«المنار»
هدأَ المنخفضُ السياسيُّ الذي ضربَ المشهدَ العام، وانقشعت الرؤيةُ بعضَ الشيءِ بأقلِّ الأضرار، بل قد يصحُّ القولُ لا تَكرهوا شيئاً لعلهُّ خير، والخيرُ في القراءاتِ الهادئةِ التي تقرّبُ المسافاتِ وتُطابقُ الرؤَى والتفسيرات.
وُزِّعَ نداءُ المطارنةِ الموارنةِ بنسختينِ متطابقتينِ من بكركي وعينِ التينة، فيما الأعينُ والآذانُ كانت إلى الرابية التي يعملُ عمادُها وما زالَ على وصلِ الجسورِ وتهدئةِ القلوبِ والنفوس، على أملِ أن يخترقَ الوطنُ محنةً باتت تلامسُ حدَّ المعضلة..
حتى إنَّ حدَّ الدعوةِ لجلسةٍ حكوميةٍ لم يَكُن جارحاً، معَ تفهّم الجميعِ للموقف، ولحاجةِ الحكومةِ للانعقاد.
وإن لم تصلِ الأمورُ بعدُ إلى إعادةِ وزراءِ التيارِ إلى الدورةِ الحكوميّةِ الكاملة، فإنَّ قرارَ المقاطعةِ لم يُحسم بعد، أو على الأقلّ لن يكونَ قاسياً.
إقليميّاً، أبعدَ من سورية باتت مفاعيلُ الأس ثلاثمئة الروسية، وإن كان الإعلانُ عن نشرِها لأوّلِ مرةٍ خارجَ الأراضي الروسيّةِ قد قُرِئَ أميركيّاً، فإنَّ مَن لم يَستطع قراءَته أو تحمُّلَه هو «الإسرائيليُّ» الذي قدَّرَ الخطوةَ الروسيّةَ على أنّها تقويضٌ للرّدعِ الصهيوني ضدَّ الجيشِ السوري وحزبِ الله.. معَ إبداءِ الخشيةِ من التقدّمِ المتواصلِ للجيشِ على الأرضِ وتراجعِ المسلّحينَ، لا سيّما في حلب.
«أن بي أن»
نداء للمطارنة الموارنة تكمن أهميّته بأنّ مندرجاته لا تتعارض مطلقاً مع بنود الحوار الوطني، ومن هنا كان تأييد الرئيس نبيه برّي لبيان المطارنة، حتى أنّه احتفى به فوزّع على النوّاب سلّة مليئة بكعك العباس.
أمّا ما سُمّيت بسلّة رئيس المجلس فهي لم تنتهِ، ولم تزل موجودة بواقعيّة طروحاتها المستندة إلى وجوب التفاهم على انتخاب رئيس للجمهوريّة ورئيس الحكومة والحكومة وقانون الانتخاب.
كلّ بند من بنود السلّة لا علاقة له بصلاحيات رئيس الجمهوريّة كما تحاول قوى سياسيّة الإحياء ووضع تلك البنود في خانة الشروط، لم يعتدِ الرئيس نبيه برّي على صلاحيات الرئاسة لا تاريخيّاً ولا الآن، ولن يفعل ذلك. فهو من حمى تلك الصلاحيات يوم جمّد 67 قانوناً كانت قد أقرّتها حكومة فؤاد السنيورة البتراء بغياب رئيس الجمهورية.
نداء بكركي اليوم أمس استند إلى الدستور وإلى الميثاق، وهذه ميزة لبنان في التعايش والتفاهم من يوم تأسيس الصيغة ولا تزال، أهميّة نداء المطارنة الموارنة أيضاً في التركيز على قانون انتخاب جديد، وهو ما يطرحه الرئيس برّي في جوهر السلّة فيما ستأتي بطبيعة الحال الحكومة رئيساً وتشكيلة في سياق التفاهم المنشود، فأين الشروط التعجيزيّة وأين هي القيود للرئيس العتيد؟
في السياسة لا جديد، وحدها الحكومة تسير وعجلاتها غداً اليوم بمشاركة وزراء حزب الله والمردة فيما يطالب اللبنانيّون بتسيير مصالحهما تشريعيّاً وتنفيذاً.
إلى الخارج، كان الاستنفار الإيراني يشدّ الأنظار بعد تحذير طهران السفن السعودية من الاقتراب من المياه الإقليميّة الإيرانيّة، فالحرس الثوري وجد في مناورات الرياض سبباً للتوتّر وزعزعة لاستقرار الخليج .
وعلى الخط الروسي الأميركي، كرّ وفرّ دبلوماسي وسياسي وسط اعتراضات «إسرائيليّة» على نشر صواريخ روسيّة في سورية مضادّة للطائرات، لأنّ تلك الصواريخ قادرة على إسقاط أيّ طائرة في الأجواء أو فوق البحر.
