القاهرة: موقفنا حول القيادة السوريّة متباين مع السعودية
كشف وزير الخارجيّة المصري سامح شكري عن وجود تباين في الرؤى بين بلاده والسعودية بشأن تسوية النزاع في سورية، خصوصاً حول «ضرورة تغيير نظام الحكم أو القيادة السورية».
شكري قال في مقابلة أجراها في نيويورك، على هامش اجتماعات الجمعيّة العامة للأمم المتحدة، إنّ «هناك موقف من قِبل المملكة السعودية كان يركّز على ضرورة تغيير نظام الحكم أو القيادة السورية، مصر لم تتّخذ هذا النهج»، مضيفاً أنّ القاهرة مع ذلك «تقدّر أنّ كل التطورات التي حصلت لا بُدّ أن تؤدّي إلى بلورة سوريّة جديدة تتوافق مع إرادة الأطراف السوريّة».
وردّاً على سؤال حول ما إذا كان رحيل الرئيس السوري بشار الأسد يمكن أن يعرّض سورية إلى مصير العراق أو ليبيا، قال الوزير المصري: «هذا شأن الشعب السوري، ويجب ألّا نصيغ الأمر في حدود شخص بعينه أو نضيع الوقت في استبيان فترة ما بعد انتهاء مرحلة الصراع، ولكن يجب أن تركّز كل الأطراف جهودها في الاتفاق على ملامح الخارطة الخاصّة بالحل السياسي وكيفيّة بلورتها».
وحول ما إذا كان يرى أنّ الوضع في سورية يتعقّد بعد انفراج، ردّ قائلاً: «طبعاً، كان هناك بريق أمل بعد التفاهم الأميركي الروسي الذي كنّا ندعمه للوصول إلى وقف العدائيّات، ولكنّ الوضع على الأرض والتنامي العسكري وانتشار الإرهاب وامتزاج الإرهابيّين مع عناصر المعارضة … مثل «النصرة»، وما حدث من استهداف للجيش السوري ثمّ لقافلة إنسانيّة، كل هذه الأمور هدّدت التفاهم، ما يدفعنا إلى حلقة مفرغة».
في غضون ذلك، نشرت وكالة «أسوشيتد برس»، تفاصيل الاتفاق الروسي – الأميركي بشأن سورية الذي تمّ التوصل إليه في جنيف يوم 9 أيلول الحالي، والذي تضمّن إقامة منطقة منزوعة السلاح في محيط طريق كاستيلو قرب حلب.
وجاء في الاتفاق: «بالتزامن مع إقامة مراكز المراقبة التابعة للهلال الأحمر السوري، يتعيّن على القوات الحكوميّة والمعارضة السورية سحب وحداتها من طريق كاستيلو، والمنطقة الخالية منها سوف تُعدّ منطقة نزع السلاح»، إضافة لضرورة تنسيق عدد مسلحي المعارضة، الذين يغادرون حلب، مع منظمة الأمم المتحدة.
و بحسب النصّ، فإنّ «أي مواطن سوري يمكنه مغادرة حلب عن طريق كاستيلو، وعلى فصائل المعارضة السوريّة التي يغادر مقاتلوها حلب مع أسلحتهم تنسيق عددهم، وأسلحتهم، وزمن المغادرة مع ممثّلي الأمم المتحدة، وذلك بشكل مسبق». وفي القسم الشرقي من طريق كاستيلو، فإنّ تحرّك فصائل المعارضة السورية سيتعلّق بأعمال الوحدات الكردية، ففي حال تواجد الأكراد شمال طريق كاستيلو ستبقى المعارضة في مكانها، وإذا سحب الأكراد وحداتهم على بعد 500 متر جنوب طريق كاستيلو، فإنّ المنطقة التي سيتخلّون عنها ستُعدّ منطقة نزع سلاح، والمعارضة السوريّة ستسحب فصائلها على البعد نفسه شمال طريق كاستيلو».
