سلام: الوضع الكارثي الذي بلغه النهر يستدعي استنفارنا جميعاً فياض: لتوحيد المرجعية التي تتولى إدارة معالجته والتنسيق بين الوزارات المعنيّة
أطلق رئيس مجلس الوزراء تمام سلام، اليوم الوطني لحماية حوض الليطاني، بعنوان «الليطاني..شريان الحياة» في 23 تشرين الأول، في حفل نظمته اللجنة الوطنية لحماية حوض الليطاني، برعايته في قصر الأونيسكو، بحضور وزراء: البيئة محمد المشنوق، الدولة لشؤون مجلس النواب محمد فنيش، الأشغال العامة والنقل غازي زعيتر، والنواب علي فياض، محمد قباني، جمال الجراح، نبيل الجسر، مدير عام مجلس الجنوب هاشم حيدر، مدير عام الليطاني عادل حوماني، وسفراء وديبلوماسيون وفاعليات نقابية واقتصادية وبلدية واختيارية.
بعد النشيد الوطني، تم عرض فيلم وثائقي عن حوض الليطاني وحجم التلوث.
ثم تحدث الرئيس سلام، منوهاً بـ«جهود اللجنة الوطنية لحماية حوض الليطاني»، وشكر «كلّ الجهات المحلية والدولية الشريكة التي تتعاون لإنقاذ هذا النهر، الذي لا يشكل فقط شريان حياة لحوضه، الذي يمثل 20 في المئة من مساحة لبنان، بل ثروة قومية يعم خيرها كل خريطة الوطن، وجميع ناسه».
وأكد «أنّ جميع اللبنانيين معنيون بإنقاذ الليطاني وحوضه، وبالحملة الوطنية لحمايته»، لافتاً إلى «أنّ الوضع الكارثي الذي يعانيه النهر اليوم، يستدعي استنفارنا جميعاً لمنعه من الموت قبل فوات الأوان».
وقال: «لقد أدركت حكومتنا منذ اليوم الأول، ضرورة اتخاذ ما يلزم من إجراءات لحماية الليطاني، بدليل أنّ واحداً من أول قراراتها كان تشكيل لجنة من كل الوزارات المعنية والإدارات الرسمية الأخرى، إضافة إلى أبرز البلديات، لمتابعة تطبيق خريطة الطريق لمكافحة تلوث بحيرة القرعون والحوض الأعلى للنهر. وتلت هذه الخطوة سلسلة قرارات ومراسيم تتعلق بهبات وقروض، من أجل تنفيذ المشاريع الملحة، واستكمال الإطار المؤسساتي لتفعيل تطبيق القوانين والأنظمة البيئية. غير أنني لا أذيع سراً إذا قلت، إنّ ذلك لم يكن كافياً وإنّ المطلوب كان أكثر بكثير، بدليل الحالة الكارثية التي وصل إليها النهر وحوضه، والتي دفعتنا إلى التحرك مؤخراً وتشكيل لجنة وزارية جديدة لمتابعة هذا الملف».
ورأى سلام «أنّ الوضع الكارثي الذي بلغه نهر الليطاني، هو تعبير صارخ عن استضعاف الدولة وضمور هيبتها، في تجاوز متماد للقوانين الناظمة لحياة الناس، ونشوء علاقة مع البيئة المحيطة، والثروة الطبيعية الوطنية.. أشبه بالعلاقات في ظل شريعة الغاب».
وقال: «لقد باتت الحكومة مصباً لنهر جارف من المشاكل، تتدفق عليها العرقلة من كل حدب وصوب. فكيف للحلول أن تنبع منها؟».
وأضاف: «لقد قامت على ضفاف الدولة ولا تزال، مجموعة ملوثات لسلطتها.. وفي مجراها نشأت عوائق عديدة. أما السد الذي يفترض أن يكونه القانون، لينظم المسار ويعطي كل ذي حق حقه، فهو عرضة للتآكل والانهيار بفعل التجاوزات والمصالح المنفلتة من أي قيود أو ضوابط».
