سلام: لتوفير تمويل مستدام لـ «أونروا» يزيل شبح الإفلاس عن متابعة الخدمات

عقد اجتماع الدول المانحة لإعادة إعمار مخيم نهر البارد في السراي الكبير، برعاية رئيس الحكومة تمام سلام، وشارك فيه المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ، رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني الدكتور حسن منيمنة، المفوض العام للأونروا بيار كرينبول ووفد فلسطيني ضم سفير دولة فلسطين أشرف دبور وعزام الأحمد، وناقش المجتمعون كيفية المضي قدماً في مشروع إعادة إعمار المخيم، وتعهدوا بتقديم مبلغ إضافي قدره 36.1 مليون دولار.

وبفضل المساهمات المقدمة من ألمانيا 15 مليون يورو والاتحاد الأوروبي 12 مليون يورو وإيطاليا 1.25 مليون يورو ، ستتمكن 904 عائلات من العودة إلى المخيم وسيتم بناء 189 محلاً تجارياً.

ونتيجة لهذه المساهمات، سيتمكن 72 في المئة ممن تشردوا من العودة إلى بيوتهم. وفي هذا الإطار، تسعى «أونروا» بالشراكة مع الحكومة اللبنانية ومع الجهات المانحة إلى تأكيد استكمال مشروع إعادة إعمار مخيم نهر البارد بشكل كامل.

في الوقت نفسه، ما زالت 2264 عائلة أي حوالي نصف السكان النازحين تنتظر إعادة بناء بيوتها، علماً أنّ عدداً كبيراً منها يعيش ظروفاً مأساوية في ظلّ مستقبل يلفه عدم اليقين بسبب النقص في التمويل اللازم.

حتى تاريخه، تمّ استكمال حوالي 50 في المئة من مشروع إعادة إعمار هذا المخيم بفضل هبات متنوعة. وإذا اعتمد على التمويل الحالي، فمن المتوقع أن تعود 2670 عائلة أي 11062 شخصاً أو 54 في المئة من السكان إلى البيوت المعاد بناؤها بحلول منتصف عام 2017. ولكن هناك حاجة إلى جهود إضافية لتطبيق الالتزامات الأساسية التي تعهد بها المجتمع الدولي.

منيمنة

وعرض رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني روحية المشروع التي أرساها مؤتمر فيينا قبل 8 سنوات، بما هي «الشراكة في المسؤولية بين المجتمع الدولي والحكومة والأونروا». ورأى في «المشاركة الكثيفة في الاجتماع والمساهمات الإضافية مؤشراً إيجابياً على التزام الشركاء بهذا المشروع الحيوي».

كرينبول

وشكر المفوض العام للأونروا، من جهته، لرئيس الحكومة «دعمه مشروع البارد خلال مؤتمر لندن وأمام الجمعية العامة للأمم المتحدة وعبر التواصل مع الدول العربية الصديقة»، شارحاً أهمية هذا «الزخم الذي يصب في مصلحة إنجاز المشروع». وأكد «التزام أونروا مجدداً باستكمال الإعمار وإعادة العائلات النازحة والتي تعاني من أوضاع إنسانية واقتصادية صعبة بعد وقف برنامج الطوارىء».

دبور

وحث السفير الفلسطيني، بدوره، الدول العربية على «القيام بواجبها الأخوي في تأمين الموارد الضرورية لانهاء الاعمار»، مقدرا بإسم الفلسطينيين «تعهدات الحكومة اللبنانية وتحركها لتحقيق هذا الإنجاز الذي يصب في مصلحة الشعبين الفلسطيني واللبناني».

كاغ

وقالت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان: «عندما نسعى إلى حشد الدعم السياسي والمالي للاجئين الفلسطينيين في لبنان، وذلك بدعم وكالة أونروا، فإننا نعمل جاهدين في المقابل للحصول على الدعم للبنان، لكي يبقى بلداً مستقراً وآمناً».

أضافت: «مخيم نهر البارد كان رمزاً للدمار، إلا أنه أصبح رمزاً للقيامة أيضاً. ورغم صعوبة إتمام عملية البناء وإطالة إعادة إعمار المخيم، يبقى مخيم نهر البارد رمزاً للنهوض والالتزام المشترك».

رئيس الحكومة

واختتم سلام الحفل مشدّداً على «التزام وجدية الحكومة بالتعاطي مع الملف الفلسطيني وتحديداً استكمال إعمار المخيم»، داعياً الشركاء إلى «الاستثمار في استقرار لبنان والمساهمة في إنجاز الخطوة الأخيرة من المشروع كجزء من التزام المجتمع الدولي والعربي بالعدالة للشعب الفلسطيني وتقديم الدعم الكافي له حتى حل قضيته حلاً عادلاً وشاملاً».