وجاء البند الثاني بعنوان: «عمل منفصل للطيران الحربي»، ونصّ على عدم قيام الطيران الحربي السوري بنشاطات في المناطق التي تقوم فيها الطائرات الحربيّة الروسيّة والأميركيّة بتوجيه ضربات إلى تنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة»، على أن تدرس موسكو وواشنطن المواقع التابعة لـ«داعش» و«جبهة النصرة» لتوجيه ضربات إليها بعد انطلاق عمل مركز مشترك خاص بتنفيذ الاتفاق.
أمّا «فصل المعارضة عن الإرهابيين»، فجاء في الوثيقة، أنّ الفصل بين المناطق التي تسيطر عليها قوات المعارضة المعتدلة والمناطق الخاضعة لسيطرة تنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة» يُعدّ أولويّة للاتفاق بين الولايات المتحدة وروسيا، وأضافت «روسيا والولايات المتحدة تنويان القيام بمحاولات مشتركة لإعادة الوضع في سورية إلى استقراره، مع اتّخاذ إجراءات خاصة بالنسبة لمدينة حلب»، بحسب الوثيقة.
بالإضافة إلى ذلك، يفترض الاتفاق الروسي الأميركي أنّ المعارضة السورية المعتدلة ستتّخذ كل الإجراءات لمنع تسلّل مسلحين إلى مناطق نزع السلاح، ولا يمكن للمعارضة احتلال المناطق التي يتركها الطرف الآخر في النزاع.
كما جاء في الوثيقة، أنّ كلّاً من القوات الحكوميّة السوريّة وفصائل المعارضة لن يكون مسموحاً لهما شنّ هجمات في المنطقة المحدّدة على الخريطة المرفقة بالوثيقة ووفقاً للإحداثيّات الجغرافيّة المحدّدة، كما عليهما ألّا يحاولا احتلال أراضٍ أخرى داخل تلك المنطقة المحدّدة، باستثناء قيامهما بنشر مراكز مراقبة تابعة لهما فيها.
وبخصوص الإجراءات التي يمكن اتّخاذها ضدّ الأطراف الخارقة للهدنة، فبحسب الوثيقة التي نشرتها «أسوشيتد برس»، فإنّ «أيّة أنباء عن مخالفات في منطقة نزع السلاح من أيّ طرف كان، ستتمّ دراستها من قِبل روسيا والولايات المتحدة. وفي حال تسلّل مسلّحي «جبهة النصرة» في منطقة نزع السلاح بعد انطلاق عمل مركز مشترك خاص بتنسيق الهدنة، على الولايات المتحدة وروسيا العمل وفقاً للقواعد المتبعة في المركز المشترك».
كما نشر بند أخير تحت عنوان «شروط الخروج من الاتفاق»، نصّ على إمكانيّة خروج أحد الطرفين من الاتفاق «إذا اعتبر أحد طرفيه أنّ بنود الاتفاق لم تُنجز».
وفي السياق، أعلنت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، أنّ الوثيقة المتعلّقة بالاتفاقيّة الروسية الأميركية التي نشرتها «أسوشيتد برس» ليست سوى واحدة من خمس وثائق تمّ توقيعها في جنيف.
وأشارت إلى أنّ موسكو دعت مراراً الجانب الأميركي إلى نشر هذه الوثائق التي تمّ توقيعها من قِبل وزيري خارجية روسيا وأميركا، معتبرةً أنّ ذلك سيُسهم، سواء بتنفيذ ما تنصّ عليه، أو في دفع عمليّة التسوية السورية إلى الأمام، معربةً عن استغرابها من أنّ «ذلك تمّ بوساطة تسريب».
