الدفاع الشعبي والجيش الأوكراني يتبادلان اتهامات بخرق الهدنة
أعلنت قيادة أركان قوات الدفاع الشعبية أمس أن القوات الأوكرانية حشدت وحداتها قرب بلدة غورلوفكا في مقاطعة دونيتسك شرق البلاد، وأشارت إلى أن هذه القوات أطلقت النار مرات عدة ليل الأحد على مواقع قوات الدفاع الشعبي والمدن التي تسيطر عليها.
ولفتت قيادة الأركان إلى أن قصف نقطة التفتيش التابعة لقوات الدفاع الشعبي في قرية زويفكا شمال شرقي دونيتسك، أسفر عن وقوع قتلى وجرحى. كما تعرضت بلدتا خانجونكوفو وإيناكييفو للقصف المدفعي، ما أدى إلى تدمير عدد من المنازل فيهما. وقتل شخص واحد في قصف الجيش الأوكراني على بلدة ماكييفكا.
وفي غضون ذلك أعلن وزير الداخلية الأوكراني أرسين أفاكوف على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك» أن كييف تحشد قوات إضافية قرب مدينة ماريوبول، أبرزها اللواء الأول التابع للحرس الوطني.
وقالت ممثلة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا لشؤون تسوية الوضع في أوكرانيا هايدي تاليافيني إن توقيع بروتوكول مينسك حول تسوية الوضع في أوكرانيا يخلق فرصة لبدء حوار سياسي فيها.
وذكرت تاليافيني أن اتفاق مينسك يضم تفاصيل من خطة السلام التي تقدم بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وكذلك بنوداً من المبادرة التي تقدم بها الرئيس الأوكراني بيوتر بوروشينكو، مشيرة إلى أنه يضفي الأمل أن يدور الحديث عن اتفاق جدي. وعبرت عن اعتقادها بأن «أول أيام تنفيذ الاتفاق ستكون حاسمة»، قائلة: «في لحظة كلامنا تم وقف إطلاق النار، الأمر الذي كان من الصعب تصوره منذ أسبوع». وتابعت: «كان من المهم جداً إعلان وقف إطلاق النار تحت رعاية منظمة الأمن والتعاون في أوروبا والحصول على إمكان الرد السريع على أي خرق لنظام وقف إطلاق النار. أعتقد أننا نجحنا في إنشاء آلية فعالية تعتمد على اتصالات يومية».
ويلزم الاتفاق الذي توصلت إليه مجموعة الاتصال حول أوكرانيا، كييف بمنح مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك وضعاً خاصاً وسن قوانين لمنع ملاحقة المشاركين في أحداث شرق البلاد.
ويقضي الاتفاق المكون من 12 بنداً بوقف إطلاق النار من قبل الجانبين بأسرع ما يمكن وضمان متابعة نظام عدم استخدام الأسلحة من قبل منظمة الأمن والتعاون في أوروبا.
واتفقت الأطراف المشاركة في اللقاء على أن تقوم كييف بالإجراءات الهادفة لإعلان لامركزية السلطة عن طريق إقرار قانون «حول النظام الموقت للحكم الذاتي في المناطق المختلفة بمقاطعتي دونيتسك ولوغانسك»، مع تعهد الأطراف بإطلاق سراح جميع الأسرى والأشخاص المعتقلين بشكل غير شرعي.
واتفق الجانبان على ضرورة اتخاذ قانون حول منع ملاحقة ومعاقبة المشاركين في الأحداث التي وقعت في مناطق مختلفة من مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك.
وينص الاتفاق أيضاً على إجراء انتخابات برلمانية مبكرة في مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك وفق القانون: «حول النظام الموقت للحكم الذاتي في المناطق المختلفة بمقاطعتي دونيتسك ولوغانسك» وكذلك بانسحاب كل الجماعات المسلحة غير الشرعية والمقاتلين والمرتزقة والمعدات العسكرية من أراضي أوكرانيا.
ووجهت جمهوريتا دونيتسك ولوغانسك رسالة الى منظمة الأمن والتعاون في أوروبا تتضمن قائمة «الإجراءات الأولية» الضرورية لتنفيذ اتفاق مينسك.
وجاء في الرسالة التي وقعها رئيس وزراء «جمهورية دونيتسك الشعبية» ألكسندر زاخارتشينكو ورئيس وزراء «جمهورية لوغانسك الشعبية» إيغور بلوتنيتسكي: «اعتماداً على نتائج لقاء مجموعة الاتصال حول أوكرانيا الذي جرى في 5 أيلول في مينسك سلمنا المبعوث الخاص لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا لمسائل تسوية الوضع في أوكرانيا هايدي تاليافيني اقتراحاتنا بشأن تنفيذ هذا الاتفاق». وأضاف: «نعتبر أن من الضروري تحقيق وقف لإطلاق النار ومنع وقوع كارثة إنسانية في جنوب شرقي أوكرانيا. ولتنفيذ هذه المهمات نحتاج إلى قدرة وخبرة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا. ونأمل في التنسيق السريع حول الإجراءات الأولية التي اقترحتها دونيتسك ولوغانسك».
وعبر زاخارتشينكو وبلوتنيسكي عن أملهما بأن تضمن منظمة الأمن والتعاون في أوروبا إشرافاً دولياً نزيهاً على مراعاة نظام وقف إطلاق النار والمتابعة الموضوعية للوضع في شرق أوكرانيا.
