قوّة من مخابرات الجيش أوقفت أمير «داعش» في عين الحلوة

جمال الغربي

إنجاز نوعيّ وكبير حقّقته مديرية مخابرات الجيش اللبناني ظهر أمس باعتقال أمير «داعش» في مخيّم عين الحلوة المدعو عماد ياسين.

ويسجّل لمديرية المخابرات أنّها قادرة على أن تطال في أيّ مكان وزمان من يتربّص بالأمن اللبناني. هي المرة الأولى التي تدخل إلى المخيّمات الفلسطينيّة بعد أحداث مخيم نهر البارد شمال لبنان عام 2007.

لم يكن القبض على ياسين بالعمل السهل، وخصوصاً أنّ أيّ فشل لعمليّة قد يعرّض الأمن اللبناني إلى نكسة كبيرة.

لكن المتابعة الحثيثة والمستمرّة لمديريّة المخابرات وتوفير كافة المستلزمات اللوجستيّة والتقنية، أعطى العمليّة زخماً قويّاً للنجاح ،وتمثل بمعاينة المكان بطريقة محكمة أكثر من مرة، ورصد تحرّكات ياسين والاتصالات السلكيّة واللاسلكيّة التي كان يجريها.

اختارت مديريّة المخابرات الساعة الصفر للعمليّة، والتي تمثّلت بانتهاء صلاة الظهر أمس وخروج ياسين من المسجد، حيث باغتته قوة من المخابرات كانت قد تسلّلت بطريقة مدروسة من خلال أحد المنافذ غير المرئيّة للعيان، وانقضّت عليه لدى وصوله إلى نقطة المكمن من دون حصول إطلاق نار، غير أنّه لدى انسحابها ألقت قنابل دخانية للتمويه.

أعقب عمليّة الاعتقال إطلاق رشقات ناريّة من قِبل أتباع ياسين في الوقت الذي عزّز فيه الجيش اللبناني من إجراءاته الأمنيّة على مداخل المخيم واستقدم التعزيزات.

على صعيد المساعي المبذولة لتطويق ذيول الوضع الأمنيّ، كانت هناك اجتماعات واتصالات بين القوى الوطنيّة والإسلاميّة، وتحديداً «عصبة الأنصار الاسلاميّة» التي لعبت دوراً في منع أيّ ردّ فعل باتّجاه الجيش اللبناني بعد العملية.

وكانت قيادة الجيش مديريّة التوجيه قد أعلنت في بيانٍ لها، أنّ «بنتيجة الرصد والمتابعة الدقيقة، وفي عمليّة نوعيّة، تمكّنت قوة تابعة لمديريّة المخابرات صباح اليوم أمس في حيّ الطوارئ داخل مخيم عين الحلوة، من توقيف الفلسطيني عماد ياسين، المعروف بأمير «داعش» في المخيم المذكور. والمدعو ياسين المطلوب بموجب عدّة مذكرات توقيف، كان قبيل إلقاء القبض عليه، بصدد تنفيذ عدة تفجيرات إرهابيّة ضدّ مراكز الجيش، ومرافق حيويّة وسياحيّة وأسواق تجاريّة وتجمّعات شعبيّة وأماكن سكنيّة في أكثر من منطقة لبنانيّة، وذلك بتكليف ومساعدة من قِبل منظمات إرهابيّة خارج البلاد. وقد بوشر التحقيق مع الموقوف بإشراف القضاء المختص».

عماد ياسين في سطور

عماد ياسين ياسين كنز من المعلومات الأمنيّة، وهو

من مواليد 1969 في مخيم المية ومية في صيدا، يسكن في حيّ الطوارئ في عين الحلوة، وله عدّة ألقاب منها أبو هشام وأبو بكر واسم آخر يطلقه على نفسه هو عماد عقل.

كان ياسين أحد عناصر «عصبة الأنصار الإسلاميّة» في المخيم، وانشقّ عنها عام 2003 ليشكّل مع عدد من رفاقه تنظيم «جند الشام»، حيث تعرّض عام 2008 لمحاولة اغتيال وأصيب في بطنه وقدميه ويده اليمنى.

وقد تمّ علاجه داخل منزله بعد الإصابة الخطيرة التي تعرّض لها، ولازم منزله لأشهر طويلة وتجنّب الظهور علناً.

وقد اتُّهم أخيراًً، بمبايعة تنظيم «داعش» والتخطيط لعمليّة أمنيّة كبيرة خارج المخيم.

اشتباكات ليليّة

وكان مخيم عين الحلوة ليل أول من أمس، وحتى ساعات الفجر، قد تحوّل إلى مسرح لاشتباكات بين عناصر من حركة «فتح» ومجموعة الإسلامي المتشدّد بلال بدر على خلفيّة تفاعلات جريمة اغتيال الفلسطيني سيمون طه مساء الاثنين الماضي.

وقد استعملت في الاشتباكات الأسلحة الرشاشة والقذائف الصاروخيّة، واستمرت متقطعة حتى منتصف الليل على محور صفورية ـ الطيرة ـ مفترق سوق الخضار الشارع الفوقاني، حيث بقيت تُسمع أصوات رشقات القنص حتى ساعات الفجر في وقت نشطت فيه الاتصالات على أكثر من مستوى وصعيد فلسطينيّ ولبنانيّ من أجل تهدئة الوضع ومنع توسّع رقعة الاشتباكات.

وقد بقيت المدارس والمؤسّسات مقفلة والحركة شبه مشلولة، بينما خرج بعض أبناء المخيم لتفقّد ما لحق من أضرار في محالّهم وممتلكاتهم.

وقال مسؤول الجبهة الديمقراطيّة في منطقة صيدا فؤاد، عثمان: «ما جرى من اشتباكات متقطّعة على الشارع الفوقاني كانت له ارتدادات سلبيّة، وهذه الاشتباكات التي جاءت بعد عمليّة اغتيال سيمون طه ولّدت انعكاسات سلبيّة في المخيم، ولتنال من أمن المخيم واستقراره، وقد جاءت عمليّة الاغتيال والاشتباكات لتنسف كلّ ما بُنيَ في المخيم ولتحاول إظهار المخيم كبؤرة أمنية، وإنّ هذه الاشتباكات المؤلمة والمدانة في عين الحلوة لن يستفيد منها المخيّم ولها انعكاسات وارتدادات سلبية على المخيم والجوار. من هنا، نناشد جميع القوى الوطنيّة والإسلامية الفلسطينيّة أن تتحمّل المسؤولية بشكل جديّ لضبط هذه الأحداث وعدم تكرارها، لأنّ هذه الأحداث تضرّ بالمخيّم وتشلّ الحركة الاقتصاديّة والاجتماعيّة وتعطّل مصالح الناس وتزيد البؤس والحرمان… وتضرب عمليّة الارتياح التي تشكّلت في عين الحلوة والجوار على إثر حلحلة ملف المطلوبين».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى