سعيد يردّ على مقالة رمال…
وردت إلى صحيفة «البناء» رسالة ردّ من النائب السابق فارس سعيد على ما ورد في مقالة الزميلة روزانا رمال حول تحيته للرئيس الفلسطيني محمود عباس في موقفه من جنازة الرئيس «الإسرائيلي» السابق شيمون بيريز، و«البناء» إذ ترحّب بالردّ وتنشره من باب الترحيب بجعل ما تنشره باباً يفتح لنقاش حرّ وإيجابي حول الكثير من القضايا وعملاً بقانون المطبوعات وحق الردّ، يهمّها أن توضح للدكتور سعيد وللقراء أنّ النقاش لا يدور حول الموقف من الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي استنجد الدكتور سعيد بوقفته بوجه الحصار «الإسرائيلي» لرام الله ليربطها بتحيته له على موقفه من جنازة بيريز، ونحن أيضاً نجد مناسبة لإلقاء التحية والاحترام للرئيس محمود عباس بوقفته مع الدولة السورية ورئيسها الدكتور بشار الأسد بوجه جماعات التكفير والإرهاب الذين تأويهم وتحضنهم «إسرائيل» قبل ذهابهم إلى سورية وبعد عودتهم منها جرحى ومصابين ويسمّيهم الدكتور سعيد ثواراً، ورغم ذلك ننتقد الرئيس عباس في موقفه من جنازة بيريز، الذي إنْ نسي الجميع فلن ننسى كلبنانيين أنه صانع مجزرة قانا الحية في ضمائرنا…
ردّ سعيد
أما ردّ سعيد فقد بدأه بسؤال: «لماذا استحق أبو مازن التحية؟» وتابع: «يستحق الرئيس أبو مازن التحية مرتين، الأولى عندما وقف إلى جانب الرمز ياسر عرفات في مواجهة رموز إسرائيل وملوكها اسحق رابين وشمعون بيريز لتوقيع اتفاق مبادئ أولية للسلام عام 1993 في العاصمة النروجية أوسلو.
والتحية الثانية، عندما أعلن بالأمس عن مشاركته في تشييع عدوّه التاريخي شمعون بيريس، وكان قد فعل مثل هذا السلوك، الزعيم الراحل ياسر عرفات عندما تقدّم صفوف المشيعين في جنازة اسحق رابين الذي قتل على يد المتطرفين الاسرائيليين.
لعلّ الدافع الأخلاقي المميّز الذي تتحلى به القيادة الفلسطينية في إدارة الصراع مع أعدائها التاريخيين ومع خصومها أيضاً يتجلى في أكثر من واقعة وموقف، وهذا يستند الى تطور قواعد التفكير السياسي لديهم فضلاً عن تجاوزهم الخطاب النمطي واللفظي في إدارة الصراع مع إسرائيل الخطاب المعتمد في مدارس القومجيين والإسلامويين. حيث قّدم الفلسطيني نموذجاً ريادياً في صياغة مشروعه الوطني تجاوز خطاب الضحية وارتكز إلى فهم عميق للمعطيات الدولية والإقليمية فضلاً عن خصوصية الصراع مع الإسرائيليين.
انّ العالم يدرك كما يدرك الإسرائيلي على وجه الخصوص، انّ المشروع الوطني الفلسطيني هو المشروع الوحيد الذي يخوض الصراع اليومي والجدي مع دولة الاحتلال، وهو الذي يمثل النقيض التاريخي للمشروع الصهيوني ولهذا استحقّ زعيم الاعتدال الفلسطيني صفة «الإرهابي بالكرافات» ولهذا أيضاً قتل ياسر عرفات بطرق غامضة.
ماذا قال الفلسطيني لأدعياء العروبة بإعلانه خياره الوطني؟
قال لهم كفاكم استخداماً لشعب فلسطين وقضيته. من أجل شرعية أنظمة الإستبداد، لذلك استحق ياسر عرفات العداء الشرس من حافظ الأسد، ولهذا أيضاً شنّت الحرب على الخيار الوطني المستقلّ، ولهذا دمّرت المخيمات الفلسطينية في لبنان. وما يجري للفلسطينيين في سورية اليوم ما هو الا استمرار للرواية نفسها بذرائع جديدة.
لذا أقول كلبناني أناضل من أجل سيادة لبنان وصيانة استقلاله وعيشه المشترك ومن أجل انتصار سلام لبنان. أقول لا يحق لأيّ عربي المزايدة على القيادة الفلسطينية لا من يمينها ولا من يسارها.
لأنها قيادة صادقة مع شعبها وتدرك واجباتها الوطنية، وتخوض صراعها مع أعدائها المحتلين ليس على مساحة فلسطين فقط بل على مساحة العالم أجمع، رافعة الراية الفلسطينية الحقيقية سياسياً وديبلوماسياً وثقافياً.
ولعلّ حضور الرئيس أبو مازن جنازة عدوّه جزء من المشهد الحضاري الفلسطيني في إدارة الصراع، ولا ينسجم بكلّ تأكيد مع مدرسة الصراع الإجرامي الذي يقتل الأطفال يومياً في سورية بواسطة محور الممانعة المزعومة».