تركيا والسعودية و«إسرائيل» أجبرت كيري على تعليق الاتفاق مع لافروف
جاك خزمو
من الواضح والمؤكد أنّ عدة عوامل داخلية أميركية، وكذلك عوامل إقليمية في منطقة الشرق الأوسط، لعبت دوراً كبيراً وفعالاً في إجبار وزير خارجية أميركا، جون كيري، على إعلان تعليق الاتفاق الذي وقعه مع نظيره الروسي سيرغي لافروف حول سورية، اذ انّ الادّعاء الأميركي المعلن بأنّ روسيا خرقت الاتفاق، عار عن الصحة لأنّ الاقمار الصناعية الأميركية والروسية تستطيع أن تُحدّد من خرق هذا الاتفاق، ولم يرض به، وعمل على انتهاك الهدنة من أجل منع تطبيقه.
العوامل الأميركية تكمن في أنّ هناك خلافاً داخل الإدارة الأميركية حول هذا الاتفاق، وهناك من انتقده واعتبره ضعفاً وتنازلاً، كما انّ جهات أمنية عديدة داخل أميركا ترفض التعاون العسكري المشترك مع روسيا في سورية لدوافع أمنية. والعامل الأميركي الآخر هو انّ الحملة الانتخابية الرئاسية هي في أوجها، ويبدو أنّ الحزب الديمقراطي ضغط على الرئيس أوباما بضرورة عدم إعلان نصوص الاتفاق، ومن ثم تعليقه حتى لا يُستغلّ من قبل الحزب الجمهوري للطعن بالحزب الديمقراطي واتهامه بالجبن والهروب من تحدي روسيا في سورية، والتخلي عن حلفاء أميركا في الشرق الأوسط، والذين يموّلون ويدعمون الإرهابيين بشتى أنواع المساندة من أجل تدمير سورية، وتحقيق مآربهم السياسية في أن تتحوّل سورية الى دولة ضعيفة ترتمي في أحضانهم وأحضان سيدهم في البيت الأبيض الأميركي.
أما العوامل الأخرى التي أجبرت كيري على «لحس» الاتفاق هو أنّ تركيا والسعودية و«إسرائيل» رفضت الاتفاق، واعتبرته نصراً لسورية قبل أن يكون إنجازاً سياسياً لروسيا في المنطقة، بتعاظم نفوذها وبتحديد مصيرها.
تركيا والسعودية و«إسرائيل» تراقب كلّ منها ما يُحققه الجيش العربي السوري من انتصارات ميدانية، خاصة أنه على وشك تنظيف حلب من الإرهابيين المدعومين علناً من قبل تركيا والسعودية. و«إسرائيل» معنية جدا في استمرار القتال، وفي أن تُحقق السعودية وتركيا أهدافهما الخبيثة، لأنهما الصديقتان والمشتركتان في محاولة تحقيق الأهداف «الإسرائيلية» في إسقاط الدولة السورية الداعمة للمقاومة والرافضة لسياسة الانبطاح والركوع للرغبات والإملاءات «الإسرائيلية» للسيطرة على منطقة الشرق الأوسط، وبقاء «إسرائيل» محتلة للأراضي العربية السورية والفلسطينية واللبنانية إلى الأبد، ودون أيّ مطالبة. ما يجدر ذكره أنه تمّ التغاضي عن ذكر قطر لأنها دولة تابعة في مواقفها للدول الثلاث .
هذه الدول الإقليمية الثلاث، أجرت اتصالاتها مع الإدارة الأميركية، وأبدت رفضها للاتفاق، وانزعاجها من عدم إعلامها بنصوصه. وعندما كشفت روسيا أهمّ بنود الاتفاق لم تتردّد لحظة في ممارسة ضغوطها على الإدارة الأميركية لتعليق الاتفاق، وخاصة أنّ أدواتها الإرهابية في سورية تتلقى الضربات الميدانية القاسية، وعلى وشك انهزامها الكامل، وبالتالي فشل كلّ ما بذلته من جهد ومال وسلاح وتآمر لتدمير سورية والسيطرة عليها بشتى الطرق والوسائل الدنيئة جداً.
ولا بدّ من الإشارة الى انّ سياسة الإدارة الأميركية واضحة وهي أنها تتخلى عن أيّ اتفاق إذا مسّ مصالحها ومصالح حلفائها، أو أظهر أنها ضعيفة… وتتخلى أيضاً عن أيّ وعد تقطعه أمام العالم.. وهناك أمثلة كثيرة على ذلك، والاتفاق الروسي الأميركي الأخير الذي تراجعت عنه هو أحدث مثال حيّ على ذلك.
رئيس تحرير مجلة «البيادر» ـ القدس المحتلة