وشدّد على «أنّ الخطوة الأولى نحو تصحيح هذا الوضع، هي إعادة الانتظام إلى المؤسسات الدستورية، بانتخاب رئيس للجمهورية». وقال: «وإذا كان طموحنا جميعاً هو معالجة هذه الاختلالات البنيوية المزمنة في عمل السلطة في لبنان، فإنّ انتخاب رئيس للجمهورية هو المدخل لإزالة كل العراقيل، ولقيام المؤسسات بالمهام المطلوبة منها، على غرار حماية الليطاني».
وتابع: «تعرفون جميعاً أنّ مشاريع حماية النهر جاهزة، وقد أشبعت درساً وتمحيصاً. المطلوب اليوم إقرار القوانين اللازمة ومشاريع القروض للشروع في العمل، وهذا يستلزم، أيضاً وأيضاً، انتظاماً في عمل المؤسسات وفي مقدمها مجلس النواب، الذي تعطل الأزمة السياسية المستمرة دوره التشريعي والرقابي».
ووجه رئيس الحكومة «تحية تقدير إلى دولة رئيس مجلس النواب نبيه بري، حامل هم الليطاني وأهله من منبعه البقاعي إلى مصبه الجنوبي، وحامل الهم الوطني عموماً، والمدرك أهمية الإسراع في إنجاز الورشة التشريعية لإطلاق ومواكبة ورشة التنفيذ العملية»، آملاً «أن تدرك كلّ القوى السياسية ضرورة الإنتهاء من هذا الشق الأساسي في مسار حماية حوض الليطاني».
فياض
وألقى فياض كلمة لفت فيها إلى أنّ «النهر الذي شكل على الدوام مطمعاً لإسرائيل لمقاسمتنا مياهه أو الوصول إلى ضفته كعنوان للنيل من سيادتنا لم يعد نهراً سيادياً لأنه استبيح بالتلوث». وقال: «نهر الليطاني هو النهر الوطني الوحيد الذي يقطع لبنان من أقصاه إلى أقصاه على مسافة 170 كلم عابراً المناطق والطوائف والاصطفافات في حين أنّ الأنهر الأخرى هي أنهر مناطقية. 750 مليون متر مكعب من المياه باتت الآن شبه معدومة. لم يعد الأمر يقتصر على ما يهدر في البحر إنما أيضاً ما يستفاد منه ضرره الصحي والبيئي أكبر من فائدته».
وأكد ضرورة «تسريع وتيرة التنفيذ بحيث لا تمتد على سبع سنوات كما أقر القانون البرنامج المشار إليه»، و«ترتيب أولويات التنفيذ العاجل والملح بحيث يطال معالجة الحوض الأعلى بقيمة 308 مليار ليرة. يحسم منها ما يجري تنفيذه وما نفذ فعلا. بالإضافة إلى 23 مليار ليرة تخص قرى البقاع الغربي من الحوض الأسفل التي تؤثر على نبع عين الزرقاء التي تعتبر المصدر الرئيسي لنهر الليطاني جنوباً. يضاف إليها 21 مليارا لمعالجة النفايات الصلبة في محافضتي البقاع وبعلبك الهرمل. 4 مليارات لمعالجة النفايات الصناعية في المحافظتين المشار اليهما. 4 مليارات لمعالجة التلوث الناتج عن القطاع الزراعي في المحافظتين أيضاً. فيصبح المبلغ المطلوب بصورة ملحة وعاجلة هو 337 مليارا. يضاف إليها ما يقتطع للاستملاك حيث أنّ المبلغ الكلي في المشروع هو 100 مليار و48 ملياراً دراسات وإشراف. ما يعني أنّ المبلغ الكلي المطلوب لإيقاف التلوث في الحوض الأعلى وبحيرة القرعون وقرى البقاع الغربي من الحوض الأسفل لا يتجاوز 400 مليار ليرة».
وقال فياض: «لماذا الحملة الوطنية لحماية حوض نهر الليطاني: الحملة هي مبادرة وطنية أهلية مرنة ومفتوحة أمام كلّ من يرغب في الإسهام بالتعاطي مع مشكلة التلوث في نهر الليطاني كقضية وطنية جامعة بهدف توفير إطار للتعاون الأهلي ـ البلدي ـ الرسمي.
