اغتيال ناهض حتر: لماذا علينا المساعدة في كشف الخلايا الإرهابية النائمة؟
محمد شريف الجيوسي
لماذا نترحم على ناهض؟ لماذا ندين القاتل ومن خلفه؟ لماذا ندعو إلى وحدة مناهضي الفكر الظلامي والإرهابي التكفيري الوهابي؟ لماذا ندعو الدولة والمجتمع إلى نهضة توعوية وترك الأجندات الضيقة؟ لماذا على الدولة التنسيق مع سورية والعراق في حربها على الإرهاب؟ لماذا علينا مساندة الدولة في كشف الخلايا الإرهابية النائمة؟
كثيرون، أولئك الذين يعرفون ما بيني وبين المرحوم ناهض حتر، من سوء فهم واختلاف شخصي سياسي ومفاهيمي، في بعض الشكليات وفي أمور جوهرية، لا مجال للتفصيل فيها. أقول ذلك، ليس كما قال صديق إنّ من يشير إلى اختلافه مع ناهض الآن، في أمور، يريد أن يُبقي هامشاً مع الجماعات الإرهابية. أقول ذلك، لكي لا يفهم البعض أنني عندما أتخذ موقفاً بإدانة اغتيال ناهض حتر، يكون الموقف انسياقاً مع تيار واسع أردني وعربي وإنساني، دان ويدين الجريمة الإرهابية التكفيرية الظلامية الوهابية، وإنما أتخذ موقفي هذا انطلاقاً مما يلي:
1 ـ إنّ جريمة اغتيال ناهض حتر وأمام قصر العدل، تتضمّن حكماً، اغتيال دور الدولة والقضاء الأردنيين وتوجيه إساءة، بالغة، للمؤسسات الأمنية.
2 ـ إنّ أخذ الحق على فرضية، أنه كذلك والباطل، باليد، نذير شؤم، وبمثابة إنذار لكلّ أردني، يختلف مع الفكر التكفيري الإرهابي الوهابي الظلامي الإخواني وما يسمّى السلفي الجهادي. وكانت صفحات تابعة للجماعات الإرهابية، سرّبت لبضع دقائق، ما يفيد بوجود 2000 إسم على قوائم التصفية. وبذلك، قد يكون ناهض أولها.
3 ـ إنّ التأويل الذي أخذ به أفراد وجماعات «إسلاموية»، حول نشر «الكاريكاتير»، تضمّن لياً للحقيقة، فناهض حتر، يرحمه الله، سخر من الفهم الـ»داعشي» للذات الإلهية ولم يتبناه. وهذا الفهم الـ»داعشي» قاصر مسيء للذات الإلهية، جلّت وعلت. وقد انبرى هؤلاء الأفراد والجهات، فور نشر «الكاريكاتير»، بالتنديد، وكأنهم كانوا على علم مسبق بنية النشر، أو كانوا اخترقوا حاسوب ناهض، الشخصي. وكان يفترض أخذ تأويلاتهم وتهديداتهم، على محمل الجدّ وعدم السماح لهم بمصادرة موقف القضاء والتحقيقات الجارية.
4 ـ ومما يثبت سوء نية هؤلاء الأفراد والجهات، أنهم، بناء على تأويلهم الظالم، المشار إليه، حاولوا الربط بين نشر «الكاريكاتير» وبين الدولة الوطنية السورية. بل وشطح بالبعض الخيال للزعم بأنه مختبئ في مقر السفارة السورية في عمّان. ما يخفي، أيضاً، النية بتعكير صفو العلاقات بين البلدين.
5 ـ إنّ جريمة اغتيال ناهض حتر، تمّت على خلفية مواقفه الإيجابية من سورية والمقاومة وسوى ذلك وليس على خلفية نشر «الكاريكاتير». فالرجل شرح قصده من نشره، وقام بحذفه فورا، وسلّم نفسه طوعاً للجهة المعنية.
6 ـ إنّ قيام «إسلاموي» بقتل ناهض حتر، في وضح النهار وأمام قصر العدل، وقت مجيئه للقصر وعدم محاولته، حتى، الهرب وبعد عودة القاتل من… قد يعني أنّ للمجرم القاتل، شركاء سرّبوا له ساعة مجيئة وساعة المحاكمة، وزوّدوه بالسلاح والجرأة على ارتكاب الجريمة.
7 ـ إنّ تعدّي «إسلامويون» على هيبة الدولة وقضائها ومواطنيها، بغضّ النظر عمّن يكون ذاك المواطن، موالياً أو معارضاً، فاسداً أو نظيفاً، مؤمناً أو ملحداً، مسلماً أو مسيحياً، مثقفاً أو جاهلاً، من أيّ مذهب أو طائفة أو جهة أو عرق الخ… لا ينبغي أن يمرّ هكذا، وإلا أصبحنا في غابة نأكل بعضنا بعضاً، فالقول الفصل للقضاء وليس سواه.
8 ـ إنّ جريمة اغتيال ناهض حتر، ينبغي أن تبعث فينا الوعي أكثر من أيّ وقت مضى، بأنّ القوى القومية واليسارية والتقدمية والليبرالية والعلمانية مستهدفة إلى جانب الوطن ككلّ أكثر من أيّ وقت مضى، ما يستوجب الترفع عن الأجندات الضيّقة والصغيرة وتعرية الفكر الوهابي التكفيري الظلامي الإرهابي والرجعي والعمل على ترسيخ بنى الدولة الوطنية المدنية العلمانية، لا تكفير فيها ولا تمييز ولا جبر أو قسر.
كلّ ما سبق، يستوجب أن تعمل الدولة الوطنية الأردنية، أكثر من أيّ وقت مضى، على تشديد الحزم وتنظيف منابر رسول الله من المتشدّدين والتكفيريين ودعاة الفتن ومن السلفية الجهادية وتخريج دعاة متنوّرين ملتزمين بالإسلام الصحيح، الجامع لا المقصي، الموحد لا المشتت. كما يستوجب منها تنظيف المناهج من الفكر الوهابي الظلامي والمتطرف الإرهابي، لا من الفكر الوطني والقومي والإيماني، فإفراغ المناهج منه تتيح انتشار الفكر التكفيري والظلامي.
كما أنّ محاربة الإرهاب، تستدعي التنسيق مع المستهدفين به في سورية والعراق والخروج من الأحلاف الأميركية والإقليمية التي طالما حذر منها ناهض حتر. والتي نما في ظلها الإرهاب وطالتنا بعض شروره. وتسرّبت، من خلاله، بعض خلاياه وأفكاره الظلامية.
إزاء ما سبق، لا بدّ من الترحم على ناهض حتر، الذي دفع، ككلّ المناضلين، ثمن إيجابياته. ولا بدّ من التنديد بالمجرم القاتل وبمن يقف خلفه وبإنزال العقوبة القانونية به وبمن دعمه وإعلان ذلك أمام الناس، بعد استكمال التحقيقات.
وأدعو الجميع إلى الوعي، الوعي، الوعي والارتقاء فوق الجرح. وإلى وحدة القوى القومية واليسارية والتقدمية والعلمانية، بمواجهة قوى الظلام فكرياً وسلمياً. وشنّ حربٍ فكرية تصويبية توعوية، ضدّ الفكر الظلامي ومساندة الدولة، في كلّ ما قد يفيد، للكشف عن الخلايا الإرهابية النائم منها والمستيقظ.
m.sh.jayousi hotmail.co.uk