وأكد أنّ «اهتمام المجتمع الدولي بالنازحين السوريين يجب ألا يطغى على قضية اللاجئين الفلسطينيين وأنّ إنجاز إعمار مخيم نهر البارد يوجه رسالة معبرة عن رفض ترك المنطقة لقوى التكفير والنزعات المذهبية والتي كانت فتح الإسلام مقدمة لها».

وقال: «لقد أدت أحداث 2007 إلى تدمير مخيم نهر البارد وتهجير سكانه من لاجئين فلسطينيين ومواطنين لبنانيين، والذين قاربت أعدادهم الـ35 ألفاً. فور توقف المعارك، بادرت الحكومة اللبنانية إلى رفع شعار إعادة إعمار المخيم وعودة سكانه إليه. ودعت من أجل ذلك، إلى عقد مؤتمر فيينا في العام 2008 الذي أعربتم خلاله، كدول شقيقة وصديقة، عن استعدادكم للوقوف مع الشعبين الفلسطيني واللبناني في تغطية أكلاف عملية الإعمار، المقدرة بحوالي 345 مليون دولار أميركي. لقد كانت تلك المبادرة رائدة في حينه وما تزال. ومنذ ذلك التاريخ قطعنا أشواطاً متقدمة في البناء، بتنا معها على قاب قوسين أو أدنى، من تحقيق الإنجاز الذي وعدناكم بتحقيقه».

أضاف: «إنّ مواجع اللاجئين الفلسطينيين في بلادنا كثيرة لن أعددها. لكني أشير إلى المشكلة المتمثلة في العجز السنوي لوكالة أونروا، الذي يهدد الخدمات الصحية والتعليمية للشعب الفلسطيني في المخيمات والتجمعات بالانهيار. ولا شكّ أنّ تكرار حال العجز وجزئية الحلول، تضعنا والوكالة ومعنا أهل المخيمات، لا سيما أطفالهم، أمام وقائع وأسئلة عصبية. وانطلاقاً من ذلك دعوت وأدعو إلى توفير تمويل مستدام للوكالة، يزيل شبح الإفلاس عن متابعة الخدمات، الأمر الذي ينعكس ايجابا على المخيم وأهله وعلى لبنان كدولة مضيفة».

وتابع: «إنّ حال الفقر والفاقة التي تعيشها المخيمات، هي البيئة المثالية للتطرف والإرهاب. وعليه ندعوكم وبإلحاح إلى إيلاء هذا الوضع ما يستحقه عبر المساعدات والأعمال التنموية التي تساهم في تحرير المخيمات وأبنائها مما يتهددهم من مخاطر».

وقال سلام: «لقد أثبتت الدولة اللبنانية، من خلال لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، وبالعلاقة الدائمة مع الأونروا والمجتمع الدولي ومع ممثلي الشعب الفلسطيني، جدية كاملة في التعاطي مع هذا الملف. وقد استندنا في توجهنا هذا، إلى دعمكم وتبنيكم للمشروع، الذي أردناه تعبيراً عن روح العلاقة التي نطمح اليها بين لبنان ومجتمع اللاجئين الفلسطينيين».

وأشار إلى أنّ «إكمال الإعمار كما نراه اليوم يقدم أكثر من رسالة وفي أكثر من إتجاه، فهو يؤكد:

أولاًـ أنّ المجتمع الدولي والعربي كانا وما زالا عند التزامهما بالعدالة للشعب الفلسطيني، التي ترفضها إسرائيل بكافة السبل، ومستمران في تقديم الدعم للشعب الفلسطيني في مخيمات اللجوء، وللدول المضيفة.

ثانياًـ أنّ الرسالة الأهم تعبر عن رفض ترك المنطقة لقوى التكفير والنزعات المذهبية التي عاثت في أرجائها قتلاً وتدميراً. وإنّ تنظيم فتح الإسلام الذي تسبب بتدمير مخيم نهر البارد، لم يكن سوى مقدمة لهذه الموجة القاتلة التي نواجهها معاً. لذلك، يجب نزع الذرائع من يد الجماعات المتطرفة التي تحاول إيجاد موطىء قدم لها تارة في الشمال، وطوراً في مخيم عين الحلوة جنوباً.

ثالثاًـ إنّ الاهتمام باللاجئين السوريين لن يطغى على قضية اللاجئين الفلسطينيين الذين مضى على تهجيرهم قرابة ثلاثة أرباع القرن.

رابعاًـ إننا عندما ندعوكم كشركاء لنا إلى المساهمة في إنجاز الخطوة الأخيرة من عملية الإعمار، فإننا ندعوكم الى الإستثمار في الأمن والسلام، وهو ما نحن جميعا بحاجة إليه، سواء كنا في قلب الحدث أو على ضفافه.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى