حين يتمّ اغتيال العقل في المجتمع… يصبح قتل الإنسان واجباً شرعياً!
نصار إبراهيم
حين يتمّ اغتيال العقل في أيّ وطن… يصبح قتل الإنسان واجباً شرعياً… فلمَ المفاجأة…!؟ ألم يصدر قرار الإعدام بحق ناهض حتر أمام أعيننا منذ زمن طويل…!؟
إنه عصر المجزرة… عصر ثقافة الموت باسم الله في سورية والعراق ومصر وتونس واليمن… هو عصر الفكر الديني التكفيري القاتل الذي ساد وهيمن كما ثقافة النفط في جزيرة العرب، فامتدّ ليقتل ويذبح ويسبي ويغتصب كلّ ما هو إنساني في المجتمعات العربية… إنهم يشعلون النار في كلّ شيء. لهذا فإنّ ناهض حتر ليس سوى ضحية أخرى تُضاف إلى سجل المجزرة المستمرة…
حين يصبح دين الله حزباً سياسياً يحتكر الحقيقة… وحين يصبح الله احتكاراً عند مجموعة تنصِّب نفسها الحاكم باسمه، حينها يصبح القتل باسم الله ديناً… فيصبح القتل هو الطريق إلى السماء.
حين يصمت النظام السياسي أمام الفكر الظلامي التكفيري في المجتمع، وتحت أيّ ذريعة كانت، فإنه يحشو المسدس بالرصاص ويطلق النار.
حين يسمح المجتمع بأن تفرض مجموعة من الدعاة نصَّها الوحيد حول كيف يصلّي الناس وكيف يأكل أبناؤه وماذا يقرأون وكيف يجلسون وكيف يسافرون وكيف ينامون وكيف يسلّمون وكيف يلبسون وكيف يحتفلون ويحزنون… حينها يشرِّع المجتمع نفسه للتطرف… الذي يولد الإرهاب، الذي يولد ثقافة القتل… فيغدو القتل سهلاً كتحية الصباح.
حين تصبح المؤسسات التعليمية بيئة تشلّ العقل وتحتلّ الوعي… وبيئة لنشر النص المتطرف، فإنها تتحوّل إلى آلة تضع الرصاصة القاتلة في عقل الطفل كحجرة الإطلاق.
حين تصبح دور العبادة منابر للتسابق في الشحن الطائفي والفتاوى الإرهابية، فإنها تهيّئ المسدس القاتل لإطلاق النار.
حين يصمت المجتمع على إهانة الآخر بسبب دينه أو عقيدته أو جنسه تحت مبرّر ديني فإنه بذلك يهيّئ القاتل لكي يبدأ المجزرة.
حين يهيمن النفاق على الإعلاميين والمثقفين ويصيبهم الجبن أمام نقد الفكر الديني الإرهابي التكفيري… فإنهم يهيّئون الميدان للقتل.
حين لا تكون التربية في الأسرة جوهرها احترام الإنسان والناس ومعتقداتهم وحرياتهم، فإنها تهيّئ جيلاً جاهلاً مستعداً لأن يقتل لمجرد الاختلاف على كلمة.
حين تصبح الإشاعة والتحشيد والتجييش الغريزي باسم الدين متاحة دون ضابط سياسي أو أخلاقي أو قانوني أو اجتماعي… فإنّ كلّ مواطن يصبح هدفاً للقتل.
حين يصبح الوطن مجرد غرفة سوداء لفكر منغلق وجاهل… حين لا يحتمل الاختلاف في الموقف… حين لا يُحتمل الإنسان من لون آخر… من دين آخر… وذو الموقف الآخر… وذو انتماء سياسي آخر… حين لا يكون الوطن لكلّ أبنائه… حينها يصبح وطناً مهيأ لثقافة الموت… فلمَ المفاجأة…؟