نشر الصواريخ هي رسالة روسيّة عملانيّة لتحذير الأميركيّين من أيّ مغامرة في سورية، ما يعني أنّ موسكو جادّة فعّالة في السلم والحرب لحماية دمشق .
«او تي في»
هدأت بين بكركي وعين التينة، فعاد الاهتمام إلى ما قاله عون وما سيقوله الحريري. بين الصرح والقصر هدأت فجأة، تماماً كما اندلعت فجأة، وحلّ سجال الحلاوة محلّ سجال الكرامة … مع أنّ مجلس الأساقفة الموارنة أيّد عظة البطريرك يوم الأحد الماضي، لكنّ رئيس المجلس ردّ بتأييد موقف اليوم أمس وتبنّيه، حتى قيل إنّه وزّع سلّة كعك احتفالاً فردّت أوساط بكركي بإعلان أملها بتوزيع معمول بعبدا في أقرب وقت. المهم أنّه بعد زوال تلك الغيمة، عاد التركيز على مضمون الكلمة… كلمة العماد عون أمس أمس الأول ، وكلمة الرئيس سعد الحريري غداً اليوم .
عون، في إطلالته المباشرة عبر الـ»أو تي في» أمس أمس الأول قال كلّ ما لديه، فجاءت الردود إيجابيّة بالكامل، حتى أنّها احتلّت رئيسيّات الصحف الصادرة في لبنان كافّة من دون استثناء. والتي أجمعت على وصف كلامه بالمطمئن والمرمّم لكلّ الجسور، والملتزم الطائف والدستور والسيادة والدولة. أمّا الحريري فينتظر أن يقول غداً اليوم ، في اجتماع كتلته النيابيّة المؤجّل ما استجدّ لديه، إن بعد جولته اللبنانيّة على مختلف القيادات اللبنانيّة، أو بعد اتصالاته الخارجيّة في اليومين الماضيين. بين تلك الانتظارات تأتي دعوة تمام سلام إلى جلسة لمجلس الوزراء غداً اليوم ، مثل السلّم بالعرض … حتى أنّ معظم الوزراء بدا حائراً حيال توقيتها والهدف منها، فمنهم من هو على سفر، ومنهم من يرى بأنّها ستكون بمن حضر، لكنّ سلام عاد ليتسلّح بمعزوفة تهديده بالاستقالة إن لم تمتلئ سلّة جلسته الحكوميّة، فبدا كأنّ الناس في واد وهو في واد، أو في محاولة وأد مبادرات الحلول القائمة إلّا إذا رئيس الحكومة يفكّر غداً اليوم في تقديم التفاح على طاولة السرايا، ليكتمل عندها حسن الضيافة اللبنانية بعد كعك عين التينة ومعمول بكركي.
«الجديد»
تحلّتِ الأزْمةُ الرئاسيةُ بالكعكِ والمعمول بعدَ مرارةٍ سياسيةٍ امتدّت من مرتفعاتِ حاريصا إلى عين التينة، وقد صدّقَ المطارنةُ الموارنةُ في اجتماعِهم الشهريِّ اليوم أمس على معاهدةِ البطريركِ الراعي المحصِّنةِ لموقِعِ الرائاسة، ورأَوا في هذا الموقِعِ حَكَماً لا طرفاً ولا رئيساً صوَريّاً، وقبل أن يُنُهيَ المِطران سمير مظلوم إذاعةَ بيانِ المطارنة كانَ الرئيس نبيه برّي يَحتفي بالمضمون ويَحمِلُ سلة ًوزّعَ فيها على النوّابِ بيديه كعكَ العباس أبي الفضلِ شهيدِ كربلاء والسّقاءِ الذي قُطِعت يداهُ في الواقعةِ التاريخية. كعكُ العباس فخرُ صناعةِ عين التينة، استقبلتْه بكركي بمَعمولِ القيامةِ احتفاءً بانتخابِ رئيس. وبلغةِ الحلوى السياسيّة، فإنّ برّي قدّم ضيافة ًمواسِمَ الحزن واللياليَ العاشورائيّة وقد فسّرها البعضُ بأنّها «نعوة»، فيما لجأتْ بكركي إلى مَعمولِ الأعيادِ والمناسباتِ السعيدة .. فلوين رايح الحلو؟ وإلى أين الرئاسةُ ومسارُها بعدما قدّم العماد ميشال عون أحلى ما عندَه من كلامٍ هادئٍ مُتحدّثاً بخِطابِ رئيس .. متجنّباً استفزازَ أيِّ جهةٍ مؤثّرةٍ وفاعلةٍ في المِلفِّ الرئاسي؟ على المِلفِّ الحكوميِّ الفارغِ مِن أعمالِه يجتمعُ مجلسُ الوزراءِ غداً اليوم وسَطَ تمهيدٍ لليونةِ في المشاركةِ من حِزبِ الله والمردة، لكنّ تعطيلَ الخميس سوفَ يتصدّرُه قِطاعُ النقل البري .. و«البِرّي» حيث يقودُ هذا التحرّكَ النِّقابيَّ مسؤولُ أمل بسام طليس والحركةُ الثوريةُ التي يطلقها قِطاعُ النقل في الشارعِ غداً اليوم ، ووصولاً إلى وزارةِ الداخلية تأتي اعتراضاً على صفْقةِ الميكانيك مِن دونِ أن يَشمَلَ هذا الاعتراضُ صفْقةَ تلزيمِ مواقفِ المطارِ لشرِكةِ الخرافي .