هذا، وكان موقع الخارجيّة الأميركيّة قد نشر، أمس، نسخة عن جزء من الاتفاق الروسي الأميركي، ينصّ على إقامة حاجزي تفتيش في نهاية طريق الكاستيلو، الأول عند مدخل المدينة الغربي والآخر عند مدخلها الشرقي، ويشرف على هذين الحاجزين الهلال الأحمر السوري أو جهة أخرى تتمتّع بمصداقية وثقة، على أن تقوم قوات الجيش السوري بالانسحاب من محيط الكاستيلو بالتزامن مع إقامة الحاجزين وليس قبلاً النقطة 3- ت من الاتفاق ، وفي إجراءات الانسحابات من محيط الكاستيلو، يُظهر الاتفاق أنّ على القوى التابعة «للمعارضة» الانسحاب بشكل متوازٍ ومتزامن مع انسحاب القوات الحكوميّة وإلى مسافات مماثلة تراوح بين 500 و2500 و3000 متر من جانبي الكاستيلو الشمالي والجنوبي، وهو ما لم تذكره الورقة التي قدّمها المبعوث الأميركي مايكل راتني إلى أطياف المعارضة، تزامناً مع إعلان الاتفاق في جنيف، إذ اقتصر إعلان راتني على انسحاب أحادي الجانب من طرف الحكومة.
والاتفاق لا يمنع تحليق الطيران الحربي السوري بالكامل، حتى في المناطق التي حدّدها الطرفان في الوثائق السريّة كمناطق عمل محصورة لسلاحي الجو الروسي والأميركي، بل يلحظ نشاطاً غير قتالي للمراقبة لسلاح الجو السوري النقطة 4 من الاتفاق في هذه المناطق، على أن يتوقّف تماماً فقط عندما يبدأ سلاحا الجو الروسي والأميركي بضرب أهداف «النصرة».
وفي ملحق للاتفاق، تنصّ الفقرة الأولى على أن يشرّع الجانبان الروسي والأميركي على البدء بالتحضير لإقامة غرفة العمليّات المشتركة من أجل مواجهة «جبهة النصرة «في اليوم «د»، وهو اليوم الذي يرمز إلى يوم دخول وقف الأعمال العدائيّة حيّز التطبيق في 12 أيلول الحالي.
جاء ذلك في وقت، نقلت وكالة «إنترفاكس» الروسيّة عن نائب وزير الخارجية غينادي غاتيلوف قوله إنّه لن يتمّ التوصّل إلى اتّفاقات أو قرارات جديدة بشأن سورية في نيويورك، مضيفاً أنّ العقبة الرئيسيّة هي موقف الولايات المتحدة.
ميدانياً، نقلت وكالة «رويترز» عن مصدر عسكري سوري قوله، إنّ العملية العسكرية التي أطلقها الجيش السوري في مدينة حلب ستكون عمليّة كاملة تشمل هجوماً بريّاً، مشيراً أنّ الهجمات الجويّة والمدفعيّة التحضيريّة قد تستمر «لفترة من الزمن».
وذكر المصدر، أنّ «العمليّة العسكريّة قد بدأت بالفعل.. لكنّ الضربات الجويّة والمدفعيّة التمهيديّة قد تستمر فترة من الزمن، وهذا مرتبط بالموقف الميداني وبخسائر الإرهابيّين وبمعطيات أخرى يقدّرها القادة الميدانيّون».
هذا، وأفادت مصادر ميدانيّة، بأنّ الجيش السوري بدأ عمليّة باتّجاه الأحياء الشرقيّة لحلب من بوّابتها الجنوبيّة، وتحديداً حيّ الشيخ سعيد، حيث شنّت الطائرات السوريّة والروسيّة عشرات الغارات على مناطق السكري والشيخ سعيد والعامريّة.
الجيش السوري كان ألقى مناشير فوق أحياء حلب الشرقيّة، دعا فيها المسلّحين إلى تسليم أنفسهم وسلاحهم، والاستفادة من العفو لتسوية وضعهم وممارسة حياتهم بشكل طبيعي، وحذّرهم المسلحين من أنّ من يرسلون إليهم السلاح يتلاعبون بأفكارهم ويقرّرون مصيرهم.
وفي ريف اللاذقية الشمالي، اندلعت اشتباكات بين الجيش السوري والمجموعات المسلّحة تخلّلها قصف لمواقع المسلحين في تلال «برزة التحتاني» ومرتفع «كفرسندو» و«ضهرة أبو أسعد» و«تل تردين».