صرخة سلام أطلقها أطفال سورية من حمص إلى جنيف وبروكسل
حمص ـ سعد الله الخليل
«أعطونا السلام»، صرخة أطلقها 500 طفل وطفلة من كافة الكنائس في حمص، حيث اجتمعوا في قرية فيروزة، أملاً منهم أن تلاقي هذه الصرخة آذاناً صاغية لدى المنظمات العالمية التي تعنى بحقوق الإنسان.
حضر الفعالية رؤساء الكنائس في حمص، وتضمّنت مسرحية وتراتيل وأغنيات ودعوات إلى السلام، أملاً بحياة طبيعية. كما زرع المشاركون شجرة السلام في حديقة فيروزة، وكتبوا أسماءهم وطلباتهم على لوحة قماشية بطول عشرة أمتار، وأطلقوا شعار الفعالية ببالونات إلى السماء.
جان يوسف، مسؤول الدعم النفسي في هيئة «أمّ الزنار للإغاثة والتنمية»، اعتبر في حديثه إلى «البناء» أن الفعالية رسالة من أطفال سورية المحرومين من الدرس، الذين عانوا وما زالوا يعانون، حتى أن قسماً كبيراً منهم صاروا يحلمون بالانفجارات. الفعالية صرخة قوية وجديدة لكلّ العالم، مفادها أن الأطفال بحاجة إلى طفولتهم والدراسة والسلام، ولديهم الحق بالتعلّم والأمان.
وأضاف: نُظّمت الفعالية بالتنسيق مع مؤسسة «church in need»، فبعد الاتصال مع البطاركة في سورية. وبالتعاون مع المنظمة، سيُنظّم لقاء مع الأمم المتحدة، حيث سينقل الملفّ كاملاً إلى الأمم المتحدة، ولتوجيه صرخة إلى الدول بأننا لن نرحل ولن نهاجر من أرضنا، وسنبقى في بلدنا لكننا بحاجة إلى السلام على أرضنا التي لنا فيها من الذكريات الكثير التي نرفض أن نخسرها.
بدورها، رأت مها سمعان مسؤولة النشاطات في مركز التربية الدينية للسريان الأرثوذكس في قرية فيروزة، أن السلام حاجة أساسية في حياة الطفل، وحق من حقوقه كحق اللعب والتعلّم والنمو.
وأضافت: انطلاقاً من إدراكنا هذا الحق، نطالب بأن يعيش أبناؤنا بالسلام الذي عشنا كأهل بكنفه.
وعن الطريقة التي يمكن سحب الأطفال من ثقافة الحرب التي تحاصر الطفل سواء بالشارع أو عبر الشاشات إلى أجواء السلام قالت سمعان: على المدرسة والأسرة والمجتمع والمراكز التعليمة أن تخلق مساحات فرح وسلام مهما ضاقت الدائرة. والكوادر المؤهلة موجودة لتؤمن للطفل أجواء ملائمة. وتنقل مفاهيم السلام عبر الأنشطة سواء الفنية من رسم وغناء وترتيل أو التمثيلية لنوصل رسالة السوريين التي هي رسالة سلام.
عن رسالة السلام في المسيحية، أكد المطران مار سلوانس بطرس النعمة مطران حمص وحماة للسريان الأرثوذكس، أن كلمة السلام أنشودة السماء للأرض «المجد لله في العلا وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرّة». وأنّ السلام جوهر المسيحية وسائر الرسائل السماوية.
وأضاف: في ظروف الحرب والمأساة التي نعيشها، نناشد بأن يحل السلام وهي صرخة كلّ الشعب والمسؤولين والمنظمات الداعمة للسلام أيضاً. ولكن الأهم هي صرخة الأطفال الأبرياء الذين حُرموا من أبسط حقوقهم، حيث يطالبوننا اليوم بأن نؤمّن السلام لهم. وصرختهم بعيدة عن كواليس السياسة وبصدق، ولذلك جمعنا أكبر عدد ممكن من الأطفال لنوصل رسالة السلام التي سأحملها إلى بروكسل وجنيف لمنظمات الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، بأن تنتبه المنظمات الدولية إلى صرخة هؤلاء الأطفال.
واعتبر النعمة بأن صرخة أطفال حمص هي صرخة أطفال سورية لإيقاف الحرب وتصفية القلوب من الحقد. ولعلّ الأطفال يمنحون الكبار فرصة العودة إلى رشدهم.
وأكد المطران النعمة أن مدينة حمص تجاوزت كل محاولات زرع الفتنة الطائفية بين أبنائها بدليل عودة الأطفال إلى مدارسهم جنباً إلى جنب من دون أيّ حقد.
ويرى المطران يوحنا عربش مطران حمص وحماة ويبرود والنبك للروم الملكيين الكاثوليك، في حديثه إلى «البناء»، أن السوريين نجحوا في تجنيب أطفالهم تبعات الحرب رغم كل المآسي والمجازر التي يشهدها أطفال سورية.
وأضاف: ما قدّموه من مسرحيات وأغنيات بعد ست سنوات من الحرب، أكبر تعبير لما يعيش في داخل السوريين من السلام.
عضو مجلس الشعب سناء أبو زيد أكّدت لـ«البناء» أن الفعالية صرخة من أطفال سورية، وهي عبارة عن رسالة إلى كلّ الدول لإيقاف هذه الحرب وإيقاف المؤامرة على سورية.
وأضافت: رسالة الأطفال الصادقة من قلوبهم تتمنّى عودة الأمن والاستقرار إلى سورية كما كانت، بحيث يعود الطفل إلى مدرسته وبيته بكل راحة ومن دون أيّ منغّصات. وبالتالي، فإن صرخات الأطفال اليوم تطلب إيقاف الحرب. وعن الطريق الأمثل لإيصال صوت السلام في زمن الحروب.
وقالت أبو زيد: دائماً ما تصل الرسائل عبر الفعاليات المجتمعية سواء الأطفال أو الشباب أو النساء. هذه الأصوات لا بدّ أن تصل رغم أزيز الرصاص للحفاظ على سورية.
وطالبت أبو زيد الأمم المتحدة بأن تكون عادلة ومنصفة، وأن تكون منطقية برأيها وتقرّ بأن سورية دولة ذات سيادة وفق شرعة الأمم المتحدة وكانت تنعم بالسلام لولا تدخل دول خارجية في شؤنها الداخلية، ما يحتّم عليها أن تقف وقفة مشرّفة حيال ما يجري في سورية.
وبالتوازي، نفّذ أطفال الطوائف المسيحية في دمشق فعالية بالتزامن مع فعالية حمص، لضمّ أصواتهم إلى أصوات أطفال حمص، بإرسال رسالة السلام إلى المنظمات العالمية.