«ال بي سي»
كلّ التقديرات تشير إلى أنّ حزب الله سيشارك عبر وزيريه في جلسة الحكومة غداً اليوم ، وكلّ التقديرات تشير إلى أنّ المسار العام للأمور إيجابي، لا سيّما بعد الرسائل المطمئنة التي أرسلها العماد عون إلى أكثر من جهة، لكنّ المسار العام للأمور لا يعني تحديداً رئاسة الجمهورية، إنما يعني إعادة تفعيل العمل الحكومي والنيابي وصولاً إلى إحياء طاولة الحوار تحت مظلّة أنّ الكلّ محكوم بالتفاهم.
على طاولة الحوار هذه، التي علّق المشاركة فيها الوزير جبران باسيل ولم يعلن مقاطعتها، يمكن البحث في مسمّى جديد للسلّة سيحمل عنوان تفاهمات، لا سيّما إذا دخل عنصر جديد إلى هذه الطاولة شكّل ضمانة قد توسّع الأمل في التوصل إلى نتيجة إيجابيّة في موضوع الرئاسة الأولى، فهل يكون العنصر الجديد مشاركة الرئيس سعد الحريري في جلسات الحوار، لا سيّما أنّه داعم إعادة تفعيل العمل الحكومي وعمل مجلس النوّاب؟
وإلى حين بلورة الأمور انطلاقاً من قرار مشاركة التيّار الوطني الحر في جلسة مجلس الوزراء غداً اليوم أو عدم المشاركة، يبقى السؤال، هل يصل الرئيس الحريري إلى لحظة ترشيح العماد عون للرئاسة الأولى فيفتح رسميّاً باب بعبدا من عين التينة؟ حيث من المفترض أن يلتقي الرئيسان برّي والحريري والرئيسان بري وعون، فيما ينتقل حزب الله حين ذاك من لاعب دور التهدئة إلى لاعب دور مذلّل العقبات؟
تزامناً، رفعت بكركي الصوت أمام كلّ الشوائب، وحمت في بيانها الرئيس من الشروط المسبقة علّه يأتي حرّاً غير صوري، وعلّها تستقبل المهنّئين بالمعمول بدل استقبالهم بسلّة كعك العباس.
«ام تي في»
تحلّق المسيحيّون وقياداتهم المؤثرة حول البطريرك في موقفه الرافض السلّة الرئاسيّة، فكان نداء وطني بطريركي جديد أعاد تصويب بوصلة الحياة الوطنيّة بشقّيها الدستوري والميثاقي، وإذا كانت هذه الحياة لا تنتظم بلا رئيس للجمهوريّة، فإنّ الجمهوريّة لا يولد رئيسها من سلّة موثوق اليديين مكموم الفم ومقيد بمئة كمبيالة والتزام.
الرسالة وصلت إلى الرئيس برّي، الذي كان قد تلقّى أكثر من نصيحة بالتهدئة فتلقّفها وأمر بتوزيع كعك العباس، إذ رأى أنّ بيان المطارنة مطابق لسلّته بكل مندرجاته.
ولاحقاً، أعلنت بكركي أنّها ستوزّع كعك العباس والمعمول بولادة رئيس للجمهوريّة حرّ من أيّ قيد، وموافقة برّي تعني سقوط مفهوم السلّة.
غير أنّ ما جرى لا يعني أنّ تقدّماً حصل في المسار الرئاسي والكرة في ملعب حزب الله، في السياق الرئيس الحريري العائد من موسكو بدا أكثر ارتياحاً إلى سلامة تحرّكه الرئاسيّ، وإن لم يتخلَّ عن حذره .
حكوميّاً، قد تهتزّ العلاقة بين التيار الوطني الحر وحزب الله بعد قرار الحزب بأن ينهي وزيراه مقاطعة جلسات مجلس الوزراء، بحيث يكملان ميثاقيّة جلسة الخميس .