من جهة أخرى، قال رئيس وزراء لوغانسك إيغور بلوتنيتسكي إن موافقة دونيتسك ولوغانسك على اتخاذ قانون حول الوضع الخاص لا يعني تخليهما عن الاستقلال، مضيفاً أنهما توافقان عليه من أجل السلام. وأضاف: «القانون حول الوضع الخاص لا يعني تخلينا عن استقلال جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين. لكننا نفهم أنه يمكننا ويجب علينا الموافقة على حلول وسط والتقرب بأقصى حد ممكن من المجتمع الأوكراني من أجل إحلال سلام والأمن واستئناف العلاقات الاجتماعية والاقتصادية. سيكون القانون حول الوضع الخاص بالنسبة لنا تأكيداً لسعي كييف للتسوية السلمية للنزاع. لا نرفض الحوار، لكنها يجب أن يكون متساوياً وله معنى».
وأشار بلوتنيتسكي إلى أن الجمهوريتين الشعبيتين أيدتا البروتوكول الذي وضعته مجموعة الاتصال بشكل مشترك لتسريع تنفيذ البنود حول وقف استخدام الأسلحة والمتابعة والإفراج عن الأسرى وتحسين الوضع الإنساني في دونباس وبرنامج إعادة إعمار المقاطعتين. وأضاف: «تهدف هذه البنود برأينا إلى تنفيذ خطة تسوية النزاع التي أعلنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 3 أيلول. أما سائر البنود فتثير أسئلة كثيرة لدينا. لكننا وافقنا على ضمها إلى البروتوكول لمنع عرقلة بداية العملية السلمية».
ووعد رئيس وزراء لوغانسك بأن تدرس الجمهوريتان القانون المقبل بشكل جدي، قائلاً: «يجب ألّا يعطي هذا القانون حرية للحكم الذاتي الشعبي فحسب، بل ينبغي أن يؤكد حق سكان الجمهوريتين في تشكيل فرق شعبية مسلحة لحماية الأمن. ومن الضروري أن يقضي القانون بإمكانية بناء العلاقات مع أوكرانيا على أساس المعاهدات».
وأفاد بلوتنيتسكي أن دونيتسك ولوغانسك ستطلب من كييف تقديم ضمانات أمنية كاملة لسكانهما وهيئاتهما السياسية وبنيتهما التحتية. وقال: «أما في ما يتعلق بمتابعة الحدود بين جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك وروسيا فسندرس باهتمام ما الذي يقصده واضعو هذا البند، وهم ممثلو كييف. وما معنى منطقة الأمن على الحدود بين جمهوريتينا وروسيا. إذا كانت هناك فكرة جديدة لمحاصرة الجمهوريتين فستفشل. سنطالب كييف بتقديم ضمانات أمنية كاملة للسكان والهيئات السياسية والبنية التحتية لجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين».
وطالب بلوتنيتسكي بتوضيح وتحديد الوحدات التي تسميها كييف غير شرعية في لوغانسك ودونيتسك، مشيراً إلى وجوب انسحاب الجيش والحرس الوطني الأوكراني من أراضي دونيتسك ولوغانسك.
وأضاف رئيس الوزراء: «أما البند حول انسحاب الوحدات المسلحة غير الشرعية والمعدات العسكرية والمقاتلين والمرتزقة من أراضي أوكرانيا فمن الضروري في البداية توضيح ما هي الوحدات التي تعتبرها كييف غير شرعية. إننا نعتبر الحرس الوطني الأوكراني وحدة مسلحة غير شرعية. نعتقد أن من الضروري طرد مقاتلي إيغور كولومويسكي من أوكرانيا ومن أوروبا. نعتقد أن المعدات العسكرية التابعة للجيش الأوكراني المرابط في أراضي الجمهوريتين غير شرعية. وإذا فهم الجانب الأوكراني هذا البند مثلما نفهمه فإننا نؤيده. وإلا فيجب توضيحه».
وعبر بلوتنيتسكي عن أمله بإنهاء عملية تبادل الأسرى في الأيام القريبة المقبلة، مشيرة إلى أن الأولوية هي الحفاظ على حياة المدنيين وتطبيع الحياة وخلق ظروف لعودة أكثر من مليون لاجئ إلى منازلهم والبدء بالإنعاش الاقتصادي، إضافة إلى استعادة الاقتصاد والاتصالات مع روسيا وأوكرانيا وأوروبا.
جاء ذلك في وقت قال سفياتوسلاف تسيغولكو المتحدث باسم الرئيس الأوكراني إن قوات الدفاع الشعبي في مقاطعة لوغانسك أطلقت سراح أول عسكريين أوكرانيين في إطار الاتفاق حول وقف إطلاق النار.
وفي السياق، بلغت خسائر الجيش الأوكراني منذ بداية عملياته العسكرية جنوب شرقي البلاد 864 قتيلاً و3215 مصاباً بجروح متفاوتة الخطورة.
هذه الأرقام أوردها المتحدث باسم مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني فلاديمير بوليفوي أمس في مؤتمر صحافي في كييف، إلا أن بوليفوي لم يستطع الإجابة على سؤال حول خسائر الجيش الأوكراني في الأيام الأخيرة.