حراك الحريري على مسؤوليته
حسين حمود
ما يزال المشهد الرئاسي ضبابياً، رغم اللقاءات الكثيفة التي يجريها الرئيس سعد الحريري مع القيادات اللبنانية من أجل، حسبما هو معلن، إيجاد مخرج للاستحقاق المذكور وإقفال هذا الملفّ قبل نهاية العام الحالي، بحسب الوعود أيضاً.
لكن، يبدو أنّ الضبابية بدأت تتلاشى ليحلّ مكانها التعثّر، القريب من الفشل، وذلك بعد أن أرجأ رئيس المجلس النيابي نبيه بري الجلسة السادسة والأربعين لانتخاب رئيس الجمهورية، شهراً ويومين، ما يعني أن لا معطيات حتى الآن تشي بفرج قريب، أوحته حركة الحريري الآتي من السعودية وكأن في جيبه كلمة السر، لا بل إنّ الرياض رفعت الفيتو عن رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون كمرشح لرئاسة الجمهورية مع ضمان نجاحه.
لكن العكس هو الصحيح تماماً، على ما تقول أوساط، مستدلةً على ذلك، بتسريبات لمقرّبين من السعودية والحريري تفيد أنّ الفيتو ما زال قائماً، ولكن بأسلوب غير مباشر.
وتوضح الأوساط في هذا السياق، أنّ الحريري فاتَحَ القيادة السعودية بموضوع تبني ترشيح عون لرئاسة الجمهورية كحلّ لا مفرّ منه لإخراج هذا الاستحقاق من عنق الزجاجة والانتهاء من الشغور في سدّة الرئاسة الأولى لما له من تداعيات سلبية على الاستقرار السياسي خصوصاً، وهذا ما يعني الحريري، شلّ عمل الحكومة، التي قد تتعرّض للانهيار في حال بقيت مقاطعة وزراء التيار الوطني الحر وحزب الله وحزب الطاشناق وحزب الكتائب لها.
أما ردّ القيادات السعودية التي التقاها الحريري في الرياض فكان بما معناه «افعل ما تريد فإن أصبت يكون النجاح لك، أما إذا فشلت فوحدك تتحمّل المسؤولية»، لعلمها بمدى التعقيدات اللبنانية في هذا المجال ولا سيما بين الحلفاء أنفسهم ضمن معسكري 8 و 14 آذار على حدّ سواء. هذا فضلاً عن ارتباط الموضوع الرئاسي بعواصم إقليمية ودوليّة مؤثِّرة، وإن كان لبنان في أسفل أجندات تلك الدول، إلاّ أنّ لبنان يبقى له أثر في تطورات الأحداث الجارية في المنطقة.
وعلى أساس الردّ السعودي تحرّك الحريري على الساحة اللبنانية، لكنّه أخفق حتى الآن في مساعيه ولم يحدث خرقاً سوى بإفصاحه عن إمكان دعم ترشيح عون إلى الرئاسة أو على الأقلّ عدم عرقلة وصوله إلى قصر بعبدا في حال تأمّن له عدد الأصوات النيابية المطلوب للفوز، علماً أنّ الحريري سمع تحفظات من حلفائه على ترشيح عون قبل أن ينتقل إلى ضفة 8 آذار، وعلى رأسها رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي التقاه مساء أمس في عين التينة، بعد تأجيل موعده الذي كان مقرّراً في اليوم الثاني من عودة الحريري إلى بيروت.
وفي مطلق الأحوال، تستبعد الأوساط إنجاز الاستحقاق الرئاسي قبل جلاء الموقفين الميداني والعسكري في سورية، علماً أنّ التطورات الحاصلة على الصعيدين المذكورين تصبّ في مصلحة سورية ورئيسها الدكتور بشّار الأسد بعدما سلّم معظم الدول المؤّثرة في سورية، بضرورة بقاء الرئيس الأسد على رأس السلطة، باستثناء السعودية التي ما تزال تراهن على إمكان قلب المعادلة، لكن بعد قرار الكونغرس الأميركي بإسقاط فيتو الرئيس الأميركي باراك أوباما على القانون المسمّى «العدالة ضدّ رعاة الإرهاب» والذي يتيح لعائلات ضحايا هجمات 11 أيلول 2001 ملاحقة السعودية في شأن أيّ دور لها في تلك الاعتداءات، قد تدخل السعودية عزلة سياسية فيتراجع أيّ دور لها في المنطقة، ومنها لبنان الذي أصلاً، تركته في أزماته واستبدلت سفيرها علي عواض عسيري بقائم بالأعمال.