقد أنشأنا صندوقاً، فبماذا خدمنا سوى بمطالبة لبنان بحصّته»؟ وأشار الى «أنّ لبنان هذا البلد الصغير يحمل أضخم عبء مالي ويتحمّل أكبر عبء في الكيلومتر المربع. وهو يتصدّى ويُطالب بإدخال عبارة النزوح في مجموعة العمل من أجل سورية»، سائلاً: «من يُساعدنا؟ هل نتخيّل حلاً عادلاً وسلمياً في سورية من دون عودة أهلها إليها للمساهمة في إعادة الإعمار وفي الإصلاح السياسي وفي استنهاض المجتمع، وأين صوت العرب في ما خصّ مواطنينا المهجّرين وضرورة وإلزامية بقائهم في أرضهم»؟
وعن الوضع في سورية، قال: «إنّنا سعيدون بأيّ حلّ أو إجراءات لوقف النار لأنّها لا تؤسّس للسلام فقط، بل لأنّها تمهّد لعودة النازحين. ونحن نعتبر أنّ العودة هي الشرط الأساس للحلّ السياسي والسلمي، وهي التي يُمكنها أن تفرض السلم وتؤمّن ديمومة الحلّ السياسي ببقاء أهل سورية في أرضهم. نحن نُطالب حرصاً على السوريين، أن يبدأ الحلّ السياسي بعودتهم».
وأعلن باسيل أنّ «لبنان يبقى النموذج الأفضل من خلال التعايش لمحاربة الإرهاب. نحن لا نطلب المساعدة أو المال، بل نطالب بتفهّم وضعنا الإستثنائي ومحاولة مساعدتنا لكي لا ندخل في الصراعات والمحاور المتخاصمة، بل للعب دور أكبر والتوافق على الرغم من صعوباتنا الداخلية، إلاّ أنّنا لا نزال ننعم باستقرار أمني، ونحبّ السلام ونرغب في أن نبقى أحبّاء ومساعدين لإخواننا العرب».
لقاءات
وكان باسيل تابع لليوم الثالث على التوالي عقد لقاءات ثنائية على هامش أعمال الدورة الـ71 للامم المتحدة، فالتقى بنظيره العراقي إبراهيم الجعفري وبحث معه في العلاقات الثنائية ومواضيع عربية مشتركة، فضلاً عن موضوع استيراد العراق للتفاح اللبناني.
كما التقى وزير الخارجية نظيره القبرصي يوانيس كاثوليديس، وتمّ التطرّق لمؤتمر دعم لبنان في مكافحة الإرهاب الذي يُعقد في تشرين الثاني في بيروت.
ثمّ التقى باسيل وزير خارجية الموزامبيق أولديرو بالوا، و وزير الخارجية الصربي إيفيتسا داتشيتش.