ما نصبو إليه هو إعادة تشييد حرمة النهر وإيقاف استباحته والعمل بمنهجية السعي للحدّ من الكارثة وعدم الاستسلام للمشكلة، وإيجاد حلول مرحلية وتسريع الحلّ الاستراتيجي الجذري وإعادة ترتيب أولويات المعالجة ودفع البلديات للقيام بدورها الذي نص عليه القانون، وتحضير المجتمع الأهلي والمدني للقيام بدور الرقابة والمحاسبة في تطبيق القانون والمشاريع المشار إليها للمعالجة».
وتوجه إلى رئيس الحكومة قائلاً: «نحن نحتاج دولة الرئيس إلى رعايتك لإطلاق يوم وطني لحماية حوض نهر الليطاني في 23/10/2016 يتضمن فعاليات عديدة تقوم فيه البلديات المشاطئة للنهر بحملة نظافة تمتد على طول مجراه. على أن تتولى كلّ بلدية تنظيف مجرى النهر وضفتيه في إطار نطاقها الجغرافي ويشترك في ذلك الجمعيات الكشفية والأندية الرياضية والجمعيات البيئية والدفاع المدني والأهلي والمتطوعون ليكون يوماً وطنياً لإعادة تشييد حرمة النهر التي يصونها القانون».
وشدّد على «ضرورة تطوير الاهتمام من النهر إلى حوض النهر وتطوير البنية الإدارية بما يتلاءم مع ذلك، وتوحيد المرجعية التي تتولى إدارة معالجة النهر والتنسيق بين الوزارات والمصالح المعنية، بهدف ضبط المسؤولية وتفعيل المعالجة».
المشنوق: للتشدُّد في الرقابة البيئية
ولفت وزير البيئة محمد المشنوق إلى «أنّ الليطاني هو منظومة متكاملة، وبالتالي فإنّ أي مشروع لحماية النهر لا يمكن أن يصمم بمعزل عن محيطه الحيوي، أي النشاطات البشرية على ضفاف النهر وروافده والحوض بشكل عام. من هنا برزت ضرورة إعداد خطة شاملة لمكافحة التلوث في هذا النهر، خطة تلحظ مصادر التلوث كافة والمشاريع التي ينبغي تنفيذها لوضع حد لهذا التلوث».
أضاف: «هذا ما قامت به وزارة البيئة في عهد الحكومتين السابقتين بالتنسيق مع جميع الفرقاء المعنيين، وهذا هو بالذات دور هذه الوزارة. أما في عهد هذه الحكومة،
فاستكملنا عملية التخطيط من خلال وضع الإطار المؤسساتي المناسب لمواكبة التنفيذ، فكان قرار مجلس الوزراء رقم 32 تاريخ 9/5/2014 بتشكيل لجنة من الإدارات المعنية وأبرز البلديات لمتابعة التطبيق من خلال اجتماعات شهرية للجنة وتقارير دورية إلى مجلس الوزراء، وهذا ما تقوم به اللجنة منذ حينه وحتى تاريخه».
وأعلن «أننا من خلال مواكبتنا لعمل اللجنة، التي حضرنا عدداً من اجتماعاتها، لمسنا عن قرب تعاون جميع المعنيين من مؤسسات رسمية وهيئات محلية وأهلية»، وقال: «إن دل هذا الأمر على شيء فعلى أمرين:
1 – أهمية مبدأ التعاون الذي أقره قانون حماية البيئة في العام 2002، التعاون بين القطاعين العام والخاص، والتعاون في ما بين أجهزة القطاع العام.
2 – وجود فسحة أمل لتلاقي جميع الفرقاء، ففي زمن تسوده الانقسامات، نجد أن موضوع حماية الليطاني موضوع جامع على الصعد كافة».
وقال: «قد تكون هذه المعركة أصعب من غيرها لأنّ «العدو» هو كل واحد منا: المواطن أو الصناعي أو المزارع الذي يحاول استخدام الأملاك العامة للتخلص من نفاياته المواطن الذي يسعى بكل جهده لإبعاد موقع أي معمل معالجة أو مطمر من منزله، المهندس أو المالك الذي يطمح بزيادة عامل الاستثمار في عقاره، وصاحب المقلع الذي لا يأبه بالشروط البيئية التي وضعت لعمله…وغيرها من الأمثلة التي لا تحصى ولا تعد والتي تؤثر جميعها على نهر الليطاني، وبالتالي على اللبنانيين بشكل مباشر أو غير مباشر».